من أحاديث الوصيّة (حديث سلمان الفارسي)
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص232-235
2025-11-24
14
من أحاديث الوصيّة، حديث سلمان الفارسيّ عند ما سأل النبيّ قائلًا له: مَن وصيّك؟ فأجابه: «يا سلمان؛ تعلمُ مَن وصيّ موسى؟ فقال: نعم، يوشع بن نون. فقال صلى الله عليه وآله: اعلم يا سلمان؛ أنّ وصيّي ووارثي وأخي ووزيري وخير من اخلّف بعدي، ينجز موعدي ويقضي دَيني، عليّ بن أبي طالب».
وقد ذكر هذا الحديث كثير من علماء الشيعة والسنّة في كتبهم وصدّقه الكبار من علماء العامّة وشهدوا على صحّته. ولمّا روى هذا الحديث بطرق مختلفة، وعباراته متباينة فيما بينها إجمالًا. لذلك ننقله هنا نصّاً من الكتب المعتبرة للجمهور.
يروي العلّامة البحرانيّ في مناقبه الصغير الموسومة ب «عليّ والسُنّة» ص 57 عن أبي سعيد الخُدريّ أنّه قال: أنّ سَلمانَ قالَ: قُلتُ لِرَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: لِكُلِّ نَبِيّ وَصِيّ، فَمَن وَصِيُّكَ؟ فَسَكَتَ عَنِّيفَلَمّا كَانَ بَعدُ رَآنِي، فَقَالَ: «يَا سَلمَانُ»؛ فَأسْرَعْتُ إِلَيهِ وقُلتُ: لَبَّيكَ، فَقَالَ: «تَعلَمُ مَن وَصِيّ موسى؟» قُلتُ: نَعَمْ، يُوشَعُ بنُ نُونٍ، فَقَالَ: لِمَ؟ قُلتُ: لأنَّهُ أعلَمَهُمْ يُوْمَئذٍ، قَالَ: «فَإِنَّ وَصِيِّي ومَوضِعَ سِرِّي وخَيرَ مَن اخَلِّفُ بَعْدِي، يُنجِزُ مَوعِدي ويَقضِي دَينِي، عليّ بنُ أبِي طالِبٍ».
يسأل الرسول سلمان في هذا الحديث عن السبب مِن جعل يوشع ابن نون وصيّاً لموسى، فيجيب: لأنّه كان أعلمهم يومئذٍ، إنّه يريد هنا أن يوضّح للناس بأنّ وصيّ النبيّ ينبغي أن يكون أعلم الامّة جميعها وأفهمها في مسائل الدين والمعارف الإلهيّة ورموز الدين وأسراره. ولذلك يقول: وصيّي وموضع سِرّي وخير من اخلّف بعدي، ينجز موعدي ويقضي دَيني، ويكون أهلًا للاضطلاع بهذه المهمّة الشاقّة، عليّ بن أبي طالب.
وروي في هذا الكتاب نفسه أيضاً ص 58 عن «المناقب» عن ابن مردويه، عن أنس، أنّ سلمان قال: قُلتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: عَمَّن نَأخُذُ بَعْدَكَ وبِمَن نَثِقُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي حتى سَألتُ ذَلِكَ عَشْراً، ثُمَّ قَالَ: «يا سَلمَانُ؛ أنّ وَصِيّي وخَلِيفَتِي وأخِي ووَزيري وخَيرَ مَن اخَلِّفُهُ بَعْدِي عليّ بنُ أبِي طالِبٍ، يُؤَدّي عَنِّي ويُنجِزُ مَوعِدي».
ويقول محبّ الدين الطبريّ أيضاً في «الرياض النضرة» ج 2، ص 178 بعد حديث بريدة: عَن أنَسٍ قالَ: قُلنَا لِسَلمانَ: سَلِ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: مَنْ وَصِيُّهُ؟ فَقَالَ سَلمَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ وَصِيُّكَ؟ قَالَ: «يَا سَلمَانُ؛ مَنْ كانَ وَصِيي موسى؟» قالَ: يُوشَعُ بنُ نُونٍ قالَ: «فَأنَّ وَصِيي ووارِثِي، يَقْضِي دَينِي ويُنجِزُ مَوعِدي عليّ بنُ أبِي طالِبٍ». ثمّ يقول: خرّج أحمد بن حنبل هذا الحديث في كتابه «المناقب». وذكر سبط بن الجوزيّ هذا الحديث نفسه وبعبارة الطبريّ ذاتها في «التذكرة» ص 26، واعتبره حديثاً صحيحاً، وردّ على من عدّه حديثاً ضعيفاً. وملخّص الكلام أنّ السبب الذي دفع البعض أن يضعّفوا هذا الحديث هو وجود إسماعيل بن زيادة في إسناده، وهو من الذين قدح فيهم الدار قطنيّ. وسبب هذا القدح هو وجود الزيادة في ذيله. هذه الزيادة متمثّلة في الجملة التالية: «وَهُوَ خَيرُ مَن أترُكُ بَعدِي».
ثمّ يقول: وأمّا الحديث الذي ذكرناه فليس فيه زيادة، وما نقلناه عن أحمد بن حنبل، وليس في سلسلة رواته إسماعيل بن زيادة. وهذا الحديث غير ذلك الحديث.
ولكن محبّ الدين الطبريّ في كتابه الآخر «ذخائر العقبي» ص 71 ذكر فقط ذيل حديث سلمان، فقال: قالَ: رَوى أنَسٌ أنّ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: قالَ: «وَصِيِّي ووارِثي يَقْضي دَيْنِي ويُنجِزُ مَوْعِدي عليّ بنُ أبي طالِبٍ». ثمّ يقول: ذكر أحمد بن حنبل هذا الحديث في «المناقب».
وذكر ابن شهرآشوب هذا الحديث أيضاً بسندين في مناقبه ج 1، ص 542.
الأوّل: روى عن الطبريّ بإسناده عن سلمان أنّه قال: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّهُ لَم يَكُن نَبِيّ إلَّا ولَهُ وَصِيّ، فَمَنْ وَصِيُّكَ؟ قَالَ: «وَصِيِّي وخَلِيفَتِي في أهْلِي وخَيرُ مَن أترُكُ بَعْدِي، مُؤَدِّي دَينِي ومُنْجِزُ عِدَاتِي عَلِيُ بنُ أبِي طَالِبٍ».
الثاني: عن مطير بن خالد عن أنس، وقيس بن ماناه وعبادة بن عبد الله عن سلمان أنّهما (أي؛ أنس وسلمان) قالا: قال النّبِيّ: «يَا سَلْمانُ؛ سَألتَنِي مَن وَصِيِّي مِن امَّتِي، فَهَلْ تَدرِي لِمَن كانَ أوْصَى إِلِيهِ مُوسَيعَلِيهِ السَّلام؟» قُلتُ: اللهُ ورَسُولَهُ أعْلَمُ. قالَ: «أوصَى إلى يُوشَعَ لأنَّهُ كَانَ أعْلَمَ امَّتِهِ، ووَصِيِّي وأعْلَمُ امَّتِي بَعْدِي عليّ بْنُ أبِي طالِبٍ».
ويروى الشيخ سليمان القندوزيّ كذلك في الباب الخامس عشر من «ينابيع المودّة» ص 78 عن «مسند» أحمد بن حنبل بإسناده عن أنس بن مالك أنّهُ قالَ: قُلنا لِسَلمانَ: سَلِ النَّبيّ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم عَن وَصِيِّهِ، فَقَالَ سَلمانُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَن وَصِيُّكَ؟ فَقَالَ: يا سَلمَانُ؛ مَن وَصِيّ موسى؟ فَقَالَ: يُوشَعُ بنُ نُونٍ. قالَ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم: «وَصِيِّي ووارِثِي يَقضِي دَيْنِي ويُنجِزُ موعْدي عليّ بنُ أبِي طَالِبٍ» ثمّ يقول: روى الثعلبيّ حديث الوصيّة بشأن عليّ بن أبي طالب عن البراء بن عازب، في تفسيره في ذيل الآية الكريمة: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[1].
وروى ابن المغازليّ هذا الحديث بسنده عن ابن عبّاس، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، وبريدة، وأبي أيّوب الأنصاريّ.
وذكر في ص 231 من «ينابيع المودّة» أيضاً، ضمن سبعين منقبة نقلها لأمير المؤمنين هذا الحديث عن أحمد بن حنبل، عن أنس.
[1] الآية 214، من السورة 26: الشعراء.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة