أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2017
![]()
التاريخ: 11-10-2017
![]()
التاريخ: 3-08-2015
![]()
التاريخ: 3-08-2015
![]() |
أ- في تفسير العصمة:
قال أصحابنا(1) ومن وافقهم من المعتزلة(2) هي لطف يفعله اللَّه بالمكلّف، بحيث يمتنع منه وقوع المعصية، لانتفاء داعيه، ووجود صارفه، مع قدرته عليها، ووقوع المعصية ممكن نظراً إلى قدرته، وممتنع نظراً إلى عدم الداعي ووجود الصارف.
وإنّما قلنا: بقدرته عليها، لأنّه لولاه لم يستحقّ مدحاً، ولا ثواباً، إذ لا اختيار له حينئذٍ، لأنّهما إنّما يُستحقّان على فعل الممكن وتركه، لكنّه يستحق المدح والثواب لعصمته إجماعاً، فيكون قادراً.
وقالت الأشاعرة: هي القدرة على الطاعة، وعدم القدرة على المعصية.
وقال بعض الحكماء: إنّ المعصوم خلقه اللَّه جبلّةً صافيةً، وطينةً نقيّةً، ومزاجاً قابلًا، وخصّه بعقل قويٍّ، وفكرٍ سويٍّ، وجعل له ألطافاً زائدة، فهو قويّ- بما خصّه- على فعل الواجبات، واجتناب المقبّحات، والالتفات إلى ملكوت السماوات، والإعراض عن عالم الجهالات، فتصير النفس الأمّارة مأسورة مقهورة في حيّز النفس العاقلة.
وقيل : هو المختصّ بنفسٍ هي أشرف النفوس الإنسانية، ولها عناية خاصّة، وفيض خاصّ، فيتمكّن به من أسر القوّة الوهميّة والخيالية، الموجبتين للشهوة والغضب، المتعلّق كلّ ذلك بالقوّة الحيوانيّة.
ولبعضهم كلام حسن(3) جامع هنا، قالوا: العصمة ملكة نفسانيّة تمنع المتّصف بها من الفجور مع قدرته عليه، وتتوقف هذه الملكة على العلم بمثالب المعاصي، ومناقب الطاعات، لأنّ العفّة متى حصلت في جوهر النفس، وانضاف إليها العلم التام بما في المعصية من الشقاوة، والطاعة من السعادة، صار ذلك العلم موجباً لرسوخها في النفس، فتصير ملكة.
ثم إنّ تلك الملكة إنّما تحصل له بخاصّة نفسيّةٍ أو بدنيّةٍ تقتضيها، وإلّا لكان اختصاصه بتلك الملكة دون بني نوعه ترجيحاً من غير مرجّح.
ويتأكد ذلك العلم بتواتر الوحي، وأنْ يعلم المؤاخذة على ترك الاولى.
ب- في أقوال الناس في متعلّق العصمة وزمانها :
أجمعوا على امتناع الكفر عليهم، إلّاالفضليّة من الخوارج(4) ، فإنّهم جوّزوا صدور الذنب عنهم، وكلّ ذنب عندهم كفر، فلزمهم جواز الكفر عليهم(5).
وجوّز قوم عليهم الكفر تقيّةً وخوفاً(6) ، ومنعه ظاهر، فإنّ أوْلى الأوقات بالتقيّة ابتداء الدعوة، لكثرة المنكرين لها حينئذٍ، لكنّ ذلك يؤدّي إلى خفاء الدين بالكليّة.
وجوّز الحشويّة وأصحاب الحديث عليهم الإقدام على الكبيرة والصغيرة، ولو عمداً، قبل النبوّة وبعدها(7).
وأمّا المعتزلة: فمنعوا من الكبائر وما يستخفّ من الصغائر، قبل النبوّة، وفي حالها، وما لا يستخف جوّزوه في الحالين(8). ثم منهم من أجاز الصغيرة عمداً(9)، ومنهم من منع وجوّز إقدامهم على المعصية على سبيل التأويل، كتأويل آدم عليه السلام الإشارة النوعيّة بالشخصيّة(10) ، وكان المراد الأولى، فنزّهه هذا عن معصيته، وأضاف إليه اثنتين، ومنهم من جوّز الذنوب كلّها سهواً وغفلةً(11).
وأمّا الأشاعرة: فمنعوا الكبائر مطلقاً، عمداً وسهواً، وجوّزوا الصغائر سهواً لا عمداً(12) ، هذا حال النبوة، وأمّا قبلها: فجوّزوا جميع المعاصي عمداً وسهواً، إلّا (13)الكفر.
وقال أصحابنا الإمامية رضوان اللَّه عليهم: إنّهم معصومون من جميع المعاصي، كبائر وصغائر، عمداً وسهواً وخطأً وتأويلًا، قبل النبوّة وبعدها، من أوّل العمر إلى آخره، وهو الحق الصراح(14).
ج- في الدليل على مذهبنا، وهو من وجوه:
1- لولا العصمة لزم نقض غرض الحكيم، لكنّ اللازم باطل، فكذا الملزوم، وأمّا الملازمة: فلأنّه بتقدير وقوع المعصية منه جاز أنْ يأمر الناس بما فيه مفسدتهم، وينهاهم عمّا فيه مصلحتهم، وذلك مستلزم لإغوائهم وإضلالهم، وهو ضدّ مراد الحكيم، إذ غرضه هداية الخلق إلى مصالحهم، وجذبهم بالبشارة والإنذار إلى ذلك، كما قال سبحانه: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ} [النساء: 165] وأمّا بطلان اللازم فظاهر، لأنّ مناقضة الغرض سفهٌ وعبث، وهما محالان عليه تعالى.
2- لو لم يكن معصوماً لزم وجود فعل المعصية، وترك الطاعة، واللازم كالملزوم في البطلان، بيان الملازمة: أنّه بتقدير جواز المعصية وترك الطاعة عليه، جاز أنْ يوجب الحرام ويحرّم الحلال، ويجب علينا اتباعه، لقوله: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وأمّا بطلان اللازم: فلأنّ الأمر بالقبيح قبيح، وهو محال على الحكيم.
3- لو لم يكن معصوماً لم يكن مقبول الشهادة، لكنّ اللازم باطل إجماعاً، فكذا الملزوم، بيان الملازمة: أنّ بتقدير عدم عصمته يجوز وقوع المعصية منه، فيكون فاسقاً، فلا تقبل شهادته، لقوله تعالى: { إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6].
4- لو كان جائز الخطأ فلنفرضه واقعاً، فإمّا أنْ يجب الإنكار عليه، فيسقط محلّه من القلوب، أو لا يجب، فيسقط وجوب النهي عن المنكر، والقسمان باطلان، وهما لازمان من جواز الخطأ، فيكون باطلًا.
5- لو لم يكن معصوماً من أوّل العمر إلى آخره لجاز أن (لا يؤدّي) بعض ما أمر به، بل جاز إخفاء الرسالة ابتداءً، لكنّ اللازم باطل إجماعاً، فكذا الملزوم، والملازمة ظاهرة .
______________
(1) كشف المراد: 362.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7: 8.
(3) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7: 8، وكشف المراد: 365.
(4) والفضليّة : فرقة من الخوارج الصفرية، أتباع فضل بن عبد اللَّه( معجم الفرق الاسلامية: 186).
(5) راجع شرح المواقف 8: 264، وفيه: الأزارقة ، وهم أصحاب أبي راشد نافع بن الازرق(الملل والنحل 1: 109).
(6) نفس المصدر.
( 7- 10) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7: 11.
(11) شرح نهج البلاغة 7: 12.
(12) شرح المقاصد 5: 51.
(13) انظر شرح المقاصد 5: 50- 51.
(14) شرح نهج البلاغة 7: 12، ونهج الحق وكشف الصدق: 142.
|
|
دراسة تكشف منافع ومخاطر عقاقير خفض الوزن
|
|
|
|
|
ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين ونقله يعرقل انتشاره في قطاع النقل
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يرفد مكتبة جامعة العميد بمجموعةٍ جديدة من الكتب العلمية
|
|
|