من محامد الأوصاف والأفعال / الإتيان بالعبادة المندوبة في السرّ واختيارها على العبادة علانية
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 372 ــ 374
2025-09-03
266
ومنها:
الإتيان بالعبادة المندوبة في السرّ واختيارها على العبادة علانية؛ لما ورد من انّ أعظم العبادة أجرًا أخفاها [1]، وانّ الاشتهار بالعبادة ريبة [2]، وانّ من شهر نفسه بالعبادة فاتّهموه على دينه، فإنّ اللّه عز وجل يكره شهرة العبادة، وشهرة اللباس [3]، وانّ الصدقة في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك واللّه العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية [4]، وانّ الصلاة النافلة تفضل في السرّ على العلانية كفضل الفريضة على النافلة [5]، وانّ دعوة العبد سرًّا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية[6]، وانّه ما يعلم عظم ثواب الدعاء وتسبيح العبد فيما بينه وبين نفسه إلّا اللّه تبارك وتعالى [7]، وانّ اللّه سبحانه يباهي الملائكة برجل يصبح في أرض قفر فيؤذّن، ثم يقيم، ثم يصلّي، فيقول ربّك عزّ وجل للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلّي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلّون وراءه، ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم [8]، وانّه إذا كان يوم القيامة نظر «رضوان» خازن الجنان إلى قوم لم يمرّوا به، فيقول: من أنتم؟ ومن أين دخلتم؟ فيقولون: إيّاك عنّا، فإنّا قوم عبدنا اللّه سرًّا فأدخلنا اللّه الجنّة سرًّا [9].
بل ظاهر جملة من الأخبار هو كراهة أن يشهر نفسه بالتقى والورع، مثل ما روي من أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لرجل: هل في بلادك قوم شهروا أنفسهم بالخير فلا يعرفون إلّا به؟ قال: نعم، قال: فهل في بلادك قوم شهروا أنفسهم بالشرّ فلا يعرفون إلاّ به؟ قال: نعم، قال: ففيها بين ذلك قوم يجترحون السيئات ويعملون بالحسنات، يخلطون ذا بذا؟ قال: نعم، قال عليه السّلام: تلك خيار أمّة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، تلك النمرقة الوسطى، يرجع إليهم الغالي وينتهي إليهم المقصّر [10].
نعم، لا بأس بتحسين العبادة ليقتدي به من يراه، والترغيب في المذهب، لقول الصادق عليه السّلام: كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإنّ ذلك داعية [11]، وقول عبيد: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يدخل في الصلاة يجوّد صلاته ويحسنها رجاء أن يستجر بعض من يراه إلى هواه، قال: ليس هذا من الرياء [12]، وقال عليه السّلام: أوصيكم بتقوى اللّه، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وأداء الأمانة لمن ائتمنكم، وحسن الصحابة لمن صحبتموه، وان تكونوا لنا دعاة صامتين، فقالوا: وكيف ندعو إليكم ونحن صموت؟!قال: تعملون بما أمرناكم به من العمل بطاعة اللّه، وتتناهون عن معاصي اللّه، وتعاملون النّاس بالصدق والعدل، وتؤدّون الأمانة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، ولا يطلع الناس منكم إلّا على خير، فإذا رأوا ما أنتم عليه علموا فضل ما عندنا فتسارعوا إليه [13].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قرب الاسناد: 64.
[2] الأمالي للشيخ الصدوق: 20 حديث 4 المجلس 6.
[3] وسائل الشيعة: 1/58 باب 17 حديث 7.
[4] الفقيه: 2/83 باب 91 فضل الصدقة حديث 162.
[5] أمالي الشيخ الطوسي: 2/143، وسائل الشيعة: 3/556 باب 69 حديث 7.
[6] فلاح السائل: 30 الفصل السابع بسنده عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: دعوة العبد سرًّا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.
[7] مستدرك وسائل الشيعة: 1/143 باب 4 حديث 4.
[8] أمالي الشيخ الطوسي: 2/147.
[9] مستدرك وسائل الشيعة: 1/13 باب 16 حديث 7.
[10] مستدرك وسائل الشيعة: 1/13 باب 16 حديث 2 الجعفريّات.
[11] أصول الكافي: 2/105 باب الصدق والأمانة حديث 10 بتفاوت.
[12] مستطرفات السرائر: 137 ممّا استطرفه من كتاب عبد اللّه بن بكير حديث 2.
[13] مستدرك وسائل الشيعة: 1/13 باب 15 حديث 2.
الاكثر قراءة في الاخلاص والتوكل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة