التصديّ للشؤون الإجتماعيّة من قبل غير المعصوم عرضة للزلل والانحراف دائماً
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص138-139
2025-11-18
158
من ينجو من هذه المزالق غير الإنسان المعصوم؟ فالعنوان والشأن، والرئاسة، والتسليم بالطاعة تستقطب اهتمام الإنسان شيئاً فشيئاً فتغريه حتى تجعله يفكّر بمكاسب أكثر لصالح شخصيّته واعتباره فتتلوّث روحه اللطيفة بالتدريج، ويقسو قلبه الرقيق، ويجفو ضميره الإنسانيّ وتجفّ عينه الباكية، ويتبدل خشوعه في الصلاة إلى غفلة وسهو إلى أن يصبح واحداً من الفجّار والفسّاق.
وهذه مسألة ثابتة من وجهة نظر علم النفس، ومذكورة في كتب علماء الأخلاق مشفَّعة أو مُتبعة بالأدلّة والبراهين. مضافاً إلى ذلك فالتجربة شاهد صدق واضح على هذا الموضوع. ففي هذه الحالة، كيف يجوز في سنن الله تعيين شخص ناقص لزعامة الناس، في حين أنّ نفسه عرضة للهلاك، أوّلًا، ويهلك بسيرته امّة بكاملها، ثانياً، قال تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}[1].
وكثير من أهل السنّة يرون للخليفة استقلالًا في الرأي ويقولون: إذا رأى الخليفة في حكم من الأحكام مصلحة للُامّة، فله أن يمُضيه حتى لو كان مخالفاً لحكم الله ومناقضاً لصريح الدين[2].
كما يشاهد أنّ كثيراً من الخلفاء كانوا يعملون برأيهم في المسائل المستحدثة.
إذ نقرأ في التاريخ أن عمر حرّم متعتي الحجّ والنساء، ورفع عبارة «حَيّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ» من الأذان، وغير ذلك من الأعمال. ويرى أهل السنّة أنّ الأحكام الصادرة عن الخلفاء واجبة المراعاة والتنفيذ وفقاً للآية القائلة بوجوب إطاعة أولي الأمر.
كما يروي السيوطيّ عن عكرمة أنّه سُئل من امّهات الأولاد، فقال: هنّ أحرار. أي: أنّ الأمَةَ تُعتق إذا رزقت ولداً من مولاها وسيّدها. فقيل له: بأيّ تقوله؟ قال: بالقرآن. قالوا: بما ذا من القرآن؟ قال: قول الله {أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[3]. ولمّا كانت هذه الآية تفيد وجوب إطاعة أولي الأمر، وعمر كان أولي الأمر، وأفتى بإعتاق امّ الولد، لذلك حكم القرآن باعتاقها[4].
[1] الآية 98، من السورة 11: هود.
[2] أحمد أمين المصري في كتابه «فجر الإسلام» على ما نقله العلّامة الطباطبائي في تفسيره «الميزان» ج 4، ص 422.
[3] الآية 59، من السورة 4: النساء.
[4] «الدرّ المنثور» ج 2، ص 177.
الاكثر قراءة في قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة