مفهوم الحرب النفسية
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 2- 3
2025-11-25
46
مفهوم الحرب النفسية:
ظهرت الحرب النفسية الحديثة نتيجة ثمار الوعي النفسي والتطبيق العملي للعلوم النفسية الحديثة في الحروب، حيث أدت الدراسات المستمرة إلى التطور السريع لعلم
النفس ودخوله شتى مجالات الحياة بما فيها المجال الحربي والعسكري الذي سُمي "علم النفس العسكري"، فالحرب النفسية تعتمد أساساً على العلوم النفسية ولكن أيضاً يجب الإلمام بعلوم أخرى مثل علم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم السياسة والعلوم العسكرية.
وقد عرفت الحرب النفسية أول ما عرفت في ملحق (معجم ويبستر) الدولي الجديد للغة الإنجليزية عام 1941. وقد أعترف بالتعبير في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية عندما قامت جماعة من الأمريكيين بترجمة بعض المطبوعات الألمانية الهامة بهدف أن يدرك القادة الأمريكيون العسكريون والمدنيون أن دروس علم النفس يمكن بل يجب أن تستخدم في كل نواحي الحرب في الظروف الحديثة.
وبالرغم من أن عبارة الحرب النفسية صادفت قبولاً واسعاً في الدوائر العسكرية في الحرب العالمية الثانية، فإن استخدامها في المطبوعات بعد الحرب كان بطيئاً. فيما عدا الكتاب الذي وصف الحرب النفسية الألمانية الذي نشر عام 1941 حيث كان "بول لاينبار جر" أول مؤلف أمريكي استخدم هذه التسمية بصفة رسمية كعنوان لكتابه، وفي العام التالي ظهر كتاب (الحرب النفسية ضد ألمانيا) المؤلفة دانيال ليرنر" وقد جاء الاختلاف واضحاً في تحديده للحرب النفسية، نتيجة أن مجال نشاطها غير متفق على حدوده، وحتى بين الهيئات المختلفة داخل الدولة الواحدة، فإن مفهوم الحرب النفسية يختلف وتفسره كل هيئة بشكل مغاير.
في شهر آذار عام 1955 أصدرت وزارة الحرب الأمريكية كتاب يتضمن أحدث الآراء الرسمية عن مفاهيم الحرب ومبادئ الحرب النفسية، وقد عرف الكتاب الحرب النفسية بأنها الاستخدام المخطط للدعاية وغيرها من الأعمال التي تستهدف قبل كل شيء التأثير على آراء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات من الناس عدائية، أو محايدة أو صديقة بطريقة تساعد على تحقيق أهدافها القومية، وهنا تلاحظ أن هذا التعريف لا يحدد استخدام الحرب النفسية بزمن أو وقت أو أحداث معينة مما يعني أنه من الممكن استخدامها في وقت الحرب أو وقت السلم أو وقت إعلان الطوارئ.
وفي السياق ذاته يرى قادة ومفكرون عسكريون وسياسيون أن الحرب النفسية جزء لا يتجزأ من الحرب العسكرية ومكملة لها، ولذا نجد أن معظم الدول تسعى سعياً حثيثاً وتبذل جهداً كبيراً لتطوير سبل الحرب النفسية لديها وتفوقها فيها لتحقيق النصر وسحق معنويات الأعداء. فالحرب النفسية سلاح فعال فتاك في المعارك، وهي أقوى تأثيراً من الحرب المادية، وتنبع أهميتها من خلال تأثيرها على النفس الإنسانية ومكنوناتها، فالمعنويات المنهارة لا تستطيع الثبات وإن امتلكت أحدث الأسلحة، أو كانت أكثر عدداً وعدة ممن يواجهها.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة