المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مراحل التنشئة الخلقية  
  
2817   10:36 صباحاً   التاريخ: 15-4-2016
المؤلف : محمد بن محمود آل عبد الله
الكتاب أو المصدر : دليل الآباء في تربية الأبناء
الجزء والصفحة : ص109-113
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-21 1285
التاريخ: 11-9-2016 3138
التاريخ: 14-8-2020 2186
التاريخ: 28-4-2017 2873

1ـ غرس العادات في مرحلة مبكرة فإن الطفل (ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حر(1) وغضب ولجاج وخفة مع هواه, وطيش وحدّة وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك)(2) ، ومما يعين على جعل الطفل ذا طبيعة هادئة مراعاة حاجاته الفطرية ، فيرضع في وقت طلبه لأن التأخير الشديد يجعله متوترا ، وعدم قطعه من الرضاعة حتى يرتوي ، فكثرة الانقطاع عن الرضاعة والقيام عنه مرات يجعله سريع الانفعال ، وملاعبته حتى في أيامه الأولى يجعله متزنا وكذلك تنويمه في الوقت الذي يريد في بداية الأمر ، وإذا بكى الطفل من الجوع أو المرض يترك قليلا ليتعود الصبر , وإذا طلب شيئا قريبا منه أرشد إلى خدمة نفسه ليتعود الجد والاعتماد على النفس ، وإذا شاهد فقيرا بيَّن له المربي حاله ليرحمه ويشفق عليه  فيتعلم الرحمة والتواضع , وهكذا يمكن للمربي أن يعوده على الفضائل في السنوات الخمس الأولى .

2- إلزامه الأحكام والآداب الشرعية كآداب الطعام واللباس والاستئذان والنوم وجميع الآداب التي وردت , ويكون هذا التعويد في السنوات الأولى ، ويمنعه من مفسدات الأخلاق , ومن المعاصي , وإن أكبر ما يفسدها أشعار الغزل والأغاني إذ تبذرُ فيه بذرة الفساد , ويلحق بها الروايات والقصص الغرامية والأفلام المفسدة ، ويجب أن يحرص الوالدان على حماية أبنائهما من رؤية ما يخدش الحياء سواء في وسائل الأعلام أو في البيت ، ... لان الطفل الصغير الذي ينام مع والديه يرى من الامور ما يجعله يقلد والديه تقليداً بريئاً، فإذا زجره المربي عن تلك الحركات أحس أنها خطأ يستخفي به الأبوان ؛ ولذا كان أحد الصحابة يخرج الرضيع من الحجرة إذا أراد أهله .

3- ويجب أن يجنبه لبس الحرير ــ إذا كان ذكرا ــ والذهب والتنعم لأن ذلك يعوِّده على فعل الحرام والتشبه بالنساء (3) ، ويمنع من قص الشعر تشبها وكذلك الصبية تمنع من التشبه بالرجال أو الكفار وهذا باب واسع , والأصل فيه إلزام الطفل بكل حلال ومنعه من كل حرام , ويأثم وليه بتمكينه من المعاصي دون الصبي (4) . وقد يقول قائل إنك تلزم ولدك بالشرع ثم ما يلبث أن يشتد عوده فيترك ما كان يفعله خوفا منك أو احتراما لك ، فنقول ليس شرطا أن يحدث ذلك , ثم إن إلزام المربي ولده بذلك هو واجبه الذي أمر الله به , وقد يكون الإلزام بذلك بداية للتعود ثم يصبح الطفل رجلا عاقلا ذا دين يفعل ما أمر به ابتغاء الثواب ، وهب أنه ترك كل ما ألزمه به المربي فإنه تكون الذمة قد برئت منه .

4- حثه على مكارم الأخلاق مع ربه أولا ، ثم مع الناس والحيوان والجماد ، لان الأخلاق تشمل ذلك كله (5)  ، وهذا الحث يجب أن يكون بالتلقين وتكوين العاطفة التي تدفع إلى التطبيق ابتغاء الأجر , وتقوية إرادته ليقدر قهر الهوى وضبط النفس (6) ، فيقال : إن الصدق خلق حسن,  يقود صاحبه إلى الخير ، ويحكى له قصص الصادقين وجزاؤهم في الدنيا والآخرة ، وبهذا يحب الصدق ، وتتكون لديه عاطفة تدفعه للصدق ، ولا بد أن يتسلح بالإرادة والعزيمة .

للمسجد والمدرسة دور تربوي فعال إذا تم التعاون بينهما ولم يظهر التناقض , وهناك وسائل تعين المسجد على أداء رسالته منها :

1- أن يلمس الطفل من المربي محبة المساجد وتعظيمها (7) ، فإذا سمع الأذان أنصت أهل

البيت ورددوا معه وأمروا الطفل بتقليده ، فعند ذلك ينتبه الطفل لهذا الصوت المتكرر , ويقترن بالصلاة لأنه يرى مبادرة أهل البيت إلى الصلاة ، ويصير الأذان بذلك منبها نفسيا للصلاة يعيش في ضمير الطفل ويحسن بالأم أن تُلفت نظر الطفل إلى شكل المسجد وتريه صورته وترسمها معه , وتخبره أنه إذا كبر ذهب إلى المسجد للصلاة , وعلى الأب أن يذكُر فضل المساجد وثواب المصلين , فيها , ويمدح المحافظين على صلاة الجماعة من أهل البيت والجيران والمعارف (8) .

2- أن يصحب والده إذا أحب ذلك وبعد أن يكون قد تعلم آداب قضاء الحاجة (9) . وإن أحدث شغبا فلا يمنع من الحضور ، بل يُعَلّم ويوجَّه .

3- أن يؤمر بالصلاة إذا مَيَّز , ويطالبه المربي بالصلاة مع الجماعة ، ويأمره بما تصح به الصلاة من طهارة وستر عورة وطمأنينة وغير ذلك مما يكون شرطا لصحة الصلاة (10) .

4- أن يُعَامَلَ الطفل معاملة حسنة من أهله وإمام المسجد ومؤذنه ومن المصلين, وإذا رأوا شيئا ينكرونه من الحركات فعليهم أن يغضوا أبصارهم ويعلموه، برفق ولين، كما يجب عليهم التلطف له والتبسم في وجهه(11)، والثناء عليه والسؤال عنه والسلام عليه وإهداؤه الهدايا، وإذا حضر مبكرا فلا ينبغي تأخيره عن مكانه ولو كان في الصف الأول ، وفي ذلك فوائدا منها : إنه إذا أخِّر إلى الصفوف الأخيرة اجتمع الأطفال فكثير العبث وشوشوا على من حولهم (12)، كما أنه يتعلم السنن الشرعية من مجاورته للكبار, ويحس بالكرامة والعزة والاحترام لوجوده بينهم.

5- أن يُلحق بحلق تحفيظ القرآن لتتوثق علاقته بالمسجد وبأهل الحي وليتعرف على رفقة صالحة , وليشغل وقت العصر , الذي يضيع في اللعب في الشوارع أو مشاهدة التلفاز .

6- أن يأخذه والده لحضور الدروس والمحاضرات المقامة في المسجد .

_____________

1- حر : الحرارة والشدة وسرعة الغضب .

2- انظر : تحفة المودود ، ابن القيم : ص 187 .

3- انظر: إحياء علوم الدين ، الغزالي : 3/72 ، 73 ، وتحفة المودود ، ابن القيم ، ص187 – 189 .

4- انظر : تحفة المودود ، ابن القيم : ص 170 .

5- انظر : الأصول التربوية لبناء الشخصية المسلمة ، عبد الودود مكروم : ص 501 ، ودور التربية الأخلاقية الإسلامية ، مقداديا لجن : ص 15 .

6- انظر : دور التربية الأخلاقية الإسلامية , مقاداديا لجن : ص 27 – 28 .

7- انظر : التربية الإسلامية : سليمان الحقيل ، ص 149 .

8- انظر : المساجد ودورها التربوي ، صالح السدلان ، ص 76 .

9- انظر : المرجع السابق .

10- استمع إلى : شريط (منهج السلف في تربية الأولاد) ، الشيخ محمد بن عثيمين .

11- انظر : منهج التربية النبوية ، محمد نور سويد : ص 134 .

12- استمع إلى : شريط (منهج السلف في تربية الأولاد) ، الشيخ محمد بن عثيمين .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.