أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2014
3211
التاريخ: 2024-09-12
192
التاريخ: 18-4-2017
3124
التاريخ:
3535
|
1 - آيات الإسراء والمعراج
قال الله تعالى : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . الإسراء 1 .
وقال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى . وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى . ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى . وَهُوَ بِالآفُقِ الأَعْلَى . ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى . مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى . أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى . وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى . عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى . عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى . لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى . النجم 1 - 18 .
فمطلع سورة الإسراء في الإسراء ، أما المعراج فآياته في سورة النجم .
وقال المفسرون واللغويون : السُّرى هو السير بالليل فقط « لسان العرب 4 / 389 » لكن قوله تعالى : أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ، يدل على أن الإسراء مطلق السير ، ولذا قال : لَيْلاً .
وتبلغ أحاديث الإسراء والمعراج في مصادر الطرفين مئات الصفحات ، وغرضنا هنا إيراد مختارٍ منها ، يعطي تصوراً شاملاً عن المعراج ، ثم نشير إلى بعض الروايات المكذوبة فيه .
2 - كان الإسراء والمعراج بالجسد والروح
مذهب عامة الشيعة أن معراج النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان بروحه وجسده . قال المجلسي في روضة المتقين : 2 / 218 : « وأما المعراج فأخباره أكثر من أن تحصى ، وإنكاره كفر . . ثم حمل على عائشة ومعاوية ، لأنهما أنكرا المعراج بالجسم وجعلاه بالروح » !
وقال النويري في نهاية الأرب : 16 / 293 : « اختلف العلماء على ثلاث مقالات ، فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح وأنه رؤيا منام . وذهبت طائفة إلى أن الإسراء كان بالجسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح . والذي عليه الأكثرون وقال به معظم السلف أنه إسراء بالجسد وفي اليقظة . قال القاضي عياض بن موسى بن عياض : وهذا هو الحق ، وهو قول ابن عبّاس وجابر وأنس وحذيفة . . وهو قول الطبري ، وابن حنبل ، وغيرهما ، وقد أبطلوا حجج من قال خلاف ذلك بأدلَّة يطول علينا شرحها . قال القاضي عياض : وعليه تدل الآية ، إذ لو كان مناماً لقال : بروح عبده ، ولم يقل : بِعَبْدِه . وقوله : ما زاغَ الْبَصَرُ وما طَغى . ولو كان مناماً لما كانت فيه آية ولا معجزة » .
3 - برنامجٌ رباني لإعداد النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
الإسراء : سَفَر النبي ( صلى الله عليه وآله ) من مكة إلى الكوفة ، ثم إلى جبل الطور وبيت المقدس ، إشارةً إلى أنه وارث آدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى « عليهم السلام » .
والمعراج : عروجه ( صلى الله عليه وآله ) إلى السماء ، وكان ذلك في أوائل البعثة ، وكأنه برنامج إعداد للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بأن يريه ربه ما شاء من ملكوته وآياته الكبرى .
ففي أمالي الصدوق / 213 : « عن ثابت بن دينار قال : سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عن الله جل جلاله هل يوصف بمكان ؟ فقال : تعالى الله عن ذلك . قلت : فلمَ أسرى بنبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) إلى السماء ؟ قال : ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه . قلت : فقول الله عز وجل : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ؟ قال : ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دنا من حجب النور ، فرأى ملكوت السماوات ، ثم تدلى ( صلى الله عليه وآله ) فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى » .
وفي الإحتجاج : 1 / 327 أن حَبْراً قال لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت به في بلاده ، غُدُوُّها شهر ورواحها شهر ؟ قال له ( عليه السلام ) : لقد كان ذلك ، ومحمد ( صلى الله عليه وآله ) أعطي ما هو أفضل من هذا ، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام ، في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش فدنى بالعلم فتدلى من الجنة على رفرف أخضر ، وغشيَ النور بصره ، فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ، ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينه وبينها ، أو أدنى » .
أقول : هذا يدل على أن التدلي كان مرات ، ومن عدة أمكنة ، لمشاهدة ملكوت الأرض ، ولمشاهدة آيات الله وعظمته فيها .
4 - عُرِج بالنبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) مئة وعشرين مرة !
قال العيني في عمدة القاري : 4 / 39 : « قيل إن الإسراء كان مرتين ، مرة بروحه مناماً ، ومرة بروحه وبدنه يقظة . ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضاً ، حتى قال إنه أربع إسرا آت . وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة ، ووفَّق أبو شامة في روايات حديث الإسراء بالجمع بالتعدد ، فجعله ثلاث إسرا آت ، مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق ، ومرة من مكة إلى السماوات على البراق أيضاً . ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات » .
وقال ابن عباس : « كان المعراج مرتين ، بعد النبوة بسنتين ، فالأول معراج العجائب والثاني معراج الكرامة » . المناقب : 1 / 153 .
ورجح في الصحيح من السيرة : 3 / 25 أنه مرتان ، طبق رواية الكافي : 1 / 443 لكن سندها غير تام ، بينما صح عن أهل البيت « عليهم السلام » أنه مرات ، فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « عرج بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى السماء مائة وعشرين مرة . ما من مرة إلا وقد أوصى الله النبي ( صلى الله عليه وآله ) بولاية علي والأئمة « عليهم السلام » من بعده ، أكثر مما أوصاه بالفرايض » .
بصائر الدرجات / 99 ، الخصال / 600 ، المحتضر / 44 والفوائد الطوسية / 140 .
ومما يدل على أن المعراج وقع أيضاً في أواخر نبوته ( صلى الله عليه وآله ) ، ما رواه الصدوق في الأمالي / 696 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حيث أسري به إلى السماء ، لم يمر بخلق من خلق الله إلا رأى منه ما يحب ، من البِشْر واللطف والسرور به ، حتى مر بخلق من خلق الله فلم يلتفت إليه ولم يقل له شيئاً ، فوجده قاطباً عابساً فقال : يا جبرئيل ، ما مررت بخلق من خلق الله إلا رأيت البشر واللطف والسرور منه إلا هذا ، فمن هذا ؟ قال : هذا مالك خازن النار ، وهكذا خلقه ربه ! قال : فإني أحب أن تطلب إليه أن يريني النار . فقال له جبرئيل : إن هذا محمداً رسول الله ، وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار . قال : فأخرج له عنقاً منها فرآها ، فما افترَّ ضاحكاً حتى قبضه الله عز وجل » .
ونحوه في كتاب الحسين بن سعيد / 99 وفيه : « فكشف له طبقاً من أطباقها » .
فهذا الحديث الصحيح يدل على أنه لم يضحك بعده حتى توفي فهو في أواخر حياته الشريفة ، ومعراجه الأول كان في أوائل بعثته ، وقد ضحك بعده في مناسبات عديدة .
5 - الإسراء والمعراج من عقائد الإسلام
في أمالي الصدوق / 738 : « دين الإمامية هو الإقرار بتوحيد الله تعالى ذكره ، ونفي التشبيه عنه وتنزيهه عما لا يليق به ، والإقرار بأنبياء الله ورسله وحججه وملائكته وكتبه ، والإقرار بأن محمداً هو سيد الأنبياء والمرسلين . . وبمعراج النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وبمناجاة الله عز وجل إياه ، وأنه عرج به بجسمه وروحه على الصحة والحقيقة لا على الرؤيا في المنام ، وأن ذلك لم يكن لأن الله عز وجل في مكان هناك ، لأنه متعال عن المكان ، ولكنه عز وجل عرج به تشريفاً له وتعظيماً لمنزلته ، وليريه ملكوت السماوات كما أراه ملكوت الأرض ، ويشاهد ما فيها من عظمة الله عز وجل وليخبر أمته بما شاهد في العلو من الآيات والعلامات » .
وفي رسالة الإعتقادات للصدوق « رحمه الله » / 79 : « واعتقادنا في الجنة والنار أنهما مخلوقتان وأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد دخل الجنة ، ورأى النار ، حين عرج به » .
إن المعراج حدثٌ ضخمٌ ، ومفرداته كثيرة ، وقد تبلغ موضوعاته مائتي عنوان ، وهذا طبيعي ، لأنه جولة في الأرض على ربوع الأنبياء السابقين « عليهم السلام » ، وجولاتٌ في السماوات السبع ، أرى الله فيها رسوله ( صلى الله عليه وآله ) آيات ملكوته الكبرى . أراه جميع الأنبياء « عليهم السلام » ، والجنة بأعلى نعيمها ، وطرفاً من النار والمعذبين فيها .
وأراه مشاهد ستحدث من مستقبل أمته ، وأراه الأئمة من ذريته « عليهم السلام » ، وعلمه علم ما يكون . وفي كل واحد من هذه المواضيع : عناوين ، وفروع ، وتفاصيل .
وقد أفاضت مصادرنا في رواية أحاديث المعراج التي بينت مقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة من عترته « عليهم السلام » ، ومقام شيعتهم وما يجري عليهم من اضطهاد ، وما أعد الله لهم من نصر في نهاية المطاف ، ودرجات عالية في الآخرة .
6 - هل المسجد الأقصى مسجد القدس أو البيت المعمور ؟
يوجد رأي نادر للباحث السيد جعفر مرتضى ، ذكره في رسالة عن البيت المعمور ، وفي كتابه الصحيح من السيرة : 3 / 147 مفاده : أن المقصود بالمسجد الأقصى في آية الإسراء هو البيت المعمور في السماء وليس مسجد بيت المقدس ، وأن المسجد الذي يدخله المؤمنون مرتين هو المسجد الحرام ، قال :
« الظاهر أن المراد به هو المسجد الحرام ، أما المسجد الأقصى الذي حصل الإسراء إليه ، والذي بارك الله حوله ، فهو في السماء » .
واستدل على ذلك برواية أن النبي صلى بالأنبياء « عليهم السلام » في المسجد الأقصى ، وهو البيت المعمور : « انتهى جبرئيل إلى البيت المعمور وهو المسجد الأقصى ، فلما دنا منه أتى جبرئيل عيناً فتوضأ منها ثم قال يا محمد توضأ » . اليقين لابن طاووس / 294 .
وفي تفسير القمي : 2 / 243 ونوادر المعجزات / 66 : « عن إسماعيل الجعفي قال : كنت في المسجد الحرام قاعداً وأبو جعفر ( عليه السلام ) في ناحية ، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة ، ثم قال : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى . .
وكرر ذلك ثلاث مرات ، ثم التفت إليَّ فقال : أي شئ يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي ؟ قلت : يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس ، فقال : لا ، ليس كما يقولون ، ولكنه أسريَ به من هذه وأشار بيده إلى الأرض ، إلى هذه وأشار بيده إلى السماء ، وقال : ما بينهما حرم . قال : فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل ( عليه السلام ) فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا جبرئيل في هذا الموضع تخذلني ؟ فقال : تقدم أمامك ، فوالله لقد بلغت مبلغاً لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك . فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السبحة . قلت : وما السبحة
جعلت فداك ؟ فأومئ بوجهه إلى الأرض وأومى بيده إلى السماء وهو يقول جلال
ربي ثلاث مرات . قال يا محمد ! قلت : لبيك يا رب قال : فيم اختصم الملأ الأعلى ؟ قال : قلت سبحانك لا علم لي إلا ما علمتني .
قال فوضع يده أي يد القدرة بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي . قال : فلم يسألني عما مضى ولا عما بقي إلا علمته . قال : يا محمد فيمَ اختصم الملأ الأعلى ؟ قال قلت : يا رب في الدرجات والكفارات والحسنات .
فقال : يا محمد قد انقضت نبوتك وانقطع أُكلك ، فمن وصيك ؟ فقلت : يا رب قد بلوت خلقك فلم أر من خلقك أحداً أطوع لي من علي ؟ فقال : ولي يا محمد . فقلت : يا رب إني قد بلوت خلقك فلم أر في خلقك أحداً أشد حباً لي من علي بن
أبي طالب . قال : ولي يا محمد ، فبشره بأنه راية الهدى وإمام أوليائي ونورٌ لمن أطاعني ، والكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني ، مع ما أني أخصه بما لم أخص به أحداً . فقلت : يا رب أخي وصاحبي ووزيري ووارثي ، فقال إنه أمر قد سبق أنه مبتلى ومبتلى به ، مع ما أني قد نحلته ونحلته ونحلته ونحلته ، أربعة أشياء عقدها بيده ولا يفصح بها عقدها » .
أقول : في هذا الحديث عناصر قوة ، لكن فيه عناصر خلل توجب التوقف فيه ، أهمها ما يوافق المخالفين في التجسيم ، أو ما يوهم التجسيم .
ومنها وجود روايات تعارضه وتدل على أن المسجد الأقصى مسجد بيت المقدس ، منها ما رواه في الكافي : 3 / 491 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « جاء رجل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو في مسجد الكوفة فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد عليه ، فقال : جعلت فداك إني أردت المسجد الأقصى ، فأردت أن أسلم عليك وأودعك ، فقال له : وأي شئ أردت بذلك ؟ فقال : الفضل جعلت فداك ، قال : فبع راحلتك وكل زادك ، وصلِّ في هذا المسجد فإن الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة ، والنافلة عمرة مبرورة ، والبركة فيه على اثني عشر ميلاً ، يمينه يمن ويساره مكر ، وفي وسطه عين من دهن ، وعين من لبن ، وعين من ماء شراب للمؤمنين ، وعين من ماء طهر للمؤمنين . منه سارت سفينة نوح ، وكان فيه نسر ويغوث ويعوق ، وصلى فيه سبعون نبياً وسبعون وصياً ، أنا أحدهم . وقال بيده في صدره : ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج ، إلا أجابه الله
وفرج عنه كربته » .
فلو صحت الرواية التي تسمي البيت المعمور في السماء المسجد الأقصى أوبيت المقدس ، فدلالتها على تعدد المسجد الأقصى أولى من دلالتها على البدلية .
لذلك نستقرب أن يكون المسجد الأقصى اسماً للبيت المعمور وبيت المقدس معاً .
7 - علَّمه الله في المعراج علم ما يكون
في الكافي : 1 / 251 : « قال رجل لأبي جعفر ( عليه السلام ) : يا ابن رسول الله لا تغضب عليَّ قال : لماذا ؟ قال : لما أريد أن أسألك عنه ، قال : قل . قال : ولا تغضب ؟ قال : ولا أغضب . قال : أرأيت قولك في ليلة القدر تنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد علمه ؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله يعلمه ؟ وقد علمت أن رسول الله مات وليس من علمه شئ إلا وعلي ( عليه السلام ) له واع !
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي ؟
قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدين . قال : فافهم ما أقول لك : إن رسول الله لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملاً ، يأتي تفسيرها في ليلة القدر . وكذلك كان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر ، كما كان مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . قال السائل : أوما كان في الجمل تفسير ؟ قال : بلى ، ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء « عليهم السلام » : إفعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه ، أمروا كيف يعملون فيه ؟
قلت : فسر لي هذا . قال : لم يمت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلا حافظاً لجمله وتفسيره . قلت : فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو ؟ قال : الأمر واليسر فيما كان قد علم . قال السائل : فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا ؟ قال : هذا مما أمروا بكتمانه ، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز وجل . قال السائل : فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء ؟ قال : لا ، وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه . قال السائل : فهل يسعنا أن نقول إن أحداً من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر ؟ قال : لا لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه ، وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد .
قال السائل : وما كانوا علموا ذلك الحكم ؟ قال : بلى قد علموه ، ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة . قال السائل : يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا ؟ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : من أنكره فليس منا . قال السائل : يا أبا جعفر أرأيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه ؟ قال : لا يحل لك أن تسأل عن هذا ، أما علم ما كان وما سيكون ، فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه ، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وجل أبي أن يطلع الأوصياء عليه
إلا أنفسهم .
قال السائل : يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة ؟ قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة ، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه » .
أقول : لاغرابة في أن يكون الله تعالى علَّم نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأراه في معراجه كثيراً من المستقبل ! لأن كل ما سيحدث في هذا الكون مخزون في علم الله تعالى الذي أحاط بكل شئ ، ونحن نرى في المنام أموراً من المستقبل ، ثم تحدث كما رأيناها تماماً ، فكأن ذلك المنام لقطة من المستقبل المخزون !
كما يدلنا هذا الحديث الشريف العميق على أن تعليم الله تعالى لرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولأوصيائه « عليهم السلام » له نظام وأصول ، في توقيته ، وتدرجه ، وإمضائه ، والسماح ببيانه ، بما يحفظ لهم الاختيار ، ويحفظ المسار الصحيح لتبليغهم رسالات ربهم . قال تعالى : عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا . لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيء عَدداً . الجن : 26 - 28 .
8 - كان الإسراء إلى المدينة وكوفان والطور وبيت المقدس
في الكافي : 8 / 279 : « عن المفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس « السفاح » فلما انتهينا إلى الكناسة قال : هاهنا صلب عمي زيد « رحمه الله » ، ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزياتين وهو آخر السراجين ، فنزل وقال : إنزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم ( عليه السلام ) ، وأنا أكره أن أدخله راكباً . قال قلت : فمن غيَّره عن خطته ؟ قال : أما أول ذلك الطوفان في زمن نوح ( عليه السلام ) ، ثم غيره أصحاب كسرى ونعمان ، ثم غيَّره بعدُ زياد بن أبي سفيان . فقلت : وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح ( عليه السلام ) ؟ فقال لي : نعم يا مفضل ، وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات ، مما يلي غربي الكوفة ، قال : وكان نوح ( عليه السلام ) رجلاً نجاراً فجعله الله عز وجل نبياً وانتجبه ، ونوح أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء .
قال : ولبث نوح ( عليه السلام ) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله عز وجل فيهزؤون به ويسخرون منه ، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال : رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا . إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلايَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا . فأوحى الله عز وجل إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجل عملها ، فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده ، فأتى بالخشب من بُعد حتى فرغ منها .
قال : المفضل ثم انقطع حديث أبي عبد الله ( عليه السلام ) عند زوال الشمس فقام فصلى الظهر والعصر ثم انصرف من المسجد ، فالتفت عن يساره وأشار بيده إلى موضع دار الداريين ، وهو موضع دار ابن حكيم وذاك فرات اليوم ، فقال لي : يا مفضل ، هاهنا نصبت أصنام قوم نوح ( عليه السلام ) : يغوث ويعوق ونسراً .
ثم مضى حتى ركب دابته فقلت : جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها ؟ قال : في دورين ، قلت : وكم الدورين ؟ قال : ثمانين سنة . قلت : وإن العامة يقولون : عملها في خمس مائة عام ، فقال : كلا كيف والله يقول : وَوَحْيِنَا .
قال قلت : فأخبرني عن قول الله عز وجل : حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ، فأين كان موضعه وكيف كان ؟ فقال : التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد . فقلت له : فإن ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم . ثم قلت له : وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور ؟ فقال : نعم إن الله عز وجل أحب أن يرى قوم نوح آية ، ثم إن الله تبارك وتعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضاً ، وفاض الفرات فيضاً ، والعيون كلهن فيضاً ، فغرقهم الله عز ذكره ، وأنجى نوحاً ومن معه في السفينة . فقلت له : كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا منها ؟ فقال : لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها ، وطافت بالبيت أسبوعاً ، ثم استوت على الجودي ، وهو فرات الكوفة . فقلت له : إن مسجد الكوفة قديم ؟ فقال : نعم ، وهو مصلى الأنبياء « عليهم السلام » ولقد صلى فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين أسري به إلى السماء ، فقال له جبرئيل : يا محمد هذا مسجد أبيك آدم ، ومصلى الأنبياء « عليهم السلام » ، فانزل فصل فيه فنزل فصلى فيه . . ثم إن جبرئيل عرج به إلى السماء » .
وفي رواية في تفسير القمي : 2 / 3 أن جبرئيل ( عليه السلام ) أنزل النبي ( صلى الله عليه وآله ) في المدينة فصلى فيها ، وأخبره أنها مهاجره ، وصلى في طور سيناء عند قبر موسى ( عليه السلام ) ، وفي بيت لحم مولد عيسى ( عليه السلام ) .
أقول : « روى الطبري : 3 / 145 أن سلمان وحذيفة كانا رائدي جيش فتح العراق فارتادا لهم مكاناً لنزولهم ، فخرج سلمان حتى أتى الأنبار ، فسار في غربي الفرات لا يرضى شيئاً حتى أتى الكوفة . وخرج حذيفة في شرقي الفرات لا يرضى شيئاً حتى أتى الكوفة ، والكوفة على حصباء ، وكل رملة حمراء يقال لها سهلة ، وكل حصباء ورمل هكذا متخلطين فهو كوفة ، فأتيا عليها وفيها دَيْرَات ثلاثة : دير حرقة ودير أم عمرو ودير سلسلة ، وخصاص خلال ذلك ، فأعجبتهما البقعة » .
وفي فتوح البلاذري : 2 / 354 أن سلمان الفارسي قال : « الكوفة قبة الإسلام ، يأتي على الناس زمان لا يبقى مؤمن إلا وهو بها ، أو يهوي قلبه إليها » .
ولا بد أن يكون عمله « رحمه الله » بتوجيه علي ( عليه السلام ) باب مدينة علم النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
9 - استنفر أبو طالب ليلة الإسراء لأنه افتقد النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
كانت مدة المعراج الأول أقل من ثلث ليلة ، حسب رواية الاحتجاج : 1 / 327 . وكان وقته الثلث الأخير من الليل ، كما في الخرائج : 1 / 85 .
وفي تفسير العياشي ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صلى العشاء الآخرة وصلى الفجر في الليلة التي أسريَ به فيها بمكة . وكان أبو طالب أمرعلياً وجعفراً وحمزة بالتناوب لحراسته ، وكان يتفقد مكانه في الليل ! ولما لم يجده خاف أن يكون القرشيون قتلوه ، فبعث من يبحث عنه ، واستدعى شباب بني هاشم ووزع عليهم سيوفاً قصيرة أو شفاراً ، وأمرهم أن يكون كل واحد منهم بجانب زعيم قرشي فإذا أمرهم فليقتل كل منهم من بجنبه من الزعماء ، وأولهم أبو جهل ! مناقب ابن شهرآشوب : 1 / 156 وروضة الواعظين / 59 .
وفي تاريخ اليعقوبي : 2 / 26 : « قال لهم : إن رأيتموني ومحمداً معي فأمسكوا حتى آتيكم ، وإلا فليقتل كل رجل منكم جليسه ولاتنتظروني . فوجدوه على باب
أم هانئ ، فأتى به بين يديه حتى وقف على قريش فعرَّفهم ما كان منه ! فأعظموا ذلك وجلَّ في صدورهم ، وعاهدوه وعاقدوه أنهم لا يؤذون رسول الله ، ولا يكون منهم إليه شئ يكرهه أبداً » .
وفي الخرائج للراوندي : 1 / 85 : « لما رجع من السُّرى نزل على أم هاني بنت أبي طالب فأخبرها فقالت : بأبي أنت وأمي والله لئن أخبرت الناس بهذا ليكذبنَّك من صدَّقَك ، وكان أبو طالب قد فقده تلك الليلة فجعل يطلبه وجمع بني هاشم ، ثم أعطاهم المُدى ، وقال لهم : إذا رأيتموني قد دخلت وليس معي محمد فليضرب كل رجل منكم جليسه ، والله لا نعيش نحن ولا هم وقد قتلوا محمداً .
فخرج في طلبه وهو يقول : يا لها عظيمة إن لم يواف رسول الله مع الفجر ، فتلقاه على باب أم هاني حين نزل من البراق فقال : يا ابن أخي ، انطلق فادخل بين يديَّ المسجد ، وسلَّ سيفه عند الحجر وقال : يا بني هاشم أخرجوا مُداكم . فقال : لو لم أره ما بقي منكم شِفْر ٌ « أحد » أو عشنا ، فاتقته قريش منذ يوم أن يغتالوه .
ثم حدثهم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالوا : صف لنا بيت المقدس . قال : إنما دخلته ليلاً ، فأتاه جبرئيل فقال : أنظر إلى هناك ، فنظر إلى البيت فوصفه وهو ينظر إليه ، ثم نعت لهم ما كان لهم من عير ما بينهم وبين الشام » .
لكن ابن سعد : 1 / 202 جعل الحادثة عندما جاء زعماء قريش إلى أبي طالب وعرضوا عليه أن يعطوه رجلاً بدل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ونزلت سورة صاد فاشمأزوا منها ! قال : « فلما كان مساء تلك الليلة فقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلب ، ثم قال : ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة ثم ليتبعني فإذا دخلت المسجد فلينظركل فتى منكم فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية يعني أبا جهل ، فإنه لم يغب عن شر ، إن كان محمد قد قتل ! فقال الفتيان نفعل » .
وفي الغدير : 7 / 350 ، عن الحجة لفخار بن معد ، عن ابن الجوزي عن الواقدي : « كان أبو طالب بن عبد المطلب لا يغيب صباح النبي ولا مساءه ، ويحرسه من أعدائه ويخاف أن يغتالوه ، فلما كان ذات يوم فقده فلم يره . . . فلما وقف عليهم والغضب في وجهه قال لعبيده : أبرزوا ما في أيديكم فأبرز كل واحد منهم ما في يده ، فلما رأوا السكاكين قالوا : ما هذا يا أبا طالب ؟ قال : ما ترون ، إني طلبت محمداً فلم أره منذ يومين فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم ، فأمرت هؤلاء أن يجلسوا حيث ترون وقلت لهم : إن جئت وليس محمد معي فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه ولا يستأذني فيه ولو كان هاشمياً ! فقالوا : وهل كنت فاعلاً ؟ فقال : إي ورب هذه وأومى إلى الكعبة ! فقال له المطعم بن عدي بن نوفل وكان من أحلافه : لقد كدت تأتي على قومك ؟ قال : هو ذلك . ومضى به وهو يقول :
إذهب بُنَيَّ فما عليك غضاضةٌ * إذهب وقَرَّ بذاك منك عيونا
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
وذكرت ديناً لا محالة إنه * من خير أديان البرية دينا
فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والإستعطاف ، وهو لا يحفل بهم » !
أقول : لا يبعد أن يكون عمل أبي طالب « رحمه الله » قد تكرر منه لحماية النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتهديد قريش .
10 - رأت قريش آيات المعراج فزادت كفراً وعتواً
في أمالي الصدوق / 533 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لما أسري برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق ، فأتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء « عليهم السلام » وصلى بها ، ورده فمرَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في رجوعه بِعِيرٍ لقريش وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا بعيراً لهم وكانوا يطلبونه ، فشرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من ذلك الماء وأهرق باقيه ! فلما أصبح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لقريش : إن الله جل جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس ، وأراني آثار الأنبياء « عليهم السلام » ومنازلهم ، وإني مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيراً لهم ، فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك . فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه فسلوه كم الأساطين فيها والقناديل ؟ فقالوا : يا محمد إن هاهنا من قد دخل بيت المقدس ، فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه ؟ فجاء جبرئيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه ! فلما أخبرهم قالوا : حتى تجئ العير ونسألهم عما قلت . فقال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق . فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة ، فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق ، فسألوهم عما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا : لقد كان هذا ، ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا ، ووضعنا ماء فأصبحنا وقد أهريق الماء ! فلم يزدهم ذلك إلا عتواً » !
وفي الكافي : 8 / 262 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « ثم قال : هذه عير بني فلان تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أورق أو أحمر ، قال : وبعثت قريش رجلاً على فرس ليردها ، قال : وبلغ مع طلوع الشمس ، قال قرطة بن عبد عمرو : يا لهفاً ألا أكون لك جذعاً ، حين تزعم أنك أتيت بيت المقدس ورجعت من ليلتك » !
ونحوه في الخرائج : 1 / 141 ، عن علي ( عليه السلام ) ، وفيه : « فلما كان اليوم الثالث خرجوا إلى باب مكة لينظروا صدق ما أخبر به محمد ( صلى الله عليه وآله ) قبل طلوع الشمس ، فهم كذلك إذا طلعت العير عليهم بطلوع الشمس في أولها الجمل الأحمر ! فتعجبوا من ذلك ! وسألوا الذين كانوا مع العيرفقالوا مثل ما قال محمد ( صلى الله عليه وآله ) في إخباره عنهم . فقالوا : هذا أيضاً من سحر محمد » !
وفي تفسير العياشي : 2 / 137 في قول الله عز وجل : وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ، قال : « فأجابهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلا قليل ، وهو قول الله تبارك وتعالى : وَمَا تُغْنِى الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ . ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله وبرسوله . آمنا بالله وبرسوله ( صلى الله عليه وآله ) » .
11 - صفة البُراق الذي حمل النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) في معراجه
روى في الكافي : 8 / 376 : « أتى جبرئيل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالبراق أصغرمن البغل وأكبر من الحمار ، مضطرب الأذنين ، عينيه في حافره ، وخطاه مد بصره ، إذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه ، فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه ، أهدب العرف الأيمن ، له جناحان من خلفه » .
في أمالي الصدوق / 534 : « رجلاها أطول من يديها ، خَطْوُها مدُّ البصر ، فلما أراد النبي أن يركب امتنعت فقال جبرئيل ( عليه السلام ) : إنه محمد ، فتواضعت حتى لصقت بالأرض . قال فركب فكلما هبطت ارتفعت يداها وقصرت رجلاها ، وإذا صعدت ارتفعت رجلاها وقصرت يداها ، فمرت به في ظلمة الليل على عيرٍ مُحَمَّلة ، فنفرت العير من دفيف البراق ، فنادى رجل في آخر العير غلاماً له في أول العير : يا فلان ، إن الإبل قد نفرت » !
وفي عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 35 ومسند زيد بن علي / 497 ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : « هي دابة من دواب الجنة ، ليست بالطويل ولا بالقصير ، فلو أن الله أذن لها لجالت الدنيا في جرية واحدة ، وهي أحسن الدواب لوناً » .
وفي الخرائج : 1 / 84 : « فوقفه على باب خديجة ودخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فمرح البراق ، فخرج إليه جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : أسكن فإنما يركبك أحب خلق الله إليه » . وفي روضة الواعظين / 53 : « ومضى إلى بيت المقدس ، ثم إلى السماء الدنيا ، فتلقته الملائكة فسلمت عليه ، وتطايرت بين يديه ، حتى انتهى إلى السماء السابعة » .
وفي مسند زيد بن علي / 449 : « قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : لما بدأ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بتعليم الأذان أتى جبريل بالبراق فاستصعب عليه : ثم أتاه بدابة يقال لها براقة فاستصعبت عليه ، فقال لها جبريل أسكني براقة ، فما ركبك أحد أكرم على الله منه فسكنت ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فركبتها حتى انتهت إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى ، فخرج ملك من وراء الحجاب ، فقال الله أكبر الله أكبر ، قال فقلت : يا جبريل ومن هذا الملك ، قال : والذي أكرمك بالنبوءة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه ! فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، فنودي من وراء الحجاب : صدق » .
وفي صحيح البخاري : 4 / 77 : « وأتيتُ بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار البراق فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا ، قيل من هذا ؟ قال جبريل . قيل : ومن معك ؟ قيل : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به » .
ويفهم من دعاء إقبال الأعمال : 2 / 51 أن الله تعالى علم رسوله ( صلى الله عليه وآله ) بعض أسمائه الحسنى فسخر له البراق : وباسمك الذي سخرت به البراق لمحمد صلواتك عليه وآله .
12 - النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) سيركب البراق يوم القيامة
روى الحاكم : 3 / 153 ، والطوسي والصدوق في أماليهما / 35 / 275 ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « وأبعث على البراق ، خطوها عند أقصى طرفها ، وتبعث فاطمة « عليها السلام » أمامي » .
وفي الخصال / 203 : « عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما في القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة ، فقام إليه العباس بن عبد المطلب فقال : من هم يا رسول الله ؟ فقال : أما أنا فعلى البراق ووجهها كوجه الإنسان وخدها كخد الفرس ، وعرفها من لؤلؤ مسموط ، وأذناها زبرجدتان خضراوان ، وعيناها مثل كوكب الزهرة ، تتوقدان مثل النجمين المضيئين ، لها شعاع مثل شعاع الشمس ، ينحدر من نحرها الجمان ، مطوية الحلق طويلة اليدين والرجلين ، لها نفس كنفس الآدميين ، تسمع الكلام وتفهمه ، وهي فوق الحمار ودون البغل .
قال العباس : ومن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : وأخي صالح على ناقة الله عز وجل التي عقرها قومه ، قال العباس : ومن يا رسول الله ؟ قال : وعمي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، سيد الشهداء على ناقتي العضباء ، قال العباس : ومن يا رسول الله ؟ قال : وأخي علي على ناقة من نوق الجنة ، زمامها من لؤلؤ رطب عليها محمل من ياقوت أحمر ، قضبانه من الدر الأبيض ، على رأسه تاج من نور عليه حلتان خضراوان ، بيده لواء الحمد وهو ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً رسول الله . فيقول الخلائق ما هذا إلا نبي مرسل أو ملك مقرب ، فينادي مناد من بطنان العرش : ليس هذا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين » ! ونحوه أمالي الطوسي / 258 .
وقال الصدوق في الخصال : هذا حديث غريب لما فيه من ذكر البراق ووصفه ، وذكر حمزة بن عبد المطلب .
وفي أمالي الصدوق / 275 : « لن يركب إلا أربعة : أنا وعلي وفاطمة وصالح نبي الله » .
أقول : تفاوتت الرواية في عد الركبان فبعضها عد منهم الزهراء « عليها السلام » فيكونون خمسة ، ومنهم عدهم أربعة فيكون المقصود الرجال . ولم تبين الرواية مكان ركوبهم أو زمانه . على أن أسانيدها ليست قوية .
13 - ركب إبراهيم ( ( ع ) ) البراق والمهدي ( ( ع ) ) سيركبه
روى القمي في تفسيره : 1 / 60 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أن الله تعالى حمل إبراهيم على البراق إلى مكة . وروي أن المهدي ( عليه السلام ) يأتيه جبرئيل بالبراق فيركبه من المدينة إلى مكة : « فيأخذ بيده ويصافحه ويسلم عليه ويقول له : قم ويجيؤه بفرس يقال له البراق فيركبه ثم يأتي إلى جبل رضوى ، فيأتي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلي ( عليه السلام ) فيكتبان له عهداً منشوراً يقرؤه على الناس ، ثم يخرج إلى مكة والناس يجتمعون بها . قال : فيقوم رجل منه فينادي : أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله . قال : فيقوم هو بنفسه فيقول : أيها الناس أنا فلان بن فلان ، أنا ابن نبي الله ، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله . فيقومون إليه ليقتلوه فيقوم ثلاث مائة وينيف على الثلاث مائة فيمنعونه ، منه خمسون من أهل الكوفة ، وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضاً ، اجتمعوا على غير ميعاد » .
معجم المهدي : 3 / 198 .
14 - قميص المعراج وقميص أحُد من ماريث الأنبيا ( ( عليهم السلام ) )
في الكافي : 1 / 236 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما عرض على عمه العباس قبول ديونه وعداته فاعتذر ، ثم عرضها على علي ( عليه السلام ) فقبلها ، فأمر بإحضارها ، وفيه : « يا بلال عليَّ بالمغفر والدرع والراية . . . والقميصين : القميص الذي أسري به فيه ، والقميص الذي جُرح فيه يوم أحد . . . فقال : إقبضها
في حياتي » .
أقول : يظهر من أحاديث المعراج أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ركب على وسيلة خاصة ، وأنه استعمل الاسم الأعظم ، وأنه لبس قميصاً خاصاً .
15 - معنى سدرة المنتهى
روى البخاري عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : 4 / 249 : « ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى » .
فسدرة المنتهى عند هذا الراوي شجرة سدر ، لكن ثمرها نبق كبير ، الواحدة منه بقدر قربة ماء كبيرة ، من قِلال هجر البحرين ، أوهجر المدينة !
وهذا تبسيط عامي لسدرة المنتهى ، لكن أهل البيت « عليهم السلام » رووا أنها شجرة خاصة في عوالم أنوار الله تعالى ، وأن منطقتها آخر ما يمكن أن يصل اليه مخلوق .
ففي الإحتجاج : 1 / 361 : « ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى . يعني : محمداً كان عند سدرة المنتهى ، حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عز وجل » .
وفي المحاسن : 2 / 334 : « قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : إنما سميت سدرة المنتهى ، لأن أعمال
أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة . وقال : الحفظة الكرام البررة دون السدرة ، يكتبون ما ترفعه إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض وينتهون بها إلى محل السدرة » .
وفي قرب الإسناد / 101 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الورقة منها تظل الدنيا ، وعلى كل ورقة ملك يسبح الله ، يخرج من أفواههم الدر والياقوت ، تبصر اللؤلؤة مقدار خمس مائة عام ، وما سقط من ذلك الدر والياقوت يخزنه ملائكة موكلون به يلقونه في بحر من نور ، يخرجون كل ليلة جمعة إلى سدرة المنتهى ، فلما نظروا إليَّ رحبوا بي وقالوا : يا محمد مرحباً بك ، فسمعت اضطراب ريح السدرة وخفقة أبواب الجنان ، قد اهتزت فرحاً لمجيئك ، فسمعت الجنان تنادي : واشوقاه إلى علي وفاطمة والحسن والحسين » .
وفي دلائل الإمامة / 100 : « عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : لما زوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاطمة من علي « عليهما السلام » أتاه أناس من قريش فقالوا : إنك زوجت علياً بمهر قليل ! فقال : ما أنا زوجت علياً ولكن الله زوجه ليلة أسريَ بي إلى السماء ، فصرت عند سدرة المنتهى أوحى الله إلى السدرة :
أن انثري ما عليك ، فنثرت الدر والجوهر والمرجان ، فابتدر الحور العين فالتقطن ، فهن يتهادينه ويتفاخرن به ، ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد » .
16 - لم يرَ النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) ربه بعىنه بل رأى من آياته الكبرى
عقد في الكافي : 1 / 95 باباً في تنزيه الله تعالى عن الخضوع لقوانين الزمان والمكان ، والرؤية بالعين ، وروى فيه بضعة عشر حديثاً ، منها حديثان عن الكندي الفيلسوف يعقوب بن يوسف ، من رسالتين بعث بهما إلى الإمام العسكري ( عليه السلام ) :
1 - عن يعقوب بن إسحاق قال : « كتبت إلى أبي محمد « الحسن العسكري ( عليه السلام ) » أسأله كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه ؟ فوقع ( عليه السلام ) : يا أبا يوسف ، جل سيدي ومولاي والمنعم عليَّ وعلى آبائي أن يرى . وسألته : هل رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ربه ؟ فوقع ( عليه السلام ) : إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب » .
2 - عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « جاء حبر إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته ؟ قال فقال : ويلك ما كنت أعبد رباً لم أره ! قال : وكيف رأيته ؟ قال : ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان » .
3 - عن عاصم بن حميد قال : « ذاكرت أبا عبد الله ( عليه السلام ) فيما يروون من الرؤية فقال : الشمس جزء من سبعين جزءً من نور الكرسي والكرسي جزء من سبعين جزءً من نور العرش ، والعرش جزء من سبعين جزءً من نور الحجاب ، والحجاب جزء من سبعين جزءً من نور الستر ، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب » .
4 - عن صفوان بن يحيى قال : « سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) فاستأذنته في ذلك فأذن لي ، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرة : إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين ، فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية !
فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس : لاتُدْرِكُهُ الأبْصَار ، ولا يحُيطون به علماً ، ولَيْسَ كمثلهِ شَئ ، أليس محمد ؟ قال : بلى . قال : كيف يجيئ رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول : لا تدركه الأبصار ، ولا يحيطون به علماً ، وليس كمثله شئ ، ثم يقول أنا رأيته بعيني وأحطت به علماً وهو على صورة البشر ؟ ! أما تستحون ! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشيء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر !
قال أبو قرة : فإنه يقول : ولقد رآه نزلةً أخرى ، فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال : ما كذب الفؤاد ما رأى ، يقول : ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ، ثم أخبر بما رأى فقال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى ، فآيات الله غير الله ، وقد قال الله : وَلَا يُحِيطُونَ بِه عِلْما ، فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة ! فقال أبو قرة : فتكذب بالروايات ؟ فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علماً ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شئ » .
5 - عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال : « قلت لأبي جعفر « الإمام الجواد ( عليه السلام ) » : لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ؟ فقال : يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون » !
6 - عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « لما أسري بي إلى السماء ، بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه قط جبرئيل . فكُشف له فأراه الله من نور عظمته ما أحب .
وفي الكافي : 1 / 443 : « فخلى عنه فقال له : يا جبرئيل تخليني على هذه الحالة ؟ فقال : إمضه ، فوالله لقد وطأت مكاناً ما وطأه بشر ، وما مشى فيه بشرٌ قبلك » .
7 - وروى الصدوق في التوحيد / 117 ، بسند صحيح عن أبي الصلت الهروي قال : « قلت لعلي بن موسى الرضا « عليهما السلام » : يا ابن رسول الله ، فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ، ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم ، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفته ، وقال الله عز وجل : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك . وقال عز وجل : كل شئ هالك إلا وجهه » .
17 . زعم أتباع السلطة أنه رأى ربه في داره شاباً أمرد !
قال البخاري : 8 / 205 في حديث فرض الصلاة وأن موسى ( عليه السلام ) قال له إرجع وأطلب من الله تخفيف الصلاة عن أمتك : « فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت ، فعلا به إلى الجبار وهو في مكانه فوضع عنه عشراً » !
ورووا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رأى الله على صورة شاب أمرد ، يلبس قبقاباً من ذهب ! وتبناه ابن تيمية في منهاج السنة / 634 وفي نقض التأسيس : 3 / 241 ، فقال : « سئل ابن عباس هل رأى محمد ربه ؟ قال : نعم . قال : وكيف رآه ؟ قال : في صورة شاب دونه ستر من لؤلؤ ، كأن قدميه في خضرة . . وهذا يدل على أنه رآه . وأخبر أنه رآه في صورة شاب دونه ستر وقدميه في خضرة ، وأن هذه الرؤية هي المعارضة بالآية والمجاب عنها بما تقدم ، فيقتضي أنها رؤية عين ، كما في الحديث الصحيح المرفوع عن قتادة عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : رأيت ربي في صورة شاب أمرد ، له وفرة ، جعد ، قطط ، في روضة خضراء » !
وكذلك تبناه في كتابه بيان تلبيس الجهمية / 223 ، ونقل عن الطبراني أنه قال : « روى هذا الحديث جماعة من الأئمة الثقات عن حماد بن سلمة ، عن قتادة . . ونقل عن ابن صدقة الحافظ قوله : من لم يؤمن بحديث عكرمة فهو زنديق !
ثم روى أن عبد الله بن عمر سأل ابن عباس فأجابه : نعم رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب ، على كرسي من ذهب ، تحمله أربعة من الملائكة » .
ثم قال ابن تيمية : « وعلى الروايات الثلاث اعتمد ابن خزيمة في تثبيت الرؤية حيث قال : باب ذكر الأخبار المأثورة في إثبات رؤية النبي ( صلى الله عليه وآله ) خالقه العزيز العليم المحتجب عن أبصار بريته قبل اليوم الذي يجزي الله كل نفس ما كسبت ، وذكر أن الله نبيه خصَّ محمداً ( صلى الله عليه وآله ) بالرؤية كما خص إبراهيم ( عليه السلام ) بالخلة من بين جميع الرسل والأنبياء جميعاً ، وكما خص موسى ( عليه السلام ) بالكلام ، كل واحد بفضيلة ، كما أخبرنا عز وجل في محكم تنزيله بقوله : تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ . البقرة 253 .
ثم اشتمل حديث هشام الدستوائي عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليهم وذكر حديث الحكم عن عكرمة الذي فيه صورة شاب . . فأما خبر قتادة والحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وخبر عبد الله بن أبي سلمة ، عن ابن عباس ، فبينٌ واضحٌ أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يثبت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رأى ربه ، وهذا من كلامه يقتضي أنه اعتمد هذه الطرق ، وأنها تفيد رؤية العين لله » .
وزعم ابن تيمية أن كل ما في التوراة من تجسيم يطابق السنة ! ولذا رد الأحاديث التي تنفي الرؤية بالعين ، وتشبث بأحاديث التجسيم حتى الضعيفة كحديث لقيط العقيلي في العماء ، وحديث أم الطفيل عن معبودهم الشاب الأمرد ، اللابس نعلين من ذهب ، وحديث الأوعال والأسد والثور التي تحمل عرشه ، كما في التوراة ، وحديث طقطقة العرش وصريره وأزيزه ، لأن خشبه جديد كمحمل الجمل ! وأنه يفضل من العرش أربع أصابع ، فيُقعد فيها إلى جانبه من يحبه . . . إلخ .
فالتوراة في عقيدته هي الأساس ، والسنة يجب أن تخضع لها ، والقرآن أيضاً !
وقال ابن باز « 4 / 368 رقم 2331 » : « خلق الله آدم على صورته ، طوله ستون ذراعاً ! وهو حديث صحيح ولا غرابة في متنه . . الضمير في قوله : على صورته ، يعود على الله ، بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة : على صورة الرحمن » !
وقال الألباني أيضاً في فتاويه / 506 : « هل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى ؟ جواب : الهرولة كالمجئ والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها .
وأثبت له ابن باز صفة الهرولة ، قال في فتاويه : 5 / 374 : « ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولةً . . . أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة » .
ورووا أن الله يجلس على كرسي ويُجلس حوله النبيين « عليهم السلام » : 2 / 58 : « عن أنس : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء . . . قال لأن ربك تبارك وتعالى اتخذ في الجنة وادياً من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين على كرسيه تبارك وتعالى ، ثم حف كرسيه منابر من ذهب مكللة بالجواهر ، ثم يجئ النبيون حتى يجلسوا عليها » !
ووصف البدوي أمية بن الصلت ربه وزعموا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) صدَّقه « الإصابة 549 » :
رجل وثور تحت رجل يمينه * والنسر للأخرى وليثٌ مرصد
والشمس تطلع كل آخر ليلةٍ * فجراً وتصبح لونها يتوقد
تأبى فما تطلع لهم في وقتها * إلا معذبةً ، وإلا تُجلدُ » .
وفي جزء الشعر للنابلسي / 90 : أخرجه أحمد في المسند : 1 / 256 ، وقد صحح العلامة أحمد شاكر إسناده وابن أبي شيبة في المصنف : 8 / 505 ، برقم : 6064 وأبو يعلى في مسنده : 4 / 365 .
وأصله رواية البخاري : « 3 / 30 و 4 / 178 ومسلم : 1 / 96 » : « أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش » . أما أهل البيت « عليهم السلام » فردوا كل هذه الروايات وكل أنواع التجسيم والتشبيه .
18 - أخذ الله ميثاق الأنبياء ( ( عليهم السلام ) ) للنبي وآله ( ( صلى الله عليه وآله ) )
في الكافي : 3 / 302 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « لما أسري برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى السماء فبلغ البيت المعمور ، وحضرت الصلاة فأذن جبرئيل وأقام ، فتقدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصَفَّ الملائكةُ والنبيون خلف محمد ( صلى الله عليه وآله ) » .
وفي علل الشرائع : 1 / 8 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تقدم يا جبرئيل ، فقال له : إنا لا نتقدم على الآدميين ، منذ أُمرنا بالسجود لآدم » .
وفي الكافي : 8 / 120 : « عن أبي الربيع قال : حججنا مع أبي جعفر ( عليه السلام ) في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب « من علماء النصارى والسلطة » فنظر نافع إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع : يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداكَّ عليه الناس ؟ فقال : هذا نبي أهل الكوفة ، هذا محمد بن علي ! فقال : أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لايجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي ! قال : فاذهب إليه وسله لعلك تخجله ، فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال : يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي ! قال : فرفع أبو جعفر ( عليه السلام ) رأسه فقال : سل عما بدا لك . فقال : أخبرني كم بين عيسى وبين محمد من سنة ؟ قال : أخبرك بقولي أو بقولك ؟ قال : أخبرني بالقولين جميعاً . قال : أما في قولي فخمس مائة سنة ، وأما في قولك فست مائة سنة . قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه : وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ . من الذي سأل محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة ؟ ! قال : فتلا أبو جعفر ( عليه السلام ) هذه الآية : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمداً ( صلى الله عليه وآله ) حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل فأذن شفعاً وأقام شفعاً ، وقال في أذانه : حي على خير العمل ، ثم تقدم محمد فصلى بالقوم فلما انصرف قال لهم : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا . . فولَّى « نافع » من عنده وهو يقول : أنت والله أعلم الناس حقاً حقاً ، فأتى هشاماً فقال له : ما صنعت ؟ قال : دعني من كلامك هذا ، والله أعلم الناس حقاً حقاً ، وهو ابن رسول الله حقاً ، ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبياً » .
أقول : نصت أكثر الأحاديث على صلاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالأنبياء « عليهم السلام » في البيت المعمور في السماء الرابعة ، وقد يوهم هذا الحديث بأن الصلاة في بيت المقدس وهو بعيد .
وفي نوادر المعجزات / 72 ، ونحوه في العياشي : 2 / 128 عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « فلما أقام الصلاة قال : يا محمد قم فصل بهم واجهر بالقرآن إلى خلفك وزمرٍ من الملائكة والنبيين لا يعلم عددهم إلا الله ، فتقدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فصلى بهم جميعاً ركعتين ، فجهر بهما بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ، فلما سلم وانصرف من صلاته أوحى الله تعالى إليه كلمح البصر : يا محمد : وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ . قال : فالتفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى من خلفه من الأنبياء فقال : على ما تشهدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأن لكل نبي منا خلفا وصياً من أهله ، ما خلا هذا فإنه لا عصبة له ، يعنون بذلك عيسى بن مريم ( عليه السلام ) . ونشهد أنك سيد النبيين ، ونشهد أن علياً وصيك سيد الأوصياء ، وعلى ذلك أخذت مواثيقنا » .
وفي مائة منقبة لابن أحمد القمي / 150 ، عن ابن عباس : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما عرج بي إلى السماء انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة ، فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر فقال جبرئيل هذا هو البيت المعمور ، خلقه الله تعالى قبل السماوات والأرضين بخمسين ألف عام ، قم يا محمد فصلِّ إليه . . ثم أمر الله تعالى حتى اجتمع جميع
الرسل والأنبياء » .
وروى الحاكم في المعرفة / 96 ، عن عبد الله بن عمر : « قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا عبد الله أتاني ملك فقال : يا محمد ، وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ، على ما بعثوا ؟ قال قلت : على ما بعثوا ؟ قال على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب ! قال الحاكم : ولم نكتبه إلا عن بن مظفر ، وهو عندنا حافظ ثقةٌ مأمون » .
وعن أبي هريرة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « لما أسري بي ليلة المعراج اجتمع عليَّ الأنبياء في السماء فأوحى الله إلي : سلهم يا محمد بماذا بعثتم ؟ قالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله ، وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب » . رواه في خصائص الوحي المبين / 170 ، عن الإستيعاب . وفي الطرائف / 101 ، عن أبي نعيم ، وفي ينابيع المودة : 2 / 246 ، عن أبي هريرة . ونهج الحق / 183 ، عن ابن عبد البر وغيره . ومنهاج الكرامة / 130 ، وفي هامشه الصراط المستقيم 1 / 181 ، عن الثعلبي والزمخشري في الكشاف : 4 / 94 والكنجي في كفاية الطالب / 136 . وأورده في نفحات الأزهار : 5 / 260 و 16 / 366 ، وردَّ في : 20 / 392 و 396 ، على إنكار ابن تيمية وجود الحديث ، وبحث سنده في مصادر السنة .
روى القمي في تفسيره : 1 / 246 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « أول من سبق من الرسل إلى : بَلَى ، محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى ، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء : تقدم يا محمد فقد وطأت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ! ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه ، فكان من الله عز وجل كما قال الله : قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، أي بل أدنى » .
وفي المحتضر / 266 ، في حديث الجالوت النصراني : « فقال رسول الله : يا جالوت ، ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله تعالى إليَّ أن : وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا . . على ما بعثوا ؟ فقلت لهم : على ماذا بعثتم ؟ قالوا : على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ذريتكما . ثم أوحى إليَّ أن التفت إلى يمين العرش ، فالتفت فإذا علي ، والحسن ، والحسين ، وعلي ، ومحمد ، وجعفر ، وموسى ، وعلي ، ومحمد ، وعلي ، والحسن ، والمهدي ، في ضحضاح من نور يُصلون . فقال الرب تعالى : هؤلاء الحجج أوليائي ، وهذا منهم المنتقم من أعدائي . قال الجالوت فقلت : هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور » .
19 - حديث النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) مع ملك الموت ( ( ع ) )
في تفسير القمي : 2 / 168 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكاً من الملائكة بيده لوح من نور ، لا يلتفت يميناً ولا شمالاً ، مقبلاً عليه كهيئة الحزين ، فقلت من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح . فقلت : أدنِني منه يا جبرئيل لأكلمه ، فأدناني منه فقلت له : يا ملك الموت ، أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه ؟ قال : نعم . قلت : وتحضرهم بنفسك ؟ قال : نعم ، وما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني منها ، إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار في الدنيا إلا وأدخلها في كل يوم خمس مرات ، وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم : لا تبكوا عليه ، فإن لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد ! فقال رسول الله : ( صلى الله عليه وآله ) كفى بالموت طامة يا جبرئيل ! فقال جبرئيل : إنما بعد الموت أطم وأعظم من الموت » .
وفي الكافي : 3 / 136 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على رجل من أصحابه وهو يجود بنفسه فقال : يا ملك الموت إرفق بصاحبي فإنه مؤمن ، فقال : أبشر يا محمد فإني بكل مؤمن رفيق ، واعلم يا محمد أني أقبض روح ابن آدم فيجزع أهله فأقوم في ناحية من دارهم فأقول : ما هذا الجزع ! فوالله ما تعجلناه قبل أجله ، وما كان لنا في قبضه من ذنب ! فإن تحتسبوا وتصبروا تؤجروا ، وإن تجزعوا تأثموا وتوزروا ، واعلموا أن لنا فيكم عودة ثم عودة ! فالحذر الحذر إنه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات ، ولأنا أعلم بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ، ولو أردت قبض روح بعوضة ما قدرت عليها حتى يأمرني ربي بها ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة ، فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ونحى عنه ملك الموت إبليس » .
وفي نوادر المعجزات / 66 ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي لمَّا عرج بي إلى السماء سلم عليَّ ملك الموت ثم قال لي : يا محمد ما فعل ابن عمك علي ؟ قلت : وكيف سألتني عنه يا عزرائيل ؟ قال : إن الله تعالى أمرني أن أقبض أرواح الخلائق كلهم إلا أنت وابن عمك ، فالله تعالى يقبض أرواحكما بيده » .
20 - آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون
في تفسير القمي : 1 / 95 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « هذه الآية مشافهة الله تعالى لنبيه ليلة أسريَ به إلى السماء ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : انتهيت إلى محل سدرة المنتهى وإذا بورقة منها تظل أمة من الأمم ، فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى ، كما حكى الله عز وجل ، فناداني ربي تبارك وتعالى : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ . فقلت أنا مجيباً عني وعن أمتي : وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ . فقال الله : لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ . فقلت : رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَانَا . وقال الله : لا أؤاخذك ، فقلت : رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاتُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . البقرة : 285 - 286 .
فقال الله تعالى : قد أعطيتك ذلك لك ولأمتك . فقال الصادق ( عليه السلام ) : ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حيث سأل لأمته هذه الخصال » .
وفي المحاسن : 1 / 136 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لقد أسرى بي فأوحى الله إلي من وراء الحجاب ما أوحى ، وشافهني من دونه بما شافهني ، فكان فيما شافهني أن قال : يا محمد ، من أذلَّ لي ولياً فقد أرصد لي بالمحاربة ، ومن حاربني حاربته ، قال فقلت : يا رب ومن وليك هذا ؟ فقد علمت أنه من حاربك حاربته ، فقال : ذلك من أخذت ميثاقه لك ولوصيك ولورثتكما بالولاية » .
21 - كلم الله نبيه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) في المعراج بصوت علي ( ( ع ) )
عقيدتنا أن الله تعالى ليس كمثله شئ ولا تدركه الأبصار ، ولا يخضع لقوانين المكان والزمان فهو خالقهما ، ومعنى قوله : وكَلَّمَ اللهُ موسَى تكليماً : أنه خلق صوتاً في شجرة أو في جبل ، فكان موسى يسمع الصوت من جميع الجهات كما روي .
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « فسبحان من توحد في علوه ، فليس لشئ منه امتناع ، ولا له بطاعة أحد من خلقه انتفاع ، إجابته للداعين سريعة ، والملائكة له في السماوات والأرض مطيعة . كلم موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات ، ولا شفةٍ ولا لهوات ، سبحانه وتعالى عن الصفات ، فمن زعم أن إلهَ الخلق محدود ، فقد جهل الخالق المعبود » . التوحيد للصدوق / 79 وفتح الباري : 13 / 383 .
ولا بد أن يكون الصوت الذي كلم الله به موسى صوتاً يحبه موسى ، وقد روي أنه صوت أخيه هارون « عليهما السلام » ، وكذلك الأمر في نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) عندما عرج به ، فقد روى الفريقان أن الله تعالى كلمه بصوت علي ( عليه السلام ) .
روى الموفق الخوارزمي في المناقب / 78 ، عن عبد الله بن عمر قال : « سمعت رسول الله وسئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج ؟ فقال : خاطبني بلغة علي بن أبي طالب فألهمني أن قلت يا رب خاطبتني أنت أم علي ؟ فقال يا أحمد أنا شئ ليس كالأشياء ، لا أقاس بالناس ، ولا أوصف بالشبهات ، خلقتك من نوري وخلقت علياً من نورك ، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب إليك من علي بن أبي طالب . خاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك » . ومنهاج الكرامة / 90 .
وفي المحتضر للحسن بن سليمان الحلي / 146 ، عن ابن عباس من حديث المعراج : « فناداني ربي : يا أحمد ! وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في علو مكاني لقد اطلعت على سرك وما استكن في صدرك فلم أجد أحداً أحب إليك من علي في سرك فخاطبتك بلسانه ، لتطمئن إلى الكلام وتهدأ في الخطاب ، ولو خاطبتك بلسان الجبروت لما استطعت أن تسمع » .
وفي الإحتجاج : 1 / 230 عن القاسم بن معاوية قال : « قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنه لما أسري برسول الله رأى على العرش مكتوباً : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ! فقال : سبحان الله غيروا كل شئ حتى هذا ! قلت : نعم . قال : إن الله عز وجل لما خلق العرش كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين ، ولما خلق الله عز وجل الماء كتب في مجراه : لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين . . . فإذا قال أحدكم : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فليقل علي أمير المؤمنين » .
وقال في الصحيح من السيرة : 3 / 15 : « وإذا كان الإسراء قد حصل قبل إسلامه بمدة طويلة ، فلا يبقى مجال لتصديق ما يذكر هنا من أنه قد سمي صديقاً حينما صدق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في قضية الإسراء ، ولا لما يذكرونه من أن ملكاً كان يكلم رسول الله حين المعراج بصوت أبي بكر « الدر المنثور : 4 / 155 » . وقد صرح الحفاظ بكذب طائفة من تلك الروايات . والصحيح أنه كلمه بصوت علي ( عليه السلام ) » .
22 - أراه الله تعالى مكانة المؤمن عنده
في الكافي : 2 / 352 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « لما أسري بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : يا رب ما حال المؤمن عندك ؟ قال : يا محمد من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ، وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي . وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عند وفاة المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك . وما يتقرب إلي عبد من عبادي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه ، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها ، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته » .
23 - تشريع الصلاة في المعراج
اتفقت المصادر على أن تشريع فريضة الصلاة اليومية كان في معراج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ويبدو أنه في أول معراج له ، ففي تهذيب الأحكام : 2 / 60 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « لما أسري برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فأذن جبرئيل ( عليه السلام ) وأقام فتقدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصفَّ الملائكة والنبيون خلف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
قال فقلنا له : كيف أَذَّنَ ؟ فقال : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، حي على خير العمل حي على خير العمل . الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله لا إله إلا الله .
والإقامة مثلها إلا أن فيها قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، بين حي على خير العمل حي على خير العمل ، وبين الله أكبر الله أكبر ، فأمر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بلالاً ، فلم يزل يؤذن بها حتى قبض الله رسوله ( صلى الله عليه وآله ) » .
وفي نوادر المعجزات / 72 والعياشي : 2 / 128 : « فلما أقام الصلاة قال : يا محمد قم فصل بهم واجهر بالقرآن إلى خلفك وزمرٍ من الملائكة والنبيين لا يعلم عددهم إلا الله ، فتقدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فصلى بهم جميعاً ركعتين ، فجهر بهما بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ، فلما سلم وانصرف من صلاته أوحى الله تعالى إليه كلمح البصر : يا محمد : وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ . قال : فالتفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى من خلفه من الأنبياء فقال : على مَ تشهدون ؟ قالوا : نشهد أنك سيد النبيين ، ونشهد أن علياً وصيك سيد الأوصياء ، وعلى ذلك أخذت مواثيقنا » .
أقول : ما تقدم هوالأذان في مذهبنا ، وقد حذف منه عمر « حي على خير العمل » لكن ابنه عبد الله كان يؤذن بها ويقول : هو الأذان الأول ! « نيل الأوطار : 2 / 19 » . أما أشهد أن علياً ولي الله ، فنقولها استحباباً بعد الشهادة بالنبوة ، لأنه يستحب كلما شهدت بالنبوة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن تشهد بالولاية لعلي والعترة « عليهم السلام » .
قال السيد الخوئي « رحمه الله » « صراط النجاة : 3 / 318 » في جواب سؤال : هل وردت رواية من المعصوم باستحبابها ؟ فقال : الرواية واردة باستحباب الشهادة بالولاية له ( عليه السلام ) متى شُهد بالنبوة لا في خصوص الأذان والإقامة ، ولذا لا نعدها جزءً منهما » . وقال السيد السيستاني « منهاج الصالحين / 191 » : « الشهادة لعلي ( عليه السلام ) بالولاية وإمرة المؤمنين مكملة للشهادة بالرسالة ومستحبة في نفسها ، وإن لم تكن جزء من الأذان ولا الإقامة ، وكذا الصلاة على محمد وآل محمد ( صلى الله عليه وآله ) عند ذكر اسمه الشريف » .
كما روت مصادر الطرفين أن الله تعالى فرض على النبي ( صلى الله عليه وآله ) خمسين صلاة كل يوم ثم قال له موسى ( صلى الله عليه وآله ) إن أمتك لا تطيق ، فاطلب من الله تعالى أن يخفف عنها فطلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) من ربه فجعلها خمس صلوات .
ففي الفقيه : 1 / 198 : « عن زيد بن علي « رحمه الله » قال : سألت أبي سيد العابدين ( عليه السلام ) فقلت له : يا أبه أخبرني عن جدنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عز وجل بخمسين صلاة ، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران ( عليه السلام ) إرجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ؟ فقال : يا بني ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يقترح على ربه عز وجل ولا يراجعه في شئ يأمره به ، فلما سأله موسى ( عليه السلام ) ذلك وصار شفيعاً لأمته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى ( عليه السلام ) ، فرجع إلى ربه يسأله التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات . قال : فقلت له : يا أبه ، فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى ( عليه السلام ) أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف ؟ فقال : يا بني ، أراد ( صلى الله عليه وآله ) أن يحصل لأمته التخفيف مع أجرخمسين صلاة ، لقول الله عز وجل : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا . ألا ترى أنه ( صلى الله عليه وآله ) لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد ، إن ربك يقرؤك السلام ويقول : إنها خمس بخمسين : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ للَّعَبِيدِ . قال فقلت له : يا أبه ، أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان ؟ فقال : بلى ، تعالى الله عن ذلك . فقلت : فما معنى قول موسى ( عليه السلام ) لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إرجع إلى ربك ؟ فقال : معناه معنى قول إبراهيم ( عليه السلام ) : إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّى سَيَهْدِينِ ، ومعنى قول موسى ( عليه السلام ) : وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لتَرْضَى طه / 84 ، ومعنى قوله عز وجل : فَفِرُّوا إلى الله ، يعني حجوا إلى بيت الله . يا بُني ، إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله ، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه ، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله ، وأهل موقف عرفات هم وقوف بين يدي الله عز وجل . وإن لله تبارك وتعالى بقاعاً في سماواته فمن عرج به إلى بقعة منها ، فقد عرج به إليه ، ألا تسمع الله عز وجل يقول : تَعْرُجُ الملَائكةُ والرُّوحُ إليْه . ويقول عز وجل في قصة عيسى ( عليه السلام ) : بَلْ رَفَعَهُ الله إليْه ، ويقول عز وجل : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ » .
ملاحظات
1 . شرح الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) لولده زيد رضوان الله عليه ، في هذا الحديث سبب عدم اقتراح النبي ( صلى الله عليه وآله ) على ربه ، وسبب قبوله اقتراح موسى ( عليه السلام ) ، ثم معنى رجوعه إلى ربه أي إلى المكان الذي كلمه منه . وقد جعله المجسمة مكان الله تعالى !
2 . نلاحظ أن الشيعة والسنة رووا أن تشريع الصلاة بصورتها الفعلية تكوَّن من أحداث مراسم خضوع النبي ( صلى الله عليه وآله ) لربه في معراجه .
ونلاحظ أن أحاديث أهل البيت « عليهم السلام » أكثر دقة وتفصيلاً ، ومنطقية .
24 - ردَّ أهل البيت ( ( عليهم السلام ) ) مزا عم الآخرين في تشريع الأذان
ردَّت أحاديث أهل البيت « عليهم السلام » رواية السلطة بأن تشريع الأذان كان بسبب أن بعض الصحابة وهو عمر بن الخطاب أو أبيُّ بن كعب أو عبد الله بن زيد ، رأى الأذان في منامه ، فاقترحه على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأدخله في الإسلام !
ففي الكافي : 3 / 482 عن عمر بن أذينة أن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال له : « ما تروي هذه الناصبة ؟ فقلت : جعلت فداك في ماذا ؟ فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم ؟ فقلت : إنهم يقولون : إن أبي بن كعب رآه في النوم ! فقال : كذبوا فإن دين الله عز وجل أعز من أن يرى في النوم ! قال : فقال له سدير الصيرفي : جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكراً ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إن الله عز وجل لما عرج بنبيه إلى سماواته السبع ، أما أولاهن فبارك عليه ، والثانية علمه فرضه ، فأنزل الله محملاً من نور فيه أربعون نوعاً من أنواع النور ، كانت محدقة بعرش الله تغشي أبصار الناظرين . أما واحد منها فأصفر ، فمن أجل ذلك اصفرَّت الصفرة ، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة ، وواحد منها أبيض ، فمن أجل ذلك ابيضَّ البياض ، والباقي على ساير عدد الخلق من النور والألوان ، في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة .
ثم عرج به إلى السماء ، فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجداً وقالت : سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا ، فقال جبرئيل ( عليه السلام ) : الله أكبر الله أكبر . ثم فتحت أبواب السماء ، واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) أفواجاً . . الحديث . . » . وذكر فيه تشريع الأذان والصلاة .
كما روينا أن التكبيرات السبع المستحبة في أول الصلاة ، جاءت من تكبير النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندما تخطى الحجب السبع . ثم من تعليمه التكبير للحسين ( عليه السلام ) لما كبَّر أمامه يعلمه التكبير ، حتى وصل إلى التكبيرة السابعة ، فكبر الحسين ( عليه السلام ) وانفتح لسانه . راجع : الكافي : 3 / 487 ، علل الشرائع : 2 / 332 والمختلف للعلامة الحلي : 2 / 186 .
وقد يقال : كيف يشرع الله تعالى استحباب التكبير للأمة ست مرات قبل تكبيرة الإحرام ، بسبب أن الحسين ( عليه السلام ) لم ينفتح لسانه بالتكبير إلا في المرة السابعة ؟ وجوابه : كما شرع الله تعالى وجوب السعي في الحج ، بسبب سعي هاجر « عليها السلام » بين الصفا والمروة تطلب الماء ! والحسين ( عليه السلام ) أفضل من هاجر « عليها السلام » .
25 - أخبر الله تعالى نبيه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) أنه سيمتحنه في ثلاث
في كامل الزيارات / 547 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لما أسري بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى السماء قيل له : إن الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك ؟
قال : أسلِّمُ لأمرك يا رب ، ولا قوة لي على الصبر إلا بك ، فما هن ؟
قيل له : أولاهن : الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك ، لأهل الحاجة !
قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ، ومنك التوفيق والصبر .
وأما الثانية ، فالتكذيب والخوف الشديد ، وبَذْلُكَ مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصبر على ما يصيبك منهم ومن أهل النفاق من الأذى والألم في الحرب والجراح . قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ، ومنك التوفيق والصبر .
وأما الثالثة ، فما يلقي أهل بيتك من بعدك من القتل ، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم ، وآخر ذلك القتل ، فقال : يا رب قبلت ورضيت ، ومنك التوفيق والصبر .
قال : وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصباً الذي تجعله لها ، وتضرب وهي حامل ، ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ، ثم يمسها هوان وذل ، ثم لا تجد مانعاً ، وتطرح ما في بطنها من الضرب ، وتموت من ذلك الضرب !
قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قبلت يا رب وسلمت ، ومنك التوفيق للصبر . ويكون لها من أخيك ابنان ، يقتل أحدهما غدراً ويسلب ويطعن ، تفعل به ذلك أمتك ، قلت : يا رب قبلت وسلمت ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ومنك التوفيق للصبر . وأما ابنها الآخر فتدعوه أمتك للجهاد ثم يقتلونه صبراً ، ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته ثم يسلبون حرمه ، فيستعين بي وقد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له ولمن معه ، ويكون قتله حجة على من بين قطريها ، فيبكيه أهل السماوات وأهل الأرضين جزعاً عليه ، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته .
ثم أخرج من صلبه ذكراً به أنصرك ، وإن شبحه عندي تحت العرش يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط ، يسير معه الرعب ، يقتل حتى يُشك فيه .
قلت : إنا لله . فقيل : إرفع رأسك ، فنظرت إلى رجل أحسن الناس صورة وأطيبهم ريحاً ، والنور يسطع من بين عينيه ومن فوقه ومن تحته ، فدعوته فأقبل إليَّ وعليه ثياب النور وسيماء كل خير ، حتى قبَّل بين عينيَّ ، ونظرت إلى الملائكة قد حفوا به لايحصيهم إلا الله عز وجل . فقلت : يا رب لمن يغضب هذا ، ولمن أعددت هؤلاء ، وقد وعدتني النصر فيهم فأنا أنتظره منك .
وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتني مما يلقون من بعدي ، ولئن شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم ، وقد سلمت وقبلت ورضيت ، ومنك التوفيق والرضا ، والعون على الصبر . فقيل لي : أما أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوي نزلاً ، بصبره ، أفلج حجته على الخلائق يوم البعث ، وأوليه حوضك يسقي منه أولياءكم ويمنع منه أعداءكم ، واجعل عليه جهنم برداً وسلاماً ، يدخلها ويخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة ، وأجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنة . وأما ابنك المخذول المقتول ، وابنك المغدور المقتول صبراً ، فإنهما مما أزين بهما عرشي ، ولهما من الكرامة سوى ذلك مما لا يخطر على قلب بشر ، لما أصابهما من البلاء ، فعليَّ فتوكل . ولكل من أتى قبره في الخلق من الكرامة ، لأن زواره زوارك وزوارك زواري وعليَّ كرامة زواري ، وأنا أعطيه ما سأل ، وأجزيه جزاء يغبطه من نظر إلى عظمتي إياه ، وما أعددت له من كرامتي .
وأما ابنتك فإني أوقفها عند عرشي فيقال لها : إن الله قد حكمك في خلقه فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت ، فإني أجيز حكومتك فيهم . . الخ . » .
26 - مكانة عترة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
من العناصر البارزة في أحاديث المعراج في مصادرنا والى حدٍّ في مصادر أتباع السلطة : المكانة الخاصة لعترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) عند الله تعالى .
ويكفينا من مصادرهم الحديث الذي نص على أن اسم النبي ( صلى الله عليه وآله ) عند الله تعالى مقرونٌ باسم علي والأئمة من عترته « عليهم السلام » ، تفسيراً لقوله تعالى : هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . « الأنفال 62 » . قال القاضي عياض في الشفاء : 1 / 174 : « وروى ابن قانع القاضي عن أبي الحمراء قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما أسري بي إلى السماء إذا على العرش مكتوب : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي » ! ورواه الحسكاني بطرق متعددة في شواهد التنزيل : 1 / 298 ، في : 1 / 293 و 294 ، عن أنس و / 295 ، عن جابر ، / 297 ، عن أبي الحمراء . والدر المنثور : 3 / 199 عن ابن عساكر عن أبي هريرة ، وفي : 4 / 153 ، عن أنس ، الخطيب في تاريخه : 11 / 173 ، عن أبي الحمراء ، كذا ابن عساكر : 16 / 456 ، في : 42 / 336 ، عن جابر بن عبد الله ، في / 360 ، عن أبي هريرة و : 47 / 344 ، عن أنس . . الخ .
وروته مصادرنا ، كالصدوق في أماليه / 284 ، عن أبي هريرة ، وأبي الحمراء . والخزاز القمي في كفاية الأثر / 74 ، كاملاً ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته . ورأيت اثني عشر إسماً مكتوباً بالنور فيهم علي بن أبي طالب وسبطيَّ وبعدهما تسعة أسماء : علياً علياً ثلاث مرات ، ومحمد ومحمد مرتين ، وجعفر وموسى والحسن . والحجة يتلألأ من بينهم ، فقلت : يا رب أسامي من هؤلاء ؟ فناداني ربي جل جلاله : هم الأوصياء من ذريتك ، بهم أثيب وأعاقب » . ونحوه في / 105 ، عن أبي أمامة .
وروى في كفاية الأثر / 116 ، في أحداث حرب الجمل : « نزل أبو أيوب في بعض دور الهاشمىين فجمعنا إليه ثلاثين نفساً من شيوخ أهل البصرة ، فدخلنا إليه وسلمنا عليه وقلنا : إنك قاتلت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ببدر وأحد المشركين ، والآن جئت تقاتل المسلمين . فقال : والله لقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي : إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين قلنا : آلله إنك سمعت من رسول الله في علي ؟ قال : سمعته يقول : علي مع الحق والحق معه ، وهو الإمام والخليفة بعدي ، يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وابناه الحسن والحسين سبطاي من هذه الأمة ، إمامان إن قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما ، والأئمة بعد الحسين تسعة من صلبه ، ومنهم القائم الذي يقوم في آخر الزمان كما قمت في أوله ويفتح حصون الضلالة . قلنا : فهذه التسعة من هم ؟ قال : هم الأئمة بعد الحسين خلف بعد خلف . قلنا : فكم عهد إليك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يكون بعده من الأئمة ؟ قال : اثنا عشر . قلنا : فهل سماهم لك ؟ قال : نعم إنه قال ( صلى الله عليه وآله ) : لما عُرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا هو مكتوب بالنور : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته بعلي . ورأيت أحد عشر إسماً مكتوباً بالنور على ساق العرش بعد علي ، منهم الحسن والحسين وعلياً علياً علياً ومحمداً ومحمداً ، وجعفراً وموسى والحسن ، والحجة . قلت : إلهي من هؤلاء الذين أكرمتهم وقرنت أسماءهم باسمك ؟ فنوديت : يا محمد هم الأوصياء بعدك والأئمة ، فطوبى لمحبيهم والويل لمبغضيهم ! قلنا : فما لبني هاشم ؟ قال : سمعته يقول لهم : أنتم المستضعفون من بعدي . قلنا : فمن القاسطين والناكثين والمارقين ؟ قال : الناكثين الذين قاتلناهم ، وسوف نقاتل القاسطين والمارقين ، فإني والله لا أعرفهم غير أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : في الطرقات بالنهروانات » !
وروى نحوه / 136 ، عن حذيفة بن اليمان وفي آخره : « يا محمد إنهم هم الأوصياء والأئمة بعدك ، خلقتهم من طينتك ، فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم ، فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب . قال حذيفة : ثم رفع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته فيما يقول : اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي ، وفي زرعي وزرع زرعي » . ورواه في / 224 و 185 وشبيهه / 216 .
وطبيعي أن لا يقبل علماء السلطة أمثال هذه الأحاديث ، لأنها تحكم على السقيفة بأنها مؤامرة ضد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعترته !
ونلاحظ ضعف تضعيفهم لهذه الأحاديث مما كتبه اثنان من أكبر علمائهم المتخصصين في الجرح والتعديل ! فقد كتب الذهبي « ميزان الإعتدال : 1 / 530 » : « الحسين بن إبراهيم البابي . . وله حديث آخر واه : ابن عدي ، عن عيسى بن محمد ، عنه ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما عرج بي رأيت على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلى ونصرته بعلي . وهذا اختلاق » .
وروى الذهبي نحوه في : 2 / 76 ، عن أشعث ابن عم الحسن بن صالح . . « قال
أبو نعيم الحافظ : أخبرنا أبو علي بن الصواف . . . حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة فساقه بنحوه . . . ساقه الخطيب عن أبي نعيم في ترجمة الحسن هذا . وقد روى الكسائي عن ابن فضيل وجماعة . وقال النسائي والدارقطني : متروك » . انتهى .
وقال ابن حجر في لسان الميزان : 2 / 268 : « عن أنس قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما عُرج بي رأيت على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته بعلي . وهذا اختلاق بيِّن . . ورواه ابن عساكر في ترجمة الحسن بن أحمد ابن هشام السلمي بسنده إليه عن أبي جعفر محمد بن عبد الله البغدادي ، حدثني محمد بن الحسن بباب الأبواب ثنا حميد الطويل فذكر مثله ، وهو موضوع لا ريب فيه ، لكني لا أدري من وضعه ! وقال ابن عدي لما أخرجه : هذا حديث باطل والحسين مجهول . وقد ذكره عياض من وجه آخر رواه عن أبي الحمراء » . انتهى .
أقول : رأيت أنهما ضعفا طريقاً أو طريقين للحديث ، وغيَّبا الطرق العديدة الأخرى له ، وهي لا تخفى على المتخصص أمثالهما !
على أن تضعيفهما لأشعث ابن عم صالح بن حي لاوجه له عندهما لأنه صحابي ، وابن عمه الحسن بن حي إمام عندهما ، وقد شهد الطبراني وأبو نعيم بأنه كان يفضل على ابن عمه الحسن بن صالح ! المعجم الأوسط : 5 / 343 وحلية الأولياء : 7 / 256 .
ثم لم يكتفوا برد الحديث بالإستنكار والحيلة ، حتى وضعوا أحاديث تزعم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رأى في معراجه أسماء أبي بكر وعمر وعثمان مقرونة بإسمه الشريف !
قال في ميزان الإعتدال : 3 / 117 : « وروى علي بن جميل عن جرير . . . عن ابن عباس عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين . تابعه شيخ مجهول يقال له معروف بن أبي معروف البلخي ، عن جرير » .
ونقل ابن حجر في لسان الميزان : 4 / 209 ، عن ابن عدي وغيره أن هذا الحديث موضوع أو مسروق ! قال : « حدث بالبواطيل عن ثقات الناس ويسرق الحديث . وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش : روى عن عيسى بن يونس وجرير بن عبد الحميد بأحاديث موضوعة . وقال أبو نعيم : روى عن جرير وغيره المناكير » . انتهى .
وهذا من تغطيتهم لبطلان تكذيبهم لحديث « أيدته بعلي . . » فهم يأتون بحديث موضوع في مدح خلفائهم الثلاثة ويردونه ، ليردوا معه الأحاديث في حق علي ( عليه السلام ) أو يجعلوه مساوياً لحديثهم المكذوب ! راجع : نفحات الأزهار : 5 / 234 و 240 ، الشهادة بالولاية في الأذان / 29 ، تراثنا : 59 / 19 ، الصحيح من السيرة : 3 / 15 والمراجعات / 249 .
27 - المزيد من أحاديث مقام النبي وآله ( ( صلى الله عليه وآله ) )
في الكافي : 2 / 46 : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله خلق الإسلام فجعل له عرصةً وجعل له نوراً وجعل له حصناً وجعل له ناصراً ، فأما عرصته فالقرآن ، وأما نوره فالحكمة ، وأما حصنه فالمعروف ، وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا ، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم ، فإنه لما أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل ( عليه السلام ) لأهل السماء استودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة ، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة ، ثم هبط بي إلى أهل الأرض ، فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع الله عز وجل حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي ، فمؤمنوا أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة . ألا فلو أن الرجل من أمتي عبد الله عز وجل عمره أيام الدنيا ثم لقي الله عز وجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ، ما فرج الله صدره إلا عن النفاق » .
وفي عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 237 ، عن آبائه « عليهم السلام » : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه مني ! قال علي ( عليه السلام ) : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك ، وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا !
يا علي ، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا .
يا علي ، لولا نحن ما خلق الله آدم ( عليه السلام ) ولا حواء ، ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض ! فكيف لا نكون أفضل من الملائكة ، وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه ، لأن أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقها بتوحيده وتمجيده ، ثم خلق الملائكة ، فلما شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظمت أمرنا ، فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا ! فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله وأنا عبيد ولسنا بآلهه يجب أن نعبد معه أو دونه ! فقالوا : لا إله إلا الله . فلما شاهدوا كبر محلنا كبَّرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به ! فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة ، فقلنا : لا حول ولا قوه إلا بالله ، لتعلم الملائكة أنه لا حول لنا ولا قوة إلا بالله . فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة ، قلنا : الحمد لله ، لتعلم الملائكة ما يستحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله . فبنا اهتدوا إلى معرفه توحيد الله عز وجل وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده .
ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً ، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية ، ولآدم إكراماً وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة ، وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون . وإنه لما عُرج بي السماء أذَّنَ جبرئيل مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى ، ثم قال لي : تقدم يا محمد ، فقلت لجبرئيل : أتقدم عليك ؟ قال : نعم ، لأن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه وملائكته أجمعين وفضلك خاصه . قال : فتقدمت فصليت بهم ولا فخر ، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد ، وتخلفَ عني ، فقلت له : يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني ؟ ! فقال : يا محمد انتهاء حدي الذي وضعني الله عز وجل فيه إلى هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعديَّ حدود ربي جل جلاله ، فزخَّ بي النور زخة حتى انتهيت إلى ما شاء الله عز وجل من علو مكانه ، فنوديت فقلت : لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت . فنوديت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك ، فإياي فأعبد وعليَّ فتوكل فإنك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجتي على بريتي . لك ولمن تبعك خلقت جنتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي . فقلت : يا رب ومن أوصيائي ؟ فنوديت : يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي . فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نوراً في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصيٍّ من أوصيائي ، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمتي ، فقلت : يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي ؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوصيائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك .
وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ، ولأعلين بهم كلمتي ، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرن له الرياح ، ولأذللن له السحاب الصعاب ، ولأرقينه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ، ولأمدنه بملائكتي ، حتى يعلن دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي ، ثم لأديمن ملكه ، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة » .
وفي عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 60 ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما أسري بي إلى السماء أوحى إلى ربي جل جلاله فقال : يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطَّلاعةً فاخترتك منها فجعلتك نبياً ، وشققت لك من اسمي إسماً ، فأنا المحمود وأنت محمد . ثم اطلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك ، وشققت له إسماً من أسمائي ، فأنا العلي الأعلى وهو علي . وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان عندي المقربين .
يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ، ثم أتاني جاحداً لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي ! يا محمد أتحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا ربي ، فقال عز وجل : إرفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن قائم في وسطهم كأنه كوكب دري ! قلت : رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الأئمة ، وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما ، فلفتنةُ الناس بهما يومئذ أشد من فتنه العجل والسامري » .
وكمال الدين / 252 . وبعضه غيبة الطوسي / 147 والعلل : 1 / 5 .
وفي كتاب التوحيد للصدوق / 117 : « عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لعلي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) : يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ومتابعته متابعته ، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته ، فقال عز وجل : من يطع الرسول فقد أطاع الله . وقال : إن الذين يبايعونك إنما
يبايعون الله يد الله فوق أيديهم . وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله . إن درجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الجنة أرفع الدرجات ، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى . قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ، ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم ، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفته ، وقال الله عز وجل : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك . وقال عز وجل : كل شئ هالك إلا وجهه . فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه « عليهم السلام » في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة . وقد قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من أبغض أهل بيتي وعترتي لم يرني ولم أره يوم القيامة . وقال ( عليه السلام ) : إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني . يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ، ولا تدركه الأبصار والأوهام .
فقال قلت له : يا ابن رسول الله فأخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان ؟ فقال : نعم وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد دخل الجنة ، ورأى النار لما عرج به إلى السماء ، قال فقلت له : إن قوماً يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين ؟
فقال ( عليه السلام ) : ما أولئك منا ولا نحن منهم . من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكذبنا ، ولا من ولايتنا على شئ ، ويخلد في نار جهنم ، قال الله عز وجل : هذه جهنم التي يكذب بها ، المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن .
وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته ، فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما أهبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة « عليها السلام » ، ففاطمة حوراء إنسية ، وكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة » . والعيون : 2 / 106 وأمالي الصدوق / 545 .
وروى في المحاسن : 1 / 180 وفضائل الشيعة / 35 ، مشاهدة النبي ( صلى الله عليه وآله ) للجنة ، وتفسير قوله تعالى : ما أخفي لهم من قرة أعين . وروى في المحتضر / 78 ، قول الملائكة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أنتم أول خلق خلقه الله . . . فلما خلقنا كنا نمر بأرواحكم فنسبح بتسبيحكم ، ونحمد بتحميدكم ، ونهلل بتهليلكم ونكبر بتكبيركم ، ونقدس بتقديسكم ، ونمجد بتمجيدكم » .
وفي أمالي الصدوق / 731 : « ناداني ربي جل جلاله : يا محمد ، أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع ، وإياي فاعبد ، وعليَّ فتوكل ، وبي فثق ، فإني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبياً ، وبأخيك علي خليفة . . . وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا ، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني ، ذلك وليي حقاً ، ومهدي عبادي صدقاً » .
وفي نوادر المعجزات / 74 وأمالي الطوسي / 343 و 354 ، عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما عرج بي إلى السماء ، وصرت إلى سدرة المنتهى ، أوحى الله إلي : يا محمد ، قد بلوت خلقي ، فمن وجدت أطوعهم ؟ قلت : يا رب علياً . قال : صدقت يا محمد . ثم قال : هل اخترت لأمتك خليفة من بعدك ، يعلمهم ما جهلوا من كتابي ويؤدي عني ؟ قلت : اللهم اختر لي فإن اختيارك خير من اختياري . قال : قد اخترت لك علياً فاتخذه لنفسك خليفة ووصياً ، فإني قد نحلته علمي وحلمي ، وهو أمير المؤمنين حقاً ، لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده » .
وفي أمالي الصدوق / 375 ، أن الله تعالى قال لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) : « إن علياً إمام أوليائي ، ونور لمن أطاعني . . . فلما أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) ، خرَّ ساجداً شكراً لله تعالى » .
وفي أمالي الصدوق / 433 و 563 والطرائف / 413 : « نادى مناد من وراء الحجاب : نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك عليٌّ ، فاستوص به » .
وفيه / 566 711 والخصال / 115 : « كلمني ربي جل جلاله فقال : يا محمد . فقلت : لبيك ربي . فقال : إن علياً حجتي بعدك على خلقي ، وإمام أهل طاعتي » .
وفي أمالي المفيد / 173 : « نوديت : يا محمد ، إستوص بعلي خيراً ، فإنه سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة » .
وفي أمالي الطوسي / 295 ، أن الله أوحى اليه في علي ( عليه السلام ) : « إقرى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين السلام ، فما سميت بهذا أحداً قبله ولا أسمي بهذا أحداً بعده » .
وفي الخرائج : 2 / 811 ، أن الله خلق ملائكة بصورة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلي والأئمة « عليهم السلام » .
وروى الخزاز في كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر « عليهم السلام » / 72 ، وما بعدها عدة أحاديث عن الصحابة ، في تسمية النبي ( صلى الله عليه وآله ) للأئمة من عترته ، وأنه رأى أنوارهم ومثالهم في معراجه . . منها قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرئيل ( عليه السلام ) ، فقلت : حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني ؟ فقال : يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي . ثم زج بي في النور ما شاء الله ، فأوحى الله إلي : يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً ثم اطلعت ثانيةً فاخترت منها عليا فجعلته وصيك ووارث علمك والإمام بعدك ، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي ، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار . يا محمد أتحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا رب . فنوديت : يا محمد إرفع رأسك ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري . فقلت : يا رب من هؤلاء ومن هذا ؟ قال : يا محمد هم الأئمة بعدك المطهرون من صلبك ، وهو الحجة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويشفي صدور قوم مؤمنين . قلنا : بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجباً . فقال ( عليه السلام ) : وأعجب من هذا أن قوماً يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذوني فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي » .
وفي النص على الأئمة الاثني عشر / 74 و 244 ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : « لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته . ورأيت اثني عشر إسماً مكتوباً بالنور ، فيهم علي بن أبي طالب وسبطيّ ، وبعدهما تسعة أسماء علياً علياً ثلاث مرات ، ومحمد محمد مرتين ، وجعفر وموسى والحسن ، والحجة يتلألأ من بينهم ، فقلت : يا رب أسامي من هؤلاء ؟ فناداني ربي جل جلاله : هم الأوصياء من ذريتك ، بهم أثيب وأعاقب » .
وفي / 105 ، عن أبي أمامة وفيه : « فنوديت : يا محمد هم الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك » . وفي / 110 ، عن واثلة ، وفيه : « أتحب أن تراهم يا محمد ؟ قلت : نعم يا رب . قال : إرفع رأسك ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار الأئمة بعدي اثنا عشر نوراً ، قلت : يا رب أنوار من هي ؟ قال : أنوار الأئمة بعدك أمناء معصومون » .
وروى في / 137 ، تفسير قوله تعالى : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ : « فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم ، فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب . ثم رفع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسلم يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته فيما يقول : اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي ، وعقب عقبي ، وفي زرعي ، وزرع زرعي » .
وفي / 185 ، عن أم سلمة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « لما أسري بي إلى السماء نظرت فإذا مكتوب على العرش : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ، ورأيت أنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وأنوار علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ، ورأيت نور الحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري ، فقلت : يا رب من هذا ومن هؤلاء ؟ فنوديت يا محمد هذا نور علي وفاطمة وهذا نور سبطيك الحسن والحسين ، وهذه أنوار الأئمة بعدك من ولد الحسين مطهرون معصومون ، وهذا الحجة يملأ الدنيا قسطا وعدلاً » .
وفي شرح الأخبار : 2 / 415 ، أن الله تعالى أمر رسوله أن يبلغ السلام إلى علي ( عليه السلام ) . وقال في كنز الفوائد / 259 : « وقد جاء في الحديث أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رأى في السماء لما عرج به ملكاً على صورة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهذا خبر قد اتفق أصحاب الحديث على نقله ، حدثني به من طريق العامة الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمي ، ونقلته من كتابه المعروف بإيضاح دقائق النواصب ، وقرأته عليه بمكة في المسجد الحرام سنة اثنتي عشرة وأربعمائة قال . » .
وفي شرح الأخبار : 3 / 468 ، عن عمار ، وفيه : « إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي ، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي ، ثم الصديق الأكبر علي وصيك ، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك ، وابناك الحسن والحسين . . . » .
28 - رأى النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) مستقبل أهل بيته ( ( عليهم السلام ) )
في الكافي : 1 / 444 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إن الله مثل لي أمتي في الطين ، وعلمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء كلها ، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته . إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة . قيل : يا رسول الله وما هي ؟ قال : المغفرة لمن آمن منهم ، وأن لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات » .
وفي قرب الإسناد / 101 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى ، قال : إن الورقة منها تظل الدنيا وعلى كل ورقة ملك يسبح الله ، يخرج من أفواههم الدر والياقوت ، تبصر اللؤلؤة مقدار خمسمائة عام ، وما سقط من ذلك الدر والياقوت يخزنه ملائكة موكلون به يلقونه في بحر من نور ، يخرجون كل ليلة جمعة إلى سدرة المنتهى . فلما نظروا إليَّ رحبوا بي وقالوا : يا محمد مرحباً بك . فسمعت اضطراب ريح السدرة وخفقة أبواب الجنان قد اهتزت فرحاً لمجيئك ، فسمعت الجنان تنادي : واشوقاه إلى علي وفاطمة والحسن والحسين » .
29 - العنف واللامعقول والمكذوبات في أحاديث المعراج !
يلفتك في المعراج أحاديث كثيرة يغلب عليها العامية ، وأحاديث فيها عنف وقسوة ، وأحاديث غير معقولة ، كأنها منسوخة من مقولات اليهود عن ربهم وأنبيائهم ، وأحاديث فيها تجسيم وتشبيه لله تعالى بخلقه !
وقد تتبعت حديث المرأة المعلقة بثدييها في جهنم ، لأنها لم ترضع أولادها ، فلم أجد ذلك في أحاديث أهل البيت « عليهم السلام » ، لأن إرضاع الأم بنص القرآن مستحب وليس واجباً ، فكيف يظلم الله تعالى المرأة التي لم ترضع ابنها ؟
وكذا حديث امتحان الله للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بأقداح خمر ولبن وماء ، وحديث رؤية الأنبياء « عليهم السلام » في قبورهم يصلون ، وكأن الآخرة فيها تكليف بالصلاة ، وكأن الله عنده أزمة سكن فأسكن أنبياءه « عليهم السلام » في قبوررهم !
فهذه الروايات تدل على أن العامية والعنف جاءا من رواة السلطة ، وقد يكون تسرب منهم شئ إلى مصادرنا . وهذه نماذج من أحاديثهم :
30 - ربط النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) البراق لئلا يهرب !
رووا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ربط البراق كالدابة : « عن أنس أن رسول الله قال : فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس ، فربطتُ الدابة بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء ، ثم دخلتُ فصليتُ فيه ركعتين ، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة » . ابن شيبة : 8 / 443 .
فهو يزعم أن البراق قد يفلت من يد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! وأن الأنبياء لهم مكان في القدس يربطون به دوابهم ! ثم يقول إن جبرئيل ثقب الصخرة وربط رسن البراق بثقبها !
قال ابن حجر في فتح الباري : 7 / 160 : « ووقع في رواية بريدة عند البزار : لما كان ليلة أسري به ، فأتى جبريل الصخرة التي ببيت المقدس فوضع أصبعه فيها فخرقها ، فشد بها البراق . ونحوه للترمذي » !
وروى ابن أبي شيبة : 8 / 445 نقاشاً للراوي زرّ بن حبيش ، مع حذيفة قال : قيل لحذيفة : وربط الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ؟ فقال : أوَكان يخاف أن تذهب وقد أتاه الله بها ؟ !
31 - امتحان للرسول ( ( صلى الله عليه وآله ) ) غير معقول !
قال البخاري في صحيحه : 5 / 224 : « قال أبو هريرة أتيَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليلة أسريَ به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن ، فنظر إليهما فأخذ اللبن . قال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة ، لو أخذت الخمر غوت أمتك » !
وفي الاكتفاء : 1 / 234 : « أتيَ بثلاثة آنية ، إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء ، قال : فسمعت قائلاً يقول : إن أخذ الماء فغرق وغرقت أمته ، وإن أخذ الخمر فغوى وغوت أمته ، وإن أخذ اللبن هدى وهديت أمته » !
فكيف يخيره الله بين الحرام والحلال ؟ وكيف يجوز أن يختار النبي ( صلى الله عليه وآله ) الخمر ، وكيف يؤثِّر اختياره على أمته كلها ، فتضل وتغوي ، أو تغرق بالماء !
32 - أكذوبة شق صدر النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
زعمت أحاديث المعراج أن الله شق صدر النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل المعراج ، وأخرج منه علقة الشر ! وهي سهم الشيطان ، ثم غسله فصار سليماً ! وقد تناقضت روايتهم في ذلك فزعموا أنه شق صدره وهو عند حليمة السعدية ، ورووا أن ذلك كان قبيل المعراج ، وبينهما نحو أربعين سنة ، ثم زعموأن شق الصدر كان أربع مرات .
قال مسلم في صحيحه : 1 / 101 : « عن أنس بن مالك : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتاه جبرئيل ، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه وصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه ثم أعاده في مكانه . وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا : إن محمداً قد قتل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون . قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره . وكان ذلك هو سبب إرجاعه إلى أمه » .
وقال البخاري : 8 / 203 : « ليلة أسري برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو ؟ فقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال آخرهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ، ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته ، حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده ، حتى أنقى جوفه ، ثم أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشواً إيماناً وحكمة فحشا به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ، ثم أطبقه ، ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب باباً من أبوابها فناداه أهل السماء : من هذا ؟ فقال : جبريل . قالوا : ومن معك ؟ قال : معي محمد . قال : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : فمرحباً به وأهلاً » .
وفي عمدة القاري بشرح البخاري : 16 / 116 : « كان نائماً بين عمه حمزة وابن عمه جعفر بن أبي طالب . قوله : وأوسطهم : هو النبي ( صلى الله عليه وآله ) » . وقال شاعرهم :
لقد شُقَّ صدرٌ للنبي محمد * مراراً لتشريف وذا غاية المجد
فأولى له التشريف فيها مؤثلٌ * لتطهيره من مضغة في بني سعد
وثانيةً كانت له وهو يافع * وثالثةً للمبعث الطيب الند
ورابعة عند العروج لربه * وذا باتفاق فاستمع يا أخا الرشد
وخامسة فيها خلاف تركتها * لفقدان تصحيح لها عند ذي النقد
نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز لرفاعة الطهطاوي / 56 .
وعقيدتنا أن ذلك كله مكذوب ، وأن الله تعالى صفَّاه واصطفاه وطهره منذ خلقه في الدنيا وقبل ذلك ، ولا نقبل أحاديث شق الصدر جملةً وتفصيلاً .
33 - الأنبياء يصلون في قبورهم
رووا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رأى أنبياء يصلون في قبورهم : « قال : ليلة أسري بي مررت على موسى وهو يصلي في قبره » . مسند أحمد : 5 / 59 .
وكأن الله تعالى عنده أزمة سكن في الآخرة ، مع أن جنته عرضها كعرض السماوات والأرض ! ثم إن الموت ينهي التكليف فلا صلاة في الآخرة ، والدنيا دار عملٍ ولا حساب والآخرة دار حسابٍ ولا عمل . لكن الراوي عامي جاهل !
34 - النساء المعلقات بأثدائهن !
زعموا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ثم انطلق بي حتى مرَّ بي على نسوة معلقات بثديهن ، تنهش ثديهن الحيات ! قال قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن ألبانهن » . تاريخ دمشق : 29 / 331 .
وهذه عقوبة ظالمة تخالف نص القرآن ، قال تعالى : فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ! فالأم لها الحق أن لا ترضع طفلها ، وأن تطلب على إرضاعه أجرة ، فكيف يعذبها الله تعالى في الآخرة ؟ !
ثم كيف يمكن تعليق المرأة بثدييها ؟ ! وهل هذه إلا قسوة من ذهن راوٍ بدوي ؟ !
وقال ابن هشام في السيرة : 2 / 273 : « ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم » .
ورواه الصالحي في سيرته على أنه منام للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : 7 / 265 : « روى الطبراني في الكبير : 8 / 156 برجال الصحيح ، والبيهقي في كتاب عذاب القبر ، والأصبهاني في الترغيب ، عن أبي أمامة قال : خرج علينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد صلاة الصبح فقال : إني رأيت رؤيا هي حق تعقلونها ، أتاني جبريل ( عليه السلام ) فأخذ بيدي . . ثم انطلقنا فإذا نحن بنساء معلقات بعراقيبهن ، مصوبة رؤوسهن تنهش أثداءهن الحيَّات ! فقلت : ما هؤلاء ؟ قال : الذين يمنعن أولادهم من ألبانهن » !
وفي تفسير عبد الرزاق : 2 / 368 وتفسير الطبري : 15 / 17 وتفسير الثعلبي : 6 / 66 : « ثم نظرت فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن ، ونساء منكسات بأرجلهن ! قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هن اللائي يزنين ويقتلن أولادهن » .
وفي سيرة ابن هشام : 2 / 275 : « ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم » .
رواية وحيدة في مصادرنا
روت مصادرنا رواية واحدة عن النساء المعلقات في جهنم ، أوردها الصدوق « رحمه الله » في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 13 قال : « حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن محمد بن علي الرضا ، عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : « دخلت أنا وفاطمة على رسول الله فوجدته يبكى بكاءً شديداً ، فقلت : فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟ فقال : يا علي ليلة أسري بي إلى السماء ، رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن . ورأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها . ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها ورأيت امرأة معلقة بثدييها . ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها . ورأيت امرأة قد شد رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب . ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار ، يخرج دماغ رأسها من منخرها ، وبدنها متقطع من الجذام والبرص . ورأيت امرأة معلقة ، برجليها تَنُّور من نار . ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار . ورأيت امرأة تحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعاءها . ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار ، وعليها ألف ألف لون من العذاب . ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار !
فقالت فاطمة « عليها السلام » : حبيبي وقرة عيني ، أخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ؟ فقال : يا بنيتي ، أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال . وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها .
وأما المعلقة بثدييها فإنها تمتنع من فراش زوجها . وأما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها . وأما التي تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزين بدنها للناس . والتي شُد يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تتنظف ، وكانت تستهين بالصلاة .
وأما الصماء العمياء الخرساء ، فإنها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها .
وأما التي تقرض لحمها بالمقاريض ، فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال .
وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها وتأكل أمعاءها ، فإنها كانت قوادة .
وأما التي كان رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار ، فإنها كانت نمامة كذابة .
وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، فإنها كانت قينة نواحة حاسدة . ثم قال ( عليه السلام ) ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضيَ عنها زوجها » .
أقول : لا يكفي رواية الصدوق « رحمه الله » لهذا الحديث للوثوق به ، فهو أولاً من مروياته عن مشايخ بغداد ، وثانياً في سنده سهل بن زياد الآدمي ، وقد اتهمه بعض علمائنا بأنه ضعيف كذاب ، ووثقه جماعة من المتأخرين ، لكن حتى لو صح مروياته فلا يمكن قبول الحديث بل لا نشك في أنه موضوع . وثالثاً لا يمكن قبول متنه لأنه لا يعقل أن يعاقب الله تعالى بهذا العذاب الزوجة التي لم ترضع ابنها كما في بعض رواياته ، أو لا تطيع زوجها في المقاربة ! « وأما المعلقة بثدييها فإنها تمتنع من فراش زوجها » .
35 - نماذج أخرى من رواياتهم المكذوبة في المعراج
1 . أخروا وقت المعراج إلى قبيل هجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأجل تصحيح كلام عائشة ! فقد قال القاري في شرح الشفا : 1 / 222 و 393 : « ذكرالنووي أن معظم السلف وجمهور المحدثين والفقهاء ، على أن الإسراء والمعراج كان بعد البعثة بستة عشر شهراً » . لكن رواة السلطة أخروه لأن عائشة قالت إن بيت خديجة في الآخرة من قصب ، لأنها لم تصل ، والصلاة شرعت في المعراج ، فيكون بعد وفاتها .
قال في فتح الباري : 7 / 154 : « تقدم أن عائشة جزمت بأن خديجة ماتت قبل أن تفرض الصلاة » . وتقدم أن بشارة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لخديجة « عليها السلام » : بيت في الجنة لاصخب فيه ولا نصب . ولا ذكر فيه للقصب ! فضائل الصحابة / 75 للنسائي وسنن النسائي : 5 / 94 ، الجامع الصغير : 2 / 247 وتاريخ الذهبي : 1 / 238 .
لكن عائشة جعلته بيتاً من قصب ، وبررته بأن خديجة ماتت قبل أن تصلي ! قالت : « ماتت خديجة قبل أن تفرض الصلاة ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : رأيت لخديجة بيتاً من قصب ، لاصخب فيه ولا نصب » . فتح الباري : 1 / 27 .
2 - أَعْطَوْا أبا بكر لقب الصدِّيق ، وجعلوا سببه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما عُرج به أخبر المشركين فكذبوه وكذبه قسم من المسلمين ! لكن أبابكرصدقه فسمي الصديق ! « فحدثهم ، فمن بين مُصفق وواضع يده على رأسه تعجباً وإنكاراً ، وارتد ناس ممن كان آمن به ، وسعى رجال إلى أبي بكر فقال : إن كان قال ذلك لقد صدق . قال : أتصدقه على ذلك ؟ قال إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي الصديق » . تخريج الأحاديث والآثار : 2 / 256 ، تاريخ الخلفاء / 29 ، عن الحاكم عن عائشة وجَوَّدَهُ ، الرياض النضرة : 1 / 404 ، الكشاف : 2 / 437 ، الإستيعاب : 3 / 966 ، تفسير البغوي : 3 / 96 ، البيضاوي : 3 / 430 ، أبي حيان : 6 / 6 ، أبي السعود : 5 / 155 وغيرها .
ولكي يصح ذلك جعلوا إسلام أبي بكر قبل المعراج ! أو أخروا وقت المعراج ليكون بعد إسلام أبي بكر ! لكن سعد بن أبي وقاص شهد بأن أبا بكر أسلم متأخراً ، فقال ابنه محمد : « قلت لأبي : أكان أبو بكر أولكم إسلاماً ؟ فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين ، ولكن كان أفضلنا إسلاماً » . الطبري : 2 / 60 .
ورووا ما يدل على أن إسلامه كان في السنة السابعة أو بعدها ، وأن شخصاً من قبيلة أسد كان يربطه هو وطلحة بحبل ويحبسهما ويعذبهما فسميا القرينين ، لأن قبيلة تيم ملحقة أو متحالفة مع بني أسد عبد العزى . الإصابة : 6 / 77 .
وروى البخاري : 3 / 59 عن عائشة ، أن أبا بكر خرج مهاجراً خوفاً من قريش « حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدَّغِنَّة » فأجاره ، وهو سيد الأحابيش القارة أي الرماة : « فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر ، وقالوا لابن الدغنة : مُرْ أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن »
ثم ذكرت أنه رد إلى ابن الدغنة جواره قبيل هجرته إلى المدينة .
3 . قال القاضي عياض في الشفاء : 1 / 174 : « وروى ابن قانع القاضي عن
أبي الحمراء قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما أسري بي إلى السماء إذا على العرش مكتوب : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي » !
فوضعوا مقابله : « ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوباً : محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق . . . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليلة أسرى به إن قومي لايصدقوني ، فقال له جبريل : يصدقك أبو بكر وهو الصديق » . مجمع الزوائد : 9 / 41 .
لكن بعض علمائهم اعترف بأنه من موضوعات عبد الله بن إبراهيم ومحمد بن عبد الله الهلالي البصري ! راجع الغدير : 5 / 303 والصحيح : 4 / 44 .
ويطول الكلام لو أردنا استعراض رواياتهم الكثيرة الموضوعة عن المعراج .
|
|
في اليوم العالمي للصحة النفسية.. نصائح لتحسين مزاجك اليومي
|
|
|
|
|
آلاف الأشخاص يحاولون الهروب من فلوريدا بسبب إعصار ميلتون
|
|
|
|
|
ورقة بحثية تتناول الطبيعة الفقهية لبيعة الإمام الحسن (عليه السلام) والتزاماتها
|
|
|