المطالبة برؤية الله
المؤلف:
ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
تفسير الامثل
الجزء والصفحة:
ج4 , ص500-501
26-09-2014
6158
قال تعالى :
{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] .
يشير سبحانه إلى مشهد مثير آخر من مشاهد حياة بني إسرائيل، وذلك عندما طلب جماعة من بني إسرائيل من موسى (عليه السلام) ـ بإلحاح وإصرار ـ أن يَروا الله سبحانه، وأنّهم لن يؤمنوا به إذا لم يشاهدوه، فاختار موسى سبعين رجلا من قومه واصطحبهم معه إلى ميقات ربّه، وهناك رفع طلبهم إلى الله سبحانه، فسمع جواباً أوضح لبني إسرائيل كل شيء في هذا الصعيد.
وقد جاء قسم من هذه القصّة في سورة البقرة الآية (55) و (56)، وقسم آخر منه في سورة النساء الآية (153)، وقسم ثالث في الآيات المبحوثة هنا في الآية (155) من هذه السورة.
ففي الآيات الحاضرة يقول أوّلا: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}[الاعراف : 143].
ولكن سرعان ما سمع الجواب من جانب المقام الرّبوبي: كلا، لن تراني أبداً (قال لن تراني ولكن اُنطر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلى ربّه للجبل جعله دكاً) (1).
فلمّا رأى موسى هذا المشهد الرهيب تملكه الرعب إلى درجة أنّه سقط على الأرض مغمىً عليه (وخرّ موسى صعقاً).
وعندما أفاق قال: ربّاه سبحانك، أنبتُ إليك، وأنا أوّل من آمن بك (فلمّا أفاق قال سبحانك تبتُ إليك وأنا أوّل المؤمنين).
_________________________
1- «دك» في الأصل بمعنى سوّى الأرض، وعلى هذا فالمقصود من عبارة «جعله دكّاً» هو أنّه حطم الجبال وسواها كالأرض و جاء في بعض الرّوايات أنّ الجبل تناثر أقساماً، سقط كلّ قسم منه في جانب أو غار في الأرض نهائياً.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة