أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
![]()
التاريخ: 30-8-2016
![]()
التاريخ: 29-8-2016
![]()
التاريخ: 29-8-2016
![]() |
لا إشكال في أنّه كثيراً ما تستعمل الجملة الخبريّة موضع الإنشاء ويراد منها الطلب نحو قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وقد ورد مثل هذا الطلب في روايات كثيرة أيضاً بل لعلّ أكثر الأوامر الواردة فيها يكون من هذا النوع نظير قوله (عليه السلام) «يعيد صلاته» مكان قوله: «ليعد صلاته» أو قوله(عليه السلام) «يغتسل» أو «يسجد سجدتي السهو» إلى غير ذلك، كما تستعمل في أكثر الموارد بصورة فعل المضارع والجملة الفعليّة، وقليلا ما تكون على هيئة الجملة الاسمية، وكيف كان فالبحث يقع في مقامين:
المقام الأوّل: في أنّه كيف يمكن استعمال الجملة الخبريّة وإرادة الإنشاء منها، فهل هو حقيقة أو مجاز أو كناية؟
المقام الثاني: في أنّها هل تدلّ على الوجوب أو لا؟
أمّا المقام الأوّل فالأقوال فيه ثلاثة:
1 ـ أنّه مجاز لاستعمال الجملة الخبريّة التي وضعت للأخبار في غير ما وضعت له.
ولكنّه بعيد جدّاً، لأنّ المجاز لا بدّ فيه من علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، ومن الواضح أنّه لا علاقة بين الإخبار والإنشاء.
2 ـ ما مرّ من بعض الأعلام في المعاني الحرفيّة بالنسبة إلى الجمل الخبريّة من أنّها تدلّ على النسبة الايقاعيّة الإيجاديّة، إلاّ أنّ إيجاد النسبة وايقاعها قد يكون بداعي الحكاية والإخبار كما في الجمل الخبريّة التي تصدر من المتكلّم للإخبار، وقد يكون بداعي البعث والطلب كما في ما نحن فيه، فالجملة حينئذ استعملت في ما وضعت له، فلا مجاز ولا حاجة إلى قرينة المجاز، إلاّ
أنّ الدواعي حيث كانت مختلفة فتارةً يوقع المتكلم النسبة بداعي الإخبار والحكاية، واُخرى يوقعها بداعي الطلب والإنشاء، أي أنّ لها فردين من النسبة فلابدّ من قيام قرينة لتعيين أحد الفردين.
وربّما يستشهد لكونها ايقاعيّة أنّها توجب السرور أو الكراهة في نفس المخاطب فإنّه يسرّ إذا قيل له «أنت بحر عميق» ويتأذّى وينزعج إذا قيل له «أنت فاسق جاهل» مثلا.
ولكن قد مرّ أيضاً جوابه تفصيلا فإنّا قلنا سابقاً أنّ الجملة الخبريّة بمبتدئها وخبرها ونسبتها أي بشراشرها تدلّ على الحكاية والإخبار عن الخارج، وأنّ النسبة أيضاً أمر تكويني خارجي تحكي عنها النسبة الخبريّة، وليست من الاُمور الاعتباريّة حتّى توجد في عالم الاعتبار فراجع.
3 ـ أنّها كناية عن الطلب والإنشاء ببيان اللازم وإرادة الملزوم فإنّ المولى إذا رأى عبده مطيعاً لأوامره (إمّا من طريق أنّ العبد قدم إلى المولى للسؤال عن وظيفته وتكليفه أو من أي طريق آخر) يفترض أوّلا امتثاله واطاعته في الخارج وأنّه يتصدّى للعمل في الخارج بمجرّد أنّ علم بطلب المولى وإرادته، ثمّ يخبر عن امتثاله وتصدّيه كناية عن طلبه، أي يذكر اللازم وهو انبعاث العبد وحركته نحو العمل ويريد منه ملزومه وهو طلب المولى وإرادته لذلك العمل، وحينئذ لا فرق بين قوله «يغتسل» مثلا في مقام الإخبار وقوله «يغتسل» في مقام الإنشاء في أنّ كلا منهما استعمل في الإخبار والحكاية عن الخارج، إلاّ أن الأوّل يكون بداعي الإخبار حقيقة، وأمّا الثاني فهو كناية عن الطلب النفساني للعمل.
إن قلت: يلزم من هذا الدور المحال لأنّ لازمه أن يتوقّف الانبعاث على الإخبار، ويتوقّف صحّة الإخبار على الانبعاث.
قلنا: أنّه كذلك فيما إذا كان الإخبار إخباراً حقيقة بينما هو في المقام كناية عن البعث والطلب، والمتوقّف على الانبعاث إنّما هو صحّة الإخبار الحقيقي لا ما يكون كناية عن الإنشاء.
إن قلت: إنّ لازمه الكذب كثيراً لكثرة عدم وقوع المطلوب في الخارج من العصاة، تعالى الله وأولياؤه عن ذلك.
قلنا: الكذب في باب الكنايات متوقّف على عدم وجود المكنّى عنه في الخارج لا على عدم وجود المحكي للجملة الخبريّة التي استخدمت للكناية، ففي قولك «زيد كثير الرماد» (للكناية عن جود زيد) يلزم الكذب إذا لم يكن زيد جواداً لا ما إذا لم يكن كثير الرماد، بل قد لا يكون له رماد أصلا.
هذا كلّه في المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثاني: وهو دلالتها على الوجوب فالكلام فيه هو الكلام في صيغة الأمر من جهة الظهور عند العقلاء وأهل العرف، فلا إشكال هنا أيضاً في أصل الدلالة على الوجوب كما أنّ منشأها هنا أيضاً ما يرجع إلى طبيعة الطلب وما تقتضيه ماهية البعث، وأنّ جواز الترك قيد إضافي وتحتاج إلى البيان وذكر القرينة.
بقي هنا أمران:
الأمر الأوّل: المعروف والمشهور أنّ دلالة الجمل الخبريّة على الوجوب آكد من دلالة صيغة الأمر، ببيان أنّها في الحقيقة إخبار عن تحقّق الفعل بادعاء أنّ وقوع الامتثال من المكلّف مفروغ عنه.
ولكن الإنصاف أنّه من المشهورات التي لا أصل لها، فإنّ الجملة الخبريّة حيث إنّها في مقام الكناية عن الطلب تكون أبلغ في الدلالة على الإنشاء كما في سائر الكنايات فإنّها أبلغ في بيان المقصود والدلالة على المطلوب من غيرها، لا أنّها آكد وأنّ الطلب المنشأ بها يكون أقوى وأشدّ، كما يشهد عليه الوجدان، فلا فرق بالوجدان بين قوله تعالى: { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وقولك «يغسلون وجوههم» من حيث شدّة الطلب وضعفه والأهمّية وعدمها إلاّ أنّ الثاني أبلغ في الدلالة على وجوب الغسل من باب أنّ الكناية أبلغ من التصريح كما قرّر في محلّه.
الأمر الثاني: ما أشرنا إليه آنفاً من أنّ ملاك الصدق والكذب في باب الكنايات إنّما هو صدق المعنى المكنّى عنه وكذبه، لا المدلول المطابقي والمعنى الموضوع له اللفظ، وحينئذ لا بأس بكثرة عدم وقوع المطلوب في الخارج، وهي لا تلازم الكذب في قول الله وأولياؤه (تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علواً كبيراً).
|
|
دراسة تكشف منافع ومخاطر عقاقير خفض الوزن
|
|
|
|
|
ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين ونقله يعرقل انتشاره في قطاع النقل
|
|
|
|
|
شعبة فاطمة بنت أسد للدراسات القرآنية تحيي ذكرى ولادات الأقمار المحمدية
|
|
|