أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-27
729
التاريخ: 2024-04-23
731
التاريخ: 2024-03-08
712
التاريخ: 2024-01-26
878
|
والواقع أن إرسال الفرعون «أمنمحات الثاني» الحملات إلى «بنت» تلك البلاد النائية الواقعة بجوار بلاد «الصومال» الحالية له أهمية عظيمة؛ إذ يدل على أن هذا الفرعون كان يريد مجاراة أجداده القدامي في هذه البعوث التي سبقه إليها «سحورع» و«اسسي» و«بيبي» من ملوك الدول القديمة، و«سنعنخ كارع» من ملوك الأسرة الحادية عشرة، ولا شك في أن الرحلة إلى هذه البلاد النائية كانت في وقت ما شاقة خطرة؛ إذ كان على رجالها أن يخترقوا الصحراء حتى يصلوا إلى البحر الأحمر. وبعد ذلك كان لا بد من بناء السفن اللازمة لحمل رجال البعثة، وفي أراضي الصحراء القاحلة الجرداء يلاقون قبائل العرب الرحل الذين تعوَّدوا السلب والنهب، يجولون طلبًا للسطو على أية غنيمة. وبعد ذلك كانت تقلع البعثة عدة أيام متجهة جنوبًا محاذية الشاطئ الخالي من السكان، وفي نهاية المطاف كان عليهم أن ينزلوا عند قوم من الناس غاية في السذاجة غير معروفين لهم، فيتجرون معهم، ثم يحملون عند عودتهم المرَّ والأصماغ ذات الروائح الذكية. وتدل شواهد الأحوال على أن السياحة إلى بلاد «بنت» العجيبة كانت مما يثير الدهشة والإعجاب؛ حتى إن رجال القصص قد ألفوا سلسلة قصص عن المخاطرات التي كان يلاقيها المسافر إلى هذا القطر الغريب، وقد وصلت إلينا واحدة من هذه القصص وهي «قصة الغريق»، التي يرجع تاريخها إلى هذا العصر، وهي تذكرنا بقصة «السندباد البحري» في «ألف ليلة وليلة»، وبطل هذه القصة الطريفة يقلع في سفينة طولها 120 ذراعًا وعرضها 40 ذراعًا وبها 120 من خيرة البحارة المصريين، وقد أرسل هذه البعثة الملك إلى أرض الإله (أي بلاد بنت) ليحضر بعض النفائس منها، ولكنهم لم يفلحوا في مهمتهم فرجعوا بالخيبة بعد أن لاقوا في الطريق أهوالًا عظيمة، وصلوا بعدها إلى الوطن سالمين. ثم تستمر القصة في سرد قصة أخرى، فاستمع إلى ما جاء فيها.
قصة الغريق
يقول تابع حاذق: «كن فرحًا أيها الأمير، انظر! لقد وصلنا إلى مقر الملك، وقد أخذت المطرقة ودُقت أوتاد المرسى، وأُلقيت حبالها على البر، وكان الثناء والشكر لله، وقد عانق كل فرد زميله، وقد وصل ملاحونا سالمين أصحاء، ولم نفقد من جنودنا أحدًا، وقد وصلنا إلى أقصى «واوات» ومررنا «بسنموت»، تأمل! لقد عدنا بسلام ووصلنا إلى بلادنا «. أصغ إليَّ أيها الأمير، إنني فرد خلو من المبالغة، اغسل نفسك، وصب الماء على أصابعك، وأجب عندما تُحيَّا، وتكلم إلى الملك وأنت مالك لشعورك، وأجب في غير تلعثم، وإن فم الإنسان هو الذي ينجيه، وكلامه هو الذي يجعل الناس يرفقون به، وستفعل ما يحلو لك، ومع ذلك فالكلام معك غير مجدٍ، ومع ذلك سأقص عليك شيئًا مماثلًا لقصتك، فقد حدث لي شخصيًّا عندما أقلعت إلى إقليم مناجم الملك ذاهبًا إلى البحر في سفينة ذرعها 120 طولًا و40 عرضًا، وكان فيها 120 بحارًا من نخبة مصر؛ وكانوا يتعرَّفون السماء، وكانوا يتعرفون الأرض، وكانت قلوبهم أثبت من قلوب الأسود، وكانوا يتنبئون بالعاصفة قبل أن تحدث، والزوبعة قبل أن تمر، وقد هبت عاصفة ونحن ما زلنا في البحر، وقبل أن نصل إلى الأرض، وقد قامت الريح فضاعفت من شدتها، وجاءت موجة ارتفاعها ثمانية أذرع، وقد حُملت من على سطح السفينة مع السارية. وبعد ذلك غرقت السفينة، ولم يبقَ غير واحد من بين الذين كانوا فيها، وقد رمت بي موجة إلى جزيرة، وقد قضيت ثلاثة أيام وحيدًا، ولم يكن لي رفيق غير قلبي، ونمت في خباء من الخشب، واحتضنت الفيء، ثم وقفت على قدمي لأجد ما يمكن أن أضعه في فمي، فوجدت تينًا وعنبًا هناك، وكل أنواع الخضر الجميلة، وكان هناك فاكهة «كاو» و«نكوت» وخيار كأنه مزروع، وكان هناك سمك وطيور، ولم يكن هناك شيء لا يوجد فيها، وعندئذ أشبعت نفسي، وتركت بعضها على الأرض؛ لأن حمله كان ثقيلًا على ذراعي، ثم أخذت زنادًا وأوقدت نارًا لنفسي، وقدمت قربانًا مشويًّا للآلهة. وبعد ذلك سمعت صوت رعد، وظننت أنها موجة بحر، فتكسرت الأشجار وزلزلت الأرض، ولما كشفت عن وجهي وجدت أنه ثعبان يقترب مني، وكان ذرعه ثلاثين ذراعًا طولًا، ولحيته تزيد طولها على خمسة أذرع، وكان جسمه مرصعًا بالذهب وحاجباه من خالص اللازورد، وقد كان غاية في العقل، ثم فغر فاه لي حينما كنت ملقى على بطني أمامه وقال لي: من أحضرك إلى هنا؟ من أحضرك إلى هنا أيها الصغير؟ من أحضرك هنا؟ وإذا تأخرت عن إجابتي عمن أحضرك إلى هذه الجزيرة جعلتك لا تجد نفسك إلا ترابًا، وتصير كالذي لم يكن قد رئي.» فأجبت: «إنك تتحدث إليَّ ومع ذلك لم أسمع ما تقول: إني في حضرتك ولكن حواسي قد ذهبت «. وبعد ذلك أخذني في فمه، وأحضرني إلى حجره، ووضعني دون أن يلمسني، وكنت صحيحًا ولم يمزق شيئًا مني؛ وفغر فاه لي عندما كنت ملقى على بطني أمامه وقال لي: «من أحضرك إلى هنا؟ من أحضرك إلى هنا أيها الصغير؟ من أحضرك إلى جزيرة البحر هذه التي يحيط بها الماء من الجانبين؟» وقد أجبته وذراعاي مثنيتان في حضرته وقلت له: «إني فرد ذهبت إلى المناجم في أمر للملك في سفينة ذرعها 120 طولًا و40 عرضًا وكان فيها 120 بحارًا من نخبة مصر، وكانوا يتعرَّفون السماء، وكانوا يتعرفون الأرض، وكانت قلوبهم أثبت من قلوب الأسود، وكانوا يتنبئون بالعاصفة قبل أن تحدث، والزوبعة قبل أن تكون، وكان كل واحد منهم شجاع القلب قوي الساعد أكثر من زميله، ولم يكن بينهم أحمق، وقد هبت عاصفة ونحن لا نزال في البحر قبل أن نصل إلى الأرض، وقد قامت الريح فضاعفت من شدتها وجاءت موجة ارتفاعها ثمانية أذرع، وقد حُملت من على سطح السفينة مع السارية؛ وبعد ذلك غرقت السفينة بمن كانوا فيها، ولم يبقَ غيري، وتأمل! فإني هنا بجانبك وقد أحضرت إلى هذه الجزيرة بموجة البحر «. وعندئذ قال لي: «لا تخف، لا تخف، أيها الصغير، ولا تدَع محياك يصفر ما دمت قد جئت إليَّ، انظر! لقد حفظك الله حيًّا ليحضرك إلى جزيرة الطعام «الوفير» التي ينمو فيها كل شيء؛ لأنها مفعمة بكل شيء حسن، وانظر! ستمضي الشهر بعد الشهر في هذه الجزيرة إلى أن تتم أربعة أشهر، ثم تأتي سفينة من مقر الملك تحمل بحارة تعرفهم، وستذهب معهم إلى مقر الملك، وتموت في نفس بلدك، ما أشدَّ فرحة الذي يقص ما جرى له بعد أن تمر الكارثة! وهكذا سأقص عليك شيئًا مماثلًا لهذا، قد حدث في هذه الجزيرة، وذلك أنني كنت فيها مع إخوتي وأطفالي في وسطهم، وكان كل عددنا 75 ثعبانًا؛ أولادي وإخوتي، هذا غير بنت امرأة مسكينة قد أحضرت إلى … ثم انقض شهاب فذهب هؤلاء في النار بسببه (أي الشهاب). وقد حدث ذلك وأنا لست مع المحرقين (؟)، ولم أكن بينهم، وقد كدت أموت من أجلهم عندما وجدتهم كومة من الجثث. فإذا كنت شجاعًا فاكبح جماح قلبك، على أنك ستضم أطفالك، وتقبِّل زوجتك وترى منزلك، وهذا أحسن من كل شيء، وستصل إلى مقر الملك، وتسكن هناك في وسط أولادك «. وعند ذلك ألقيت بنفسي على بطني ولثمت الأرض في حضرته، وقلت له: «سأتحدث للملك عن قوتك وأعلمه بعظمتك، وسأعمل على أن يجلب إليك «أبي» و«حكنو» و«أدنب» و«خسايت» وكذلك بخور المعابد التي يسر لها كل إله، وسأقص ما حدث لي وما قد شاهدت … وستشكرني المدينة أمام ضباط الأرض كلها، وسأذبح لك ثيرانًا قربانًا مشويًّا، وأضحي لك الإوز، وسأرسل لك سفنًا محملة بكل بضائع مصر الثمينة، كما يجب أن يُفعل لإله يحب الناس في أرض نائية لا يعرفها الناس.» عند ذلك ضحك مني ومما قلت، كأن ذلك الذي قلته سخافة وقال لي: «ليس عندكم «عنتيو» بكثرة، ولا تملكون إلا البخور، ولكني أمير «بنت»، والمرُّ متاعي الخاص، أما من حيث «حكنو» الذي تقول عنه إنك ستجلبه إليَّ فهو أهم حاصلات هذه الجزيرة، ولكن الواقع أنك لن ترى هذه الجزيرة قط بعد سفرك؛ لأنها ستصير ماء «. وبعد ذلك أتت هذه السفينة كما تنبأ، وذهبت وتسلقت شجرة طويلة، ورأيت أولئك الذين كانوا فيها، وذهبت لأخبره، فعلمت أنه عرف ذلك من قبل، وقال لي: «بسلام بسلام للوطن، أيها الصغير، وشاهد أطفالك، واجعل لي اسمًا حسنًا في مدينتك، اسمع فإن هذا هو كل ما أبغي «. وعندئذ ألقيت بنفسي على بطني، وأثنيت ذراعي في حضرته، وأعطاني حمولة «مر» و«حكنو» و«أدنب» و«خسايت» و«تشبس» و«شاس»، وكحل، وذيول زرافات، وكمية عظيمة من البخور، وسن فيل، وكلاب صيد، وقردة ونسانيس، وكل الذخائر الجميلة، وأنزلتها في هذه السفينة. ولما ألقيت بنفسي على بطني لأشكره قال لي: «انظر! ستصل إلى الحاضرة بعد شهرين، وستضم أولادك في حضنك، وتصير شابًّا ثانية في مقر الملك ثم تدفن«. وذهبت إلى الساحل حيث كانت هذه السفينة، وحَييت الفرقة التي كانت في هذه السفينة، وأثنيت على رب هذه الجزيرة على الساحل، وكل من كان في السفينة فعل كذلك. ثم سحنا شمالًا إلى حاضرة الملك، ووصلنا إلى العاصمة في شهرين كما قال، ومثلت أمام الملك، وقدَّمت له هذه الذخائر التي أحضرتها من الجزيرة، وقد شكرني أمام كل ضباط الأرض قاطبة، وعُينت حاجبًا وكافأني ببعض حشمه (؟). انظر إليَّ بعد أن وصلت إلى الأرض، وبعد أن شاهدت ما لاقيته، اسمع لما أقول انظر إنه من الخير للناس أن يصغوا. فقال لي: «لا تلعبن دور الحكيم يا صديقي! فإن ذلك كالذي يعطي الطائر عند الفجر ماء وسيذبحه مبكرًا في الصباح؛ أي إني مقضي عليَّ بالموت عندما أقابل الفرعون، وعلى ذلك فإن كلامك المطمئن لا فائدة منه لي«.
|
|
للحفاظ على صحة العين.. تناول هذا النوع من المكسرات
|
|
|
|
|
COP29.. رئيس الإمارات يؤكد أهمية تسريع العمل المناخي
|
|
|
|
|
الامين العام للعتبة الحسينية يؤكد على هيئة التعليم التقني بتحقيق التنمية المستدامة في البلاد
|
|
|