التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
مواضيع متفرقة
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
عقيدتنا في معجزة الأنبياء
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج1، ص 237 – 247
2025-08-26
19
وذلك الدليل لا بد أن يكون من نوع لا يصدر إلّا من خالق الكائنات ومدبر الموجودات (أي فوق مستوى مقدور البشر) فيجريه على يدي ذلك الرسول الهادي ، ليكون معرفا به ومرشدا إليه.
وذلك الدليل هو المسمى ب «المعجز أو المعجزة» لأنه يكون على وجه يعجز البشر عن مجاراته والإتيان بمثله.
وكما أنه لا بد للنبي من معجزة يظهر بها للناس لإقامة الحجة عليهم ، فلا بد أن تكون تلك المعجزة ظاهرة الإعجاز بين الناس ، على وجه يعجز عنها العلماء وأهل الفن في وقته ، فضلا عن غيرهم من سائر الناس ، مع اقتران تلك المعجزة بدعوى النبوة منه ، لتكون دليلا على مدعاه وحجة بين يديه ، فإذا عجز عنها أمثال اولئك علم أنها فوق مقدور البشر وخارقة للعادة ، فيعلم أن صاحبها فوق مستوى البشر بما له من ذلك الاتصال الروحي بمدبر الكائنات.
وإذا تم ذلك لشخص من ظهور المعجز الخارق للعادة ، وادعى مع ذلك النبوة والرسالة ، يكون حينئذ موضعا لتصديق الناس بدعواه ، والايمان برسالته ، والخضوع لقوله وأمره ، فيؤمن به من يؤمن ويكفر به من يكفر.
ولأجل هذا وجدنا أن معجزة كل نبي تناسب ما يشتهر في عصره من العلوم والفنون ، فكانت معجزة موسى ـ عليه السلام ـ هي العصا التي تلقف السحر وما يأفكون ، إذ كان السحر في عصره فنا شائعا ، فلما جاءت العصا بطل ما كانوا يعملون ، وعلموا أنها فوق مقدورهم ، وأعلى من فنهم ، وأنها مما يعجز عن مثله البشر ويتضاءل عندها الفن والعلم ، وكذلك كانت معجزة عيسى ـ عليه السلام ـ وهي ابراء الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى ، إذ جاءت في وقت كان فن الطب هو السائد بين الناس ، وفيه علماء وأطباء لهم المكانة العليا فعجز علمهم عن مجاراة ما جاء به عيسى عليه السلام.
ومعجزة نبينا الخالدة هي القرآن الكريم ، المعجز ببلاغته وفصاحته في وقت كان فن البلاغة معروفا ، وكان البلغاء هم المقدمون عند الناس ، بحسن بيانهم وسمو فصاحتهم فجاء القرآن كالصاعقة ، أذلهم وأدهشهم وأفحمهم ، إنهم لا قبل لهم به فخنعوا له مهطعين عند ما عجزوا عن مجاراته وقصروا عن اللحاق بغباره ويدل على عجزهم أنه تحداهم باتيان عشر سور مثله ، فلم يقدروا ، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فنكصوا ، ولما علمنا عجزهم عن مجاراته مع تحديه لهم ، وعلمنا لجوءهم إلى المقاومة بالسنان دون اللسان علمنا أن القرآن من نوع المعجز ، وقد جاء به محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وآله ـ مقرونا بدعوى الرسالة فعلمنا أنه رسول الله جاء بالحق وصدق به صلى الله عليه وآله (أ).
____________
(أ) ينبغي هنا ذكر امور:
أحدها: أن الإعجاز في اللغة بمعنى فعل أمر يعجز الناس عن الإتيان بمثله ، وفي الاصطلاح كما هو في تجريد الاعتقاد: ثبوت ما ليس بمعتاد ، أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة ومطابقة الدعوى (1).
قال الفاضل الشعراني في شرح العبارة : «أن المراد من ذكر خرق العادة هو اخراج نوادر الطبيعة كالطفل الذي له ثلاثة أرجل ، فإن النوادر وإن كانت خلاف المعتاد ولكنها موافقة للعادة في الجملة ، إذ قد يتفق وقوعها ، هذا بخلاف المعجزات ، فإنها مما لم يتفق وقوعها في الطبيعة ، وإنما أوجدها الله تعالى تصديقا للنبي ، فالمعجزة ثبوت ما ليس بمعتاد مع خرق العادة كصيرورة عصا موسى ثعبانا ، أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة كعجز شجاع في حال شجاعته وسلامته عن رفع سيف مثلا ، فإنهما مما لا يتفق عادة كما لا يخفى» (2).
ثم إن المراد من مطابقة الدعوى ، هو أن اطلاق الاعجاز بحسب الاصطلاح فيما إذا وقع خارق العادة عقيب دعوى النبي بعنوان شاهد صدق لدعواه ، وإلّا فإن لم يكن له دعوى أصلا فلا اعجاز ، نحو ما يظهر من الأولياء من دون دعوى للنبوة أو الإمامة ، فإنه كرامة أو ارهاص ولذا اشترطوا في اطلاق الاعجاز التحدي ، كما انه إن كانت الدعوى متحققة ، ولكن خارق العادة لا يكون مطابقا لما ادعاه ، فلا اعجاز ، لأنه حينئذ يكون شاهد كذب المدعى ، كما حكي في المسيلمة الكذاب ، حيث إنه أراد ازدياد ماء البئر ليكون معجزا على دعواه ، فتفل فيه فصار ماؤه غائرا.
ثم إن المراد من اشتراط التحدي ، هو أن يكون المعجز عقيب دعوى النبي ومطالبته للمقابلة ، أو الجاري مجرى ذلك ، ونعني بالجاري مجرى ذلك هو أن يظهر دعوة النبي بحيث لا يحتاج إلى اعادتها ، بل يكتفى فيه بقرائن الأحوال كما صرح به العلّامة المجلسي ـ رحمهالله ـ حيث قال : «ومن جملة الشرائط هو أن يكون مقرونا بالتحدي ولا يشترط التصريح ، بل يكفي قرائن الاحوال».
ثم علم مما ذكر ، خروج ما يظهر من السحرة ، من حقيقة الاعجاز ، فإن تلك الامور ليست بخارقة للعادات ، فإن لها أسبابا خاصة خفية يمكن تعلمها وسلوكها بحسب العادة ، كما يشهد له وجود السحرة وأهل الشعبدة في كل عصر وزمان كما لا يخفى.
وهكذا خرج عن التعريف ما قد يرى من الكهنة أو المرتاضين فإن تحصيل ذلك بالرياضة ونحوها ممكن عادة ، ولذا يكون معارضتهم في كل عصر وزمان ممكنة.
فهذه الامور خارجة بنفسها عن التعريف ، فلا حاجة إلى اضافة قيد آخر للاحتراز عنها كما زعمه بعض المحققين ، وزاد في التعريف قيودا اخرى لا يحتاج إليها ، حيث قال : «إن المعجزة هو فعل على خلاف مجاري العادة والطبيعة ، متكئا على قدرته تعالى ، وطريق معرفتها هو العلم بأنه لا يكون صادرا من جهة التعلم والتعليم ، ولا يصير مغلوبا عن ناحية اخرى» فإنه بعد تحقق العلم بكون ما يظهر منه خارقا للعادة ، لا حاجة إلى القيد الأخير في كلامه «وطريق معرفتها هو العلم بأنه لا يكون صادرا من جهة التعلم ، الخ» إذ هو بالعلم بكونه خارق العادة حاصل. وأما قيد الاتكاء على قدرته تعالى ، فهو أيضا حاصل بقاعدة اللطف ، بعد ظهور ما يعجز عنه الناس بيد مدعي النبوة إذ لو كان كاذبا وجب عليه تعالى تكذيبه ، وإلّا لزم الاغراء إلى الضلالة ، وهو قبيح عنه تعالى ، بل محال ، فمجرد إظهار المعجزة في يد مدعي النبوة مع التحدي ، يكفي لحصول العلم بأنه من ناحية الله تعالى فلا تغفل.
وأما عدم المغلوبية فهو لازم كون ما صدر عن النبي ـ صلى الله عليه وآلهوسلم ـ خارق العادة فلا حاجة إلى أخذه في التعريف أيضا.
ثم لا يخفى عليك أن العلّامة الحلي ـ قدس سره ـ زاد شروطا اخر لتمامية الاعجاز وقال : لا بد في المعجز من شروط (3).
الأول : أن يعجز عن مثله أو عما يقاربه الامة المبعوث إليها ، ولكن أورد عليه الفاضل الشعراني بأن فعل ما يقاربه إن كان معتادا ، فلا يكون خرقا للعادة ، فالقدرة عليه لا تكون دليلا على القدرة على المعجز ، فلا يكون العجز عن فعل المقارب شرطا.
الثاني : أن يكون المعجز من قبل الله تعالى أو بأمره ، ولكن أورد عليه الفاضل الشعراني ـ قدس سره ـ بقوله : «إني لم أعلم المقصود من هذا الشرط ؛ لأن كل شيء بإذنه وأمره ، فإن أراد منه أن المعجز هو الذي ليس له سبب ظاهر ، ففيه منع الاشتراط ، لجواز أن يكون المعجز مما له سبب ظاهر ، كدعاء النبي على معاند فسلط الله عليه أسدا أكله» انتهى. وإن أراد منه أن اللازم في صدق الاعجاز هو العلم بكونه من ناحيته تعالى فهو أمر تدل عليه قاعدة اللطف كما مر ، ولا دخل له في صدق الاعجاز وخارق العادة.
الثالث : أن يكون صدور المعجز في زمان التكليف ؛ لأن العادة تخرق عند أشراط الساعة ، ويمكن أن يقال : إن العادة وإن انتقضت عند أشراط الساعة ، ولكن المعجز لا يصير عاديا للإنسان في ذلك الحين كما لا يخفى ، نعم لو افاد ذلك وعلله بأن صدور المعجز في ذلك الحين بعد رفع التكليف لا فائدة فيه ؛ لانقضاء وقت الايمان كان صحيحا.
الرابع : أن يحدث عقيب دعوى المدعي للنبوة أو جاريا مجرى ذلك ، ونعني بالجاري مجرى ذلك أن يظهر دعوى النبي في زمانه ، وأنه لا مدعى للنبوة غيره ، ثم يظهر المعجز بعد أن ظهر معجز آخر عقيب دعواه ، فيكون ظهور الثاني كالمتعقب لدعواه ؛ لأنه يعلم تعلقه بدعواه ، وأنه لأجله ظهر كالذي ظهر عقيب دعواه. وفيه أن ذلك يفهم من قول المصنف حيث قال : ومطابقة الدعوى ؛ لأنه يدل على أمرين : أحدهما : وجود الدعوى وثانيهما : مطابقة المعجز لدعواه بحيث يكون شاهد صدق له ، فلا حاجة إلى اشتراطه.
الخامس : أن يكون المعجز خارقا للعادة ، وفيه أن الشرط الخامس من مقومات المشروط ، إذ المعجز لا يتحقق بدون خرق العادة ، فكيف يمكن أن يجعل من شرائطه ، مع أن صريح كلامه ـ قدس سره ـ هكذا «ولا بد في المعجزة من شروط أحدها ـ إلى أن قال ـ : الخامس : أن يكون خارقا للعادة».
ثانيها : أن الفرق بين المعجزة وبين السحر والشعبذة ونحوها واضح ، بعد ما عرفت أن لتلك الامور أسبابا خاصة عادية ، ولو كانت خفية ، حيث يمكن تعلمها وتعليمها ، بخلاف المعجزة ، فإنها ليست إلّا من ناحيته تعالى ، ولذلك أتى النبي بالمعجز ، فيما إذا كانت الحاجة إلى إقامته بما يريده الناس ، بخلاف السحرة ونحوهم ، فإنهم لا يتمكنون من إقامة ما يريده الناس ، بل أتوا بما تعلموه وهو محصور في امور خاصة يمكن تعلمها (4) ، ولإمكان تعلم السحر أمكنت المعارضة مع السحرة بخلاف الاعجاز فإنه لا يمكن فيه المعارضة.
لا يقال : إن مثل الارتباط مع الأجنّة ربما يتفق لبعض النفوس من دون سلوك طريق أو رياضة فليس له أسباب عادية حتى يمكن سلوكها أو معارضتها ؛ لأنا نقول : إن أمثال ما ذكر لا يكون خرقا للعادة ، بل من نوادر الامور وهي ليست من خارق العادات فاتفاق ذلك الأمر لبعض النفوس في بعض الأحيان شاهد كونه من النوادر مع أن الذي يكون خرق العادة هو الذي لا يقع عادة ولا نادرا.
ثالثها : أن الإعجاز لا يكون خارجا عن أصل العلية ، فإن العلل المعنوية أيضا من العلل ، ومشمولة لتلك القاعدة ، كما أن العلل الطبيعية لا تنحصر في العلل الموجودة المكشوفة ، لامكان اكتشاف علل طبيعية اخرى في الآتي ، وعليه فالاعجاز معلول من المعاليل ، وله علة معنوية ، وهذه العلة المعنوية قد تستخدم في الاعجاز الاسباب الطبيعية ، كما دعا النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في حق معاند فسلط الله عليه سبعا فأكله ، وقد يكتفي بالعلل المعنوية كإحياء الموتى أو انبات شجر مثمر في دقائق قليلة ، وكيف كان ، فالنظام الاعجازي يقدم على النظام الجاري بإرادته تعالى ، ومشيته ، فليس المعجزة بلا سبب وعلة ، حتى يقال : بأنه نقض لأصل العلية ومما ذكر يظهر ما في مزعمة الماديين حول الاعجاز حيث تخيلوا أنه ينافي أصل العلية.
رابعها : أنه لا يلزم تكرار المعجزة للتصديق بالنبي ؛ لأن اللازم هو حصول العلم بصدق النبي وهو يحصل بمعجزة واحدة ، بل لا يلزم رؤية المعجزة ؛ لأن نقلها متواترا يوجب العلم بوقوع المعجزة ، وكونها شاهدة لصدق النبي ، وأما وقوع المعجزات المتكررة عن بعض الأنبياء ، فلعله لبقاء الحاجة إليها لصيرورة نقلها متواترا للغائبين وغير الموجودين ، حتى يحصل لهم العلم بوقوعها كالشاهدين ، ومن ذلك ينقدح أن المعجزات المتكررة لا تخرج عن عنوان المعجزة لو وقعت بعد العلم بنبوة النبي ، بدعوى أنها مجرد كرامة وليست واقعة لحصول العلم بالنبوة بعد دعوة النبوة والتحدي ؛ لأن هذه المعجزات المتكررة موجبة لحصول العلم للغائبين وغير الموجودين من النسل الآتي ، فليست مجرد كرامة. وكيف كان فقد أفاد وأجاد الامام البلاغي ـ قدس سره ـ حيث قال : «إن الذي يحتاج إليه في تصديق الرسالة ومنقولها هو العلم بالمعجز لا خصوص مشاهدته ولا تكراره» (5).
ومما ذكر يظهر أيضا وجه عدم اجابة الأنبياء لبعض الاقتراحات الواردة من المنكرين لخروجها عن كونها إتماما للحجة ، هذا مع ما في طلبهم من المحالات كمجيء الله سبحانه وتعالى ، مع أنه محيط على كل شيء (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى ... تَأْتِيَ بِاللهِ ... قَبِيلاً) (6).
خامسها : أن المعجزة ليست طريقة منحصرة لتعريف النبي أو الإمام ، لإمكان تعريفه بسبب تعريف نبي آخر بالبشارة عليه إن لم يكن موجودا حال التعريف ، كما وردت بشارات متعددة عن الأنبياء السالفة في حق نبينا محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ كما قال تعالى : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (7).
أو بالنص عليه إن كان موجودا حاله ، كتنصيص بعض الأنبياء على بعض آخر ، فلا وجه لحصر تعريف النبي أو الإمام في المعجزة ، كما يظهر من عبارة المصنف ، حيث قال : «نعتقد أنه تعالى إذ ينصب لخلقه هاديا ورسولا ، لا بد أن يعرفهم بشخصه ويرشدهم إليه بالخصوص على وجه التعيين ، وذلك منحصر بأن ينصب على رسالته دليلا وحجة يقيمها لهم اتماما للطف واستكمالا للرحمة ـ إلى أن قال ـ : وذلك الدليل هو المسمى بالمعجز أو المعجزة» ، انتهى.
ثم إن لزوم التعريف بالمعجزة أو البشارة أو التنصيص فيما إذا لم يكن حال النبي وصدقه وأمانته موجبا للعلم بنبوته ، وإلّا فهو فضل في حق من عرف ، ولكن حيث لم يعرف أكثر الناس بهم إلّا بالتعريف ، فاللازم هو التعريف بأحد الوجوه المذكورة حتى يتم الحجة على كل أحد ، ولا يبقى عذر لأحد من الناس.
سادسها : أن المعجزة لزم أن تكون ظاهرة الاعجاز بين الناس ، على وجه يعجز عنها جميع الناس مع اقتران المعجزة بدعوى النبوة والتحدي ، لتكون دليلا على مدعاه ، وهذا ظاهر لا كلام فيه ، ولكن الكلام في دعوى المصنف حيث قال : «ولاجل هذا وجدنا أن معجزة كل نبي تناسب ما يشتهر في عصره من العلوم والفنون ، الخ».
فإن فيه أولا : إنا لا نعلم بوجود المعجزة لكل نبي ، لاحتمال أن يكون التعريف في بعض الأنبياء بالبشارة أو التنصيص كما عرفت جواز الاكتفاء بهما.
لا يقال : إن مقتضى قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) (8) إن لكل رسول معجزة ، لأنا نقول : إن البينات أعم من المعجزة.
وثانيا : إنه لو سلمنا وجود المعجزة لكل نبي فالمناسبة لما يشتهر في عصره غير معلومة ، وإنما اللازم هو كون المعجزة ظاهرة الاعجاز.
سابعها : أن معجزة القرآن ليست منحصرة في بلاغته وفصاحته كما سيأتي التصريح بذلك عن المصنف أيضا حيث قال : «9 ـ عقيدتنا في القرآن الكريم.
نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم ، فيه تبيان كل شيء ، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة ، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف ، الخ» فلعل الاكتفاء بهما في المقام ؛ لكونه في مقام بيان المعجزة المناسبة لما اشتهر في عصره من العلوم والفنون فلا تغفل.
ثامنها : أن الدليل على لزوم إقامة المعجز وتعريف النبي والرسول ، هو الدليل على لزوم إرسال الرسل ، إذ لو لم يقم المعجز لا يتم الحجة ، ولما تمكن الناس من معرفة ما يحتاجون إليه من المصالح والمفاسد ، مع أنه لازم أو واجب في عنايته الاولى وحكمته الكبرى.
ولعل إليه اشار المصنف لقوله اتماما للطف واستكمالا للرحمة.
تاسعها : أن طريق الاستدلال بالمعجز هو أن يقال : إن ظهور المعجز على يد النبي أو الإمام شاهد صدقه إذ لو كان كاذبا وجب على الحكيم المتعالي تكذيبه وإلّا لزم الاغراء الى الضلالة وهو لا يصدر منه تعالى.
عاشرها : أن الوظيفة في الموارد التي شك في اعجازيتها هو التفحص عن حالها والرجوع إلى القرائن والشواهد دفعا للضرر. ربما يقال في مثل هذه الموارد :
ينظر إلى مدعي المعجزة هل يدعو إلى الحق أو الباطل أو إن كلماته تخالف مسلمات الأديان أو واضحات العقول أم لا ولكنه لا يخلو عن النظر إذ من الممكن أن يدعو إلى الحق ولا يخالف قوله مع مسلمات الأديان وواضحات العقول ، ومع ذلك لا يكون في دعواه صادقا.
نعم لو كان قوله مخالفا لواضحات العقول ومسلمات الأديان كان ذلك من أوضح الشواهد على كذبه ثم بناء على لزوم الرجوع إلى القرائن والشواهد فإن ظهر الصدق فهو وإلّا فلا تكليف ؛ لعدم قيام الحجة عليه.
_______________
(1) راجع تجريد الاعتقاد : ص 350 الطبعة الحديثة.
(2) ترجمة وشرح تجريد الاعتقاد : ص 448.
(3) كشف المراد : ص 350 الطبع الجديد.
(4) راجع انيس الموحدين : ص 184 الطبعة الحديثة.
(5) انوار الهدى : ص 116.
(6) الاسراء : 90 ـ 92.
(7) الصف : 6.
(8) الحديد : 25.
الاكثر قراءة في المعجزة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
