لماذا ختمت النبوة بمحمد (ص)؟
المؤلف:
الشيخ محمد جواد مغنية
المصدر:
التفسير الكاشف
الجزء والصفحة:
ج6، ص225-226.
5-3-2022
3671
اتفق المسلمون قولا واحدا على انه لا وحي الى احد بعد محمد (ص) ، ومن أنكر ذلك فما هو بمسلم ، ومن ادعى النبوة بعد محمد وجب قتله، ومن طلب الدليل على نبوة هذا الدعي محتملا الصدق في قوله فهو كافر ، وفي تفسير اسماعيل حقي روح البيان ، : (لو جاء بعد رسول الله (ص) نبي لجاء علي بن أبي طالب لأنه كان منه بمنزلة هارون من موسى)
وتسأل : لماذا ختمت النبوة بمحمد ؟
الجواب : ان الغاية الأولى والأخيرة من بعثة النبي هي أن يبلغ قوله تعالى إلى عباده ، وما من شيء يريد الله سبحانه أن يبلغه إلى عباده إلا وهو موجـود في القرآن الكريم، قال تعالى : (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء – 89 النحل) . وقال : (ما فرطنا في الكتاب من شيء – 38 الانعام). أي من شيء يتصـل بوظيفة الأنبياء واختصاصهم في هداية الخلق وارشادهم الى مصالحهم التي تضمن لهم سعادة الدارين .
ولا وسيلة لإثبات هذه الحقيقة إلا بالتجربة التي لا تقبل الشك والجدال ، ونعني بها أن يدرس أهل الاختصاص القرآن دراسة علمية شاملة من ألفه إلى يائه ، يقارنوا بينه وبين غيره من كتب الأديان .. ونحن على يقين بأنهم ينتهون من ذلك إلى أمرين : الأول ان القرآن ببلاغته وعقيدته وشريعته يفوق جميع كتب الأديان. الثاني: انهم يجدون في القرآن جميع الأصول والمبادئ التي تتجاوب مع حاجات الناس ومصالحهم وتقدمهم إلى قيام الساعة . فما من نهضة علمية أو ثورة تحررية إلا ويدعو اليها القرآن ويباركها ، وما من تشريع يحتاج اليه الناس في دور من أدوار التاريخ إلا ويستطيع أهل العلم والاجتهاد أن يستخرجوه من أحد أصول القرآن ومبادئه ، وقد أذن الله ورسوله لمن له الأهلية والكفاءة ، أن يفرع على أصول القرآن ، ويستخرج منها الأحكام التي فيها خير وصلاح للناس بجهة من الجهات ، ومعنى هذا ان حكم المجتهد العادل هو حكم القرآن والرسول ، ولذا جاء في بعض الروايات ان الراد على حكمه كالراد على الله . ومعنى هذا أيضاً ان النبي موجود بوجود القران الذي لات ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد اجاد ابن عربي في قوله : (من حفظ القران فقد ادرج النبوة بين جنبيه) طبعا على شرط التدبر والايمان الخالص .
وبعد ، فإن محمداً بشر يوحى اليه كنوح وابراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ، ولكن الله سبحانه قد خص محمداً ما لم يخص به أحداً من الأنبياء ، مع العلم بأنه تعالى قد منح كل نبي جميع الفضائل ، لأن النبوة أم الفضائل كلها .. ولكن للفضل مراتب ، فهناك فاضل وأفضل ، وكامل وأكمل تماماً مثـل عالم وأعلم ، وكريم وأكرم (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض – 55 الإسراء) . . وقد خص الله محمداً (ص) بأسمى المراتب وأكمل صفـات الكمال بحيث لا شيء فوقها إلا الله وصفات الله .. ومن ذلك إكمال الوحي الذي أنزل اليه ، إكماله من جميع الجهات ، والدليل هذا القرآن الذي فيه تبيان كل شيء مما يدخل في وظيفة رسل الله ، فأين هي كتب الأنبياء ؟ فليأت الجاحدون بواحد منها فيه تبيان كل شيء ، أو يجرأ على القول : إنه ما فرط فيه من شيء .. وإلى هذا أشار خاتم النبيين وسيد المرسلين حيث قال : (ان مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنی بنياناً فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين) .
ونختم الجواب بما قلناه في كتاب (إمامة علي والعقل) : ( وإذا قال قائل : لماذا كان محمد (ص) خاتم الأنبياء ؟ أجبناه بأن محمداً ودين محمـد قد استوفيا صفات الكمال ، وبلغا الغاية منها والنهاية، تماماً كما بلغت الشمس الحـد الأعلى من النور ، فلا كوكب ولا كهرباء يمتلئ الكون بنورهما بعـد كوكب الشمس .. كذلك لا نبي يأتي بجديد لخير الانسانية بعد محمد (ص)).
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة