ذكر بعض فضائل أمير المؤمنين عليه السلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص241-251
2025-11-25
75
يروي ابن شهرآشوب أيضاً في «المناقب» ج 1 ص 542 عن سفيان الثوريّ، عن منصور، عن مجاهد، عن سلمان الفارسيّ أنّه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «أنّ وَصِيِّي وخَلِيفَتِي وخَيْرَ مَن أتْرُكُ بَعْدِي يُنجِزُ مَوعِدِي ويَقضِي دَيْني عليّ بنُ أبِي طالِبٍ».
ويروي محبّ الدين الطبريّ في «الرياض النضرة» ج 2 ص 178 وفي «ذخائر العقبي» ص 71 بإسناده عن أنس، وكذلك القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 208 عن أحمد بن حنبل في مناقبه عن أنس أنّه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «وصِيِّي ووَارِثِي يَقْضِي دَينِي ويُنجِزُ مَوعِدِي عليّ بنُ أبِي طالِبٍ».
ويروي القندوزيّ الحنفيّ في ص 133 من «ينابيع المودّة» ضمن حديث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، أنّ رسول الله قال: «يَا عليّ؛ أنْتَ صَاحِبُ حَوْضي وصَاحِبُ لِوائِي وحَبِيبُ قَلبِي ووَصِيي ووارِثُ عِلْمِي».
ومنها: الأحاديث التي سمّى فيها رسول الله صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ[1] وسَلّمَ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب خاتم الأوصياء، وخاتم الوصيّين وسيّد الأوصياء وسيّد الوصيّين، وأفضل الأوصياء.
منها: الحديث الذي نقلناه سابقاً عن «غاية المرام» ص 619 إذ يروي الحموينيّ بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ أنّه كان يوماً مع النبيّ في بعض حيطان المدينة، إلى أن يقول: فمررنا بنخل، فصاح النخل: هَذا مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الأنبِياءِ، وهَذا عليّ سَيِّدُ الأوصِياءِ وأبُو الأئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ.
وذكرنا أيضاً روايات كثيرة معروفة بحديث أنس جاء فيها أنّ رسول الله قال لأنس: «أوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيكَ مِن هَذَا البَابِ أمير المؤمنين وسَيِّدُ المسلمين وقائِدُ الْغُرِّ المُحَجَّلين وخَاتَمُ الوَصِيّينَ».
ونقلنا أيضاً عن «غاية المرام» ص 621، الحديث الثالث والعشرين أنّ ابن شاذان روَى عن طريق العامّة، عن الإمام الرضا، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، أنّهُ سئل ضمن ذلك الحديث: ومَا العُروَةُ الوُثْقَى؟ قالَ: وِلَايَةُ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ. قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ومَن سَيِّدُ الوَصِيِّينَ؟ قَالَ: «أمير المؤمنين ... أخِي عليّ بنُ أبي طالِبٍ» وذكرنا أيضاً ضمن حديث المناشدة الذي خاطب فيه أمير المؤمنين، المسلمين في مسجد النبيّ أيّام عثمان، أنّ صاحب كتاب «عليّ والوصيّة» ص 73 نقل عن الحموينيّ في «فرائد السمطين» بإسناده عن سليم بن قيس الهلاليّ أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «أنَا أفضَلُ أنبياءِ اللهِ ورُسُلِهِ، وعَلِيّ ابنُ أبي طالِبٍ وَصِيّي أفضَلُ الأوصِياء».
وذكر المناويّ عبد الرؤوف ابن تاج العارفين أيضاً في كتابه «كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق» المطبوع بمصر سنة 1321، وكذلك جاء في حاشية «الجامع الصغير» للسيوطيّ في ج 1، ص 71 حديث عن الديلميّ صاحب كتاب «فردوس الأخبار» في حرف الألف بإسناده عن أبي ذرّ الغفاريّ رحمة الله عليه أنّه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم وهُوَ يُخَاطِبُ أمير المؤمنين عليّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السَّلامُ: «أنَا خاتَمُ الأنبياءِ وأنْتَ يا عليّ؛ خاتَمُ الأوصِياءِ».
وروى الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 79 هذا الحديث الشريف بلفظ آخر عن الحموينيّ في «فرائد السمطين» إذ جاء فيه: قَالَ أبُو ذر: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّم: «أنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وأنتَ يا عليّ، خاتَمُ الوَصِيِّينَ إلى يِوْمِ الدِّينِ».
وروى القندوزيّ أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 80عن «المناقب» عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن آبائه عليهم السلام: قَالَ: كانَ عليّ عليه السلام يَرى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم قَبْلَ الرِّسَالَةِ الضَّوءَ ويَسْمَعُ الصَّوْتَ، وقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ: «لَو لا أنِّي خاتَمُ الأنبِياءِ لَكُنْتَ شَرِيكاً في النُّبوَّةِ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيّاً فَإنَّكَ وَصِيّ نَبِيّ ووارِثُهُ، بَل أنتَ سَيِّدُ الأوصِياءِ وإمامُ الأتقِياءِ».
وعند ما يذكر الحموينيّ أيضاً في آخر الجزء الثاني الباب 61، ص 313 من «فرائد السمطين» أحوال الإمام المهديّ قائم آل محمّد عليه السلام فإنّه يقول: عَنْ أبي مُعاويَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَبايَةَ ابنِ رِبْعِيّ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم: «أنَا سَيِّدُ النَّبِيّينَ وعليّ بنُ أبي طالِبٍ سَيِّدُ الوَصِيِّينَ، وأنّ أوصِيَائِي بَعْدِي اثنا عَشَرَ أوَّلُهُمْ عليّ بنُ أبي طَالِبٍ وآخِرُهُمُ القائمُ الْمَهْدِيّ عَلَيهِمُ السَّلامُ».
وروى القندوزيّ الحنفيّ هذا الحديث الشريف أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 445، عن عَباية بن ربعيّ، عن جابر، عن رسول الله، وفي ص 447، وص 487 عن «فرائد السمطين» للحموينيّ بسنده عن عَباية بن ربعيّ، عن ابن عبّاس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
ومنها: الأحاديث المتعلّقة بكلام رسول الله مع الصدّيقة الكبرى عند موته، إذ صرّح فيها بأنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وصيّه، وأنّه خير الأوصياء. وهذه الأحاديث مهمّة للغاية أيضاً، وهي تستحقّ الإمعان من وجهه نظر رجال الحديث والعلماء الذين ثبّتوها في كتبهم الموثوقة.
يقول الكنجيّ الشافعيّ في الباب الأوّل ص 55 من كتاب «البيان في أخبار صاحب الزّمان» طبع النجف: أخبرنا السيّد النقيب الكامل مستحضر الدّولة، سفير الخلافة المعظّمة، عَلَمُ الهدى، تاج امراء آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، أبو الفتوح المرتضى بن أحمد بن محمّد بن محمّد بن جعفر بن زيد بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين الشهيد بن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفيّ، عن أبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد عن الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانيّ، عن الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ. و(بسند آخر) أخبرنا الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل في حلب عن أبي عبد الله محمّد بن أبي زيد الكرانيّ في أصفهان، عن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانيّة، عن أبي بكر بن بريدة، عن الحافظ أبي القاسم الطبرانيّ (الذي تنتهي سلسلة السندين به)، عن محمّد بن زريق بن جامع المصريّ، عن هيثم بن حبيب، عن سفيان بن عيينة، عن عليّ الهلاليّ، عن أبيه، أنّه قال: دَخَلتُ عَلَي رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم في شَكاتِهِ الَّتي قُبِضَ فِيها فَإذا فاطِمَةُ عليها السَّلامُ عِندَ رَأسِهِ. قالَ: فَبَكَتْ حتى ارتَفَعَ صَوتُها فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ طَرْفَهُ إلَيها قالَ: «حَبِيبَتِي فاطِمَةُ! مَا الذي يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: أخْشَى الضَيْعَةَ مِن بَعْدِكَ. فَقالَ: يَا حَبِيبَتِي! أ مَا عَلِمَتْ أنّ اللهَ اطَّلَعَ إلى الأرْضِ اطّلاعَةً فَاخْتَارَ مِنْها أباكِ فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمّ اطّلَعَ اطّلاعَةً فَاختَارَ مِنها بَعْلَكِ وأوْحَى إلى أن انكِحَكِ إيّاهُ! يا فاطِمَةُ! ونَحنُ أهلُ بَيتٍ قَد أعْطانَا اللهُ سَبْعَ خِصالٍ لَم يُعْطِ أحَداً قَبْلَنا ولَا يُعطِي أحَداً بَعْدَنَا، أنَا خاتَمُ النَّبِيِّينَ وَأكْرَمُ النَّبِيّينَ عَلَى اللهِ وأحَبُّ الْمَخلُوقِينَ إلى اللهِ وأنا أبُوكِ. ووَصِيِّي خَيرُ الأوصِياءِ وأحَبُّهُمْ إلى اللهِ وهُوَ بَعلُكِ، ومِنّا مَن لَهُ جَناحانِ أخْضَرانِ يَطِيرُ [بِهِما] في الْجَنَّةِ مَعَ الملائكةِ حَيثُ يَشَاءَ وهُوَ ابنُ عَمِّ أبِيكِ وأخُو بَعْلِكِ، ومِنّا سِبطا هَذِهِ الامّةِ وهُمَا ابْناكِ الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ وهُمَا سَيِّدا شَبَابِ أهْلِ الْجَنَّةِ، وأبُوهُما والَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ خَيرٌ مِنهما. يا فَاطِمَةُ والَّذِي بَعَثَنِي بالحَقِّ أنّ مِنْهُما مَهْدِيّ[2] هَذِهِ الامّةِ إذا صارَتِ الدُّنيا هَرْجاً ومَرْجاً، وتَظاهَرَتِ الفِتَنُ، وتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وأغارَ بَعضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلا كَبِيرٌ يَرحَمُ صَغِيراً، ولَا صَغيرٌ يُؤَقِّرُ كَبيراً. يَبعَثُ اللهُ عِندَ ذَلِكَ مِنْهُمَا[3] مَن يَفتَحُ حُصُونَ الضَّلَالَةِ وقُلُوباً غُلْفاً، يَقُومُ بِالدِّينِ في آخِرِ الزَّمَانِ كَما قُمْتُ بِهِ في أوّلِ الزَّمَانِ، ويَمْلأ الدُّنيَا عَدْلًاً كَما مُلِئَت جَوْراً. يا فَاطِمَةُ لَا تَحْزَنِي ولَا تَبكي فَإنَّ اللهَ أرحَمُ بِكِ وأرأفُ عَلَيكِ مِنِّي وذَلِكَ لِمكَانِكِ مِنِّي ومَوقِعِكِ مِن قَلبِي، وزَوَّجَكِ اللهُ زَوجَكِ وهُوَ أشْرَفُ أهلِ بَيتِكِ حَسَباً وأكرَمُهُمْ مَنْصَباً وأرحَمُهُمْ بِالرَّعيَّةِ وأعْدَلُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وأبصَرُهُمْ بِالقَضِيَّةِ. وقَدْ سَألتُ رَبِّي أن تَكُوني أوَّلَ مَن يَلْحَقُنِي مِن أهلِ بَيْتِي. قالَ عليّ عَلَيهِ السَّلامُ فَلَمّا قُبِضَ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، لَمْ تَبقَ فاطِمَةُ بَعْدَهُ إلَّا خَمسَةً وسَبعِينَ يَوماً حتى ألحَقَها اللهُ بِهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ»[4].
ثمّ يقول الكنجيّ: ذكر صاحب «حلية الأولياء» هذا الحديث بنفس الشكل والكيفيّة في كتابه المترجم بذكر نعت المهديّ. وذكره الطبرانيّ شيخ أهل الصنعة أيضاً في معجمه الكبير.
أجل، فقد ذكر ابن حجر الهيثميّ هذا الحديث في «مجمع الزوائد» ج 9 ص 165. وينبغي أن نعلم بأنّ هذا الحديث الشريف حديث صحيح وفقاً لاصطلاح أهل العلم وأهل الجرح والتعديل، لأنّ الطبرانيّ ذكره في «المعجم الكبير» وهذا أمر معلوم وواضح، وصرّح الطبرانيّ أيضاً في معجمه الكبير بأنّه لم يجمع إلّا الأحاديث الصحيحة كما يسمّيها، لذلك فإنّ وصاية أمير المؤمنين عليه السلام تثبت من خلال هذا الحديث وحده. ولو فرضنا عدم وجود نصّ على الوصاية غير هذا الحديث، فإنّه هو فقط يكفي لإثبات الوصاية؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يصرّح في هذا الحديث أنّ عليّ بن أبي طالب وصيّه، وأنّه خير الأوصياء الذين كانوا للأنبياء السابقين من لدن آدم أبي البشر حتى عيسى ابن مريم. ومن الثابت أنّ هذه الوصاية لا تحوم حول الشؤون الشخصيّة بل تحوم حول شئون النبوّة والخلافة وحكومة المسلمين من كافّة الجهات. وفي ضوء ما تقدّم، فإنّ هذا الحديث الشريف، من حيث نصّه الصريح على الوصاية، ومن حيث سنده القويّ جدّاً، يعتبر من الأدلّة على وصاية عليّ بن أبي طالب.
وروى الخوارزميّ أيضاً في مناقبه [نقلًا عن «عليّ والوصيّة» ص 218]، ص 67 بسنده عن الأعمش، عن ابن ربعيّ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: أنّ النَّبِيّ مَرِضَ مَرَضَهُ فَأتَتْهُ فاطِمَةُ الزَّهرَاء عَلَيْها السَّلامُ تَعُودُهُ فَلَمَّا رَأتْ مَا بِرَسُول اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم مِنَ الْجَهْدِ والضَّعفِ استَعبَرَتْ فَبَكَتْ حتى سَالَ دَمعُها عَلَى خَدَّيْهَا، فَقَالَ لَها رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم: «يا فاطِمَةُ؛ أنّ لِكَرامَةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ إيَّاكِ زَوَّجَكِ مَن أقْدَمُهُمْ سِلماً، وأكثَرُهُمْ عِلماً، وأعظَمُهُمْ حِلماً، أنّ اللهَ اطَّلَعَ إلى أهْلِ الأرْضِ اطِّلاعَةً فَاختَارَني مِنهُم فَبَعَثَنِي نَبِيّاً مُرسَلًا، ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلاعَةً فَاختَارَ مِنهُمْ بَعْلَكِ، فَأوحى إلى أن ازَوِّجَكِ إِيَّاهُ واتَّخِذهُ وَصِيّاً وأخاً».
ونقل هذا الحديث في «ينابيع المودّة» ص 81 عن الخوارزميّ باختلاف يسير، ثمّ قال: وزادَ ابنُ المَغازِلِيّ: «يا فاطمِةُ إنّا أهلُ البَيْتِ اعْطِينا سَبْعَ خِصالٍ لَم يُعْطَها أحَدٌ مِنَ الأوَّلِينَ ولا يُدرِكُها أحَدٌ مِنَ الآخِرِينَ. مِنّا أفضَلُ الأنبياءِ وهُوَ أبُوكِ، ووَصِيُّنا خَيرُ الأوصِياءِ وهُوَ بَعلُكِ، وشَهيدُنا خَيرُ الشُّهَداءِ وهُوَ حَمْزَةُ عَمُّكِ، ومِنّا مَن لَهُ جَناحانِ يَطيرُ بِهِما في الجَنَّةِ حَيثُ يَشاءُ وهُوَ جَعفَرٌ ابنُ عَمِّكِ، ومِنّا سِبطانِ وسَيِّدا شُبّانِ أهلِ الجَنَّةِ ابْناكِ. والَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ أنّ مَهدِيّ هَذِهِ الامَّةِ يُصَلِّي عيسى ابنُ مَريَمَ خَلْفَهُ فَهُوَ مِنْ وُلدِكِ. ثمّ قالَ: وزادَ الحموينيّ: يَمْلأ الأرضَ عَدْلًا وقِسطاً بَعدَما مُلِئَتْ جَوْراً وظُلماً. يا فاطِمةُ! لا تَحْزَنِي ولا تَبكي فَإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أرْحَمُ بِكِ وأرأفُ عَلَيكِ مِنِّي وذَلِكِ لِمَكانِكِ ومَوْقِعِكِ مِن قَلْبي. قَد زَوَّجَكِ اللهُ زَوجاً وهُوَ أعظَمُهُمْ حَسَباً، وأكْرَمُهُمْ نَسَباً، وأرحَمُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ، وأعدَلُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وأبصَرُهُمْ بِالقَضِيَّةِ».
ولا يخفى فإنّ مجموع مضامين الفقرات الواردة في رواية الخوارزميّ، وابن المغازليّ، والحموينيّ الذي نقلنا روايته توّا، هى نفس المضامين الواردة في رواية الكنجيّ الشافعيّ التي رواها بسندَيه عن عليّ الهلاليّ، عن أبيه (عليّ) باختلاف يسير. وذكرها الطبرانيّ في معجمة الكبير.
ولا يخفى أيضاً أنّ ابن المغازليّ روى حديثاً آخر قريباً من هذه المضامين. يقول في «ينابيع المودّة» ص 436: ونَذْكُرُ ما في «المناقب» لابنِ المَغازِلِيّ عَن أبِي أيّوبِ الأنصاريّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أنّ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم مَرِضَ فَأتَتْهُ فاطِمَةُ- رَضِيَ اللهُ عنها- وبَكَتْ فَقالَ: «يا فاطِمَةُ! أنّ لِكَرامَةِ اللهِ إيَّاكِ زَوَّجَكِ مَن هُوَ أقْدَمُهُمْ سِلْماً وأكْثَرُهُمْ عِلْماً. أنّ اللهَ تعالى اطَّلَعَ إلى أهلِ الأرضِ اطّلاعَةً فَاخْتَارَنِي مِنهُمْ فَجَعَلَني نَبِيّاً مُرسَلًا، ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلاعَةً ثانِيَةً فَاخْتارَ مِنهُمْ بَعْلَكِ فَأوحى إلى أن ازَوِّجَهُ إيّاكِ واتَّخِذَهُ وَصِيّاً. يا فَاطِمَةُ! مِنّا خيرُ الأنبِياءِ وهُوَ أبُوكِ، ومِنّا خَيرُ الاوصِياءِ وهُوَ بَعلُكِ، ومِنّا خَيرُ الشُّهَداءِ وهُوَ حَمزَةُ عَمُّ أبيكِ، ومِنّا مَن لَهُ جَناحانِ يَطيرُ بِهِما في الجَنَّةِ حَيثُ شاءَ وهُوَ جَعفَرٌ ابنُ عَمِّ أبيكِ ومِنّا سِبْطا هَذِهِ الامَّةِ وسَيِّدا شَبابِ أهلِ الْجَنَّةِ الْحَسَنُ والْحُسَينُ وهُما ابناكِ. والَّذِي نَفسي بِيَدِهِ مِنّا مَهدِيّ هَذِهِ الامَّةِ وهُوَ مِن وُلدِكِ».
وبعد أن ينقل القندوزيّ هذه الرواية عن ابن المغازليّ، يقول: خرّج الحموينيّ كذلك هذا الحديث في «فرائد السمطين».
وفي «ينابيع المودّة» ص 434 أيضاً يروي القندوزيّ الحنفيّ عن عَباية بن ربعيّ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ لِفاطَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها: «مِنّا خَيرُ الأنبياءِ وهُوَ أبُوكِ، ومِنّا خيرُ الأوصياءِ وهُوَ بَعلُكِ، ومِنّا خيرُ الشُّهَداءِ وهُوَ عَمُّ أبيكِ حَمزَةُ، ومِنّا مَن لَهُ جَنَاحانِ يَطيرُ بِهِما في الجَنَّةِ حَيْثُ يَشاءُ وهُوَ ابنُ عَمِّ أبيكِ جَعفَرٌ، ومِنّا سِبْطا هَذِهِ الامّةِ وسَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ الحَسَنُ والحُسَينُ وهُما ابْنَاكِ، ومِنّا المَهْدِيّ وهُوَ منْ وُلْدِكِ».
ثمّ يقول: وخرّج الطبرانيّ هذا الحديث في «الأوسط».
ويذكر ابن صبّاغ المالكيّ أيضاً في «الفصول المهمّة» ص 278 طبع النجف رواية مفصّلة يماثل أغلب عباراتها الرواية المفصّلة التي نقلناها عن الكنجيّ الشافعيّ، وجاء فيها أنّ رسول الله قال لفاطمة: «وَوَصِيُّنا خَيرُ الأوْصياءِ وهُوَ بَعْلُكِ»
ويقول المولى علي المتّقي الحنفيّ أيضاً في «كنز العمّال» ج 6 ص 153، الحديث المرقّم 2541: أخرَجَ الطَّبَرانِيّ في «المُعْجَمِ الكَبِير»: أنّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّم قَالَ لِابنَتِهِ فَاطِمَةَ: «أ مَا عَلِمْتِ أنّ اللهَ عَزّ وجَلَّ اطَّلَعَ عَلَى أهلِ الأرْضِ فَاخْتارَ مِنهُم أباكِ فَبَعَثَهُ نَبِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّانِيَةَ فَاخْتارَ بَعلَكِ فَأوْحَى إلى فَأنكَحْتُهُ إِيَّاكِ واتَّخَذْتُهُ وَصِيّاً».
وهذا الحديث عينه كالحديث الذي نقله الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ص 161 تحت عنوان «تخصيص عليّ بكونه من المختارين عند ربّ العالمين» بإسناده عن الأعمش، عن عباية بن ربعيّ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ، ولا فرق بينه وبين ذلك الحديث إلّا في كلمة واحدة موجودة فيه وغير موجودة في ذلك الحديث وهي: لابنَتِهِ. فقد جاء فيه: قالَ لِابنَتِهِ فاطِمَةَ، وجاء هناك: قالَ لِفَاطِمَةَ.
وقصارى القول: أنّ هذا الحديث الشريف الذي نقلناه عن كبار علماء السنّة، مع ما في فقراته من الاختلاف فيما بينها بَيدَ أنّها تتّفق جميعها على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وصيّ رسول الله أو أنّه خير الأوصياء وأنّ مقام وصايته منصوص عليه صراحة في هذه الروايات كلّها. ولمّا ذكره الطبرانيّ في معجمه الكبير، وقال بأنّه لا يذكر إلّا الأحاديث الصحيحة، لذلك لا يبقى أي مجال للشبهة والتشكيك في صحّة سنده. وفي ضوء ذلك ينبغي عدم الاكتراث بكلام السيوطيّ أو المولى عليّ المتّقي في تضعيف عَباية بن ربعيّ على أنّه شيعيّ غالٍ في تشيّعه، وبالتّالي عدم الأخذ بكلامه؛ لأنّ عَباية بن ربعيّ كان شيعيّاً معتدلًا غير مغالٍ في تشيّعه، ومن الموالين لأهل البيت، وكان رجلًا عظيماً للغاية، وكانت له إمامة الحَرَم وورد مدحه والثناء عليه في كتب الرجال، لكنّه وبسبب نقله غالباً الروايات الخاصّة بفضائل أهل البيت وخلافة أمير المؤمنين ووصايته عليه السلام وهذا يتنافى مع اصول المذهب السنّيّ، لذلك يتّهمه أمثال المولى عليّ المتّقي وجلال الدين السيوطيّ بالغلوّ في تشيّعه، فلا يأخذوا بأحاديثه. بينما لا تشمّ منه رائحة الغلوّ في أي رواية من الروايات التي نقلها. وهذه تهمة باطلة لا مبرّر لها، ومصدرها واضح لا غبار عليه.
أجل، فهذه إضمامة من الأحاديث المأثورة عن رسول الله وهي تخصّ كلامه- عند مرضه الذي مات فيه- لابنته فاطمة بشأن وصاية عليّ بن أبي طالب.
وأمّا في غير ذلك المرض، فقد نقل الخوارزميّ أيضاً رواية في كتاب «مقتل الحسين» طبع النجف ج 1، ص 67، جاء فيها: «فَاخْتَارَ مِنهُم زَوجَكِ عَلِيّاً فَجَعَلَهَ لِي أخاً ووَصِيّاً».
وجاء في هذا الكتاب في الجزء الأوّل ص 96 منه أيضاً ضمن حديث المعراج أنّ رسول الله قال لأبي سعيد الخدريّ: خاطبني الله بقوله: «يا مُحَمّدُ إِنّكَ أفْضَلُ النَّبِيّينَ وعَلِيّاً أفْضَلُ الوَصِيّينَ».
[1] حسيني طهراني، سيد محمد حسين، معرفة الإمام، 18جلد، دار المحجة البيضاء - بيروت - لبنان، چاپ: 1، 1416 ه.ق.
[2] جاء في بعض الأخبار كلمة «منّا» بدل «منهما». وأمّا لو كان الصحيح هو كلمة «منهما» فلعلّ السبب هو أنّ الإمام المهدي ينتهي من جهة الأب إلى الحسين بن علي سيّد الشهداء عليه السلام ومن جهة الام إلى الحسن المجتبى عليه السلام وذلك أنّ الإمام السجّاد تزوّج بنت الإمام الحسن فأولدها الباقر لذلك فإنّ نسب الإمام المهدي إذا انتهي بالإمام الباقر فإنّه من جهة الام سينتهي بالإمام الحسن بن علي عليهما السلام
[3] كما مضي في هامش الصفحة المتقدّمة.
[4] «علي والوصيّة» ص 215- 217.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة