x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التفسير الترتيبي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

أخبار القرآن الكريم في المدينة

أخبار القرآن الكريم في مكة

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

القصة القرآنية

البلاغة القرآنية

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي ثمود وقومه

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

الفرق بين التفسير والتأويل

المؤلف:  السيد جاسم آلبوحمد الموسوي

المصدر:  تفسير سورة الفاتحة

الجزء والصفحة:  ص37-46

2023-06-21

1375

تعتبر مسألة التفريق بين مفهوم التفسير والتأويل من أهم المسائل التي طرحت في مجال علوم القرآن، والتي وقعت محلاًّ للبحث في كلمات المفسرين والعلماء، ولهذا آثرنا التعرض لها هنا طلباً للفائدة مراعين فيها الإختصار والإجمال([1]).

أولا: التفسير لغة واصطلاحا:

التفسير في اللغة : هو عبارة عن الكشف والبيان وإيضاح المعنى المراد من اللفظ. قال السيوطي: التفسير تفعيل من الفسر وهو البيان والكشف. ويقال هو مقلوب السفر([2]). تقول أسفر الصبح: إذا أضاء. وقيل مأخوذ من التفسرة  وهي إسم لما يعرِفُ به الطبيبُ المرضَ([3]).

وفي الإصطلاح : هو علم نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها ، والأسباب النازلة فيها ، ثم ترتيب مكيها ومدنيها، وبيان محكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامها ، ومطلقها ومقيدها ، ومجملها ومفسرها ، وحلالها وحرامها ، ووعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ،وعبرها وأمثالها ، ونحو ذلك([4]) .

وعرّفه الطريحي بقوله: علم يبحث فيه عن كلام الله تعالى المُنـزل للإعجاز من حيث الدلالة على مراده تعالى، فقوله: (المنـزل للإعجاز) لإخراج البحث عن الحديث القدسي، فإنه ليس كذلك([5]).

ثانيا: التأويل لغةً واصطلاحاً :

التأويل في اللغة :  قال السيوطي: والتأويل أصله من الأَوْل وهـو الرجوع([6])، فكأنه صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني. وقيل من الإيالة وهي السياسة([7])، كأن المؤولَ للكلام ساسَ الكلام ووضع المعنى فيه موضعه.

وأما إصطلاحاً: فقد وقع بين العلماء كلام طويل وكثير، وجاءت تعاريف مختلفة في ألفاظها وكذا معانيها - كما نراه في كثير من كلمات المفسرين والعلماء- في بيان المعنى الإصطلاحي لمفهوم ( التأويل)، ولقد نقل السيوطي أقولاً كثيرة تجاوزت اثني عشر قولاً من علماء أهل العامة ([8])، ناهيك عمّا جاء في كلمات علمائنا الأعلام من الإمامية حيث هي الأخرى جاءت مختلفة كذلك.

فمنهم من قال بعدم الفرق بين التفسير والتأويل وأن كليهما بمعنى واحد، ومنهم من أنكر ذلك، وقال بعضهم بأن التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية، والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها. ومنهم من ذهب إلى ان التفسير: بيان وضع اللفظ، إما حقيقة أو مجازاً، كتفسير الصراط بالطريق والصيب بالمطر. والتأويل: تفسير باطن اللفظ مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر، فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد، والتفسير إخبار عن دليل المراد، لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل، مثاله قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ([9]) ، تفسيره: إنه من الرصد، يقال رصدته: رقبته، والمرصاد مفعال منه. وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والإستعداد للعرض عليه. وقواطع الأدلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة ([10]).

ولقد ناقش العلامة السيد الطباطبائي هذه الأقوال وغيرها موضحاً نقاط ضعفها وما يرد عليها من ملاحظات علمية، متوصلاً إلى نتيجة في بيان معنى (التأويل) بقوله: إذا عرفت ما مرّ علمت : أن الحق في تفسير التأويل أنه الحقيقة الواقعية التي تستند إليها البيانات القرآنية من حكم أو موعظة أو حكمة، وأنه موجود لجميع الآيات القرآنية محكمها ومتشابهها، وأنه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ([11])، بل هي من الأمور العينية المتعالية من أن يحيط بها شبكات الألفاظ ، وإنما قيدها الله سبحانه بقيد الألفاظ لتقريبها من أذهاننا بعض التقريب، فهي كالأمثال تضرب ليقرب بها المقاصد وتوضح بحسب ما يناسب فهم السامع، كما قال تعالى {حم ** وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ** إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ** وَإِنَّهُ فِي ام الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } ([12])، وفي القرآن تصريحات وتلويحات بهذا المعنى . على أنك قد عرفت فيما مرَّ من البيان أن القرآن لم يستعمل لفظ التأويل في الموارد التي استعملها وهي ستة عشر موردا على ما عُدَّت إلا في المعنى الذي ذكرناه ([13])

 

نماذج من الآيات القرآنية المؤوّلة ([14]) :  

أولا: قوله تعالى : {﴿ وَاعْلَمُوا إنما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }([15]).

هذه الآية نزلت بشأن غنائم بدر, و غاية ما هناك أن عمّت غنائم جميع الحروب, على شرائطها.

لكن الإمام أبا جعفر محمد بن علي الجواد(عليه السلام ) نراه يأخذ بعموم الموصول ( ما ) , و يفسر ((الغنيمة )) بمطلق الفائدة , وأرباح المكاسب و التجارات , التي يربحها أرباب الصناعات و التجارات وغيرهم طول عامهم , في كل سنة بشكل عام ، كما في الخبر الذي يرويه لنا علي بن مهزيار (رض) حيث أجابه الإمام قائلا :

( فاما الغنائم والفوائد: فهي واجبة عليهم في كل عام، قال الله تعالى:{وَاعْلَمُوا إنما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، ثم وضّح الإمام (عليه السلام) ذلك قائلا : والغنائم والفوائد يرحمك الله- خطابه إلى علي بن مهزيار- فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر عظيم...)([16]).

و هكذا ورد عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام ): ((الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير))([17]).

ثانيا: قوله تعالى : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }([18])، حيث نزلت هذه الآية بشأن الإعداد للجهاد, دفاعا عن حريم الإسلام , فكان مفروضاً على أصحاب الثروات القيام بنفقات الجهاد, دون سيطرة العدو الذي لا يبقي و لا يذر.

لكن ((السبيل )) لا يعني القتال فحسب , فهو يعم سبيل إعلاء كلمة الدين وتحكيم كلمة اللّه في الأرض, ويتلخص في تثبيت أركان الحكم الإسلامي في البلاد, في جميع أبعاده : الإداري، والاجتماعي، والتربوي، والسياسي، والعسكري , وما شابه وهذا إنما يقوم بالمال , حيث المال طاقة يمكن تبديلها إلى أي طاقة شئت , ومن ثم قالوا: قوام الملك بالمال، فالدولة القائمة بذاتها إنما تكون قائمة إذا كانت تملك الثروة اللازمة لإدارة البلاد في جميع مناحيها.

وهذا المال يجب توفره على أيدي العائشين تحت لواء الدولة الحاكمة, ويكون مفروضا عليهم دفع الضرائب والجبايات , كل حسب مكنته و ثروته, الأمر الذي يكون شيئا وراء الأخماس والزكوات التي لها مصارف خاصة, لا تعني شؤون الدولة فحسب .

وهذه هي (المالية ) التي يكون تقديرها وتوزيعها على الأموال والممتلكات, حسب حاجة الدولة وتقديرها, ومن ثم لم يتعين جانب تقديرها في الشريعة , على خلاف الزكوات والأخماس , حيث تعين المقدار والمصرف والمورد فيها بالنص .

ومن هنا نجد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام ) وضع على الخيل العتاق

الراعية في كل فرس في كل عام دينارين وجعل على البراذين ديناراً  ([19]).

ثالثا: قوله تعالى : {... مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأرض فَكَإنما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَإنما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...}([20]).

لقد عرضت الآية الشريفة نظرة السماء إلى قيمة هذا الإنسان، وكيف أنه بوجوده الإنساني يستحق التعظيم والإحترام ، ولا فرق بين كونه فرداً واحداً أو متعدداً، بعد أن كان أصل التقييم قائماً بإنسانية الإنسان، ولأجل ذلك كان الحكم في من أنقذ نفساً من الموت والهلاك بقوة من أحيا كل الإنسانية ، ومن أبادها وقتلها ظلماً وعدواناً بقوة من أباد كل الوجود الإنساني.    

قال العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان تعقيباً على هذه الآية: إن الإسلام لا يرى في الدنيا قيمة للإنسان يقوم بها ولا وزناً يوزن به إلا إذا كان على دين التوحيد، فوزن الإجتماع الإنساني ووزن الموحد الواحد عنده سيان، فمن الواجب أن يكون حكمهما عنده واحداً، فمن قتل مؤمناً كان كمن قتل الناس جميعاً ؛ من نظر إزرائه و هتكه لشرف الحقيقة ،كما أن من قتل نفساً كان كمن قتل الناس جميعاً ؛ من نظر الطبيعة الوجودية، و أما الملل المتمدنة فلا يبالون بالدين ولو كانت شرافة الدين عندهم تعادل في قيمتها أو وزنها - فضلاً عن التفوق - الإجتماع المدني في الفضل لحكموا فيه بما حكموا في ذلك([21]).

هذا المعنى الظاهر والبارز للآية الشريفة بحسب التفسير، إلا أن هناك معنى آخر للآية من خلال تأويلها وهو ما أشار اليه إمامنا الباقر(عليه السلام) كما يرويه الشيخ الكليني (قدس سره) عن فضيل بن يسار قـال : (( قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : قول الله عز وجل في كتابه : " ومن أحياها فكإنما أحيــا الناس جميعا " ؟ قال : من حرقٍ أو غرقٍ ( أي أنقذها من الحرق والغرق) ، قلت : فمن أخرجها من ضلال إلى هدى ؟ قال : ذاك تأويلها الأعظم)) ([22]).

ضابطة التأويل([23]) :

و مما يجدر التنبه له أن للأخذ بدلائل الكلام ـ سواء كانت جلية ام خفية ـ شرائط و معايير, لا بد من مراعاتها للحصول على الفهم الدقيق فكما ان لتفسير الكلام ـ و هو الكشف عن المعاني الظاهرية للقرآن ـ قواعد واصول مقررة في علم الأصول و المنطق , كذلك كانت لتأويل الكلام ـ و هو الحصول على المعاني الباطنية للقرآن ـ شرائط و معايير, لا ينبغي إعفاؤها وإلا كان تأويلاً بغير مقياس , بل كان من التفسير بالرأي الممقوت، فمن شرائط التأويل الصحيح ـ أي التأويل المقبول في مقابلة التأويل المرفوض:

 أولاً: رعاية المناسبة القريبة بين ظهر الكلام و بطنه , أي بين الدلالة الظاهرية وهذه الدلالة الباطنية للكلام , فلا تكون اجنبية , لا مناسبة بينها وبين اللفظ أبداً فإذا كان التأويل ـ كما عرفناه ـ هو المفهوم العام المنتزع من فحوى الكلام , كان لا بد أن هناك مناسبة لفظية أو معنوية استدعت هذا الإنتزاع .

مثلاً: لفظة ((الميزان )) وضعت لآلة الوزن المعروفة ذات الكفتين , وقد جاء الأمر بإقامتها وعدم البخس فيها, في قوله تعالى : ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ([24]). لكنا إذا جردنا اللفظ من قرائن الوضع وغيره وأخلصناه من ملابسات الأُنس الذهني , فقد أخذنا بمفهومه العام :كل ما يوزن به الشي , أي شي كان مادياً ام معنوياً, فانه يشمل كل مقياس أو معيار كان يقاس به أو يوزن به في جميع شؤون الحياة , ولا يختص بهذه الآلة المادية فحسب .

قال الشيخ أبو جعفر الطوسي : فالميزان آلة التعديل في النقصان والرجحان, والوزن يعدل في ذلك و لولا الميزان لتعذر الوصول إلى كثير من الحقوق , فلذلك نبّه تعالى على النعمة فيه والهداية إليه وقيل : المراد بالميزان : العدل , لأن المعادلة موازنة الأسباب ([25]).

و ثانيا: مراعاة النظم والدقة في إلغاء الخصوصيات المكتنفة بالكلام , ليخلص صفوه و يجلو لبابه في مفهومه العام , الأمر الذي يكفله قانون ((السبر و التقسيم )) من قوانين علم الميزان (علم المنطق ) والمعبر عنه في علم الأصول: بتنقيح المناط, الذي يستعمله الفقهاء للوقوف على الملاك القطعي لحكم شرعي, ليدور التكليف أو الوضع معه نفياً وإثباتاً, و لتكون العبرة بعموم الفحوى المستفاد, لا بخصوص العنوان الوارد في لسان الدليل وهذا أمر معروف في الفقه , وله شرائط معروفة .

ومثال تطبيقه على معنى قرآني , قوله تعالى - حكاية عن موسى (ع )-: { قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ}([26]). هذه قولة نبي اللّه موسى (عليه  السلام ) قالها تعهداً منه للّه تعالى , تجاه ما أنعم عليه من البسطة في العلم والجسم : {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}([27])، قضى على عدوه بوكزة وكزه بها, فحسب انه قد فرط منه ما لا ينبغي له , فاستغفر ربه فغفر له فقال ذلـك تعهدا منه للّه, أن لا يستخدم قواه وقدرته الذاتية , والتي منحه اللّه بها, في سبيل الفساد في الأرض, ولا يجعل ما آتاه اللّه من إمكانات معنوية ومادية في خدمة أهل الإجرام .

هذا ما يخص الآية في ظاهر تعبيرها بالذات .

وهل هذا أمر يخص موسى (عليه السلام ) لكونه نبياً ومن الصالحين , أم هو حكم عقلي بات يشمل عامة أصحاب القدرات , من علماء وأدباء وحكماء وأرباب صنائع وفنون , وكل من آتاه اللّه العلم و الحكمة وفصل الخطاب ؟ لا ينبغي في شريعة العقل أن يجعل ذلك ذريعة سهلة في متناول أهل العبث و الإستكبار في الأرض ,بل يجعلها وسيلة ناجحة في سبيل إسعاد العباد و إحياء البلاد { هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرض وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}([28]).

وهذا الفحوى العام للآية الكريمة إنما يعرف وفق قانون - السبر والتقسيم - إلغاء الخصوصيات المكتنفة بالموضوع , فيتنقح ملاك الحكم العام .


([1])  يمكن مراجعة الكتب المطولة التي تعرضت بالتفصيل لهذا المبحث ككتاب ( التفسير والمفسرون) من سلسلة ( التمهيد في علوم القرآن) للعلامة الشيخ محمد هادي معرفة، وكذا كتاب ( الإتقان في علوم القرآن) لجلال الدين السيوطي، وغيرهما الكثير.

([2])  مجمع البحرين:ج3 ، ص:  437.

([3])  الإتقان في علوم القرآن:ج2 ، ص:460. قال الفراهيدي في كتابه العين ج 7، ص: 248 : والتَّفْسِرة: اسمٌ للبَوُل الذي ينظُر فيه الأَطِّباء، يُسْتَدَلُّ به على مَرَض البَدَنِ، وكلُّ شيءٍ يُعرفَ به تفسيرُ الشيءِ فهو التَّفسِرةُ.

([4])  الإتقان في علوم القرآن:ج2 ص 462.

([5])  مجمع البحرين:ج3 ص 437 .

([6])  لسان العرب:ج11  ص32.

([7])  أساس البلاغة: ص 25.النهاية في غريب الحديث والأثر:ج1 ص85.

([8])  الإتقان في علوم القرآن: ج2 ص 460.

([9])  الفجر : 14 .

([10])  الإتقان في علوم القرآن: ج2 ص 460.

([11])  خلافا لمن قال بكونه من مداليل الالفاظ ،كما أشار العلامة محمد هادي معرفة بقوله: (وليعلم ان التأويل ـ و هو من الدلالات الباطنية للكلام ـ داخل في قسم الدلالات الإلتزاميـة غير البينة , فهو من دلالة الألفاظ لكنها غير البينة , و دلالة الألفاظ جميعاً مبتنية على معايير يشرحها علم الميزان) انظر: كتاب (التفسير والمفسرون ج2 ص 19).

([12])  الزخرف:1-4.

([13])  الميزان في تفسير القرآن: ج3 ص 49 .

([14])  أنظر :التفسير والمفسرون: ج2 ص 17.

([15])  الأنفال:41.

([16])  تهذيب الأحكام: ج4 ص141 ،باب الزيادات ، ح20.

([17])  الكافي: ج1 ص545،باب الفيء والأنفال ح11.

([18])  البقرة:195.

([19])  الكافي: ج3 ص 530،باب ما يجب عليه الصدقة  من الحيوان ،ح1. العتيق : العربية الكريمة الأصل  والبرذون : العجمية الأصل أو ما سوى العتيق.

([20])  المائدة : 32.

([21])  الميزان في تفسير القرآن: ج1 ص 437.

([22])  الكافي:  ج2  ص210، باب إحياء المؤمن، ح2.

([23])  ما ذكره العلامة الشيخ محمد هادي معرفة  في كتابه  :التفسير والمفسرون : ج2 ص 18.

([24])  الرحمن: 9.

([25])  التبيان في تفسير القرآن:ج9 ص 465.

([26])  القصص: 17.

([27])  القصص:14.

([28])  هود:61.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+