أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2018
![]()
التاريخ: 2024-03-18
![]()
التاريخ: 24-7-2016
![]()
التاريخ: 17-9-2020
![]() |
الاقدام على الزواج وتشكيل الاسرة افضل من التبتل والانقطاع للعبادة اذا دار الامر بينهما على ما يستفاد من متضافر الأدلة، وصرح به غير واحد (1)، واسباب الافضلية ترجع الى وجوه عديدة من اهمها سبعة :
أولها : ان الزواج سبب لبقاء العبادة واستمرارها من جوانب عديدة :
الجانب الاول : انه سبب لبقاء العابدين : اذ لولا الزواج لم يبق عابد على الارض، بخلاف غيره من العقود، ومن الواضح ان بقاء العباد يلازم تكامل البشر، وعمارة الارض، ومزيد المعرفة، والايمان بالخالق العظيم، لأن الايمان والعمل والعلم يقودان البشر الى مزيد الرقي والمعرفة بأسرار الكون والحياة، وهذه جمعاً تقود الى مزيد العبادة، بل هي العبادة في بعض وجوهها. قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56].
الجانب الثاني : انه سبب لذات العبادة، بل سبب لغاية العبادة : وهي التقرب من الله سبحانه، ونيل فضله وثوابه على ما يستفاد من الأخبار المتظافرة، ففي الحديث النبوي الشريف:(من احب ان يلقى الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة)(2)
وفي حديث جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : (قال رسول الله (صلى الله عليه واله : ما يمنع المؤمن ان يتخذ اهلاً؟ لعل الله يرزقه نسمة تثقل الارض بلا اله الا الله)(3).
وفي الخصال عن الصادق (عليه السلام) : (ركعتان يصليهما المتزوج افضل من سبعين ركعة يصليها غير متزوج)(4).
الجانب الثالث : انه سبب للإعانة على الاخرة لكون الزوجة الصالحة تعين على أمور الدين والدنيا، فعن ابي عبد الله (عليه السلام) : (ثلاثة للمؤمن فيها راحة ... امرأة صالحة تعينه امر الدنيا والاخرة)(5).
وفي بعض الأخبار جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : إن لي زوجة اذا دخلت تلقني، واذا خرجت شيعتني، واذا رأتني مهموما قالت لي : ما أهمك؟ ان كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك، وان كنت تهتم لأمر اخرتك فزادك الله هما، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (إن لله عمالا وهذه من عماله، لها نصف اجر الشهيد)(6).
ثانيها : إن في الزواج يحرز المتزوجان تقواهما ودينهما دون قيد أو شرط ، والتقوى والدين اشمل من العبادة، خلاف التبتل والعبادة فان احراز ذلك منهما متوقف على شروط كثيرة، لعل الزواج منها كما عرفت وستعرف، وهذا ما يستفاد من اطلاقات النصوص المتضافرة، ومنها الحديث النبوي الشريف : (من تزوج فقد احرز نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي)(7) وغيره(8).
ولعل الوجه في احراز المتزوج نصف دينه، هو ان الزواج يصون الانسان في اهم غرائزه، وهو الجنس، فان من الثابت في علمي الأخلاق والنفس، بل وتؤكده سيرة الناس الصالحين والطالحين ان اهم عوامل الاستقامة والانحراف في الانسان اثنان هما : البطن والفرج.
فاذا تزوج الانسان ضمن نصف الاستقامة، فاذا اتقى الله سبحانه ضمن النصف الاخر، فكان مستقيما، بل يستفاد من طائفة من الاخبار في الزواج يرتقي الزوجان، ولا سيما الزوج الى مقامات روحية عالية باللطف والتفضيل ، وبلا مزيد تعب او عناء، ففي الحديث النبوي الشريف:(الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)(9) وفي بعض الروايات هو اعظم اجرا من المجاهدين في سبيل الله (10).
ثالثها : تعلق الامر الشرعي بالتزويج في الكتاب والسنة كما عرفته من الآيات والروايات المتقدمة، ولعل من الواضح ان تعلق الامر به يكشف عن محبوبيته عند الله ورسوله (صلى الله عليه واله)، فالتزويج بقصد امتثال الامر يعد من اجلى مصاديق الطاعة والعبادة، بل في الحديث النبوي الشريف : (ما استفاد امرؤ فائدة بعد الإسلام افضل من زوجة مسلمة تسره اذا نظر اليها، وتطيعه اذا امرها، وتحفظه اذا غاب عنها في نفسها وماله)(11).
رابعها : لما فيه من التأسي والاقتداء بسنة النبي (صلى الله عليه واله) التي هي في نفسها عبادة، امرنا الله سبحانه بها، وجعلها طريقاً للتقرب منه، والفوز في الاخرة. قال تعالى :{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب: 21]. وهو (صلى الله عليه واله) نهى عن الانقطاع الى العبادة، وترك التزويج، فعن علي امير المؤمنين (عليه السلام) قال : (إن جماعة من الصحابة كانوا حرموا على انفسهم النساء والافطار بالنهار والنوم بالليل) فأخبرت ام سلمة رسول الله (صلى الله عليه واله) فخرج الى اصحابه فقال : (أترغبون عن النساء واني آتي النساء واكل بالنهار وأنام بالليل، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(12).
خامسها : لما فيه من التخلص من العزوبة المبغوضة عند الله سبحانه، اما لأنها في نفسها من اسباب البعد عن الله سبحانه، واما لأنها طريق الى الشر والعصيان، وظاهر الأخبار الشريفة يشهد الاثنين، فمن الأول النبوي الشريف : (رذائل موتاكم العزاب)(13)، والرذائل بالضم جمع رذل، وهو المرغوب عنه لرداءته(14)، والنبوي الاخر : (المتزوج النائم افضل عند الله من الصائم القائم العزب)(15).
ومن الثاني النبوي الشريف : (اكثر أهل النار العزاب)(16) والعزاب بالضم والتشديد الذين لا ازواج لهم، وفي حديث اخر ان النبي (صلى الله عليه واله) أمر احد اصحابه الاغنياء من الذين لم يتزوجوا فقال : (تزوج والا فانت من المذنبين)(17) وفي آخر: (تزوج والا فانت من اخوان الشياطين)(18).
بل يستفاد من الاخبار الشريفة ان قليل من العمل من المتزوج خير من كثير من الاعزاب، ففي الحديث النبوي الشريف : (ركعتان يصليها متزوج افضل من رجل عزب يقوم ليله ويصلي نهاره)(19).
سادسها : ان في الزواج التخلص من الوحدة المبغوضة في امور عدة من اهمها : النوم والأكل، وذلك لملازمة الزوجة لزوجها ومعايشته في الحياة اليومية عادة.
وفي بعض الأخبار النبوية الشريفة : (لعن الله اكل زاد وحدة... والنائم في بيت وحده)(20). واللعن : الطرد والابعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الاخرة عقوبة ، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه(21) ولازمها الكراهة والقربة من الشيطان ووساوسه.
سابعها : إن في ترك الزواج والانشغال بالعبادة المجردة عن مواكبة الحياة ومعايشة عباد الله فيها تشبه بالرهبة المنفية في الشريعة الإسلامية، لكونها تتنافى مع رقي الانسان وعمارة الارض والاخذ بأحكامه وسنته، وقد تضافرت النصوص عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه نهى قوما من اصحابه انقطعوا للعبادة وتركوا نساءهم واهليهم(22) وخاطب عثمان بن مظعون حينما اعتزل الحياة الدنيا، وانصرف للعبادة وشكته زوجته الى النبي (صلى الله عليه واله) وقال : (يا عثمان لم يرسلني الله بالرهبانية ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة، أصوم واصلي والمس اهلي، فمن احب فطرتي فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح)(23).
وفي رواية أخرى : (تزوج والا فانت من رهبان النصارى)(24).
هذا ولا يخفى ان هذا ليس من باب الذم لما هو صحيح، لعدم التنافي بين اديان الله سبحانه الصحيحة لوحدة المبدأ والمنطق والغاية بين جميع الاديان والا ان الرهبانية والعزلة لما تكن من المسيحية الصحيحة التي نزلت على عيسى (عليه السلام) وانما هي بدعة ابتدعها بعض علمائهم ذمها الإسلام، ونهى عنها (25)، والا فان أديان الله سبحانه واحدة، وكلها لعمارة الأرض، والرفاه على البشر، والاخذ بأيديهم الى معارج الكمالات العقلية والنفسية.
ـ فيتحصل من كل ما تقدم :
انه اذا دار امر العبد بين الزواج والتفرغ للعبادة لمستحبة كان الاقدام على الزواج افضل، وثوابه اكثر، والافضل من ذلك هو ان يجمع بين الزواج والعبادة، فيعطي لكل حقه، والافضل من ذلك هو ان يجمع بينهما وبين العلم، والعمل، وعمارة الأرض، فان الجمع بين هذه الامور هو من اجلى مصاديق العبادة التي تحقق حكمة الله في خلقه، وغايات الانسان في عبادته ورقيه، بل من اجلى مصاديق الاستنان بسنة النبي (صلى الله عليه واله) كما يستفاد من الأدلة المختلفة. قال تعالى :{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[القصص:77].
_______________
1ـ انظر كنز العرفان : ص493، جواهر الكلام : ج29، ص26، مجمع البحرين:ج2، ص421 (نكح).
2- مكارم الاخلاق : ص219.م
3- الفقيه: ج3، ص241، ح1139.
4- الخصال : ص165، ذيل الحديث 227.
5- مكارم الاخلاق : ص217.
6- انظر الكافي : ج5، ص327، ص6.
7- الفقيه: ج3،ص246،ح1169.
8- انظر الكافي : ج5،ص328،ح2.
9- مستدرك الوسائل : ج13، الباب20 من ابواب مقدمات التجارة، ص55،ح5.
10- انظر تحف العقول : ص328.
11- التهذيب : ج7،ص240،ح1047.
12- وسائل الشيعة : ج20،الباب 3 من ابواب مقدمات النكاح ص21،ح9.
13- الكافي : ج5، ص329،ح3.
14- مفردات الفاظ القرآن الكريم : ص351 (رذل).
15- مستدرك الوسائل : ج2، الباب2 من ابواب مقدمات النكاح، ص531،ح4.
16- الفقيه / ج3/ص242،ح1149
17- مستدرك الوسائل : ج2، الباب2 من ابواب مقدمات النكاح، ص531، ح4.
18- مستدرك الوسائل : ج2، الباب2 من ابواب مقدمات النكاح، ص531،ح4.
19- الفقيه : ج3/ص242،ج1147.
20- مكارم الاخلاق : ص480، وانظر في تحف العقول : ص330
21- انظر مفردات الفاظ القرآن الكريم : ص741 (لعن).
22- انظر الكافي : ج5، ص496، ح5.
23- الكافي : ج5، ص494، ح1.
24- مستدرك الوسائل : ج3 ، الباب 2 من ابواب مقدمات النكاح، ص531، ح4.
25- قال تعالى:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد: 27].
|
|
الأخطاء الأكثر شيوعا لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
مادة مبتكرة قد تحدث نقلة نوعية في جراحة العظام
|
|
|
|
|
إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية لمشروع إكساء الصحن الشريف بالمرمر الأبيض الثاسوس
|
|
|