الطلاء أو التغليف بالنانوتكنولوجي NanoCoatings
المؤلف:
منير نايفة
المصدر:
النانوتكنولوجي- عالم صغير ومستقبل كبير- صفات سلامة
الجزء والصفحة:
ص83
2025-10-23
22
من بين التطبيقات الصناعية المهمة والواعدة للنانوتكنولوجي، تقنية التغليف بالنانوتكنولوجي، على شكل طلاءات وبخاخات جديدة تعمل على تكوين طبقات تغليف تحمي شاشات الأجهزة الإلكترونية من الخدوش وتجعل الأوراق والوثائق المهمة عازلة للماء ولا تتشربه أو تتأثر به وتمتاز هذه الطلاءات بأنها رخيصة الثمن وسهلة الاستعمال وصديقة للبيئة، والتي ستغنينا كثيراً عن مواد الطلاء المستخدمة حالياً.
وطبقة تغليف النانو عبارة عن مواد صلبة سائلة، تتكون من جزيئات شديدة الصغر، وتتصف بخصائص فريدة مثل المرونة الشديدة وسهولة الإلتصاق ومقاومتها للتآكل ونمو الميكروبات، وهذه الخصائص يمكن أن تحدث تغييراً جذرياً في عمليات التصنيع.
ففي عام 2003 قامت سالي رامسي" Sally Ramsey - رئيسة الباحثين الكيميائيين والشريكة في تأسيس شركة التغليف البيئي الأميركية Ecology Coatings - بالتقصي عن التكاليف والفوائد البيئية الكامنة في التغليف بالنانوتكنولوجي، واستخدمت جزيئات نانو صغيرة جداً من أوكسيدات معدنية لتصنيع طبقة عازلة للماء توضع فوق الورق، وذلك بنصف تكلفة تصنيع الورق الصناعي، وتقول "رامسي" بأنه من الممكن أن نستخدم الطلاء بالجزيئات النانوية في صنع صناديق كرتونية عازلة للماء، كما يمكن أن تدخل في تركيب مواد البناء كالجدران الجافة وتمنع نمو العفن فيها إذا أصيبت بالرطوبة، كما أن هذا الطلاء المدهش يمكن أن يجعل شاشات الأجهزة الإلكترونية الصغيرة مثل "الآي" "بود iPod والهواتف الجوالة تعمر أكثر، تقول "رامسي" إن التغليف بالنانوتكنولوجي سيزيد مقاومة الأجهزة للاحتكاك والخدش، ويجعل قوة الأسطح أقوى أكثر وبدون فقدان الوضوح.
والتغليف بالنانوتكنولوجي عن طريق شركة "التغليف البيئي" Ecology Coatings ، والمرخص من قبل شركة الكيمياء "دوبونت" Dupont، يمكن أن يحدث ثورة فريدة في عالم تصنيع قطع غيار الآليات تصبح تجارية، وتأمل شركة "دوبونت" أن تنتج "طلاء النانو" الذي يمنع التسرب ويحمي مكونات الآليات ويخفض الآثار الجانبية البيئية لتصنيع السيارات، وذلك عن طريق توفير الطاقة والمواد عندما المستخدمة. كما أن الطلاء بالنانو تكنولوجي يمكن أن يغير من الطرق المستهلكة للوقت والعمليات المكلفة لطلاء قطع الآليات، إذ إن جزيئات النانو صغيرة جداً لدرجة تكفي لاستخدامها في بخاخات تقليدية للمعدات.
وبالنسبة إلى الصيانة، ترى "رامسي" أن قطع الغيار المطلية بالنانوتكنولوحي يمكن صيانتها بسهولة، وذلك بتعريض سطح القطع للأشعة فوق البنفسجية لمدة 10 ثوان أو أقل، وبعد أن تصطدم الأشعة فوق البنفسجية بسطح القطع المطلية، يتحول السطح إلى شرائح بلاستيكية رقيقة غير مخدوشة والصيانة بهذه الطريقة التي تتم عند درجة حرارة الغرفة سوف تغير من معايير عمليات الصيانة الحالية التي تتطلب وضع القطع في داخل فرن تصل درجة حرارته إلى 205 درجة مئوية لمدة 40 دقيقة، مما يعرض هذه القطع لظروف قاسية، الأمر الذي يؤثر سلباً على عمرها وبسبب انتفاء الحاجة لاستخدام مواد كيميائية خطرة، استطاعت تقنية الطلاء بالنانوتكنولوجي أن تنقذ القطع المصنعة وتزيل الحاجة لتعقب الانبعاثات والتخلص من المواد المذابة الناتجة عن عمليات التصنيع، ولأن هذه الطلاءات صديقة للبيئة وليست لها آثار جانبية في استخداماتها، ونظراً لقلة تكلفتها التصنيعية، فقد حصلت على رخصة من "وكالة حماية البيئة" Environmental Protection Agency. يقول "بوب ماتيسون Bob Matheson - المدير التقني للإنتاج التكنولوجي الاستراتيجي في شركة "دوبونت" - إن استخدام الطلاء بالنانوتكنولوجي يعتمد على مواد يمكن أن تقلل من تكاليف استخدام الطلاء العادي، كما أن التحول إلى استخدام هذه التقنية قد يحدث تغييراً في تصميم قطع غيار الآليات، فهذه التقنية سوف يتم تطبيقها على القطع غير الظاهرة للآليات مثل مرشحات (فلاتر) الزيوت و أسطوانات الفرامل. وقد اختارت شركة دوبونت " هذه التقنية لأنها نظيفة وتتطلب طاقة أقل للصيانة من تلك التي تعتمد على طرق الصيانة الأخرى الحالية، كما أن هذه التقنية ستقبل من كمية الطاقة المستخدمة في عمية الطلاء بمعدل 25 بالمئة، ومن تكلفة المواد التصنيعية بنسبة 75 بالمئة.
أما "بول أو غنوم" Paul glum من شركة "دلفي" Delphi المصنعة لقطع غيار الآليات، فيقول إن الشركة قد بدأت بالفعل في استخدام الطلاءات بالنانو تكنولوجي التي يمكن صيانتها باستخدام "الأشعة فوق البنفسجية"، والتي عن طريقها سيتم توفير طاقة كبيرة، بالمقارنة بعمليات الصيانة عن طريق المعاجة الحرارية المستخدمة حالياً في عمليات التصنيع والتي تبطئ عملية الإنتاج. فعلى سبيل) المثال، ينتج قسم "دلفي" 3.5 مليون قطعة أسبوعياً، وقد قدرت كمية الطلاء التي يتم توفيرها بآلاف الغالونات أسبوعياً. وفي مجال الطب، ستفتح تقنية التغليف بالنانوتكنولوجي آفاقا كثيرة واعدة في العمليات الجراحية الدقيقة، أو في صناعة الأدوية عن طريق إدخال مواد معينة مغلفة بطلاء نانوي إلى مكان محدد في الجسم، ثم إذابة هذا الطلاء لإطلاق الأدوية والمواد الفعالة بتركيزات معينة، فعلى سبيل المثال حالياً تقوم شركة الأدوية الأميركية Nucryst Pharmaceuticals بإنتاج أغلفة طبية medical coatings مشربة ببلورات نانوية من عنصر الفضة silver nanocrystals الذي يتميز بخاصية مقاومتة للميكروبات، حيث تقوم الضمادات الطبية medical dressings المكسوة ببلورات الفضة النانوية التي يتراوح حجمها بين 1 و 100 نانوميتر بإطلاق أيونات فضية سريعة المفعول ومتواصلة الانطلاق في الجروح لتسريع الشفاء، ويتم حاليا استخدام هذه التكنولوجيا في مراكز معالجة الحروق عبر الولايات المتحدة . .
كما طورت شركة نتشرال نانو Natural Nano الأميركية في روشستر بولاية نيويورك، نوعاً من الطلاءات أو الأصباغ يعمل على تقنيات النانو، يمكن تغيير خصائصه كي يتحول إلى حاجز لصد إشارات موجات الهاتف المحمول، أو منفذ يسمح لها بالمرور، وسوف يمكن توظيف هذا الطلاء الجديد في جدران قاعات دور السينما والمسارح، بحيث يسمح لأصحاب الهواتف المحمولة مثلاً بتبادل المكالمات قبل بداية العروض أو الفعاليات، ثم منعها حال افتتاحها. ويعتمد مبدأ عمل الطلاء على وضع جزيئات صغيرة من النحاس داخل أنابيب نانوية تظهر طبيعياً في تربة الأرض في ولاية "يوتا Utah" الأميركية، ويعمل هذا الطلاء معا مع جهاز لترشيح أو تصفية الإشارات الهاتفية بعد جمعها خارج موقع محكم، بهدف تمرير بعض الإشارات دون غيرها.
وفي مؤتمر "استخدام النانوتكنولوجي في الوقاية من الجريمة والكشف عنها Nanotechnology in crime prevention and detection conference، والذي أقيم في لندن في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2003، كشف البروفيسور "فيكتور" "كاستنو" Victor Castano بالجامعة الوطنية المستقلة بالمكسيك National Autonomous University of Mexico، عن مادة طلاء جديدة باستخدام تقنية النانوتكنولوجي غير قابلة للكتابة عليها، تعرف باسم "ديليتوم 5000" 5000 Deletum، المكون الأساسي فيها هو جزيئات نانوية من السيليكا (أوكسيد السيليكون) (nanoparticals of silica (silicon dioxide) (SiO2 ملتصقة بسطحها جزيئات مضادة للزيوت وأخرى مضادة للمياه، لأن المواد المستخدمة في الكتابة أو الرسم إما تحتوي على الزيت أو المياه، وخلط الجزيئات المضادة للزيت والماء معاً سيؤدي فقط إلى فصلها، ولكن خلطهم مع "السيليكا" سيجبر الجزيئات على البقاء على السطح الخارجي عندما يجف الطلاء، وتكون النتيجة أن أي مادة دهان لن تصمد على السطح، وإذا جفت على السطح فإنه يسهل تنظيفها ومسحها. ويقول "كاستنو" مبتكر الطلاء ومؤسس شركة " windsend المنتجة له أن طلاء "ديليتوم 5000" يستخدم حالياً في المكسيك لحماية المباني، ويمكنه أن يوفر للمدن الكبيرة ملايين الدولارات من تكالف النظافة، ويمكن أن يستخدم على أسطح الخرسانة والطوب والمعادن والبلاستيك والخشب، ويتحمل الهجمات المتكررة، وعمره الافتراضي 10 سنوات، وهو ضعف عمر أي مادة سابقة، وحيث إنه يمكن طلاؤه بطبقة رقيقة جداً فهو يستخدم لطلاء أسطح حوائط المنشآت التاريخية والأثرية بدون حدوث تلف للحوائط.
وهذا يعني أن حوائط المطابخ أو المصانع لن تحتاج إلى تنظيف 6 كما أن للتغليف بالجزيئات النانوية من ثاني أوكسيد التيتانيوم (Titanium Dioxide (TiO2 دور مهم في صناعة الملابس ذاتية التنظيف Self-cleaning Clothes ، أي التي تغسل وتنظف نفسها، دون الحاجة لغسالة ملابس، فعندما تتمكن نانو جزيئات ثاني أوكسيد التيتانيوم Nanosized TiO2 particles من امتصاص الأشعة فوق البنفسجية، تصبح كيميائياً فاعلة، وتستعمل هذه الخاصية في صنع مواد كثيرة ذاتية التنظيف كالطلاء والزجاج، حيث تستخدم هذه الجزيئات النانوية أشعة الشمس لحرق الأوساخ والغبار وغيره، ففي بحث نشرت نتائجه عام 2004 في مجلة "جمعية السيراميك" الأميركية American Ceramic Society توصل الباحثان الكيميائيان وليد داوود"، و"جون زين" Walid Daoud & John Xin من معهد الأنسجة والملابس Institute of Textiles and Clothing في جامعة هونغ كونغ التقنية The Hong Kong Polytechnic University إلى صناعة أنسجة لا تنسخ ولا يحتاج الإنسان إلى غسالة ملابس لتنظيفها، إذ لا تحتاج فقط إلا إلى ضوء الشمس، وذلك عن طريق تغطية الأقمشة القطنية بجزيئات نانوية من ثاني أوكسيد التيتانيوم لا يتعدى سمكها 20 نانومتر أقل 25 ألف مرة من سمك شعرة الرأس)، حيث تتفاعل هذه الجزيئات مع الضوء ليكسر المركبات العضوية مثل الأطعمة والزيوت والروائح والملوثات البيئية والأحياء الدقيقة الضارة كالفيروسات والبكتيريا، وتحويلها إلى ثاني أوكسيد الكربون والماء، وعن مراحل التنفيذ يقول الباحثان أنه يتم وضع الأقمشة القطنية في سائل مذاب فيه أوكسيد التيتانيوم لمدة 30 ثانية ثم تجفيفها، وبعد ذلك يتم تعريض الأقمشة الدرجة حرارة تبلغ 97 درجة مئوية لمدة 15 دقيقة، ثم توضع الأقمشة في ماء مغلي لمدة 3 ساعات حتى تثبت طبقة أوكسيد التيتانيوم بالملابس والتي تظل تعمل طالما تعرضت للضوء لأنها لا تنضب أبداً وباستخدام التغليف بتقنية النانوتكنولوجي تمكن باحثون من جامعة زيوريخ السويسرية University of Zurich من تطوير نسيج نانوي طارد للماء water-repellent nanotech fabric بنسبة 100 بالمئة، وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في عدد 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 من مجلة "المواد الوظيفية المتقدمة" Advanced Functional Materials، يقول الباحث "ستيفان سيغر " Stefan Seeger، من معهد الكيمياء الفيزيائية Institute of Physical Chemistryبجامعة زيورخ وأحد المشاركين في الدراسة، أن الفريق البحثي ممكن من إنتاج نسيج نانوي طارد وعازل للماء، وذلك من خلال تغليف الألياف المصنوعة من مادة البوليستر بخيوط نانوية من السيليكون silicon nanofilaments حيث يتحول الماء إلى كريات كروية دقيقة تنزلق على سطح النسيج ولا تبلغ قط مادة البوليستر الأصلية (أنظر الشكل1) وكشفت التجارب أن النسيج قادر على الصمود لفترات زمنية طويلة دون أن يخترقه الماء أو يعلق به، ويضيف الباحث بأنه يمكن استخدام النسيج النانوي الطارد للماء في صناعة الأنسجة والبوليمرات مثل القطن والصوف والفسكوز ) Viscoseمادة الدائنية تستخدم في صنع الحرير الصناعي) وكذلك في صناعة الزجاج والمعادن، وتغطية سطوح المنازل وعزل السدود والبناء والجسور وكسو أجسام الطائرات.

شكل 1 نسيج نانوي طارد للماء، حيث تبقى قطرات الماء على شكل كرات كروية على سطح النسيج
ومن بين الشركات العاملة في مجال استخدام النانوتكنولوجي في صناعة الأنسجة، شركة "الأنسجة النانوية Nano-Tex الأميركية في كاليفورنيا، التي تقوم بإنتاج ملابس بأنسجة نانوية مقاومة للبقع والأوساخ السائلة، فما أن تضع تي شيرت" مثلاً في كوب من القهوة وترفعه من الكوب سرعان ما يعود إلى لونه وشكله الطبيعي بمجرد جفافه، كما تنتج الشركة ملابس مقاومة للسوائل أو المواد التي تسكب عليها Resists Spills، وأيضاً ملابس مقاومة لامتصاص الشحنات الكهربائية الساكنة أو الإلكتروستاتيكية في أجسامنا Resists Static (وهي عكس الكهربائية المتدفقة، وتحدث عندما تفقد أو تكتسب مادة كهربائية متعادلة الشحنات إلكترونات "جزيئات سالبة الشحنة" وتتحول إلى مادة ذات شحنات موجبة أو سالبة)، وهذه الشحنات الكهربائية الساكنة قد تجعل أجسامنا مستعدة لاستقبال صعقات كهربائية عند ملامستنا لأي نوع من الأجهزة الكهربائية أو الإلكترونية.
وفي أيلول/سبتمبر 2006 أعلنت شركة "أيوجير" logear الأميركية أنها طورت فأرة كومبيوتر "ماوس" Mouse تكافح الفيروسات المعدية التي تعلق على سطحها وتصيب الإنسان وأطلقت الشركة على الفأرة الكومبيوترية اسم الماوس الخالي من الميكروبات اللاسلكي الليزري" Germ Free Wireless Laser Mouse وقد صمم بغطاء خارجي بتقنية النانو يقضي على 99 بالمئة من الميكروبات التي تعلق على سطحه، حيث يتكون غطاء الفأرة الكومبيوترية من دقائق صغيرة من أوكسيد التيتانيوم Titanium Dioxide، والفضة (Silver (Ag وتهلك الميكروبات العالقة عليه بفضل معادلة كيميائية تحدث على سطحه. ويجتذب أو كسيد التيتانيوم جزيئات الأوكسجين والماء. وفي ظروف الإضاءة تتولد نتيجة وجودها أيونات الأوكسجين التي تؤدي إلى القضاء على الميكروبات (10)، (أنظر الشكل 2)

شكل (2) ماوس الكمبيوتر Mouse الذي أنتجته شركة "آيوجير" logear الأميركية، والمطلي بمواد نانوية للقضاء على الميكروبات
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة