الإصلاح بين المؤمنين
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج5، ص 49 -51
2025-10-14
128
قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9]
{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} والجمع باعتبار المعنى فإن كل طائفة جمع فأصلحوا بينهما بالنصح والدعاء إلى حكم الله {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} تعدت عليها {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ترجع إلى حكمه وما أمر به {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} بفصل ما بينهما على ما حكم الله قيل تقييد الاصلاح بالعدل هاهنا لأنه مظنة الحيف من حيث إنه بعد المقاتلة وأقسطوا واعدلوا في كل الأمور إن الله يحب المقسطين قيل نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج في عهده بالسعف والنعال.
وفي الكافي والتهذيب والقمي عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) في حديث قال لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل من هو قال خاصف النعل يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال عمار بن ياسر قاتلت بهذه الراية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر لعلمنا انا على الحق وإنهم على الباطل وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) ما كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة يوم فتح مكة فإنهم لم يسب لهم ذرية وقال من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن وكذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم البصرة نادى فيهم لا تسبوا لهم ذرية ولا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة وهم أهل هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيؤوا إلى أمر الله ولو لم يفيؤوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيؤوا ويرجعوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين وهي الفئة الباغية كما قال الله عز وجل فكان الواجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) ان يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كما عدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة إنما من عليهم وعفا وكذلك صنع علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله) بأهل مكة حذوا النعل بالنعل.
وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10]
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} في الكافي عن الصادق (عليه السلام) بنو أب وأم وإذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون.
وعنه (عليه السلام) المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.
وعن الباقر (عليه السلام) المؤمن أخ المؤمن لأبيه وأمه لان الله خلق المؤمنين من طينة الجنان واجري في صورهم من ريح الجنة فلذلك هم اخوة لأب وأم.
وفي البصائر عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن تفسير هذا الحديث إن المؤمن ينظر بنور الله فقال إن الله خلق المؤمن من نوره وصبغهم من رحمته وأخذ ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته يوم عرفهم نفسه فالمؤمن أخ المؤمن لأبيه وأمه أبوه النور وأمه الرحمة وإنما ينظر بذلك النور الذي خلق منه.
أقول: ووجه آخر لإخوة المؤمنين انتسابهم إلى النبي والوصي فقد ورد أنه (صلى الله عليه وآله) قال أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة ووجه آخر انتسابهم إلى الايمان الموجب للحياة الأبدية فأصلحوا بين أخويكم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا.
وعنه (عليه السلام) لان أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين وعنه (عليه السلام) إنه قال لمفضل إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي وفي رواية قال المصلح ليس بكذاب واتقوا الله في مخالفة حكمه والاهمال فيه لعلكم ترحمون على تقواكم.
الاكثر قراءة في قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة