النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
بلاد العرب في عصر ظهور الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص359-366
2025-06-09
119
ذم العرب في مصادر الحديث
روت المصادر السنية والشيعية أحاديث في مدح العرب وبلادهم ، وأحاديث في ذمهم ، وينبغي التثبت في كل ما روي في مدح بلاد وأقوام أو ذمهم ، لأن رواياتها في معرض الكذب بسبب الصراعات بين الأقوام والأقاليم والمناطق . فيجب فحص السند ، والظروف والقرائن المتعلقة بالنص .
وقد اشتهر حديث ذم العرب في مصادر السنيين ، وممن رواه أحمد « 2 / 390 » : « ويلٌ للعرب من شر قد اقترب ، فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسى كافراً ، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل ، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر أو قال على الشوك » .
وأصل حديث الويل للعرب أن النبي صلى الله عليه وآله حذر من بني أمية وشرهم على العرب ! فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه : 8 / 611 : « ويل للعرب من شر قد اقترب : إمارة الصبيان ، إن أطاعوهم أدخلوهم النار ، وإن عصوهم ضربوا أعناقهم » ! وشهد أبو هريرة أن ويل العرب والخطرعلى الأمة من بني أمية ! وروى عنه البخاري : 8 / 88 ، أن حفيد سعيد بن العاص قال : « كنت جالساً مع أبي هريرة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة ومعنا مروان ، قال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدوق يقول : هَلَكةُ أمتي علي يدي غِلْمَةٍ من قريش ! فقال مروان : لعنةُ الله عليهم من غِلْمة !
فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان ، لفعلت ! فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام ، فإذا رآهم غلماناً أحداثاً قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم ! قلنا : أنت أعلم » .
وصححه الحاكم على شرط الشيخين : 1 / 108 : « أن أبا هريرة كان يقوم يوم الجمعة إلى جانب المنبر فيطرح أعقاب نعليه في ذراعيه ، ثم يقبض على رمانة المنبر يقول : قال أبو القاسم ، قال محمد ، قال رسول الله ، قال الصادق المصدوق ، ثم يقول في بعض ذلك : ويلٌ للعرب من شر قد اقترب ، فإذا سمع حركة باب المقصورة بخروج الإمام جلس » !
وفي مصنف عبد الرزاق : 11 / 373 ، عن أبي هريرة : « ويلٌ للعرب من شر قد اقترب على رأس الستين تصير الأمانة غنيمة ، والصدقة غريمة ، والشهادة بالمعرفة ، والحكم بالهوى » .
وفي فتن ابن حماد : 1 / 204 : عن أبي هريرة : « ويلٌ للعرب بعد الخمس والعشرين والمائة ، ويل لهم من هرج عظيم » .
وزعم الأمويون بعد مقتل عثمان على يد الصحابة أن قتله هو الويل الموعود بأن يحل بالعرب ! كما روت أم حبيبة بنت أبي سفيان رواه عنها أحمد في : 6 / 428 و 429 ، وبخاري في مواضع : 4 / 109 و 176 و : 8 / 88 و 104 ، ومسلم : 8 / 166 . وهي برأيي أحاديث مكذوبة في أصلها ، أو في تطبيقها .
زعموا أن العرب يفنون وتزول الكعبة !
الخط البياني لمستقبل الإسلام عند أتباع الخلافة خطٌّ نزولي ، فقد أقنعهم بذلك كعب الأحبار ، وأقنعهم أن الصحابة خير الأمة وأفضل عصورها ، وبعدهم ستنهار الأمة ويفنى العرب وكعبتهم ! وقد صدقوا كذب كعب ، ورووه في أصح صحاحهم ! وقد بحثنا في المجلد الأول من « ألف سؤال وإشكال » نظرتهم إلى مستقبل الإسلام وقول عمر : « إن الإسلام بدأ جذعاً ، ثم ثنياً ثم رباعياً ، ثم سداسياً ، ثم بازلاً ، فما بعد البزول إلا النقصان » ! « مسند أحمد : 3 / 463 » فكان يرى أن الإسلام بعير سيهرم ويموت ! ويقول : « سيخرج أهل مكة ثم لا يعبر بها إلا قليل ، ثم تمتلئ وتبنى ، ثم يخرجون منها فلا يعودون فيها أبداً » !
« مسند أحمد : 1 / 23 . وحسنه الهيثمي : 3 / 298 » .
وقد وضع البخاري « 2 / 159 » باباً بعنوان : « هدم الكعبة » قال فيه : « قالت عائشة : قال النبي صلى الله عليه وآله : يغزو جيشٌ الكعبة فيخسف بهم . وعن ابن عباس : كأني به أسود أفحج يقلعها حجراً حجراً . وعن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يُخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة » .
ووضعوا ذلك على لسان علي عليه السلام ، فقد رواه الحاكم « 1 / 449 » لكن لم يصححه قال : « عن الحارث بن سويد قال سمعت علياً يقول : حجوا قبل أن لا تحجوا ، فكأني أنظر إلى حبشي أصمع أفدع ، بيده معول ، يهدمها حجراً حجراً !
فقلت له : شئ تقوله برأيك أو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ولكني سمعته من نبيكم صلى الله عليه وآله . والأصمع : صغير الأذنين . والأفدع : المنحرف مشط الرجل عن عظم الساق » .
لكن أهل البيت عليهم السلام كشفوا تحريف هذه الأحاديث ، ففي إقبال الأعمال / 582 : « عن أبان بن محمد المعروف بالسندي نقلناه من أصله ، قال : كان أبو عبد الله عليه السلام تحت الميزاب وهو يدعو وعن يمينه عبد الله بن الحسن ، وعن يساره حسن بن حسن ، وخلفه جعفر بن حسن ، قال فجاءه عباد بن كثير البصري ، قال فقال له : يا أبا عبد الله ، قال : فسألت عنه حتى قالها ثلاثاً ، ثم قال له : يا جعفر ، فقال له : قل ما تشاء يا أبا كثير . قال : إني وجدت في كتاب لي علم هذه البنية رجل ينقضها حجراً حجراً ! قال فقال له : كذب كتابك يا أبا كثير ، ولكن كأني والله بأصفر القدمين حمش الساقين ، ضخم البطن ، رقيق العنق ، ضخم الرأس ، على هذا الركن ، وأشار بيده إلى الركن اليماني ، يمنع الناس من الطواف حتى يتذعروا منه . قال : ثم يبعث الله له رجلاً مني ، وأشار بيده إلى صدره ، فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الأوتاد . قال : فقال له عند ذلك عبد الله بن الحسن : صدق والله أبو عبد الله ، حتى صدقوه كلهم جميعاً » .
فالحديث إذن في حركة ظهور المهدي عليه السلام في حدث يكون يومها في الحرم ، وشخص أسود ينفذ أمر السلطة بمنع الناس من الطواف . فأخذ رواة السلطة منه جزءاً وحرفوه ، وجعلوه في هدم الكعبة وزوالها !
وكذلك ردَّ أهل البيت عليهم السلام حديث أن الإسلام يهرم كالبعير ، وقالوا إن النبي صلى الله عليه وآله بشَّر بمستقبل الإسلام ، وأنه حديقة لعل فوجها الأخير أينع ثمراً ! فقد روى الصدوق في الخصال / 475 ، وكمال الدين / 269 ، عن الإمام الصادق عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أبشروا ثم أبشروا ، ثلاث مرات ، إنما مثل أمتي كمثل غيث لا يدرى أوله خير أم آخره ، إنما مثل أمتي كمثل حديقة أطعم منها فوج عاماً ، ثم أطعم منها فوج عاماً ، لعل آخرها فوجاً يكون أعرضها بحراً ، وأعمقها طولاً وفرعاً ، وأحسنها جَنىً . وكيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء وأولي الألباب ، والمسيح عيسى بن مريم آخرها ؟ ولكن يهلك بين ذلك نتج الهرج ، ليسوا مني ولست منهم » !
أحاديث تمدح الشام واليمن وتذم العراق ونجد !
في مسند أحمد : 2 / 118 : « عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا ، قالوا : وفي نجدنا ، قال : اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا ، قالوا : وفي نجدنا ، قال : هنالك الزلازل والفتن ، منها أو قال بها يطلع قرن الشيطان » .
وفي مسند أحمد : 2 / 40 و 50 و 90 ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا مرتين ، فقال رجل : وفي مشرقنا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من هنالك يطلع قرن الشيطان لها تسعة أعشار الشر » .
ونحوه في / 121 ، والموطأ : 2 / 975 ، وعبد الرزاق : 11 / 463 ، كرواية أحمد الثانية عن ابن عمر . ونحوه بخاري : 9 / 67 ، ومسلم : 4 / 2228 . وفي الترمذي : 4 / 530 ، والطبراني الصغير : 2 / 36 ، والأوسط : 1 / 247 ، كرواية مسلم الأولى ، والكبير : 12 / 384 .
عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا ، فقالها مراراً فلما كان في الثالثة أو الرابعة ، قالوا : يا رسول الله ، وفي عراقنا ، قال : إن بها الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان . » وحلية الأولياء : 6 / 348 ، بتفاوت يسير .
وفي تهذيب ابن عساكر : 1 / 34 : « عن ابن عمر ، وفيه : اللهم بارك لنا في مكتنا ، وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في شامنا ، وبارك لنا في يمننا ، وبارك لنا في صاعنا ، وبارك لنا في مدنا ، فقال رجل : يا رسول الله وفي عراقنا ، فأعرض عنه فرددها ثلاثاً ، كل ذلك يقول الرجل : وفي عراقنا ، فيعرض عنه فقال : بها الزلازل والفتن ، وفيها يطلع قرن الشيطان . وقال : رواه الحاكم بلفظ : فقال رجل : يا رسول الله العراق ومصر ، فقال : هناك ينبت قرن الشيطان ، وثَم الزلازل والفتن . . . ورواه أيضاً عن معاذ بن جبل : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا وفي شامنا وفي يمننا وفي حجازنا ، فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله وفي عراقنا ، فأمسك عنه ، فلما كان في اليوم الثاني قال مثل ذلك ، فقام إليه الرجل فأعاد مقالته ، فأمسك عنه ، فولى وهو يبكي فدعاه النبي صلى الله عليه وآله وقال : أمن العراق أنت ؟ قال : نعم . فقال : إن أبي إبراهيم عليه السلام أراد أن يدعو عليهم فأوحى الله إليه : لا تفعل ، فإني جعلت خزائن علمي فيهم ، وأسكنت الرحمة قلوبهم .
وفي مسند الشاميين للطبراني : 2 / 246 : « فقال رجل : يا رسول الله وعراقنا ؟ فأعرض عنه فرددها ثلاثاً ، وكان ذلك الرجل يقول : وعراقنا ؟ فيعرض عنه » .
أقول : من الواضح أن الحديث موظف لخدمة الشام ومعاوية وأهل الكتاب ، وصيغه وظرف صدوره المزعوم يزيد في الشك ، مضافاً إلى التفاوت والتهافت والمرجح عندي أن الحديث لا أصل له في كلام النبي صلى الله عليه وآله .
حديث تفضيل جند الشام على غيره
روى أحمد : 4 / 110 : « عن ابن حوالة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سيصير الأمر إلى أن تكون جنود مجندة ، جند بالشام وجند باليمن ، وجند بالعراق . فقال ابن حوالة : خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذاك ، قال : عليك بالشام فإنه خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليه خيرته من عباده ، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم واستقوا من غدركم ، فإن الله عز وجل قد توكل لي بالشام وأهله » .
ونحوه في مسند أحمد : 5 / 33 و 299 ، والبيهقي : 9 / 179 ، وتاريخ بخاري : 5 / 33 ، وحلية الأولياء : 2 / 3 / 87 ، وكلها عن ابن حوالة قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فشكونا إليه الفقر والعري وقلة الشئ ، فقال : أبشروا فوالله لأنا من كثرة الشئ أخوف عليكم من قلته . . الخ .
وفي جامع الأحاديث القدسية : 3 / 292 ، أن ابن حوالة جعل مدح الشام حديثاً قدسياً فقال : قال صلى الله عليه وآله : عليك بالشام ثلاثاً ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله كراهيتي للشام قال : هل تدرون ما يقول الله عز وجل في الشام ؟ يقول : يا شام يا شام يدي عليك ، يا شام أنت صفوتي من بلادي ، أدخل فيك خيرتي من عبادي . أنت سيف نقمتي وسوط عذابي . أنت الأنذر وإليك المحشر ! ورأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة ، قلت : ما تحملون ؟ قالوا : عمود الإسلام ، أمرنا أن نضعه بالشام . وبينا أنا نائم رأيت كتاباً ، وفي لفظ عمود الكتاب اختلس من تحت وسادتي ، فظننت أن الله قد تخلى عن أهل الأرض فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع بين يدي ، حتى وضع بالشام ! فقال ابن حواله : يا رسول الله خر لي ، فقال : عليك بالشام ، فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه وليستق من غدره ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله » . انتهى .
وقال ابن قدامة شرحه : 10 / 376 : « وقد جاء في حديث مصرحاً به : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم بالشام . وفي حديث مالك بن يخامر عن معاذ قال : وهم بالشام ، رواه البخاري وروى في تاريخه عن أبي هريرة عنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال : لا تزال طائفة بدمشق ظاهرين .
وقد روي في الشام أخبار كثيرة منها حديث عبد الله بن حوالة الأزدي أن النبي صلى الله عليه وآله قال . . فإن الله تكفل لي بالشام وأهله ، رواه أبو داود بمعناه ، وكان أبو إدريس إذا روى هذا الحديث قال : ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه » !
لكنا روينا تفضيل مصرعلى الشام وأهلها على أهلها ، ففي نهج البلاغة : 3 / 27 : « واعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي : أهل مصر . . » .
وروى الثقفي في الغارات : 1 / 288 ، وهو أقدم من الطبري وأوثق ، عن جندب بن عبد الله قال : « والله إني لعند عليّ عليه السلام جالس ، إذ جاءه عبد الله بن قعين جد كعب يستصرخ من قبل محمد بن أبي بكر ، وهو يومئذ أمير على مصر ، فقام علي فنادى في الناس : الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : أما بعد فهذا صريخ محمد بن أبي بكر وإخوانكم من أهل مصر ، وقد سار إليهم ابن النابغة عدو الله وعدوكم ، فلا يكونن أهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل الطاغوت أشد اجتماعاً على باطلهم وضلالتهم منكم على حقكم فكأنكم بهم قد بدؤوكم وإخوانكم بالغزو ، فاعجلوا إليهم بالمواساة والنصر .
عباد الله إن مصرأعظم من الشام خيراً ، وخير أهلاً ، فلا تُغلبوا على مصر » .
وروى الحاكم : 4 / 448 : « عن عمرو بن الحمق رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ستكون فتنة أسلم الناس فيها ، أو قال لخير الناس فيها الجند الغربي ، فلذلك قدمت مصر . هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه » .
وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر ، وزاد فيه : « وأنتم الجند الغربي ، فهذه منقبة لمصر في صدر الملة ، واستمرت قليلة الفتن معافاة طول الملة ، لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار ، وما زالت معدن العلم والدين ، ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة ومحط الرحال ، ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة ، يظهر فيها من شعائر الدين ما هو ظاهر في مصر » . انتهى .
أقول : تفسير عمرو بن الحمق رضي الله عنه للجند الغربي بمصر بقوله : « ولذلك قدمت عليكم مصر » حجةٌ ، لأنه تفسير صحابيٍّ معاصر لصدور النص . ومعنى الحمِق : خفيف اللحية . وهو صحابي جليل يشبه أويساً القرني رضي الله عنهما ، فقد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وآله المسلمين قبل أن يسلم ، وبعث إليه سلامه ودعاه إلى الإسلام ، فأسلم وجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله .
أحاديث تصف تطور بلاد العرب في عصر المهدي عليه السلام
روينا العديد من أحاديث تطور بلاد العرب على يد الأغمام المهدي عليه السلام ، تجدها في فصل الرخاء في ظل دولته ، ومن ذلك ما رواه ابن شعبة الحراني رحمه الله في تحف العقول / 115 ، عن النبي صلى الله عليه وآله : « بنا فتح الله عز وجل وبنا يختم الله ، وبنا يمحو الله ما يشاء ، وبنا يدفع الله الزمان الكَلِب ، وبنا ينزل الغيث . لا يغرنكم بالله الغرور ، لو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ، ولأخرجت الأرض نباتها ، وذهبت الشحناء من قلوب العباد ، واصطلحت السباع والبهائم ، حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا على نبات ، وعلى رأسها زنبيلها ، لايهيجها سبع ولا تخافه » .
وروت المصادر السنية شبيهه كما في مسند أحمد : 2 / 370 ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله : « لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ، وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف ضلال الطريق ، وحتى يكثر الهرج . قالوا : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل » . لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض ، حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلايجد أحداً يقبلها منه ، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً » .
صحيح مسلم : 2 / 701 ، والحاكم : 4 / 477 ، أوله ، وصححه . ومصابيح البغوي : 3 / 488 ، كمسلم ، من صحاحه ، ومجمع الزوائد : 7 / 331 ، عن أحمد ، وصححه ، والدر المنثور : 6 / 51 ، أوله . والمسند الجامع : 18 / 413 ، وفيه : وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف ضلال الطريق .