x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

أقسام الحديث باعتبار الراوي

المؤلف:  الملا علي كني

المصدر:  توضيح المقال في علم الرجال

الجزء والصفحة:  ص 243 ـ 252.

23/10/2022

1087

قسّمه [أي: الحديث] المتأخّرون بهذا الاعتبار [أي: باعتبار الراوي] إلى أقسام: الصحيح والموثّق والحسن والقويّ والضعيف، وهذه أُصول الأقسام عندهم، فقد يُزاد في التقسيم بتقسيم كلٍّ إلى أعلى وغيره، وقد يُزاد على الأدنى بأنّه كالأعلى، فيقال مثلًا: الحسن كالصحيح، أو كالموثّق والقويّ كالحسن، ونحو ذلك.

ويظهر من المتقدّمين أيضاً تقسيمه إلى أقسام منها: الصحيح، ولذا مرّ قولهم: «لفلان كتاب صحيح» وقولهم: «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن فلان».

وقول الصدوق:  «وكلّ ما صحّحه شيخي فهو عندي صحيح» (1)

ومنها: المعمول به. وقد مرّ أنّ الطائفة عملت بما رواه فلان، وسكنوا إلى روايات فلان، ولفلان كتاب يعمل به.

ومنها: الشاذّ والنادر (2) ومنهاالضعيف.

وفي عبائرهم: فلان ضعيف، أو ضعيف الحديث، أو مختلطة، أو غير نقيّة، ونحو ذلك.

ومن هنا يظهر اندفاع ما أورده كثير من الأخباريّين القاصرين على تقسيم المتأخّرين بأنّه اجتهاد منهم وبدعة، والأوّل طريقة العامّة والثاني في الضلالة ...

ونزيد عليه هنا: أنّ أصل الاصطلاح كان موجوداً عند القدماء، والصادر من المتأخّرين تغييره إلى ما هو أضبط وأنفع، فإن كان مجرّد التغيير بدعةً، فالأخباريّون أيضاً من أهلها؛ لتغييرهم كيفيّة البحث والاستدلال والتصنيف والتأليف وغير ذلك، مع أنّ أصل عروضه عند القدماء أيضاً بدعة، مضافاً إلى منع كلّيّة الكبرى؛ لما ورد في تقسيم البدعة، واختصاص بعض أقسامها بالضلالة.

ولتطويل الكلام معهم محلّ آخر، إنّما الكلام هنا في معرفة الأقسام المزبورة.

فنقولأمّا الصحيح فالمراد به عند المتأخّرين: ما كان جميع سلسلة سنده إماميّين ممدوحين بالتوثيق مع اتّصال السند إلى المعصوم (عليه السلام) (3).

ومع التعدّد في مرتبة أو أزيد كفى اتّصاف واحد منهم بما ذُكر.

وعن جمهور العامّة اعتبار ألّا يكون شاذّاً ولا معلّلًا فيه.

وفيه: أنّ اعتبار ذلك إنّما هو في اعتباره دون التسمية، والأخير إذا كان في السند وإن نافى التسمية؛ إذ المراد به الإرسال فيما ظاهره الاتّصال، إلّا أنّ اعتبار عدمه مستفاد ممّا ذُكر؛ لفرض اتّصاف جميع السند بما ذُكر، فالساقط إن كان متّصفاً بذلك، فلا إشكال، وإلّا لم يصدق اتّصاف الجميع به.

وأمّا إذا كان في المتن فبأحد الاصطلاحين- وهو ما اشتمل على علّة الحكم- غير مضرّ قطعاً، وبالآخر- وهو ما كان في متنه عيب قادح- فإنّما يقدح في الاعتبار لا في التسمية.

ثمّ إنّ هذا القسم ينقسم عند جماعة إلى أقسام ثلاثة: أعلى وأوسط وأدنى.

فالأعلىما كان اتّصاف الجميع بما ذُكر بالعلم أو بشهادة عدلين، أو في البعض بالأوّل وفي ‌الآخر بالثاني (4) والأوسطما كان اتّصاف الجميع بما ذكر بقول عدل يفيد الظنّ المعتمد، أو كان اتّصاف البعض به بأحد الطرق المذكورة في الأعلى.

