تعريف طلب طرح موضوع عام للمناقشة
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص87-88
2025-12-20
38
قد يكون لموضوع عام أهميته وحيويته بحيث لا يكفي السؤال البرلماني الذي يفتح حوارا ثنائيا محددا بين العضو السائل والموجه اليه السؤال للإحاطة بكافة جوانبه ، بحيث يحتاج إلى ضرورة اللجوء إلى مناقشة عامة مفتوحة ، يتسع نطاقها ليس لباقي اعضاء البرلمان فحسب وإنما للحكومة أيضا والسبيل إلى ذلك هو طلب طرح هذا الموضوع للمناقشة العامة(1). وقد ظهرت هذه الوسيلة أول مرة في بريطانيا في سنة 1877 ، وذلك عندما عجز العضو السائل عن الحصول على اجابة كاملة ووافية لسؤاله من الموجه اليه السؤال أو كانت تلك الاجابة ناقصة أو غامضة ، وبمرور الزمن أصبح استخدام هذه الوسيلة أمرا معتادا عليه من قبل اعضاء البرلمان(2). وأما بالنسبة لتعريف طرح موضوع عام للمناقشة : فيقصد بها إن يكون لعدد من اعضاء البرلمان المطالبة بإثارة موضوع عام مما يتعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية للمناقشة في المجلس النيابي ، مناقشة مفتوحة يشترك فيها من يشاء من اعضاء المجلس وأعضاء الحكومة في الوقت ذاته ، بقصد استيضاح سياسة الحكومة أو احد الوزراء حول هذا الموضوع وتبادل الرأي بشأنه(3). ومن ثم فإن نطاق هذا الحق أوسع من نطاق السؤال البرلماني ولكنهما يشتركان معا في الطابع الاستفساري . أي إن طرح موضوع عام للمناقشة لا يعتبر مجرد استفهام كالسؤال ، ولا يتضمن النقد أو التجريح كالاستجواب وإنما هو مجرد مناقشة حرة ترمي إلى تبادل وجهات النظر والآراء في جو من التفاهم لأجل الوصول إلى أفضل سياسة تنتهج ، ويمكن إن تكون محل تدبر واهتمام من قبل كل من البرلمان والحكومة معا(4).
لذا يحتل طرح موضوع عام للمناقشة موقع وسط ما بين السؤال والاستجواب . فهو عكس السؤال لا يقيم علاقة شخصية ما بين طرفيه (السائل والمسؤول) ، إذ إن الاشتراك في المناقشة العامة ليس مقصورا على الاعضاء الذين تقدموا بطلب المناقشة بل يمكن إن يشترك فيها أي عضو أخر(5). ومن جهة أخرى فإن طلب طرح موضوع عام للمناقشة يتفق في طبيعته مع طبيعة السؤال البرلماني من عدة نواحي . منها إن كل منهما يهدف إلى الاستيضاح والاستفسار عن امر مبهم من أعمال الحكومة أو احد الوزراء ، ومن ثم فإنهما يعتبران أدوات لتبادل الرأي والتعاون ما بين الحكومة والبرلمان ، وكذلك بإنهما لا يؤديان إلى تحريك مسؤولية الحكومة السياسية بشكل مباشر وإنما بشكل غير مباشر، كما إنهما لا يتطلبان إجراءات طويلة ومعقدة ، كما سنرى ذلك بشأن الإجراءات اللازمة لطرح موضوع عام للمناقشة في النظم الدستورية المقارنة . ومن جهة اخرى فإن طرح موضوع عام للمناقشة يتشابه مع الاستجواب بإن كل منهما يؤدي إلى أثارة مناقشة عامة لا يقتصر نطاقها على العضو المستجِوب والموجه اليه الاستجواب ، ولكنهما يختلفان من حيث الأثر المترتب على كل منهما ، فطرح موضوع عام للمناقشة لا يؤدي إلى أي اقتراع لتحريك المسؤولية السياسية للحكومة أو احد الوزراء بشكل مباشر، بعكس الاستجواب الذي ينتهي دائما بتصويت يعبر عن رضا البرلمان بالإيضاحات التي قدمتها الحكومة أو الوزير أو استيائه منها(6).
______________
1- د. عثمان عبد الملك الصالح ، الرقابة البرلمانية على أعمال الإدارة في الكويت (دراسة نظرية تطبيقية) ، مجلة الحقوق والشريعة ، كلية الحقوق والشريعة ، جامعة الكويت ، السنة الخامسة ، العدد الرابع ، 1981 ، ص 19.
2- د. هشام جمال الدين عرفة ، ضمانات اعضاء المجالس النيابية (دراسة مقارنة) ، دون دار ومكان نشر ، 2008 ، ص 355. وكذلك د. مدحت يوسف غنايم ، وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في النظام البرلماني ، المركز القومي للإصدارات القانونية ، القاهرة ، 2011 ، ص 27.
3- د. سليمان الطماوي ، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي (دراسة مقارنة) ، ط (6) ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1996 ، ص 478 . وكذلك د. رمضان محمد بطيخ ، التطبيقات العملية لضوابط الحصانة البرلمانية ووسائل وإجراءات البرلمان الرقابية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001 - 2002 ، ص 184.
4- د. عثمان خليل عثمان ، القانون الدستوري ، الكتاب الثاني (النظام الدستوري المصري) ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1955 ، ص 482.
5- د. محمد فتح الله الخطيب ، دراسات في الحكومات المقارنة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1966، ص 64.
6- د. موريس دوفرجيه ، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري (الأنظمة السياسية الكبرى) ، ترجمة د. جورج سعد ، الطبعة الثانية ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان ، 2014 ، ص 117.
الاكثر قراءة في القانون المدني
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة