أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-7-2018
2187
التاريخ: 9-7-2020
1604
التاريخ: 25-11-2020
2072
التاريخ: 26-9-2018
1703
|
الزوج السعيد هو الذي يمارس المسؤولية التي كلفه الله عز وجل بها بشكل تنفيذي لا تشريفي؛ بجدارة القيّم والمسؤول والذي عبر القرآن الكريم عن هذه المسؤولية بعبارة (القيمومة) حيث قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
والقيمومة هنا وكما لا يخفى على الجميع ليست للرجل في مقابل المرأة، بل للزوج في مقابل الزوجة أي في إطار الزواج فقط، ونحن كما نعلم فإن الزوجة مسؤولة والزوج مسؤول، وللزوجة القيمومة في بعض الجهات، وللزوج القيمومة في حالات أخرى، فالأمر إذن هو توزيع وظائف ومسؤوليات بما يتناسب مع حال كل واحد منهما، والزوجة مرتاحة هنا والزوج متعب لتحمله المسؤولية، ولكن راحة الزوجة في مجال الإنفاق وتحمل الأعباء الزوجية من جهة ما أُنيط بالزوج، أما من جهة ما أُنيط بها فهي مسؤولة وعليها تحمل أعباء ومشاق هذه المسؤولية، وحينما نقول: من الواجب على الزوج أن يقوم بأعباء ووظائف القيمومة فلا يعني هذا أنه لا يستطيع أن يوكل للزوجة قسطاً من دائرتها لتشاركه في تحمل المسؤولية بما أنيط به وحده، فهو واجب عليه وحده وليس واجباً على الزوجة، أما إذا أرادت الزوجة تحمل قسط وافر من هذه المسؤولية والقيمومة فلا ضير.
ومهما يكن فللزوج أن يقوم بمسؤولياته بجدارة من له القيمومة وإلا فهو عاجز عن أداء وظائفه كزوج، وعليه أن لا يتصرف مع القوامة التي كلفه الله بها عزّ وجل على أساس التحكم والاستئثار، بل على أساس التكليف التنفيذي فقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} حين تكون المرأة في مقابل الزوج والزوج في مقابل المرأة وفي تلك الحالة يرد الكلام في القيمومة، علاوة على أن القيمومة ليست دليلاً على الكمال والتقرب إلى الله، مثلما أن في جميع الوزارات والمجامع والمراكز هناك أشخاص قوامون على آخرين كالمدير المسؤول والرئيس وأمثالهم ، ولكن هذه الإدارة ليست فخراً معنوياً، بل هي عمل تنفيذي فالشخص الذي يصبح رئيساً أو مسؤولاً وقيماً وقواماً لا يكون أقرب إلى الله. بل إن ذلك مسؤولية تنفيذية فقط، ومن الممكن أن الشخص الذي لا يتولى رئاسة تلك المؤسسة يعمل بإخلاص أكثر من القيم ويحصل يوم القيامة على أجر أفضل، ويكون عند الله أقرب، {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]. إن المسائل الإجتماعية والحس الاقتصادي والسعي والجهد لتحصيل المال وتأمين حاجات المنزل وإدارة الحياة يتولاها الرجل بصورة أفضل، ولأن الرجل مسؤول عن تأمين النفقة فمسؤولية المنزل الداخلية تكون بعهدته، ولكن ليس بمعنى أن يحصل من هذه المسؤولية على مزية ويقول: أنا أفضل لأنني مسؤول، بل إن هذا هو عمل تنفيذي ووظيفة وليس فضيلة، روح القوامية هي وظيفة، والقرآن لا يقول للمرأة إنك تحت أمر الرجل، بل يقول للرجل تولّ مسؤولية المرأة والمنزل، إذا اعتبرنا هذه الآية بصورة تبيين وظيفة لا إعطاء مزية، عند ذلك يتضح معنى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} أَي يا (أيها الرجال كونوا قوامين)، كما أن الله أمرنا لتنفيذ المسائل القضائية وقال: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء: 135].
إن {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} وإن كانت جملة خبرية ولكن روحها إنشاء، أي أيها الرجال كونوا قوامين على المنزل كونوا مسؤولين عن المنزل، قوموا بالأعمال في الخارج، تولوا إدارة الحياة في المنزل، لذا يجب أن لا يعمل الرجل عملاً بحيث يؤذي المرأة في داخل المنزل، وأن لا يأكل الطعام في الخارج لأن الخارج هو محل عمله فقط، وراحة وحياة الرجل هي في البيت. {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا } [الروم: 21].
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} ليس بمعنى أن المرأة أسيرة للرجل، والرجل قوام وقيوم ومدير ويستطيع أن يعمل برغبته، سواء أراد أن يذهب إلى المنزل أم لم يرد، بل القرآن يقول للنساء أيضاً أن يحترمن هذه الإرادة والمسؤولية الداخلية، ويقول للرجل: أنت موظف وهذه هي وظيفتك وليس مزيتك، عند حين يفرغ الرجل من محيط العمل يذهب مباشرة إلى المنزل، وإذا كان المجتمع هكذا فسوف يكون أساس المجتمع قوياً، ويرحل الطلاق وينتهي الفساد ويتربى أبناء صالحون، {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} لم يأت أبداً لتعطي فتوى من طرف واحد وتقول للرجل: أنت آمر واعمل كل ما تريد؛ لأن الرجل إذا خرج من محل العمل ولم يذهب إلى المنزل فهو ليس قواماً وقيوم وآمراً ومدبراً، بناءً على هذا إذا ذكر الإسلام هذين الحكمين إلى جانب بعضهما البعض، وأمر المرأة بالتمكين في مقابل الزوج وأمر الرجل بالمسؤولية في مقابل المرأة، فهو بيان وظيفة فقط، وأي منهما ليس معيار فضيلة ولا يؤدي إلى نقص. لو قيل لرئيس مؤسسة: إبذل جهداً حتى تثبت نظام تلك المؤسسة، فهذا ليس بمعنى أن هذا النظام تحت اختيارك، وأنت تختاره ذهبت أم لم تذهب المقصود هو إذهب وثبته، لذا لا ترون في أية آية مسألة الجنة أن درجات الرجل تكون أكثر من درجات المرأة، بل توزع هناك على أساس العلم والعمل الصالح.
والنتيجة، أولاً: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}... تتعلق بالمرأة في مقابل الزوج وليس المرأة في مقابل الرجل. ثانياً: هذه القيمومة ليست معيار فضيلة بل هي وظيفة.
قيمومة المرأة والرجل هي في محور أصول الأسرة، أحياناً المرأة هي قيمة الرجل وأحياناً الرجل قيّم المرأة، وكثير من المسائل تتغير في الأصول العائلية، إطاعة الإبن للوالدين واجبة سواءً كان ولداً أو فتاة، وإذا عمل الإبن عملاً يؤذي والديه يصبح عاقاً لوالديه، وعقوق الوالدين حرام، فإذا نهت الأم ابنها عن عمل وقالت: إن هذا العمل يسبب إيذائي، هنا إطاعة الأم واجب ولا يستطيع الإبن أن يقول: إنني لم أعد تحت أمر أمي لأنني الآن في رتبة الإجتهاد أو أنني أصبحت مهندساً أو طبيباً وأمثال ذلك. وفي الحقيقة المرأة في هذه الحالات هي القيمة على الرجل، الأم قيمة على الإبن ولو كان الإبن مجتهداً أو متخصصاً في المسائل المتعلقة بداخل الأسرة هناك مجموعة حقوق متقابلة بين المرأة والزوج، والأم والابن، والأب والابن. إذا اعتبر شخص أن معيار الفضيلة يتلخص في المسائل المالية والمنصب والمقام فيجب أن يعيد النظر في أساس تفكيره وتقييمه. إن النظام الذي ينظر إلى المسائل من محور الطبيعة والمادة يعتبر الشخص الذي لديه طاولة أكبر ومنصب أكبر وراتب شهري أكثر، هو أفضل، أما الإسلام فلا يعطي لهذا النوع من الأمور قيمة ويقول: إن عظمة الإنسان هي بروح الإنسان والشيء المنفصل عن روح الإنسان هو أداة تنفيذية فقط (1).
ومن هنا فإن على الزوج أن لا ينشغل بالوصف عن أداء مهماته ووظائفه الموكلة إليه من قبل الله عزّ وجل، ومن هنا فعليه التصرف بإزاء زوجته تصرف المسؤول المحب والرحيم، والشفيق، ولذا ((فحيث جعل الله سبحانه القيمومة للزوج فالمنتظر منه القيام بما يناسب ذلك من مقتضيات الحكمة، وذلك بسعة الصدر ومحاولة تخفيف الأزمة واستيعاب المشاكل والتروي في حلها والصبر على الأذى، والتسامح عن الخطأ وغفران الزلل وتجنب الغضب والضجر واللجاجة والحرص ونحوها من وسائل الشيطان الرجيم، مستعيناً بالله تعالى ومستمداً منه التوفيق والتسديد. كما ينبغي للمرأة أن تعرف موقعها وتتحمل مسؤوليتها ولا تنسى أن جهادها الذي أراده الله تعالى منها حسن التبعل، ومحاولة إرضاء الزوج والتجاوب معه، فإنه أعظم حقاً عليها من كل أحد... وما جعل الله سبحانه كلاً من الزوجين في موقعه وأدبه بأدبه إلا حفاظاً على كيان العائلة ولإسعاد أفرادها وراحتهم فعليهما شكر ذلك وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهما، والحذر من نزغات الشيطان الرجيم وتسويلات النفس الأمارة بالسوء، وتجنب الإندفاع في سورة الغضب والانفعال، حيث قد يصلان بذلك إلى ما لا تحمد عقباه ولا يمكن تلافيه))(2).
وللأسف الشديد فإن بعض المنظرين يعترضون على المصطلحات القرآنية، ولا يلتفتون إلى منهجية القرآن الكريم، والإسلام المحمدي الأصيل في تسيير الواقع الإنساني إلى حيث لا بد أن يسير ويصل، فتراهم يشنعون على الإسلام لمجرد التشنيع ونقول لهم بكل وضوح وبصورة عملية اطرحوا منهاجكم الأسري المتكامل وقارنوه بمنهاج الإسلام وبعد ذلك احكموا !!! أما أن تحكموا على الإسلام سلباً ولا تضعوا منهاجاً بالمقابل، أو أنكم تضعون منهاجاً كلما طبقه أحد من الناس تعرض للويلات والمآسي، ومن ثم يصبح الناس حقل تجارب لمناهجكم الفاشلة والتي تتبدل مرة بعد أخرى ولا من حل كافٍ ولا وصف شافٍ، فأن لا تضعوا منهاجاً بالمقابل، أو تضعوا فيفشل مرة بعد مرة فهذا من المعائب والفضائح !!!
______________________________
(1) جمال المرأة وجلالها، 343 - 346.
(2) الأحكام الفقهية، ص 371 - 372.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
أكاديميون: نظام مسار بولونيا يسهم في تحسين جودة التعليم بالجامعات العراقية
|
|
|