المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



تأثير الاب على الجنين / المحيط  
  
1781   10:52 صباحاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : دور الاب في التربية
الجزء والصفحة : ص33-35
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /

وهو عامل.. مهم لا بد ان نذكره في هذا المجال. ونقصد بالمحيط الظروف التي يعيشها ذلك الانسان والوسط الذي يترعرع فيه الطفل. ويشمل المحيط مجموعة من العوامل كالغذاء والطبيعة الجغرافية والاخلاق وغير ذلك.

وبشكل عام يمكن ان نقسم العوامل المحيطة المؤثرة إلى قسمين : العوامل الانسانية والعوامل غير الانسانية. ونقصد بالعوامل الانسانية، الاشخاص الذين يمكنهم فرض طبائعهم واخلاقهم وثقافتهم على الأخرين.

ويكمننا ان نشير في هذا المجال إلى الاب والام والاشقاء والاقرباء والاصدقاء والمعلم وابناء المجتمع والمسؤولين والقادة، اذ يؤثر كل واحد منهم بدرجة معينة.

اما في مجال العوامل الانسانية فيمكننا ان نشير إلى الغذاء والدواء والمشروبات والظروف المناخية والحالة الجغرافية وطبيعة العمل والضوضاء والظواهر المختلفة والغابات والصحاري والجبال وغير ذلك. وتحيط هذه العوامل بالإنسان بشكل او بآخر وتجعله يتأثر بها.

والحقيقة فلا يمكننا ان نكتفي بذكر الوراثة فقط، بل ان الانسان هو كائن ينشأ بفعل تأثيرات المحيط والوراثة معاً.

وبخصوص الاب لا بد من القول ان سلوكه واخلاقه وتعامله والتزامه وموقفه ازاء مختلف الامور تعد كلها مؤثرة في الطفل بصورة او بأخرى.

ويعتقد علماء النفس ان سلوك الطفل انما هو مرآة تعكس سلوك والديه، وانه صورة لوالده في مجال السلوك والانضباط.

ـ أهمية المحيط :

لا تقل اهمية المحيط عن الوراثة. فالمحيط الجيد يلغي احيانا تلك التأثيرات السيئة لعامل الوراثة. ويستطيع المحيط السيء ايضاً ان يلغي التأثير الايجابي لعامل الوراثة احيانا. ووصل الحد بابن نوح مثلا ان يفرط بعائلته ووالده كما اشار القرآن الكريم، وذلك بسبب معاشرته للفاسدين.

وبخصوص المحيط لابد من القول ان للاب دورا مهما في مجال تحديد سلوك ولده واخلاقه وشرفه وانحرافه. فلو كان الاب نزيها ومؤمنا وشريفاً وعابدا فان هذه الصفات ستنتقل إلى ولده حتماً. والعكس صحيح ايضاً.

ان الرغبة بالتقليد في الطفل قوية وانه يميل لتقليد الوالدين لاحتكاكه الكبير بهما خاصة وان التقاليد العائلية والاخلاق والالتزامات تسوق الطفل بهذا الاتجاه. فالأب هو البطل بالنسبة لطفله الذي سيقلده حتى في سلوكه ايضاً. ولو سئل الطفل لماذا قمت بهذا العمل؟. لأجاب : ان والدي قام به ايضاً. وهذا بمثابة تحذير إلى الاباء بضرورة مراقبة اقوالهم وسلوكهم.

ـ الصفات المحيطية المنتقلة  :

تنتقل جميع الصفات السلوكية من المحيط إلى الطفل سواء ما تعلق منها بشخصية الاب او بطبيعته ومواقفه حيال الظواهر والحوادث المختلفة او عطفه وقساوته بل وحتى نوع المشي والكلام والعادات الاخرى.

فلو جعل الاب من محيط بيته محيطاً منحرفا فان تأثيراته ستنتقل بلا شك إلى طفله. اما لو كان

محيطا سالما وخاليا من الانحرافات فان الطفل سيقتبس تلك التأثيرات ايضا لتتفاعل في داخله فينشأ عليها. ونظراً لأهمية هذا الموضوع فقد رفع علماء النفس الشعار التالي : قل لي عن طفولتك حتى اقل لك من انت.

وللاب تأثيرات بيئية وفكرية عديدة. وهذا مصداق لمقولة : (ولد العالم نصف عالم) والشيء الذي نريد التأكيد عليه هنا هو ان هذه الامور لا تخلو من تأثيرات، حتى ان الطفل الجاهل سيتعلم بعض القضاياً عن وعي او من غير وعي وذلك متى  ما حضر في مجلس علم والده. فالأفكار المختلفة والفلسفات والتقاليد والآداب والفنون والقيم والاخلاق والسلوك والعقائد الدينية  والجرائم والانحرافات والمواقف السياسية والاقتصادية وغير ذلك تؤثر في الطفل وفي بناء شخصية وتحديد سلوكه.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.