ترك حقائق القرآن هو سبب التشتت والاختلاف
المؤلف:
الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
المصدر:
أصلحُ الناسِ وأفسدُهُم في نهج البلاغة
الجزء والصفحة:
ص 236 ــ 237
2025-12-06
42
(فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ، وَافْتَرَقُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ، كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا يَعْرِفُونَ إِلَّا خَطَهُ وَزَبْرَهُ).
إن إحدى النقاط التي أكد عليها الإمام علي (عليه السلام) في بعض الخطب ومن ضمنها هذه الخطبة، هي أن معيار الاتحاد والعامل الأساسي لحصوله هو الحق والقرآن، وأن الأشخاص الذين انفصلوا عن هذا الطريق تفرقوا ووقعوا في الاختلاف؛ لأنه بفقدان العامل الأساسي للوحدة والاتفاق الذي هو القرآن والتعاليم الإلهية، تزول روحية التعاون والوئام والحركة المنسجمة في الصراط المستقيم وتحقيق الكمال المنشود، ويقيس الجميع رغباتهم مع نسخة أهوائهم النفسانية، ومع الالتفات إلى أن ميول الناس ورغباتهم متزاحمة، ومعايير سلوكهم ليست واحدة، فإنهم سيختلفون باستمرار.
وإنما تحصل الوحدة عندما يدور الجميع حول محور الحق، وبما أن محورية الحق والحركة في اتجاهه توصل الجميع إلى وجهة واحدة وهدف واحد، فإن الأفراد سيتحدون ويتفقون، وأما السلوكيات التي تفتقر إلى معيار كهذا، فليس لها من نتيجة سوى الشقاق والتفرق مثل: مسائل الرياضيات التي يكون لها معيار وطريقة محددة لحلها بشكل صحيح، وكل من يتبعها فسوف يحصل على الإجابة الصحيحة، ولكن إذا كان الطلاب لا يتبعون طريقة حل المسألة فسوف يجيبون إجابة خاطئة، وسوف يشتركون في هذا الجانب (وهو أنهم أجابوا على المسألة إجابة خاطئة).
إذن، إذا تخلى الإنسان عن الحق، ولم يكن لديه المعيار الصحيح لمعرفته، فلا يمكن أن يتحد مع الآخرين؛ لأن الشخص الذي يبتعد عن الحق يُصبح أسيرا للأهواء والشهوات، ولا يوجد اشتراك بين أهواء الناس وشهواتهم، ومع الالتفات إلى التضاد الموجود في الميول الناشئة من أهواء الناس، نجد أنهم لا يُمكنهم الوصول إلى نقطة مشتركة، ولذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في واحدة من كلماته القصار: (ما اختلفت دَعْوَتَانِ إِلَّا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ضَلَالَةٌ) (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ نهج البلاغة، الحكمة 183.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة