من محامد الأوصاف والأفعال / إخلاص النّية في العبادة للّه سبحانه وتعالى
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 370 ــ 372
2025-08-31
271
ومنها:
إخلاص النيّة في العبادة للّه سبحانه؛ لما ورد من انّ بالإخلاص يكون الخلاص، والمراد بالإخلاص: ألّا يُشاب العمل بشرك ولا رياء، فانّ اللّه خير شريك، من أشرك معه غيره في عمل فهو لشريكه دونه سبحانه؛ لأنّه لا يقبل إلّا ما أخلص له [1]، وورد انّ لكلّ حقّ حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يُحمد على شيء من عمله [2].
ويأتي إن شاء اللّه تعالى في القسم الثاني من المقام العاشر ذكر ما ورد في الرياء والسمعة. وورد انّ للمرائي ثلاث علامات: ينشط إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحبّ أن يُحمد في جميع أموره [3]؛ ولذا أفتوا بكراهة الكسل في الخلوة والنشاط بين الناس، وعن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: انّ من أحسن صلاته حين يراها الناس وأساءها حين يخلو فتلك استهانة استهان بها ربّه [4].
نعم، سروره باطّلاع الغير على عبادته وفعله الخير لا بأس به، بعد أن يكون عمله للّه تعالى لا للسمعة والرياء. وقد سئل أبو جعفر عليه السّلام عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسرّه ذلك. قال: لا بأس، ما من أحد إلّا وهو يحبّ أن يظهر له في النّاس الخير، إذا لم يكن يصنع ذلك [5] لذلك [6].
بقي هنا أمران:
الأوّل: إنّه يكره للإنسان أن يذكر عبادته للناس؛ لما ورد من أنّ من عمل حسنة سرًّا كتبت له سرًّا، فإذا أقرّ بها محيت وكتبت جهرًا، فإذا أقرّ بها ثانيًا محيت وكتبت رياءً[7]، وانّ عابدًا من بني إسرائيل سأل اللّه عن حال نفسه، فأتاه آتٍ فقال له: ليس لك عند اللّه خير، فسأل ربّه عن عمله الذي عمله، فقال: كنت إذا عملت لي خيرًا أخبرت الناس به فليس لك منه إلّا الذي رضيت به لنفسك [8].
نعم، لا بأس بالتحدّث به في صورة رجاء أن ينفع الغير ويحثّه، كما صرّح بذلك مولانا الباقر عليه السّلام، كما انّه عليه السّلام قال: إذا سألك: هل قمت الليلة أو صمت؛ فحدّثه بذلك إن كنت فعلته، فقل: قد رزق اللّه ذلك، ولا تقل: لا، فإنّ ذلك كذب [9].
الثاني: انّ الأفضل أن تكون العبادة حبًّا للّه تعالى؛ لما ورد من انّ الناس يعبدون اللّه عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الأجراء والحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه خوفًا من النار، فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، وقوم يعبدونه حبًّا له، فتلك عبادة الأحرار والكرام، وهي أفضل العبادة، وهو الأمن، لقوله عزّ وجلّ: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: 89]، ولقوله عزّ وجلّ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: 31]. فمن أحبّ اللّه عزّ وجلّ أحبّه اللّه، ومن أحبّه اللّه كان من الآمنين [10].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المحاسن: 252 باب 30 الإخلاص حديث 270 بسنده عن علي بن سالم، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال اللّه عز وجل: أنا خير شريك فمن أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلّا ما كان لي خالصًا.
[2] مستدرك وسائل الشيعة: 1/10 باب 8 حديث 6.
[3] مستدرك وسائل الشيعة: 1/12 باب 13 حديث 1، أصول الكافي: 2/295 باب الرياء حديث 8.
[4] مستدرك وسائل الشيعة: 1/12 باب 13 حديث 3.
[5] في المتن: صنع ذلك.
[6] أصول الكافي: 2/297 باب الرياء حديث 18.
[7] أصول الكافي: 2/296 باب الرياء حديث 16.
[8] مستدرك وسائل الشيعة: 1/12 باب 14 حديث 2.
[9] مستدرك وسائل الشيعة: 1/13 باب 14 حديث 3.
[10] الخصال: 1/188 الناس يعبدون اللّه عز وجل على ثلاثة أوجه حديث 1.
الاكثر قراءة في الاخلاص والتوكل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة