x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

دعوات لا تستجاب.

بقلم: علي موسى الكعبي.

 

من الدعوات التي أكّدت النصوص الإسلاميّة على أنّها لا تستجاب:
1 ـ الداعي الذي يطلب تغيير حالة ناتجة عن ارتكابه إثماً، أو تقصيراً في واجب:
ومثل هذا الداعي لا يمكن أن يترتّب أثر علىٰ دعائه حتى يتوب ممّا ارتكب أو يزيل أسباب حصول تلك الحالة وعللها.
مثال ذلك المظلوم الذي يدعو لإزالة مظلمته وهو متحمّل لمظالم العباد وتَبِعات المخلوقين، فهذا هو الذي يدعو لتغيير الحالة الناتجة عن ارتكابه إثما.
قال الإمام الصادق عليه‌السلام: «قال الله عزَّ وجلَّ: وعزّتي وجلالي لا أُجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها، ولأحد عنده مثل تلك المظلمة» (1).
وعنه عليه‌السلام أنّه قال: «إذا ظُلِمَ الرجل فظلّ يدعو علىٰ صاحبه، قال الله عزَّ وجلّ: إنّ هاهنا آخر يدعو عليك، يزعم أنّك ظلمته، فإن شئت أجبتك، وأجبت عليك، وإن شئت أخّرتكما فيوسعكما عفوي» (2).
ومثال طلب تغيير الحالة الناتجة عن التقصير في واجب، التواكل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذلك لأنّهما واجبان وجوباً كفائياً لقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] وإنّ صلاح المجتمع وفساده منوطان بالقيام بهذين الفرضين أو عدمه، فلو تواكل العباد فيهما وتركوهما، فستُتاح الفرصة للأشرار والظلمة كي يتسلّطوا علىٰ مقدّرات الناس، وينزوا علىٰ مقاليد الحكم، وعليه فقد تجد أُمّة كاملة تدعو علىٰ ظالم واحد فلا يستجاب لها، إلّا أن يتوبوا عما بدر منهم ويطيعوا الله فيما فرضه عليهم {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام: «لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم» (3).
وقال الإمام الصادق عليه‌السلام: «من عذر ظالماً بظلمه، سلّط الله عليه من يظلمه، وإن دعا لم يستجب له، ولم يأجره الله علىٰ ظلامته» (4).

2 ـ الدعاء على خلاف سنن التكوين والتشريع:
علىٰ الداعي أن يفهم سنن الله تعالى التكوينيّة والتشريعيّة، وأن يدعو ضمن دائرة هذه السنن، فليس من مهمّة الدعاء أن يتجاوز هذه السنن التي تمثّل إرادة الخالق التكوينيّة ورحمته ولطفه، قال تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].
روى الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌ السلام: «أنّ زيد بن صوحان قال لأمر المؤمنين عليه‌السلام: أي دعوة أضلّ؟ قال عليه‌السلام: الداعي بما لا يكون» (5) أي لا يقع ضمن دائرة سنن التكوين.
إنّ الدعاء طلب المقدرة والعون للوصول إلىٰ أهداف مشروعة أقرّتها الخليقة والتكوين أو الشرائع الالهية للإنسان، وهو بهذه الصورة حاجة طبيعية لا يبخل الباري تعالى بلطفه ورحمته علىٰ الداعي بالعون حيثما وجدت الحاجة لذلك، وحيثما كان الداعي مراعياً للشروط والآداب، أما أن يطلب أشياء تخالف أهداف التكوين والتشريع فان دعاءه لا يستجاب كمن يسأل الله تعالى إحياء الموتىٰ، أو الخلود في دار الدنيا، أو غفران ذنوب الكفار، أو يدعو علىٰ أخيه المؤمن، أو في قطيعة رحم، أو يطلب شيئاً محرماً، وغير ذلك من الدعوات التي لا تكون مصداقاً حقيقياً للدعاء.
قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام: «يا صاحب الدعاء، لا تسأل ما لا يحلُّ ولا يكون» (6) وما لا يحلّ يُعَدّ خروجاً عن سنن التشريع الالهية، وما لا يكون يعد خروجاً عن سنن التكوين.
وقال عليه‌السلام: «من سأل فوق قدره استحق الحرمان» (7) أي إذا تجاوز الحدّ في دعائه بحيث لا يكون طلبه واقعياً، كأن يسأل الخلود في دار الدنيا.
وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: «إنّ أصنافاً من أُمتي لا يستجاب لهم... ورجل يدعو في قطيعة رحم» (8)؛ ذلك لأنّ هذا الدعاء علىٰ خلاف سنن التشريع القاضية بصلة الرحم.
وروي عن شعيب، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ـ في حديث ـ أنّه قال له: أدعُ الله أن يغنيني عن خلقه. فقال عليه‌السلام: «إنّ الله قسّم رزق من شاء علىٰ يدي من شاء، ولكن سَلِ الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلىٰ لئام خلقه» (9).
وذلك لأنّ حاجة الناس بعضهم إلىٰ بعض في أمور دينهم ودنياهم من سنن الله تعالى في الخلق، فلا يجوز أن يدعو الإنسان ربّه كي يغنيه عن الناس؛ لأنّه دعاء علىٰ خلاف سُنّة الله تعالى وارادته الحكيمة.
ومن الأدعية المخالفة لسنن التشريع، دعاء المرء علىٰ نفسه في حالة الضجر، قال تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11].
قال ابن عباس وغيره: إنّ الإنسان ربّما يدعو في حال الضجر والغضب علىٰ نفسه وأهله وماله بما لا يحبّ أن يستجاب له فيه، كما يدعو لنفسه بالخير، فلو أجاب الله دعاءه لأهلكه، لكنّه لا يجيب بفضله ورحمته (10).
ولا يتوقّف الأمر عند حدود الأمثلة التي ذكرناها أو التي ذكرتها الروايات، بل يشمل جميع الدعوات المخالفة لسنن الله تعالى في الكون والطبيعة والمجتمع والتاريخ.

3 ـ الدعاء بلا عمل:
الدعاء من مفاتيح الرحمة الإلهية التي جعلها الباري تعالى بأيدينا لنستفتح بها خزائن لطفه ورحمته، ونطلب بها مغفرته وفضله، قال الإمام الصادق عليه‌السلام: «... فأكثر من الدعاء، فإنّه مفتاح كلّ رحمة، ونجاح كلّ حاجة، ولا ينال ما عند الله عزَّ وجلَّ إلّا بالدعاء» (11).
والعمل يقترن مع الدعاء في كونه أحد مفاتيح الرحمة الالهية الواسعة، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7].
وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: «إنّ لله عباداً يعملون فيعطيهم، وآخرين يسألونه صادقين فيعطيهم، ثمّ يجمعهم في الجنّة، فيقول الذين عملوا: ربنا عملنا فأعطيتنا، ففيما أعطيت هؤلاء؟ فيقول: هؤلاء عبادي، أعطيتكم أجوركم، ولم ألتكم من أعمالكم شيئاً، وسألني هؤلاء فأعطيتهم وأغنيتهم، وهو فضلي أُوتيه من أشاء» (12).
وعلى الرغم من حالة الاقتران بين الدعاء والعمل، إلّا أنّ الدعاء لا يغني عن العمل، ولا يصح الاكتفاء بالدعاء عن السعي والمثابرة والجد، الدعاء مظهر من مظاهر الحاجة الحقّة، وإنّما يدعو الإنسان عندما لا يكون مطلوبه ميسوراً له أو في متناول يده، أو يكون عاجزاً ضعيفاً لا يمتلك القدرة علىٰ تحصيله، أمّا إذا خوّله الله تعالى مفتاح الحاجة فتكاسل عن استعماله، والتجأ إلىٰ الدعاء دون جدٍّ واجتهاد، فان دعاءه لا يستجاب، مثال ذلك المذنب الذي يستغفر الله تعالى ويدعوه التوبة، ولكنّه لا يثابر في تغيير ما في نفسه وتهذيبها باقتلاع عناصر الشر والفساد.
قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وصيّته لأبي ذر رضي‌الله‌عنه: «يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر» (13).
وقال الإمام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام: «الداعي بلا عمل، كالرامي بلا وتر» (14).
ولذلك ورد عن أئمة الهدى عليه‌السلام كثير من الأحاديث التي تخبرنا عن أصناف من الناس لا تستجاب لهم دعوة؛ لأنّهم استغنوا بالدعاء عن السعي والجد والمثابرة.
قال الإمام الصادق عليه‌السلام: «أربعة لا تستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهمّ ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالطلب؟ ورجل كانت له امرأة فدعا عليها، فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك، ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: اللهمّ ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالاقتصاد؟ ألم آمرك بالإصلاح؟ ثم تلا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] ورجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة، فيقال له: ألم آمرك بالشهادة؟» (15).
وعن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام: رجل قال: لأقعدنّ في بيتي، ولأصلينّ ولأصومنّ، ولأعبدنّ ربّي، فأمّا رزقي فسيأتيني، فقال عليه‌السلام: «هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم» (16).
ويضيف الإمام الصادق عليه‌السلام صنفاً آخر ممّن اتّكل علىٰ الدعاء تاركاً الجدّ والسعي، وهو الذي يدعو علىٰ جاره وقد جعل الله عزَّ وجلَّ له السبيل في الخلاص، يقول عليه‌السلام في حديث الثلاثة الذين لا تستجاب لهم دعوة: «ورجل يدعو علىٰ جاره وقد جعل الله عزَّ وجلَّ له السبيل إلىٰ أن يتحوّل عن جواره ويبيع داره» (17).
وهذا الأمر عام لا يقتصر علىٰ الأمثلة المذكورة في الأحاديث وحسب، وإنّما هي أمثلة لجميع الأحوال التي يكون الإنسان فيها قادراً علىٰ حل مشكلته بالعمل والتدبر، ولكنّه يتكاسل عن ذلك فيقيم الدعاء مقام العمل.
والحق أنّ الدعاء مكمّل للعمل ومتمّم له، فإذا كان الله تعالى قد حبانا القدرة لتحقيق المطلوب، وهدانا إلىٰ السبيل المؤدي إلىٰ ما نصبو إليه، فلا بدّ من السعي المقترن بالدعاء، لتكون عاقبة السعي أكثر ثواباً وأجزل أجراً.
قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: «يدخل الجنة رجلان، كانا يعملان عملاً واحداً، فيرى أحدهما صاحبه فوقه، فيقول: يا ربِّ بما أعطيته وكان عملنا واحداً؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: اسألوا الله وأجزلوا، فإنّه لا يتعاظمه شيء» (18).

__________________________
(1) وسائل الشيعة 7: 146 / 1.
(2) أمالي الصدوق: 261 / 3.
(3) نهج البلاغة، الرسالة (47).
(4) بحار الانوار 93: 319 / 26.
(5) الفقيه 4: 274 / 729. أمالي الصدوق: 322 / 4.
(6) الخصال: 365 حديث الأربعمائة.
(7) عدة الداعي: 152.
(8) وسائل الشيعة 17: 27 / 6.
(9) الكافي 2: 205 / 1.
(10) مجمع البيان 6: 618.
(11) الكافي 2: 341 / 7.
(12) عدة الداعي: 42.
(13) أمالي الطوسي 2: 147.
(14) نهج البلاغة، الحكمة (337).
(15) الكافي 2: 370 / 2.
(16) مستطرفات السرائر: 139 / 11.
(17) الكافي 2: 370 / 1. والفقيه 2: 39 / 173. والخصال: 160 / 208.
(18) عدة الداعي: 42.

محمد بن إدريس الحلّي

بحث دلالي في البسملة

مثال الاستقامة "حجر بن عدي الكندي"

إسلام الحمزة عليه السلام

الزواج

أسباب تأخّر استجابة الدعاء.

التوحيدُ أساس دعوة الأنبياء

قطع الروابط مع الامة الإسلامية

دعوات لا تستجاب.

العشر الأواخر من شهر رمضان

استشهاد الإمام أمير المؤمنين ( عليه السّلام )

خطبة النبي في استقبال شهر رمضان

كرامات القائم (عليه السلام) على يد سفرائه

خصاص الإمام الحجّة "عج"

الدليل العقلي على ولادة وإمامة ووجود الإمام المهدي (عليه السلام)

ولادة الإمام الحسين (عليه السلام)

1

المزيد
 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+