أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2015
![]()
التاريخ: 2024-09-02
![]()
التاريخ: 2023-04-04
![]()
التاريخ: 2023-08-29
![]() |
تظافرت الروايات التي تؤكّد على مكانة أهل البيت (عليه السلام) واختصاصهم بفهم القرآن . .
تنزيله وتأويله ، ويمكن لنا أن نستخلص من خلال تلك الروايات النتائج التالية :
أوّلا : أنّ الروايات توافرت على حاجة الصحابة ، من اشتهر بالتفسير منهم كابن عباس أو من ندرت عنهم الرواية كبعض الخلفاء إلى السؤال عن بعض معاني التفسير لغياب المعنى عنهم «1» .
أمّا عليّ بن أبي طالب فإنّ الروايات توافرت على أنّه كان المرجع في قضايا التفسير ، فكان أعلم الصحابة بمواقع التنزيل ومعرفة التأويل . . . إضافة إلى كثير من الآثار الّتي تشهد له بأنّه كان صدر المفسّرين والمؤيّد فيهم «2» .
فقد أخرج ابن عساكر بإسناده إلى مسروق بن الأجدع قال : انتهى العلم إلى ثلاثة :
عالم بالمدينة وعالم بالشام وعالم بالعراق ، فعالم المدينة عليّ بن أبي طالب ، وعالم الكوفة عبد اللّه بن مسعود ، وعالم الشام أبو الدرداء . . . قال : فإذا التقوا سائل عالم الشام وعالم العراق عالم المدينة وهو لم يسألهم «3» .
ثانيا : وفي الوقت الّذي جاءت فيه روايات عن إحجام أبي بكر عن التفسير ، وكذا بعض المشهورين بالتفسير كسعيد بن جبير وغيره ، فقد تواترت الروايات على أن عليّا (عليه السلام) كان يتصدّى للتفسير ، ولم يدّع أحد غيره من الصحابة العلم بالقرآن ، كما ورد في رواية أبي الطفيل وغيره ، قال : «شهدت عليّا يخطب وهو يقول : سلوني ، فو اللّه لا تسألونني عن شيء إلّا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب اللّه ، فو اللّه ما من آية إلّا وأنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل» «4» .
وكان علم علي بالقرآن أمرا مسلّما به عند الصحابة إذ يقول ابن مسعود : «إنّ القرآن أنزل عن سبعة أحرف ما منها حرف إلّا وله ظهر وبطن وإن عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن» «5» .
ثالثا : وكما كان عليّ الأعلم بكتاب اللّه ، كان (عليه السلام) الأعلم في القضاء ، كما عن ابن مسعود قال : كنّا نتحدث أن أقضى أهل المدينة عليّ بن أبي طالب ، و . . . بل إنّه الأعلم في سائر مسائل الشريعة مطلقا ، كما أجاب عطاء إذ قيل له : أ كان في أصحاب محمّد أعلم من عليّ ؟ قال : لا ، واللّه لا أعلمه ، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :
إذا ثبت لنا شيء عن علي لم نعدل إلى غيره «6» .
رابعا : ولذا فإن «كثيرا ما كان يرجع الصحابة إليه في فهم ما خفي ، واستجلاء ما أشكل . . . حتّى ضرب به المثل فقيل : (قضيّة ولا أبا حسن لها) ولا عجب ، فقد تربّى في بيت النبوّة وتغذّى بلبان معارفها وعمته مشكاة أنوارها» «7» .
وروى البخاري بسنده عن ابن عباس ، قال : قال عمر : (و أقضانا علي) «8» ، وهذا يعني علمه بآيات الأحكام .
كما وردت روايات كثيرة في رجوع الخلفاء الثلاثة إلى علي في حلّ مشاكل واجهوها «9» ، ومنها مسائل فقهية وتفسيرية ، حتّى اشتهر عن عمر قوله : لو لا عليّ لهلك عمر ، وأنّه كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو حسن «10» . وكذا عثمان في موارد كان يتشبّث فيها برأي عليّ (عليه السلام) «11» .
وقد أخرج ابن عساكر في تأريخه بالإسناد إلى أبي الطفيل قال : سمعت عليّا (عليه السلام) وهو يخطب الناس : (أيّها الناس! سلوني فانّكم لا تجدون أحدا بعدي هو أعلم بما تسألونه منّي ، ولا تجدون أحدا أعلم بما بين اللّوحين منّي فسلوني . . .) «12» .
خامسا- وهكذا فان من اشتهر من المفسّرين ، كابن عباس وابن مسعود قد أخذ علمه من عليّ ، فقد روي عن ابن عباس أنّه قال : «ما أخذت من تفسير القرآن فعن عليّ بن أبي طالب» «13» .
ويتبيّن من ذلك أنّ ترجمان القرآن ، وحبر الامّة ، ابن عباس كان قد أخذ العلم من عليّ «14» .
وأخرج ابن عساكر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قسّم علم الناس خمسة أجزاء ، فكان لعلي منها أربعة أجزاء ولسائر الناس جزء ، وشاركهم علي في الجزء ، فكان أعلم به منهم .
كما أخذ عبد اللّه بن مسعود أيضا من علي (عليه السلام) وهو يقول : لو أعلم أحدا أعلم بكتاب اللّه منّي تبلغه المطايا . . . فقال له رجل : فأين أنت عن علي ؟ قال : به بدأت ، إنّي قرأت عليه .
وقال أيضا : قرأت على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) تسعين سورة وختمت على خير الناس بعده . فقيل له : من هو؟ قال : علي بن أبي طالب .
وعن عبد الرّحمن السلمي ، قال : ما رأيت أحدا أقرأ لكتاب اللّه من علي بن أبي طالب «15» .
سادسا- أن هذا العلم عند علي (عليه السلام) لم يكن علما شخصيا بحتا ، بل هو من العلم الإلهي والّذي جاء من عناية رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الخاصّة به ، فإنّ اللّه سبحانه بمقتضى قوله : {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة : 17] وقوله : {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة : 19]جمع القرآن في صدر الرسول (صلى الله عليه وآله) وثبته له ، والرسول (صلى الله عليه وآله) بمقتضى رسالته بلّغ من حضره ما احتاجوه منه ، وأمر وصيّه الّذي كان قد أعدّه لذلك بجمعه في مصحف بعد وفاته «16» .
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) : «إنّ اللّه علّم نبيّه (صلى الله عليه وآله) التنزيل والتأويل ، فعلّمه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليّا ، ولهذا قال علي (عليه السلام) : ما نزلت آية إلّا وأنا علمت فيمن انزلت ، وأين نزلت وعلى من نزلت ، إن ربّي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا» «17» .
وكان ذلك العلم ، هو الأمانة الّتي أودعها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عند علي ، وأهل بيته (عليه السلام) ، ليحملوا للأجيال القادمة علم الكتاب والسنّة .
سابعا- إن ما كان عند عليّ (عليه السلام) من علم ، لم يكن مختصّا به فقط ، بل كان ذلك شاملا لأهل البيت (عليه السلام) الّذين أذهب اللّه عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا .
لذا فهو يقول : «تاللّه لقد علّمت تبليغ الرسالات ، وإتمام العدات ، وتمام الكلمات ، وعندنا أهل البيت أبواب الحكم ، وضياء الأمر» «18» .
وكان الأئمّة من أهل البيت (عليه السلام) حملوا علمه وورثوا موضعه من الكتاب والسنّة ، فها هو الإمام الصادق (عليه السلام) يقول : «كان علي (عليه السلام) صاحب حلال وحرام وعلم بالقرآن ونحن على منهاجه» «19» .
وعنه (عليه السلام) : «إنّ اللّه علّم نبيّه التنزيل والتأويل ، فعلّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليّا (عليه السلام) وعلمنا واللّه» «20» .
وعنه أيضا : «إنّا أهل بيت لم يزل اللّه يبعث فينا من يعلّم كتابه من أوّله إلى آخره» «21» .
لذا قال (عليه السلام) : «نحن الراسخون في العلم فنحن نعلم تأويله» «22» .
ثامنا- ومن هنا يعلم كنه تأكيد الرسول (صلى الله عليه وآله) على أهل البيت (عليه السلام) ومرجعيتهم في الجوانب الفكرية للرسالة في نصوص كثيرة «23» ، وجعلهم المرجع والميزان عند اختلاف الآراء وتباين المواقف ، منها :
- حديث الثّقلين : إذ قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي : أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيها» «24» .
- حديث الأمان : قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لامّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس» «25» .
- حديث السفينة : وهو قول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» «26» .
- حديث الحق : وهو ما رواه الترمذي في صحيحه عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «رحم اللّه عليّا اللّهمّ أدر الحق معه حيث دار» «27» ، كما روي : «علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتّى يردا علي الحوض يوم القيامة» «28» .
- حديث القرآن : وهو قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : «عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ ولن يفترقا حتّى يردا على الحوض» «29» .
- حديث المدينة : عن ابن عباس أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب» «30» .
- حديث الاختلاف : كما رواه الحاكم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ : «أنت تبيّن لامّتي ما اختلفوا فيه بعدي» «31» .
وغير ذلك من النصوص الّتي كانت توجّه الامّة إلى أهل البيت (عليه السلام) عموما وإلى علي بوجه خاص حيث كان يمثل قطب أهل البيت في زمانه ، ولم يكن هذا التأكيد إلّا لما اختصوا به من علم ومعرفة بالاسلام وما بلغوه من مرتبة سامية في الدين ، فكانوا أئمّة الهدى ومقتدى الامّة ومرجعها الفكري والديني .
__________________________
(1)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 37 .
(2)- م . ن/ ص 93 ، والبرهان/ ج 2/ ص 8 و157 .
(3)- تاريخ دمشق/ ترجمة الإمام أمير المؤمنين/ ج 3/ ص 45 و46 .
(4)- م . ن/ ج 1/ ص 93 ، والبرهان/ ج 2/ ص 8 و157 .
(5)- م . ن/ ج 1/ ص 93 ، والبرهان/ ج 2/ ص 8 و157 .
(6)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 92 .
(7)- م . ن .
(8)- صحيح البخاري/ كتاب التفسير/ راجع فضائل الخمسة/ ج 2 .
(9)- كنز العمال/ ج 3/ ص 99 و301 . الرياض النضرة/ ج 2/ ص 195 و224 .
(10)- صحيح أبي داود/ ج 28/ باب المجنون يسرق أو يصيب حدّا ، البخاري/ نفس الباب .
مسند أحمد/ ج 1/ ص 140 و154 . وذكره المناوي في فيض القدير/ ج 4/ ص 356 . موطأ مالك/ كتاب الأشربة . مستدرك الصحيحين/ ج 4/ ص 375 نفس المورد . مستدرك الصحيحين/ ج 1/ ص 457 بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر . . . الحديث ، سنن البيهقي/ ج 7/ ص 442 وغيرها ، طبقات ابن سعد/ ج 3/ القسم 1/ ص 22 ، والقسم الثاني/ ص 10 ، راجع للمزيد : فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 209- 334 .
(11)- موطأ مالك/ في طلاق المريض ، كتاب الحدود ، الدرّ المنثور للسيوطي في تفسير قوله تعالى : {ووَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً} ، تفسير الطبري/ ج 25/ ص 61 . مسند أحمد/ ج 1/ ص 100 و104 ، راجع فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 335- 338 .
(12)- دور أهل البيت في القرآن/ للشيخ محمّد هادي معرفة/ رسالة القرآن/ العدد 9 .
(13)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 92 .
(14)- البرهان/ ج 2/ ص 157 .
(15)- أخرجها ابن عساكر/ تاريخ دمشق/ ترجمة الإمام علي (ع) .
(16)- القرآن الكريم وروايات المدرستين/ ج 2/ ص 408 . وراجع فيه للمزيد روايات جمع عليّ للقرآن ، وما فيه من التفسير : فهرست ابن النديم/ ص 41 . حلية الأولياء لأبي نعيم . السيوطي في الإتقان ج 1/ ص 59 . طبقات ابن سعد عن ابن سيرين/ ج 2/ ص 338 .
(17)- البحار/ ج 19/ ص 29 .
(18)- نهج البلاغة/ ك 120 .
(19)- البحار/ ج 19/ ص 25 . البرهان : ج 1/ ص 7 .
(20)- البحار/ ج 26/ باب 12/ ح 43 .
(21)- تفسير الصافي/ ج 1/ ص 12 ، وراجع للمزيد : تفسير القرآن بالقرآن عند أهل البيت ، د . خضير جعفر/ رسالة القرآن/ العدد 9/ ص 113 .
(22)- البحار/ ج 43/ ح 49 .
(23)- راجع للتفصيل : علوم القرآن/ السيّد الحكيم/ ص 255 وما بعدها .
(24)- صحيح الترمذي ج 2/ ص 308 ، والحديث متواتر وطرقه كثيرة . راجع فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 52 .
(25)- مستدرك الصحيحين/ ج 3/ ص 149 ، وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد كما ذكره ابن حجر في صواعقه .
(26)- م . ن/ ج 2/ ص 343 ، وصحّحه على شرط مسلم ، ورواه بطريق آخر/ ج 3/ ص 16 .
وذكره كذلك المتقي في كنز العمال ، وابن جرير والهيثمي والطبراني في الكبير والأوسط والصغير ، وأبو نعيم في الحلية ، وأحمد في مسنده وغيرهم .
(27)- الترمذي/ ج 2/ ص 298 .
(28)- الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد/ ج 14/ ص 321 .
(29)- مستدرك الصحيحين/ ج 3/ ص 123 .
(30)- م . ن/ ص 126 ، وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد .
(31)- م . ن/ ص 122 ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين . ويراجع للمزيد فضائل الخمسة/ ج 2 ، وعلوم القرآن/ السيّد الحكيم/ ص 257- 258 .
|
|
الأخطاء الأكثر شيوعا لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
مادة مبتكرة قد تحدث نقلة نوعية في جراحة العظام
|
|
|
|
|
إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية لمشروع إكساء الصحن الشريف بالمرمر الأبيض الثاسوس
|
|
|