والأدنىما كان اتّصاف الجميع أو بعضهم- مع كون الباقين من أحد القسمين الأوَّلين- بالوصف المعتبر في الصحّة بالظنّ الاجتهادي.

وهل يجري هنا ما يجي‌ء في البواقي من زيادة الأقسام بتشبيه الأدنى من نوع بنوع أعلى منه، فيشبه الأدنى هنا بأعلى منه مع اتّحاد النوع، بل في البواقي أيضاً، فيقال:

الصحيح الأوسط كالصحيح الأعلى، والأدنى كالصحيح الأوسط أو الأعلى، والموثّق الأوسط كالموثّق الأعلى وهكذا، بل بتشبيه الأعلى في نوعٍ بالأدنى فيه، بل الأعلى من نوعٍ بنوع أدنى إشارة إلى كونه من أدنى مراتبه، فيقال: الصحيح الأعلى كالصحيح الأوسط أو الأدنى، أو الصحيح كالموثّق أو كالحسن وهكذا، أم لا؟ [لم‌] (5) أقف عَلى مَنْ نصّ عليه ولا على مَن استعمله، ولا ريب في إمكانه، فلا بأس به لو فعل، وعليه فتكثر الأقسام إلى ما ترى.

ولا يخفى اختلاف القوّة والضعف باختلاف المراتب المزبورة وغيرها.

مثلًا: في الصحيح الأدنى باختلاف الظنون الاجتهادية قوّةً وضعفاً، خصوصاً حيث‌ اختصّ التوثيق بالظنّ المزبور بواحد من سلسلة السند وكان من أقوى الظنون، فربّما يقوى هذا الأدنى على الأوسط حيث كان توثيق غير الموثّق بالظنّ المزبور بما في الصحيح الأعلى، إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على المتأمّل، خصوصاً إذا انضمّ إلى ذلك بعض القرائن الخارجيّة الموجبة للقوّة أو الضعف.

وهذا يثمر عند التعارض، وكذا في مراتب الاطمئنان، فربّما يجترأ في القويّ على مخالفة جمع بل الأكثرين، ولا يجترأ في غيره.

وبالجملة، هذا باب واسع لا ينبغي للفقيه المستفرغ بل الفارغ أن يغفل عنه.

وأمّا الموثّق‌: فالمراد به عندهم: ما كان جميع سلسلة سنده ممدوحين بالتوثيق الأعمّ الشامل للمقيّد بالجوارح، مع كون الجميع أو البعض من غير الإماميّة، مع اشتراط الاتّصال السابق، فإنّه معتبر في الجميع عدا الضعيف.

وله أيضاً أقسام ثلاثة: أعلى وأوسط وأدنى، وأقسام أُخر باعتبار التشبيه تعرف- كتعدّد المراتب واختلافها قوّةً وضعفاً- بمقايسة ما مرّ، وهذا قد يسمّى بالقويّ أيضاً.

وأمّا الحسن‌: فالمراد به عندهم: ما كان جميع سلسلة سنده إماميّين ممدوحين بما لم يبلغ حدّ الوثاقة مطلقاً، فإن بلغ حَدَّها، ففي البعض خاصّةً، وله أيضاً أقسام ومراتب تُعرف بملاحظة ما مرّ.

ثمّ إنّك قد عرفت من التعميم في هذين القسمين أنّ كلّاً منهما على قسمين:

أحدهما في الأوّل: كون الجميع من غير الإماميّة.

والثاني‌ منه: كون البعض خاصّةً منهم.

والأوّل‌ من الأخير: عدم بلوغ مدح واحد من السلسلة إلى حدّ التوثيق.

والثاني‌ منه: اختصاص ذلك ببعضهم

وأمّا القويّ‌ (6) فالمراد به عندهم بمعناه الأعمّ: ما يدخل فيه جميع ما خرج عن‌ الأقسام الثلاثة المزبورة، ولم يدخل في الضعيف.

وله أيضاً ما مرّ من الأقسام بالاعتبارين، وكذا المراتب المختلفة، ويُعرف الجميع بملاحظة ما مرّ.

وله زيادةً على ذلك أقسام:

منها: ما كان جميع سلسلة سنده إماميّين لم ينصّ في أحدهم على مدح ولا ذمّ، هكذا قيل.

وينبغي تقييده بعدم استفادة أحد الأمرين فيهم من أُمور أُخر كالظنون الاجتهاديّة، وإلّا كان مرّةً من أقسام الصحيح، وأُخرى من الحسن، وثالثةً من الضعيف، ولا يحسن جعله في مقابل الجميع، وكأنّه مراد الجميع.

ومنها: ما اتّصف بعض رجال سنده بما في الموثَّق مع كونه من غير الإماميّة، ومَن عداه بما في الحسن. وهذا الذي اختلف في إلحاقه بأحدهما.

ومنشؤ الاختلافِ الاختلافُ في كون الموثّق أقوى من الحسن أو بالعكس، فكلٌ‌ يلحقه بالأضعف؛ لتركّب السند منهما، والنتيجة تَبَعٌ لأخسّ مقدّمتيها، وحيث إنّ عمدة أسباب الاعتبار تدور مدار الظنّ بالصدور فالموثّق من هذه الجهة أقوى فالإلحاق بالحسن وإن كان من أعلى مراتبه.

ومنها: ما كان جميع سنده من غير الإماميّ، لكن مدح الجميع بما لم يبلغ حدّ الوثاقة.

ومنها:  ما تركّب سنده من إماميّ موثّق وغير إماميّ ممدوح.

ومنها:  ما تركّب منهما، لكن مع مدح الجميع بما دون الوثاقة.

ومنها:  ما كان الجميع من غير الإماميّ، لكن مع توثيق بعض ومدح آخرين.

فهذا أحد عشر قسماً.

وهنا عشرة أُخرى بتركيب أوّل أقسام القويّ مع بواقيها، ومع الخمسة السابقة عليه، بأن يكون بعض السند من إماميّين مسكوتٍ عن أحوالهم، وبعضه من سائر الأقسام.

وإذا لُوحِظ مع ذلك انقسام كلٍّ منها إلى الثلاثة الجارية في كلٍّ وإن لم يذكروه- وهي كون كلٍّ أعلى وأوسط وأدنى- بلغت الأقسام إلى ثلاثة وستّين قسماً.

ولو لُوحِظ مع ذلك الانقسام إلى اعتبار تشبيه بعض ببعض في جهة القوّة بل الضعف وإن لم يذكروا إلّا بعضه، زادت إلى ما لا يخلو ضبطه من تعسّر.

كما أنّه مع ملاحظة اختلاف المراتب قوّةً وضعفاً بما أشرنا إليه تبلغ ما يقرب إلى التعذّر، كما لا يخفى.

وأمّا الضعيف‌ (7): فالمراد به ما لم يدخل في أحد الأقسام السابقة، بجرح جميع سلسلة سنده بالجوارح أو بالعقيدة، مع عدم مدحه بالجوارح أو بهما معاً، أو جرح البعض بأحدهما أو بهما، أو جرح البعض بأحد الأمرين وجرح البعض الآخر بالأمر الآخر أو بهما، أو مع جرح بعض بالأمر الآخر وبعض آخر بهما معاً، وهكذا، سواء كان الجرح من جهة التنصيص عليه أو الاجتهاد أو من جهة أصالة عدم أسباب المدح والاعتبار، سواء جعلنا الأصل هو الفسق والجرح أو قلنا: لا أصل في البين.

ولا فرق في صور اختصاص الجرح بالبعض بين كون الباقي أو بعض الباقي من أحد أقسام القويّ أو الحسن أو الموثّق بل الصحيح بل أعلاه؛ لما مرّ من تبعيّة النتيجة لأَخسّ مقدّمتيها.

ومن أقسام الضعيف ما انتفي فيه شرط الاتّصال المعتبر في جميع ما مرّ، كما أشرنا إليه، وذلك بعروض ‌مطلق سقوط بعض ‌الرجال من ‌السند الشامل للقطع ‌والرفع ‌والإرسال.

وربّما يدخل بعض أقسام القويّ بل جميعها في الضعف، كما إذا بنينا على اختصاص الحجّيّة والاعتبار بالصحيح والموثّق خاصّةً، أو بالصحيح وخصوص الحسن.

ومن هنا يظهر أنّ أقسامه أيضاً كثيرة، كما تتكثّر أيضاً باختلاف مراتب الضعف حسب ما مرّ. وتثمر في مقام التعارض حيث كان مؤيّداً أو حجّةً، كما في موارد التسامح.

وينبغي أن يدخل أيضاً في أقسام الضعيف ما انتفي في جميع السند أو بعضه شرط الضبط بغلبة السهو والنسيان عليه، بل بتساوي الأمرين؛ لأنّ شرط الضبط معتبر في جميع الأقسام السابقة.

واقتصارهم على ذكره في الصحيح لا يوجب الاختصاص، كما أنّ اقتصارهم على ذكر شرط الاتّصال لم يوجبه.

وبملاحظة عموم بعض أدلّة ثبوته- كما مرّ- يندفع توهّم الاختصاص بالصحيح باختصاص بعض أدلّته بما يفيد الوثاثة. مضافاً إلى أنّ مع هذا يعمّ الموثّق أيضاً.

وبالجملة، فالوجه عموم اعتباره، ففاقده من الضعيف.

بقي شي‌ء، وهو: أنّ ما مرّ من التفاسير في الأقسام الثلاثة المتقدّمة بل الرابع إنّما هو مع إطلاق الألفاظ المزبورة، كقولهم: «في الصحيح» «في الموثّق» وهكذا.

وكذا إذا كان مع التقييد بكلمة المجاوزة المتعلّقة بالمعصوم عليه السلام، كقولهم: «في الصحيح عن أبي عبداللَّه عليه السلام» ونحو ذلك، أو مع الإضافة إلى الراوي الناقل عنه عليه السلام، كقولهم: «في صحيح زرارة» مثلًا.

وأمّا إذا كانت كلمة المجاوزة متعلّقةً ببعض السند أو كانت بالإضافة إلى غير أخير السند، كقولهم: «في الصحيح عن صفوان» أو «في صحيحه» فالمراد المستفاد حينئذٍ اتّصاف السند إلى الرجل المذكور بالوصف المزبور، فمرّة بخروج الغاية، وهو الرجل المذكور، كما في المثال الأوّل، وأخرى‌ بدخوله أيضاً في الصنف المتّصف، كما في المثال الثاني.

فإن كان الوصف المزبور أَخسَّ مراتب أوصاف السند في الاعتبار كالقويّ، كان بقيّة السند من أقسام الضعيف.

وإن كان ممّا هو فوق الأخسّ، احتمل كون البقيّة ممّا هو أخسّ منه ومن الضعيف.

ومن هنا يتكثّر الاحتمال إن كان الوصف المزبور من أعلى المراتب في الاعتبار، كالصحيح أو الأعلى من أقسامه، وحيث يقوم في الجميع احتمال الضعيف ما لم تكن قرينة على نفيه أُلْحِقَ الجميع بالضعيف؛ لما مَرَّ مراراً من تبعيّة النتيجة لأخسّ المقدّمات.

بّما تقع الغفلة عن ذلك فيُظَنّ من كلماتهم تصحيح السند أو توثيقه بنحو ما سمعت، ومنشؤها عدم الاطّلاع على ما ذكرنا من الاصطلاح أو قلّة التأمّل، فاجعل ذلك نصب عينيك، ولا تغفل ولا تتوهّم أنّ من أقسام الضعيف جملةً من أقسام ما أُطلق عليه الصحّة، كما كثر في كلام العلّامة حيث إنّ رواته كلًاّ أو بعضاً غير موثّقين في كتب الرجال، وذلك لما أشرنا إليه في أقسام الصحيح من أنّ منها ما يكون التوثيق لجميع سنده أو بعضه بطريق الظنون الاجتهادية.

وأمثال هذا الإطلاق ناظر إلى ذلك إن أمكن، وإلّا فمبنيٌّ على الغفلة والاشتباه، وهو على فرض تحقّقه أقلّ قليل.

ثمّ إنّ الظاهر المصرَّح به في كلمات جمع أنّ الباعث للمتأخّرين على التقسيم المزبور والاصطلاح المذكور ضبطُ طريق اعتبار الرواية وعدمه من جهة رجال السند، مع قطع النظر عن النظائر الخارجة بضابط حيث اندرست الأمارات بتطاول العهد، وسقطت أكثر قرائن الاعتبار، لا حصر اعتبار الرواية وعدمه فيما ذكروه على الإطلاق.

ومن هنا تراهم كثيراً مّا يطرحون الموثَّق بل الصحيح، ويعملون بالقويّ، بل بالضعيف، فقد يكون ذلك لقرائن خارجة، منها: الانجبار بالشهرة روايةً أو عملًا. وقد يكون لخصوص ما قيل في حقّ بعض رجال السند، كالإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه، أو على العمل بما يرويه على أحد الاحتمالين فيه، أو قولهم: «إنّه لا يروي - أو- لا يرسل إلّا عن ‌ثقة»، ونحو ذلك، فالنسبة بين ‌الصحيح عندهم ‌والمعمول به‌ عمومٌ من‌ وجه.

وقد يسمّى المعمول به من غير الصحيح والموثّق بل الحسن بما وصفناه.

وقد يسمّى‌ بالمقبول‌، ومنه مقبولة عمر بن حنظلة عند الأكثر، وإن كان هو عند ثاني الشهيدين رحمه الله من الثقات (8) وليس ببعيد.

وهذا أمر لا يخصّ بنوعه بالمتأخّرين، فإنّ المتقدّمين أيضاً اصطلحوا الصحيح- على ما صرّح به جماعة منهم: الفاضل البهبهانيّ رحمه الله في‌ فوائد التعليقة (9) فيما وثقوا بكونه من المعصوم عليه السلام أعمّ من أن يكون منشؤ وثوقهم كون الراوي من الثقات أو أمارات أُخر، ويكونوا يقطعون أو يظنّون بصدوره عنه عليه السلام.

ومنه يظهر أنّ اشتراطهم العدالة أيضاً؛ لما قدّمناه في ...(10) والمعمول به عندهم لا يخصّ بذلك، بل النسبة بينهما باصطلاحهم أيضاً عموم من وجه على تأمّلٍ مّا من‌ الفوائد حيث قال: "إنّ بين صحيحهم والمعمول به عندهم لعلّه عموم من وجه؛ لأنّ ما وثقوا بكونه من المعصوم عليه السلام الموافق للتقيّة صحيح غير معمول به عندهم" (11)

قال: "وببالي التصريح بذلك في أواخر فروع الكافي. وما رواه العامّة عن أميرالمؤمنين عليه السلام- مثلًا- لعلّه غير صحيح عندهم ويكون معمولًا به كذلك؛ لما نقل عن الشيخ رحمه الله أنّه قال في‌ عدّته‌ (12) ما مضمونه هذا: رواية المخالفين في المذهب عن الأئمّة (عليهم السلام) إن عارضها رواية الموثوق به، وجب طرحُها، وإن وافقتها، وجب العمل بها، وإن لم يكن ما يوافقها ولا ما يخالفها ولا يعرف لها قول فيها، وجب أيضاً العمل بها؛ لما روي عن الصادق عليه السلام: "إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنّا، فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليه السلام فاعملوا به" (13)

ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح‌ ابن درّاج والسكوني من العامّة عن أئمّتنا (عليهم السلام)، ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه.

انتهى، فتأمّل. وما ذُكر غير ظاهر عن كلّ القدماء" (14).

وأمّا النسبة بين صحيح القدماء وصحيح المتأخّرين فعموم مطلق بأعمّيّة الأوّل كذلك، كذا في‌ الفوائد (15).

قلتلا يبعد أن يكون بينهما عموم من وجه؛ إذ وثاقة الرواة لا تلازم الوثوق بالصدور عن المعصوم عليه السلام وإن كان كذلك في الغالب، فغير الموثوق بصدوره عنه عليه السلام مع صحّة سنده غير صحيح عندهم.

وأمّا المعمول به عند الفريقين فالظاهر أنّه لا مغايرة بحسب المفهوم وإن تغايرت أسباب جواز العمل عندهم، وكان مؤدّياً إلى التغاير في المصداق بل المفهوم، كما لا يخفى.

وأمّا النسبة بين الضعيف بالاصطلاحين فالظاهر العموم المطلق؛ لأنّ كثيراً من ضعاف المتأخّرين معمول به عند القدماء، وهُمْ يخصّون الضعيف- على ما يظهر منهم- بما يغاير الصحيح والمعمول به عندهم.

ويحتمل العموم من وجه بناءً على طرحهم لبعض الصحاح عند المتأخّرين بضعف الأصل المأخوذ منه عندهم ونحو ذلك.

وحيث إنّه لا ثمرة معتدّاً بها في اختلاف الاصطلاحين ومعرفة كيفيّته فالاقتصار على هذا المقدار خصوصاً في هذا المختصر أَولى، وإنّما المهمّ معرفة اصطلاح المتأخّرين وأقسام ما عندهم، وقد بينّاه بما يناسب هذا المختصر وزيادة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقيه، ج 2، ص 55 (باب صلاة التطوّع، خبر صلاة الغدير).

(2) وهو الذي يرويه الثقة ويخالف فيه الأكثر، وقد يُطلق على ما تندر الفتوى بمضمونه

(3) انظر: ضياء الدراية، ص 21 وما بعدها.

(4) أي بشهادة العدلين.

(5) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل.

(6) قال في «لبّ اللباب» (ص 461) - في معرض تقسيمه للقويّ-:

«ومنها القويّ كالصحيح، وهو ما يكون كلّ واحد من ‌رواته إماميّاً، ويكون البعض مسكوتاً عن المدح والذمّ، أو ممدوحاً بمدح غير بالغ إلى حدّ الحسن، وكان واقعاً في الذكر بعد الثقات وبعد مَنْ يقال في حقّه: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه، على قول.

ومنها: القويّ كالحسن، وهو ما يكون كلّ واحد من رواة سلسلته إماميّاً، وكان الكلّ أو البعض- مع وثاقة الباقي أو نحوها- ممدوحاً بمدح يكون تالياً لمرتبة الحسن، أو ما ادّعِيَّ العلم العادي بكونه من المعصوم عليه السلام ...

ومنها: القويّ كالموثّق، وهو ما كان بعض رواته مسكوتاً عن مدحه وذمّه، وواقعاً بعد مَنْ يقال في حقّه: «أجمعت العصابة ...» وكان الباقي ثقةً، وكان بعض الثقات غير إماميّ، وكان بعضٌ من غير الإماميّ ممدوحاً بمدح يكون تالياً للوثاقة، وكان الباقي ثقةً». انتهى كلام الشيخ شريعتمدار الاسترآبادي، وسيأتي مزيد تفصيل من المصنّف رحمه الله حول ذلك

(7) هو ما حُكِم بكون بعض رواتها أو كلّها مجروحاً بغير فساد المذهب.

وقد يُطلق على ما هو الأعمّ من المعلوم فسقه والمجهول حاله أو ذاته وحاله، بل من القوي أيضاً. انظر: مجموعة «ميراث حديث شيعه»، دفتر دوم، ص 462 رسالة «لبّ اللباب».

(8)  الرعاية، ص 131.

(9) فوائد الوحيد البهبهاني، ص 27.

(10) مكان النقاط ساقطة في الأصل، وقد وضعت عليه علامة السقط.

(11) فوائد الوحيد البهبهاني، ص 27.

(12) عدّة الأُصول، ج 1، ص 379.

(13) وسائل الشيعة، ج 27، ص 91، ح 33292.

(14) فوائد الوحيد البهبهاني، ص 27 و 28.

(15) فوائد الوحيد البهبهاني، ص 28.