اقسام المفقود وأحكامه
المؤلف:
علي الحسيني السيستاني
المصدر:
منهاج الصالحين
الجزء والصفحة:
ج3، ص 173 - 176
2025-12-20
31
مسألة 588: المفقود المنقطع خبره عن أهله على قسمين:
القسم الأوّل: من تعلم زوجته بحياته ولكنّها لا تعلم في أيّ بلد هو، وحكمها حينئذٍ لزوم الصبر والانتظار إلى أن يرجع إليها زوجها أو يأتيها خبر موته، أو طلاقه، أو ارتداده، فليس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلك.
نعم إذا طالت المدّة، ولم يكن طريق للاتّصال به ولم يكن له مال ينفق منه عليها ولم ينفق عليها وليّه من مال نفسه ففي جواز طلاقها من قبل الحاكم الشرعي بطلب منها إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
وإذا ثبت لدى الحاكم الشرعيّ أنّه قد هجرها تاركاً أداء ما لها من الحقوق الزوجيّة، وقد تعمّد إخفاء موضعه لكي لا يتسنّى للحاكم الشرعيّ - فيما إذا رفعت الزوجة أمرها إليه - أن يتّصل به ويلزمه بأحد الأمرين: إمّا أداء حقوقها أو طلاقها، ويطلّقها لو تعذّر إلزامه بأحدهما، ففي هذه الحالة يجوز للحاكم الشرعيّ أن يطلّقها فيما إذا طلبت منه ذلك، فإنّ حكم هذا المفقود حكم غيره المتقدّم في المسألة (357).
القسم الثاني: من لا تعلم زوجته حياته ولا موته وفيه حالتان:
الحالة الأُولى: أن يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته، أو يقوم وليّه بالإنفاق عليها من مال نفسه، وفي هذه الحالة يجب على الزوجة الصبر والانتظار كما في القسم الأوّل المتقدّم، وليس لها المطالبة بالطلاق مادام ينفق عليها من مال زوجها أو من مال وليّه وإن طالت المدّة.
الحالة الثانية: أن لا يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته، ولا ينفق عليها وليّه من مال نفسه، وحينئذٍ يجوز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ أو المأذون من قبله في ذلك فيؤجّلها أربع سنين ويأمر بالفحص عنه خلال هذه المدّة، فإن انقضت السنين الأربع ولم تتبيّن حياته ولا موته أمر الحاكم وليّه بطلاقها، فإن لم يُقْدِم على الطلاق أجبره على ذلك، فإن لم يمكن إجباره أو لم يكن له وليّ طلّقها الحاكم بنفسه أو بوكيله فتعتدّ أربعة أشهر وعشرة أيّام، فإذا خرجت من العدّة صارت أجنبيّة عن زوجها وجاز لها أن تتزوّج ممّن تشاء.
ويختصّ هذا الحكم بالنكاح الدائم فلا يجري في المتعة.
مسألة 589: ظاهر كلمات جمع من الفقهاء (قدّس الله أسرارهم) أنّه كما لا يحقّ لزوجة المفقود غير المعلوم حياته أن تطالب بالطلاق إلّا مع عدم توفّر مال للزوج ينفق منه عليها وعدم إنفاق وليّه عليها من مال نفسه كذلك لا يحقّ لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ مطالبة إيّاه بتأجيلها أربع سنوات والفحص عن زوجها خلال ذلك إلّا بعد انقطاع الإنفاق عليها من مال الزوج ومن مال وليّه، ولكن الصحيح أنّه يحقّ لها المطالبة بالتأجيل والفحص في حال الإنفاق عليها أيضاً إذا احتمل نفاد مال الزوج وانقطاع وليّه عن الإنفاق عليها قبل تبيّن حياته أو وفاته.
وفائدة ذلك أنّه لو انقضت السنوات الأربع وقد فحص خلالها عن الزوج ولم تتبيّن حياته ولا مماته جاز لزوجته المطالبة بالطلاق متى انقطع الإنفاق عليها من ماله ومن مال وليّه من غير حاجة إلى الانتظار أربع سنوات أُخرى وتجديد الفحص خلالها عنه.
مسألة 590: إذا كانت للمفقود الذي لا تعلم حياته زوجات أُخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم يجوز للحاكم طلاقهنّ إذا طلبن ذلك، أي يجتزئ بمضيّ المدّة المذكورة والفحص عنه بعد طلب إحداهنّ ولا يحتاج إلى تأجيل وفحص جديد.
مسألة 591: المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّه لا يحقّ لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطلاق منه وإن مضى على فقده أربع سنوات مع تحقّق الفحص خلالها عنه إذا لم يكن ذلك بتأجيل من الحاكم الشرعيّ وأمره بالفحص عنه خلال تلك المدّة، ولكن الصحيح هو الاجتزاء بالفحص عنه أربع سنوات بعد فقده مع وقوع جزء من الفحص بأمر الحاكم الشرعيّ وإن لم يكن بتأجيل منه، فلو رفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم بعد أربع سنوات مثلاً من فقد زوجها مع قيامها بالفحص عنه خلال تلك المدّة أمر الحاكم بتجديد الفحــص عنه مقداراً مــا - مع احتمال ترتّب الفائدة عليه - فإذا لم يبلغ عنه خبر أمر بطلاقها على ما تقدّم.
مسألة 592: تقدّم أنّه لا يحقّ لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطلاق مادام للمفقود مال ينفق منه عليها أو ينفق وليّه عليها من مال نفسه، فهل الحكم كذلك فيما إذا وجد متبرّع بنفقتها من شخص أو مؤسّسة حكوميّة أو أهليّة أم لا؟ وجهان، والصحيح هو الوجه الثاني، فيجوز لها المطالبة بالطلاق بالشروط المتقدّمة إذا لم ينفق عليها من مال الزوج أو من مال وليّه وإن وجد من ينفق عليها من غير هذين الطريقين.
مسألة 593: الوليّ الذي لا يحقّ لزوجة المفقود المطالبة بالطلاق منه مادام ينفق عليها من مال نفسه والذي يأمره الحاكم الشرعيّ - مع عدم إنفاقه عليها - بطلاقها ويجبره على الطلاق لو امتنع منه هو أبو المفقود وجدّه لأبيه، وإذا كان للمفقود وكيل مفوّض إليه طلاق زوجته كان بحكم الوليّ من جهة الطلاق.
مسألة 594: لا فرق في المفقود - فيما ذكر من الأحكام - بين المسافر والهارب، ومن كان في معركة قتال ففقد، ومن انكسرت سفينته في البحر فلم يظهر له أثر ومن أخذه قطّاع الطرق أو الأعداء فذهبوا به، ومن اعتقلته السلطات الحكوميّة فانقطعت أخباره ولم يعلم مكان اعتقاله.
الاكثر قراءة في احكام الغائب والمفقود
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة