أسرة بطليموس الخامس وتولي العرش بعده (وصاية كليوباترا الأولى على عرش الملك)
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج16 ص 169 ــ 170
2025-11-25
64
وعلى أية حال تحدثنا الآثار بأن «بطليموس الخامس» ترك من خلفه بعد وفاته المفاجئة ثلاثة أطفال من زوجه «كليوباترا» السورية الأصل، وهي ابنة «أنتيوكوس الثالث» كما أشرنا إلى ذلك من قبل. فكان له ولدان وأنثى؛ فالذكران كان يحمل كل منهما الاسم التقليدي للأسرة وهو «بطليموس»، وحملت الابنة اسم أمها «كليوباترا»، وقد تولى عرش الملك أكبر الذكرين باسم «بطليموس السادس» وهو فيما بين الخامسة والسادسة من عمره، وكانت أمه بطبيعة الحال الوصية على العرش. وقد نُعت «بطليموس السادس» بلقب «فيلومتور» أي: المحب لأمه، وقد ادَّعى بعض المؤرخين أن الوصاية على عرش البطالمة في عهد هذا الملك وفي عهد والده من قبل كانت لروما لما كان لها من سلطان في تلك الفترة من تاريخ العالم المتمدين. والواقع — كما يقول المؤرخ «بوشيه لكلرك» — أن وصاية «روما» لم تَكُنْ إلا مجرد أسطورة ابتدعتها الأسرة، ويرجع أصلها إلى السياسة الرومانية التي أرادت أن تحمي الأسرة البطلمية عند مسيس الحاجة، وذلك على الرغم من هذه الأسرة.
وتدل الظواهر على أن الوصاية لم تكن في يد واحد بعينه من عظماء الرومان، ولكن في يد مجلس الشيوخ الروماني الذي كان يهيمن على الجمهورية الرومانية في الداخل والخارج (1)، وبخاصة بعد انتصارها على القائد «هنيبال» القرطاجني انتصارًا ساحقًا في ميدان القتال مما جعلها سيدة العالم المتمدين من الآن فصاعدًا عدة قرون.
هذا لما كان «بطليموس السادس» لا يزال في طفولته فإن أمه «كليوباترا» لم تسمح لأحد غيرها بأن يدير شئون البلاد الداخلية والخارجية، ومن ثم كانت سياستها على النقيض مما حدث في عهد والده «بطليموس الخامس» الذي كانت مدة حكمه سلسلة وصايات تولاها أفراد لم يكن لهم مطمح إلا إعلاء شأن أنفسهم على حساب الملك الصغير.
وقد كان هم «كليوباترا» عندما أخذت مقاليد الحكم في يديها أن تبذل كل جهودها في رعاية أطفالها بنفسها، ومن أجل ذلك نجد أنها لم تُعِرْ أذنًا صاغية لإغراءات الذين يفدون عليها — كما كان متوقعًا — من بلاط أخيها «أنتيوكوس الرابع» ملك سوريا، وكان الأخير يسعى لعقد معاهدات مع مصر لتفيده في مقاومة «أتالوس» ملك «برجام»، وكذلك للوقوف في وجه الرومان، وكان من الطبعي أن ينتهز «أنتيوكوس الرابع» فرصة استمالة أخته «كليوباترا» وأن يجعلها تنضم إلى جانبه في هذا النضال بوصفها المسيطرة على شئون مصر، ولم يكن هذا بالأمر المستغرب، وبخاصة عندما نعلم أن الأصل في زواج «بطليموس الخامس» من «كليوباترا» أخته كان لعقد روابط الألفة بين البلدين، غير أن «بطليموس الخامس» كما رأينا من قبل قد انحرف عن هذه السياسة؛ لأنه رأى أن ذلك من مصلحة مصر.
سياسة كليوباترا الأولى
وقد تبعته زوجه «كليوباترا» في سياسته هذه؛ عاملة على أن تكون سياستهما التحالف مع «روما»، وقد رأت «كليوباترا» بعد موت زوجها أنه حرصًا على ملك ابنها أن تبقى على ولائها لروما، وباتباع هذه السياسة قد برهنت على بعد نظر ودهاء؛ لأن انحرافها عن سياسة محالفة «روما» كان فيه خطر على ملك ابنها، ومن أجل ذلك نجد أنها لم تَحِدْ عن السياسة التي رسمها زوجها في إدارة الملك حتى حضرها الموت حوالي عام 174-173 ق.م وكانت لا تزال في زهرة الشباب. وعلى أية حال لم يحدثنا التاريخ بصورة أكيدة عن تاريخ موتها؛ فقد اختلف المؤرخون المحدثون في توقيته.
هذا، وقد أُطلق على الملك الصغير لقب «فيلومتور» أي: محب أمه، وهذا اللقب ينطبق على «كليوباترا» التي أحبت ابنها كثيرًا؛ فعملت كل ما في وسعها للمحافظة على ملكه.
....................................................
1- راجع: Bouché-Leclerq: Histoire des Lagides II, p. 2 note 1
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة