x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

ضرورة ديمومة الحياة

المؤلف:  د. علي القائمي

المصدر:  تربية أولاد الشهيد

الجزء والصفحة:  ص115 ــ 119

2023-04-16

1025

المرأة عند فقدها لزوجها ولشدة عاطفتها تفقد الكثير من قواها الروحية وتفقد توازنها، وينشأ هذا التصور لديها في الأيام الأولى لفقدها له فتنفر من الدنيا وتسودّ الدنيا في عينيها، وتحس باليأس لحدّ الموت.

كما وأنها عند موته تفقد الإحساس بالكثير من رغباتها، لا تهتم لإحتياجاتها، فهي لا تجلس إلى مائدة الطعام، لا تمد يدها إلى الطعام، تغرق في التفكير، تحس أنها فقدت ملاذها...

كثرة التفكير، البعد عن المجتمع والوحدة بعد سنوات من التفاعل، استغراقها بذكرى عظمة ومثالية زوجها، غيرتها لمقامه في الدار الآخرة، والوساوس المواكبة لها، تجعل المرأة في حالة كآبة ومن الممكن ان تنجرّ إلى المشكلات النفسية.

ـ وتعلمين أن هذا الأمر غير قابل للاستمرار ويجب ألا يستمر. لقد وقعت الحادثة ونال زوجكِ وعائلتكِ النعمة والفيض غير المتوقع من الله. والمهم بالنسبة لك هو إدامة الحياة الشريفة والسعي لتحكيم العقل الأمر الذي من أجله قدم زوجك روحه وجسده.

وبنظرنا أن الحياة هي الوظيفة التي تعهدنا الاضطلاع بها، وذلك على أساس القوانين والضوابط الواردة في فلسفة الحياة الإسلامية. ويجب قطع الطريق هذا وتحمل الصعوبات الطارئة خلاله. ففي الحياة الإسلامية لا نغتر بالنعم والملذات ولا نخسر أنفسنا أمام المصاعب والمصائب.

فعالمنا ودنيانا مع كل نقاط الوصل والوصال، هي دنيا العبور والموت، ففي كل لحظة حياة عين الموت. فالدقائق والساعات التي تمضي تموت وتليها مثيلاتها، يموت الشيوخ بآجالهم ويشيخ الشباب ويقتربون من الموت، لهذا فالمهم أن نعرف موقعنا ونسعى للإستفادة منه. يجب أن نعلم أن اليوم عمل وعيش وغدا حساب، أن نعيش الحياة كوظيفة يجب تأديتها.

ـ ضرورة تشكيل الأسرة:

هناك نقطة قابلة للذكر أننا لسنا مسؤولين عن أنفسنا فقط، وأن الأهم من ذلك هو حفظ نظام الحياة. وفي نظام الحياة تكون مسألة الأسرة مطروحة وأساسية، لأنها تؤمن للزوجين السكون والهدوء ليكملوا طريق كمالهم بالاطمئنان والراحة.

وبموت واستشهاد الزوج، لا نرى وظيفتك بترك الحياة والعزوبة اللذين يدينهما الإسلام. خاصة وأنك بذلك تضغطين على نفسك وتتحملين الحرمان وخنق الغرائز التي تعتبر عاملاً محركاً لبقاء النسل، يعتبر في الدين أمراً غير مسموح به. فالعمر رأسمال الحياة يجب أن يوظف في خير الإنسان. لا بالفوضى واليأس.

فالزواج وتشكيل أسرة ليس من قبيل الانغماس بالملذات، ولا تلتفتي إلى تقريع الآخرين لهذا الإقدام وحكمهم عليك بعدم الوفاء. فهو وظيفة إنسانية شرط الحفاظ على شرائطه الإسلامية وفي ذلك فلا تلتفتي للوم الجاهلين.

ـ اختيار الزوج المتعهد:

وأما المهم فهو الإلتفات لمسائل في علاقتك بالزوج الجديد. فلا شك أن الذين يقدمون على تشكيل أسرة والحياة مع زوجة وعائلة الشهيد هم أفراد واعون متفهمون. فالموت وشهادة الزوج لا تقلل من قيمة المرأة وتجعلها تحس بالحقارة. فزوجة الشهيد ليست امرأة أو أرملة عادية. ان لها رتبة ومقاماً كبيراً، لأنها واكبت ورافقت الشهيد، لقد رضيت بموت زوجها، رضيت بأن يذهب زوجها لمواجهة العدو، طلبت شهادة زوجها في سبيل الله ووصلت إلى نيل طلبها، وتحملت فراق عزيزها.

لا شك أن أهل العقل والمتفهمين يقفون على هذه الخصائص ويعتبرون زواجهم منها نوعاً من الفخر والربح وليس وسيلة للشفقة. وعليها الإلتفات للنواحي الدينية والأخلاقية في شخصية الزوج، تزوجي من شخص يفهم منطق الشهيد والشهادة ويعمل لحفظ نسل الشهيد وتربيته.

وضع طفلكِ:

ونوصيك فيما يتعلق بزواجك الجديد أن تلتفتي لعلاقتك مع أولادك فعلى هذا الأساس يجب العمل كي لا يتضرر هؤلاء من هذا الزواج.

فوضع الطفل مع الحاضنة بشكل لا ترينه إلا مرة في اليوم يشكل له نوعاً من الظلم. وكذلك فوضع الطفل في الحضانة، أو القسم الداخلي، أو مراكز التربية وما شابه هو نوع من النسيان له وترك لوظيفتك كأم والذي لا يجلب رضى الله.

فاجعلي أطفالك معك، خاصة إن كانوا صغيري السن، فإنك القادرة على تربيتهم بالشكل السليم، فيكفيه ألم فقده لرؤية أبيه، فلا تزيدي عليه هذا الألم. تستطيعين أن تجعلي من وجودهم معك شرطاً لزواجك الجديد ورفض المتقدم للزواج لهذا الأمر يعني أنه غير لائق لأن يكون زوجاً لك.

ـ رؤية طفلك:

وإذا دعت ظروف زواجك، إلى عدم حضانة أطفالك، أو وجد أشخاص مألوفون للأطفال كالجدة والعمة والخالة وقادرون على حضانتهم، ولم تستطيعين أن تكوني معهم طوال الوقت، فعليك أن تنظمي وقتك بشكل تزورينهم فيه كلما سنحت الفرصة.

فهدوء البال والأمن من الخوف والإضطراب من شروط السعادة الأساسية. وطفلك برؤيتك يسلم من هذه المخاطر، يطمئن لأنه لا يزال ابنا لأمه التي لا تزال تحبه وبذلك يتحقق شرط رشده وتفتح استعداداته وقدراته.

والأطفال كبيرو السن وفي سنوات المدرسة يستطيعون تحمل فراق الأم بمشكلات أقل، بسبب وعيهم وفهمهم من جهة وبسبب انشغالهم بالمدرسة وعلاقتهم بالأصدقاء والمعلمين والصف من جهة أخرى. وفي كل حال فإن عدم السؤال عن أحوال الطفل وزيارته، أو التأخر في ذلك يعتبر من المسائل الضارة ويجعل هذا العزيز ابن الشهيد عرضة للكآبة والياس. وهو الذي من دأبه أن يتبعك تبع الحمل للنعجة لا يستطيع تحمل فراقك.

ـ على طريق التعرف باللاأبوة:

إن تعرّف الطفل حديث السن والرضيع على مسألة اللاأبوة لن يعرضه للمشاكل والمعاناة. فهو حسب العرف يفتح عينيه ويتعرف على من حوله. وأصل محبته وأنسه إنما يأتي من خلال اللباس والغذاء والألعاب. ويدخل بالتدريج في عالم الطمأنينة.

الصعوبة تأتي عندما يكون الطفل قد ألف أباه وأصبح يدرك معنى الموت والحياة. أو أن يفرق بين الأبوة واللاأبوة (اليتم). فبالنسبة لهؤلاء الأطفال المميزين أصعب مرحلة هي عند رؤية الرجل يحل محل أبيه.

فمشكلة هؤلاء الأطفال ليست فقط في موت أبيه بل بتجدد هذه الذكرى مع إضافة صعوبة أخرى هي أن يحمل وجود (لا أب) له معها بنفس الوقت.

عادة ما يرفض هؤلاء الأطفال (اللاأب) إلا إذا استطاع أن يجعلهم من خلال تصرفاته وتعامله اللطيف معهم أن يتقبلوه.

(اللاأب) يدخل إلى مسرح حياة الطفل وهو بالتدريج سيتعرف إليه ويأنس وجوده. وإن كان حكم الطفل يعتمد على قبول الأم، ومنطق الأقارب والأهل، فإنهم سيستطيعون إرضاءه بالوضع الجديد، ولا شك أن للمدرسة أيضاً دوراً قيماً في هذا المجال وكل ذلك للتخفيف من عدم التوافق الذي قد ينشأ.

ـ التكلم مع اللاأب:

ومن المناسب هنا أن نوجه كلامنا للّا(أب) (الزوج الجديد) فنقول له، إنك باللاّ(ابوة) لن تعوض للطفل وجود أبيه ويبقى وضعك في خانة الإزعاج والرفض ولن يكون التوقع في البداية من الطفل بأن يألفك ويسلم لأمر وجودك. وقد يصل الأمر بالأطفال إلى اتخاذ موقف سلبي منك ويعاملونك بقسوة. في هذه الحالات لن يفيد الاستبداد والتعنّت، والقسوة عليهم. ولكن المفيد هو توفير الجو اللازم من المحبة والإلفة لتعويض النقص والحرمان.

ارفق بالطفل، دلـله، أره أنك حاميه وصديقه، وقصدك خدمته، وانك تريد خيره وسعادته و...

اسعِ لأن لا يحس بظلك ثقيلاً فوق رأسه، عوض له حرمانه، حتى لو جعلت طريق تربيته يمر عبر أمه.

ـ دوام المحبة:

ونجدد القول لك أيتها الأم أن لا تحرمي طفلك من المحبة والحماية، خاصة في الوقت الذي يكون طفلك فيه ضعيفا، أو مريضاً أو مهموما متألماً، وإذا ما تزامن هذا الوضع مع الفقر المادي للعائلة. وبالأخص إذا ما كان صغيراً جداً.

يحتاج حديثو الولادة لمحبة الأم بشكل أكبر من احتياجهم للغذاء والمسكن والملبس وحرمان الطفل من المحبة يعيق رشده. خاصة في صورة الزواج المجدد ومجيء أطفال جدد، فعليك عدم إيلائهم اهتمامك ومحبتك تحت تأثير زوجك الجديد ونسيان محبتك لأطفالك الأيتام.

علينا أن نجعل للطفل في سنوات حياته الأولى نوعاً من المكانة ليحس بها، ويدرك بأنه محبوب، إنه كما يحتاج إلى دقتك ومراقبتك له يحتاج أيضاً إلى عنايتك ومحبتك.

وفي النهاية نقول: إنه إذا كان القصد من الزواج لتشكيل أسرة ضروري بشرط احتضان الأطفال فأقدمي على الأمر بأسرع ما يمكن لأن الأطفال الصغار لا يحدثون مشكلة في هذا المجال كما لو أصبحوا أكبر عمراً.