أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-17
284
التاريخ: 2024-01-14
827
التاريخ: 2024-01-04
704
التاريخ: 2023-10-13
798
|
ان حركة الانشقاق البابوي التي حدثت في القرن الرابع عشر هي أخطر ما واجهته الكنيسة الغربية، اذ مهدت بشكل أو بآخر الى ازدياد صيحات الاصلاح المعارضة وفي اندفاع رجال الدين نحو تحقيق مآربهم الشخصية على حساب مناصبهم الكهنوتية. فقد استطاع ملك فرنسا فيليب الرابع ان يتدخل في اختيار بابا فرنسي هو كلمنت الخامس (1305 ــ 1314) الذي اتخذ من مدينة افينيون مقراً له واستمر باباوات افينيون يرفضون الانتقال الى روما حتى سنة 1377 حيث أصبح امر انقسام الكنيسة لا بد منه امام استغلال ملوك فرنسا للمقر البابوي في حربهم ضد انكلترا (حرب المائة عام) او في أي نزاع معنوي بينهم وبين ملوك اوروبا. وبعد ان اختار الكرادلة في عام 1378 بابا ايطالياً هو اوربان السادس ليكون مركزه في روما، ما لبثوا ازاء تشدّد هذا البابا على اصلاح المؤسسة الدينية وعزمه على محاربة فساد رجال الدين وتأكيده على استئصال هذا الفساد بالقوة ان اختاروا بابا آخر هو كلمنت السابع (1378 - 1394) الذي اتخذ مقره في افينيون من جديد. وهكذا أصبح العالم المسيحي منشقاً نفسه حول شرعية أحد البابوين اللذين رمى كل منهما اتباع الآخر بالحرم الكنسي فوقف الى جانب بابا روما انكلترا ومعظم المانيا وبولندا والمجر وقسماً من ايطاليا بينما ناصر بابا أفينيون كل من فرنسا واسبانيا ونابولي وصقلية. ومما زاد الانقسام حدة ان مركز البابا كان يعد مورداً اقتصادياً على الدولة التي يقع فيها. مما دفع مجمع بيزا الديني ان يخلع الاثنين ويختار بابا ثالثاً سنة 1409 هو اسكندر الخامس. ولم تنته مشكلة الانشقاق هذه الا في مجمع كونستانس (1413 - 1417) حيث اعيدت البابوية الى وحدتها باختيار مارتن الخامس الذي اعترفت به جميع دول اوروبا. لقد شهدت الكنيسة المسيحية في المرحلة الممتدة بين توحيد التاج البابوي وقيام الحركة اللوثرية، وهي المرحلة التي بلغت فيها حضارة عصر النهضة اوجها في ايطاليا بابوات بقدر ما كان البعض منهم تقباً متمسكاً بتطبيق اصول الدين في التقشف والزهد كان البعض الآخر يمارس حياة الترف والبذخ والرخاء حتى اصبح من الشائع القول في عهد هؤلاء ان الكنيسة بحاجة الى الاموال اكثر مما هي بحاجة الى الاصلاح كما ان الضغط الذي مارسه ملوك اوروبا على البابوية بواسطة الكرادلة كان له الاثر الكبير على سقوط هيبة البابوية واقحامها في ميدان السياسة والحروب اللذين كثيراً ما كانا يؤديان بخزانة الكرسي البابوي . وحسبنا هنا ان نشير الى مصاريف ليو العاشر (1513 - 1521) الباهظة حتى قيل فيه على سبيل التهكم «لقد التهم ليو ثلاثة بابوات اموال يوليوس الثاني وايراد ليو، ودخل من خلفه من البابوات) (1). قد يكون اصلاح اخطاء بعض البابوات الناتجة عن المصروفات الضخمة او عن تدخلهم في الامور الدنيوية مسألة بسيطة امام من يخلفهم من البابوات المصلحين الا ان أخطر التهم التي كانت توجه إلى هؤلاء هي تعيينهم المحاسبيهم وانصارهم واقاربهم في السلك الكهنوتي. اذ كان هؤلاء بدورهم يستحوذون على ايراد الاملاك الكنسية دون رقيب. فلم يختلفوا بذلك عن ملتزمي الضرائب الحقيقيين في ايامهم، لأن كثيرين منهم قد اشتروا مناصبهم بالمال. هذا بالإضافة إلى ما كان يعمد اليه الملوك وبعض الامراء من تعيين الاساقفة او التدخل في عملية انتخاب المرشحين منهم لهذا المنصب. فبات عندها كبار رجال الدين لا يختلفون عن الامراء أو الادواق في معيشتهم والانغماس في الحياة الدنيوية وممارسة اعمال الصيد والقنص أو الدخول في المنازعات السياسية كما حصل على مر التاريخ الاوروبي الحديث. والواقع ان بعض الرهبان في اديرتهم لم يكونوا يختلفون في تصرفاتهم عن الاساقفة حيث عزفوا عن تطبيق الشروط الاولى للحياة الديرية، وتخلوا عن الحياة المشتركة، والعمل اليدوي وانهمكوا في اعداد المآدب الفاخرة والشراب حتى بات من يدقق في السجلات الرسمية والصكوك والوثائق والاضابير الكنسية، اذ ذاك، تعتريه الدهشة لكثرة ما تقع منه العين على الدعاوى والقضايا المقامة على رجال الدين لاخلاقهم الفاسدة وتصرفاتهم السيئة. فالسكر والعربدة يأتي في مقدمة هذه الموبقات. وضرب السكين والخنجر لم يكن نادراً قط. وكم من الاحكام صدرت على كهنة او رجال من الأكليروس لاستخدامهم فتيات او شابات مشكوك بفضائلهن: افلم يحكم على مدير مدرسة ثانوية تابعة لبلدية باريس بالسرقة؟ (2).
.........................................
1- ول ديورانت: قصة الحضارة الجزء (20) ص 285.
2- رولان موسینیه: تاريخ الحضارات العام الجزء الرابع ص 71.
|
|
أوامر بولاية أميركية ثانية بالبقاء في المنزل بسبب فيروس قاتل
|
|
|
|
|
مركز أوروبي: صيف 2024 كان الأكثر حرارة على الإطلاق على الأرض
|
|
|
|
|
بالصور: إقبال كبير على تلقي الخدمات الطبية في مستشفى سفير الإمام الحسين (ع)
|
|
|