أقرأ أيضاً
التاريخ: 11/12/2022
1797
التاريخ: 2024-06-05
518
التاريخ: 16-8-2021
1986
التاريخ: 2024-06-24
609
|
قال تعالى : {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 63، 64]
في الاية التي نبحثها نلاحظ أنّ محتوى الآيات السابقة نفسه ولكن في اطار جديد وجميل حيث تقول : {قُلْ مَنْ يُنجِّيكُمْ مِّنْ ظُلُماتِ البَرِّ والبَحرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} ، في هذه الحالة تنأى عنكم المعبودات المزيّفة وتلجأون إلى لطف اللَّه وحده وتقولون : {لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
والتعبير ب «ظلمات البرّ والبحر» تعبير جميل يمكن أن يكون إشارة إلى الظلام الظاهري الذي يحدث في الليل أو عند هبوب الأعاصير والرياح المحملة بالغبار وعند ظهور السحب السوداء في السماء ، وهذا الظلام مرعب ومخيف وخاصّة إذا كان في البحر والصحراء ، أو حصول الخوف من هجوم الحيوانات الوحشية في الصحراء.
ويمكن أن يكون له- كما ذكر ذلك بعض المفسّرين- معنى كنائي فيشمل المشكلات والشدائد والآلام «1».
كما يحتمل تضمّن الآية الظلامين : الظلام الظاهري الذي يفرض الوحشة على الإنسان والظلام المعنوي الموحش المؤلم أيضاً ، وعلى كلّ حال فإنّ هذه الآلام تحصل في السفر غالباً ، والآية تقصد هذا المعنى أيضاً.
والتعبير ب «تضرّعاً وخفية» تعبير جميل أيضاً لأنّ (التضرّع) يعني الدعاء والطلب الصريح وإظهار التذلّل «2» ، في حين تشير (خفية) إلى الدعاء الكامن في أعماق القلب ، ويحتمل أن يقصد التعبيران الحالتين في الإنسان ، حيث يدعو اللَّه في قلبه حينما تبدو ظلمات المشكلات ، وعندما يُبتلى بمشكلات عويصة وكبيرة يقوم بإظهار ما في قلبه ويتضرّع إلى اللَّه ويلتمسه.
ومن المحتمل أن يقصد هذا التعبير حالات الفئات المختلفة ، فبعضها تدعو اللَّه جهاراً في مثل هذه الأحوال وبعضها تدعوه خفاءً وكأنّها تشعر بالخجل أمام الأصنام! أو من الناس الذين عرفوا أنّها تعبد الأصنام فلماذا لا تلجأ إلى الأصنام في المشكلات؟! على كلّ حال فإنّها ترجع إلى فطرتها في مثل هذه الأحوال وتستضيء قلوبها بنور التوحيد وعبادة الواحد ، وترفض كلّ ما سواه وتنسى كلّ ما يذكرها به وتستيقن بأنّ الأصنام ليست أهلًا ، وعبارة الأصنام لا فائدة فيها ولا سبيل إلّا التوحيد.
في مثل هذه الأحوال تعاهد اللَّه وتنذر وتتعهّد بأنّه إذا نجاها من هذه الشدائد والآلام وأذاقها حلاوة اللطف والرحمة فإنّها ستبقى شاكرة ومدينة ورهينةً للطفه ، ولكنّها بعد الخلاص من المضائق تنسى- في الغالب- كلّ عهودها وتعهّداتها ، كما يشير إلى ذلك ذيل الآية: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} «3».
وكما ذكرنا فإنّ هذه الحالة هي حالة أغلب المشركين ، وأمَّا الفئة التي لها قابلية أكبر فإنّها تتيقّظ بصورة دائمة وتبصر طريقها وتهجر الشرك.
من مجموع الآيات التي ذكرت تظهر هذه الحقيقة وهي: أنّ القرآن الكريم لا يعدّ غريزة المعرفة الإلهيّة في الإنسان أمراً فطريّاً وحسب بل يعتبر الإيمان بوحدانيته من الامور الفطرية أيضاً ، وبما أنّ الفطرة الأصيلة في الإنسان تتعرّض في الغالب إلى حجاب الرسوم والعادات والأفكار المنحرفة والتعاليم المغلوطة فينبغي انتظار تلك الساعة التي تزول فيها هذه الحجب ، من هنا فإنّ القرآن يشير إلى لحظات حسّاسة في حياة الإنسان وذلك عندما تزول الحجب بواسطة عواصف الأحداث ويبقى الإنسان وفطرته وصريح وجدانه فيدعو حينئذٍ ربّه لوحده ويزول عنه ما سواه ، ويدلّ هذا جيّداً على أنَّ عبادة الواحد والتوحيد مستودعة في أعماق روحه...
________________________
(1) تفسير الميزان ، ج 7 ، ص 136؛ وتفسير في ظلال القرآن ، ج 3 ، ص 269.
(2) مفردات الراغب: تضرّع ، أظهر الضراعة.
(3) «الكرب» يعني الغمّ والهمّ الشديد.
|
|
للحفاظ على صحة العين.. تناول هذا النوع من المكسرات
|
|
|
|
|
COP29.. رئيس الإمارات يؤكد أهمية تسريع العمل المناخي
|
|
|
|
|
الامين العام للعتبة الحسينية يؤكد على هيئة التعليم التقني بتحقيق التنمية المستدامة في البلاد
|
|
|