1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التنمية البشرية :

ملء الفراغ العاطفي

المؤلف:  الشيخ توفيق حسن علوية

المصدر:  مائة نصيحة للزوج السعيد

الجزء والصفحة:  ص23ــ27

2024-10-21

345

الزوج السعيد هو الذي لا يترك مركز العاطفة في قلب الزوجة شاغراً، بل عليه أن يحركه دائماً بشتى العبارات الرامية إلى إشغاله وعدم تركه شاغراً من جهة، وبالأفعال الرامية إلى نفس الغرض من جهة أخرى .

إن الزوج الجاف عاطفياً تضبح حياته الزوجية جافة لا روح فيها، ومهما حاولت الزوجة مبادلته بالمشاعر والأحاسيس فإنها إن لم تلقى منه تجاوباً عاطفياً سوف تنحى مثله منحى جافاً وقاسياً .

إن الزوج وللوهلة الأولى قد يظن أن الكلمة العابرة لا قيمة لها ولا أثر، والفعل العابر البسيط لا جدوى منه ولكن التحقيق يفيد العكس وهذا ثابت بالتجربة والبرهان.

إن دعوة الزوج لزوجته لنزهة أو مجاملتها والتعبير لها عن حبه لها بكلمات معينة من قبيل: أحبك وحياتي وغير ذلك، وإن جلب هدية متواضعة أو ما شابه؛ كل هذا يملأ الشعور العاطفي ويزيد الحياة الزوجية رونقاً، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً))(1)، وقال إمامنا الصادق (عليه السلام): ((إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، وغيرة بتحصن))(2)، وقال (عليه السلام): ((لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها))(3)، وقال الإمام الرضا (عليه السلام): ((إن التهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفة بترك أزواجهن التهيئة))(4).

لا يُستراب البتة بأن كل فعل موسوم بالإيجابية يقوم به الحبيب اتجاه زوجته الحبيبة هو مقبول عندها، ويملأ قلبها حباً وكرامة، ألا ترى أن حديد الحبيب عند المرأة أفضل من ذهب غير الحبيب، وها هي الحبيبة الهائمة المتزوجة من أحد الملوك ترنو إلى البقاء مع من كانت تحب بالرغم من الفارق المادي الكبير بين ما يقدمه الملك وما يقدمه أهل ذلك المكان ذلك تقول هذه الهائمة شعراً:

ولبس عباءة وتقر عيني               أحب إلي من لبس الشفوف (5).

وما ذلك إلا لأن اليسير من الحبيب أفضل للحبيبة من الكثير مع غير الحبيب.

وأنا أزعم وذمتي بذلك رهينة أن كل أبواب المرأة تبقى موصدة ما لم يطرق باب القلب ويستجيب، ولو حاول المرء مراراً وتكراراً طرق أي باب من أبواب المرأة فإنه لن يستجاب له فتح أي باب ما لم تفتح له المرأة باب قلبها، إن باب قلب المرأة هو القفل المركزي لكل أبوابها الأخرى فإن فتح فتحت باقي الأبواب طواعية .

وقد يحصل وتقبل امرأة ما بالزواج من رجل لا تحبه لأجل ثروته، أو نسبه، أو شهرته، أو منصبه أو غير ذلك، ولكنها إن لم تحبه بعد حين فيكون هذا الزوج هو زوج جسدها لا زوج روحها، وستبقى على أمل بزواج قلبها وروحها من مليكه الحقيقي .

صدقوني إن قلب المرأة هو عرش الرجل، ولقد حدثني أحدهم منذ مدة عن فتاة أحبت رجلاً سارقاً، وشارباً للمخدرات، وقاتلاً، وزانياً ويحمل الكثير من الصفات السيئة وقال لي: العجيب أنها كلما سمعت عنه شيئاً ازدادت تعلقاً وحباً به، حتى أنها لم تأبه لنصح الناصحين، ولوعظ الواعظين فقلت له: إن هذا الرجل الشاب امتلك قلبها فملك كل شيء فيها، وكلما حاول أحدهم النيل منه والتحدث بصفاته السيئة وأفعاله القذرة؛ كلما شعرت هي بالتحدي والصراع القائم بين قلبها الذي أصبح ملكاً للحبيب، وبين الصفات والأفعال السيئة، والقذرة، وبالطبع فإن الميل الطبيعي سوف يكون لما يميل إليه القلب وهذه الفتاة باختيارها له بالرغم ما تعرفه ويتحدث عنه الناس تشعر بأنها تخترق جميعا الممنوعات والمستحيلات من أجل حبها، وهذا بحد ذاته لذة ما بعدها لذة بالنسبة إليها .

نعم هناك من الفتيات من تتبرىء من هذا الحب، بل هناك من لا يتطرق إليها هكذا حب من الأساس.

ثم أنني وبعد كل هذا سردت له الروايات الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) والدالة على ((أن عين الحبيب عمياء)). فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)): ((حبك للشيء يعمي ويصم))، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((عين المحب عمية عن معائب المحبوب وأذنه صماء عن قبح مساويه))، ومن هنا نفهم بأن على الفتى أو على الفتاة إذا أرادا أن لا يقعا في فخ هذا الحب القائم على أساس عدم التمييز بين الصالح والطالح أن يحبا الله عزّ وجلَّ فلا يجعل الله عز وجل في قلبهما حب أهل المعاصي، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: ((طلبت حب الله عزّ وجلَّ فوجدته في بغض أهل المعاصي))(6).

ومهما يكن من شيء فإن حب الله عزَّ وجل المنعكس على قلب الحبيب سوف لن يجعل هذا القلب متوجهاً إلا على جهة صحيحة ألا وهي قلوب أهل الطاعة والإحسان.

وعلى أي حال فإن الزوج السعيد هو الذي يعمل على امتلاك قلب زوجته، ويتربع على عرش قلبها باسم الحب، ففرق كبير بين أن يكون الزوج زوجاً محضاً تعقد له المراسم الجسدية وبين أن يكون زوجاً حبيباً تعقد له مراسم قلبية وجسدية .

والزوج الذي لم يتزوج على أساس الحب المتبادل بينه وبين زوجته عليه أن يعمل لأجل أن يحبها وتحبه وبعد ذلك عليه أن يعمق هذا الحب، وعلى كلا الحالتين فثمة خطوات ينبغي السير على وفقها بالإضافة إلى ما ذكر سابقاً ومنها :

1ـ دوام ذكر الزوجة وتذكرها : ففي الحديث : ((من أحب شيئاً لهج بذکره))(7).

2ـ النظر إلى الزوجة ملياً وفي الحديث: ((إن المودة يعبر عنها باللسان، وعن المحبة العينان))(8).

3ـ الإيثار: وفي الحديث: ((دليل الحب إيثار المحبوب على من سواه))(9).

4ـ التحذير والإرشاد وفي الحديث: ((من أحبك نهاك))(10).

5ـ تحمل المكاره وفي الحديث: ((الحب داعي المكاره))(11).

هنيئاً لذاك الزوج الذي يدخل حبه في قلب زوجته فإنه لا محالة سعيد وإن أصبح وأمسى ووجد أن للحب أعباء زائدة إلا أنها تسعده ولا تحزنه .

_______________________

(1) ميزان الحكمة، ج4، ص 285.

(2) م. ن.

(3) م. ن.

(4) م. ن.

(5) قطر الندى، ص65.

(6) م . ن . 216.

(7) م. ن، ص 209.

(8) م. ن.

(9) م. ن.

(10) م. ن.

(11) م. ن. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي