

التوحيد

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته


صفات الله تعالى


الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه


العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة


النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

مواضيع متفرقة

القرآن الكريم


الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم ومودتهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة


المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة


فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية


شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية


أسئلة وأجوبة عقائدية


التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد


القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة


الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم


أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات


احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة


أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات


اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة


الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة
عقيدتنا في حب آل البيت (عليهم السلام)
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج2، ص 80- 96
2025-12-24
40
قال الله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (1).
نعتقد أنّه زيادة على وجوب التمسك بآل البيت ، يجب على كلّ مسلم أن يدين بحبّهم ومودّتهم ؛ لأنّه تعالى في هذه الآية المذكورة حصر المسئول عليه الناس في المودة في القربى.
وقد تواتر عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّ حبّهم علامة الإيمان ، وأنّ بغضهم علامة النفاق ، وأنّ من أحبّهم أحبّ الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله.
بل حبهم فرض من ضروريات الدين الإسلامي ، الّتي لا تقبل الجدل والشك. وقد اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف نحلهم وآرائهم عدا فئة قليلة اعتبروا من أعداء آل محمّد فنزوا باسم «النواصب» أي من نصبوا العداوة لآل بيت محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ. وبهذا يعدّون من المنكرين لضرورة إسلامية ثابتة بالقطع ، والمنكر للضرورة الإسلامية ، كوجوب الصلاة والزكاة ، يعدّ في حكم المنكر لأصل الرسالة ، بل هو على التحقيق منكر للرسالة ، وإن أقرّ في ظاهر الحال بالشهادتين ، ولأجل هذا كان بغض آل محمّد ـ عليهم السلام ـ من علامات النفاق وحبّهم من علامات الإيمان ، ولأجله أيضا كان بغضهم بغضا لله ولرسوله.
ولا شكّ أنّه تعالى لم يفرض حبّهم ومودّتهم إلّا لأنّهم أهل للحب والولاء من ناحية قربهم إليه سبحانه ، ومنزلتهم عنده ، وطهارتهم من الشرك والمعاصي ، ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه.
ولا يمكن أن نتصور أنّه تعالى يفرض حبّ من يرتكب المعاصي ، أو لا يطيعه حق طاعته ، فإنّه ليس له قرابة مع أحد أو صداقة ، وليس عنده الناس بالنسبة إليه إلّا عبيدا مخلوقين على حدّ سواء ، وإنّما أكرمهم عند الله أتقاهم ، فمن أوجب حبّه على الناس كلّهم لا بدّ أن يكون أتقاهم وأفضلهم جميعا ، وإلّا كان غيره أولى بذلك الحب ، أو كان الله يفضّل بعضا على بعض في وجوب الحبّ والولاية عبثا أو لهوا بلا جهة استحقاق وكرامة (أ).
_________________
(أ) يقع الكلام في مقامات :
الأوّل : في معنى المودّة والمحبّة ، قال في القاموس : الودّ والوداد : الحبّ ، ويثلثان كالودادة والمودّة ، وقال في المصباح المنير : وددته أودّه ـ من باب تعب ـ ودا بفتح الواو وضمّها أحببته ، والاسم المودة. انتهى موضع الحاجة منه ، ولكن في كتاب الإمامة والولاية في القرآن أنّ المودّة المحبّة المستتبعة للمراعاة والتعاهد ، ولعلّها لاشتمالها على ذلك لا يستعمل في محبّة العباد لله تعالى ، انتهى.
وفيه أنّه لم أجد ذلك في كتب اللغة ، ولعلّ هذا القيد مما يقتضيه حقيقة المحبّة ، إذ المحبة الواقعيّة أثرها هو المراعاة والتعاهد ، نعم ربّما يقال : إنّ المودّة هي الّتي لها الخارجية استنادا بقوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) (2) بقرينة مقابلة الموادّة للمحادّة الّتي لها الخارجية ، ولكنّه غير تامّ لأنّ المودّة لا تختص بذلك ؛ لاستعمالها في الأمر القلبيّ أيضا لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (3) فالظاهر هو عدم الفرق بين المودّة والمحبّة.
الثاني : أنّ المحبّة والوداد في الله كالبغض في الله من الامور التي ندب الإسلام الاجتماع إليها ، وأكّد عليها ، وورد في ذلك روايات كثيرة ، منها قول النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ : «ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ألا ومن أحبّ في الله وأبغض في الله ، وأعطى في الله ، ومنع في الله ، فهو من أصفياء الله».
وسأل ـ صلى الله عليه وآله ـ أصحابه : «أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم وقال بعضهم : الصلاة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصيام ، وقال بعضهم : الحجّ والعمرة ، وقال بعضهم : الجهاد ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : لكلّ ما قلتم فضل ، وليس به ، ولكن أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله وتوالي (تولّي) أولياء الله والتبري من أعداء الله» (4).
قال الفاضل النراقي ـ قدس سره ـ في تفسير هذه المحبّة والوداد في الله ، أن يحبه لله وفي الله ، لا لينال منه علما أو عملا ، أو يتوسل به إلى أمر وراء ذاته ، وذلك بأن يحبه من حيث إنّه متعلق بالله ، ومنسوب إليه ، أمّا بالنسبة العامّة الّتي ينتسب بها كل مخلوق إلى الله ، أو لأجل خصوصية النسبة أيضا ، من تقرّبه إلى الله ، وشدّة حبّه وخدمته له تعالى. ولا ريب في أنّ من آثار غلبة الحبّ أن يتعدى من المحبوب إلى كلّ من يتعلق به ويناسبه ، ولو من بعد ، فمن أحبّ إنسانا حبّا شديدا ، أحبّ محبّ ذلك الإنسان ، وأحبّ محبوبه ، ومن يخدمه ومن يمدحه ، ويثني عليه أو يثني على محبوبه ، وأحبّ أن يتسارع إلى رضى محبوبه كما قيل :
أمرّ على الديار ديار ليلى
اقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبّ الديار شغفن قلبي
ولكن حبّ من سكن الديارا.
وأمّا البغض في الله : فهو أن يبغض إنسان إنسانا لأجل عصيانه لله ومخالفته له تعالى ، فإنّ من يحبّ في الله، لا بدّ وأن يبغض في الله ، فإنّك إن أحببت إنسانا لأنه مطيع لله ومحبوب عنده ، فإن عصاه لا بدّ أن تبغضه ؛ لأنّه عاص له وممقوت عند الله ، قال عيسى ـ عليه السلام ـ : «تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي ، وتقرّبوا إلى الله بالتباعد عنهم ، والتمسوا رضا الله بسخطهم» (5).
وهذا من مقتضيات الدين والإيمان ، وكلّما ازداد دين امرئ زيد حبّه في الله ، وبغضه في الله ، وكلّما ضعف إيمان امرئ نقصت فيه تلك المحبة والبغضة ، وإليه يشير ما رواه في الكافي بسند موثق عن فضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن الحبّ والبغض ، أمن الإيمان هو؟ فقال : وهل الإيمان إلّا الحبّ والبغض ، ثم تلا هذه الآية : «حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ» (6) وقال أيضا : «كلّ من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له» (7).
نعم ربّما يجتمع في بعض آحاد المسلمين موجبات الحبّ في الله ، مع موجبات البغض في الامور الشخصيّة قصورا وتقصيرا ، فعلى المؤمن الخبير أن لا يبتلي بترك محبّته في الله ؛ لأنّ الإيمان يقوى على الامور الشخصيّة ، والمنافع الدنيويّة ، فمقتضى الإيمان هو كونه محبوبا من حيث إيمانه ، وعروة الإيمان لا تنقض بموجبات البغض ، في الامور الشخصيّة ، ومن المعلوم أن الاجتماع الإسلامي مبنيّ على هذا الأساس القويم.
الثالث : في وجوب المحبّة والوداد لأهل البيت ، وقد عرفت أن المحبّة والوداد بالنسبة إلى أهل الإيمان من مقتضيات الإيمان ، ومن الوظائف الأخلاقية لكل مؤمن ، وبالجملة فضيلة من الفضائل ، ولا وجوب لها ، ولكن محبّة أهل البيت وودادهم من أوجب الواجبات جعلها الله ورسوله أجر الرسالة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (8) ولذا سأل الأصحاب عن رسول الله عن تعيين القربى بعد الفراغ عن وجوب المودّة فيهم ، كما روي عن ابن عباس أنّه قال : «لمّا نزلت الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قلت : يا رسول الله من قرابتك الّذين افترض الله علينا مودتهم؟ قال : عليّ وفاطمة وولدهما ثلاث مرات يقولها» (9)
وأكّد الأئمة ـ عليهم السلام ـ على وجوب المحبّة ، وإليك بعض التأكيدات ، قال محمّد بن مسلم : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ يقول : «إنّ الرجل ربّما يحب الرجل ، ويبغض ولده ، فأبى الله عزوجل إلّا أن يجعل حبّنا مفترضا ، أخذه من أخذه ، وتركه من تركه واجبا ، فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (10) ، وقال أبو جعفر ـ عليه السلام ـ في ذيل الآية المباركة : «هي والله فريضة من الله على العباد لمحمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ في أهل بيته» (11).
وقال الطبرسي ـ قدس سره ـ : «وصحّ عن الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ أنّه خطب الناس ، فقال في خطبته : أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كلّ مسلم ، فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (12).
وقال العلّامة ـ قدس سره ـ في كتاب كشف الحق : روى الجمهور في الصحيحين وأحمد بن حنبل في مسنده ، والثعلبي في تفسيره ، عن ابن عباس رحمه الله قال : «لمّا نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ من قرابتك الّذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : علي وفاطمة وابناها» ووجوب المودة يستلزم وجوب الطاعة (13).
قال في دلائل الصدق بعد نقل الروايات عن طرق العامّة في تفسير الآية المباركة : ويؤيدها الأخبار المستفيضة الدالّة على وجوب حبّ أهل البيت وأنّه مسئول عنه يوم القيامة (14).
قال في الغدير : وأمّا حديث أنّ الآية نزلت في علي وفاطمة وابنيهما ، وإيجاب مودّتهم بها ، فليس مختصا بآية الله العلّامة الحلي ولا بامّته من الشيعة ، بل اتفق المسلمون على ذلك إلّا شذاذ من حملة الروح الأمويّة نظراء ابن تيمية ، وابن كثير ، ثم ذكر أسامي جملة من الحفّاظ والمفسّرين من أعلام القوم الّذين نقلوا نزول الآية فيهم ، وهم خمسة وأربعون ، وفيهم الإمام أحمد والحسكانيّ ، والثعلبيّ ، والنيسابوريّ والزمخشريّ ، والبيضاويّ ، والشبلنجيّ ، والطبريّ ، والرازيّ ، والنسائيّ ، والسيوطيّ ، إلى أن قال : وقول الإمام الشافعيّ في ذلك مشهور قال :
يا أهل بيت رسول الله حبّكم
فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنّكم
من لم يصلّ عليكم لا صلاة له .
ذكرهما له ابن حجر في الصواعق صفحة : 87 ، والزرقانيّ في شرح المواهب إلخ (15).
فوجوب حبّ أهل البيت ومودّتهم زائدا على وجوب التمسك بهم أمر واضح في الإسلام ، ويؤيّد وجوبه مضافا إلى ما ذكر من الأخبار والآيات ، ما أشار إليه المصنّف ـ قدس سره ـ في ضمن كلامه من أنّه قد تواتر عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّ حبّهم علامة الإيمان ، وأنّ بغضهم علامة النفاق ، وأنّ من أحبّهم أحبّ الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله ، وقد دلّت الأخبار على ذلك بعبارات مختلفة.
وقد تصدّى العلّامة آية الله الأميني ـ قدس سره ـ في كتابه الغدير لنقل جملة منها عن طرق العامّة ، ونقل عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أنّه قال : «والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبيّ الأميّ إليّ : أنّه لا يحبني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق» وأشار إلى مصادر هذا الخبر ، وذكر ما يقرب الثلاثين من الكتب المعروفة للعامّة ، وفيها صحيح مسلم ، ومسند أحمد ، وسنن ابن ماجة ، ورياض الطبريّ واستيعاب ابن عبد البرّ ، وتذكرة سبط ابن الجوزيّ ، وفرائد الحموينيّ ، وصواعق ابن حجر الهيثميّ وفتح الباري لابن حجر العسقلانيّ ، وغير ذلك فراجع (16).
ثم نقل صورة ثانية عن أمير المؤمنين أنّه قال لعهد النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ إليّ لا يحبك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق. وأشار إلى مصادره الكثيرة ، ونقل تصريحهم بصحّة الحديث وثبوته ، وفي ضمن تلك التصريحات أنّ أبا نعيم ذكر في الحلية : ج 4 ، ص 185 : أنّ هذا حديث صحيح متّفق عليه ، وأنّ ابن عبد البرّ قال في الاستيعاب : ج 3 ، ص 37 : روته طائفة من الصحابة ، وأنّ ابن أبي الحديد قال في شرحه : ج 1 ، ص 364 : قد اتفقت الأخبار الصحيحة الّتي لا ريب فيها عند المحدثين ، على أنّ النبيّ قال له : لا يبغضك إلّا منافق ولا يحبّك إلّا مؤمن (17).
ثم ذكر صوره الاخرى عنه وعن أمّ سلمة وأشار إلى مصادرها وهي كثيرة ، وقال في الختام : هذا ما عثرنا عليه من طرق هذا الحديث ، ولعلّ ما فاتنا منها أكثر ، ولعلّك بعد هذه كلّها لا تستريب في أنّه لو كان هناك حديث متواتر يقطع بصدوره عن مصدر الرسالة ، فهو هذا الحديث ، أو أنّه من أظهر مصاديقه كما أنّك لا تستريب بعد ذلك كلّه أنّ أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بحكم هذا الحديث الصادر ، ميزان الإيمان ، ومقياس الهدى ، بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وهذه صفة مخصوصة به ـ عليه السلام ـ ، وهي لا تبارحها الإمامة المطلقة ، فإنّ من المقطوع به أنّ أحدا من المؤمنين لم يتحلّ بهذه المكرمة ، فليس حبّ أي أحد منهم شارة إيمان ، ولا بغضه سمة نفاق ، وإنّما هو نقص في الأخلاق ، وإعواز في الكمال ، ما لم تكن البغضاء لإيمانه (18) وفي هذا كفاية ، ولا حاجة إلى نقل سائر الآيات والروايات ، الدالّة على لزوم محبّتهم ، وبذلك اتضحت دعوى المصنّف أنّ حبّ أهل البيت فرض من ضروريات الدين الإسلامي التي لا تقبل الجدل والشك ، وقد اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف نحلهم وآرائهم.
ثم لا يذهب عليك أنّ المحبّة الواقعيّة لهم لا تجتمع مع المحبّة لأعدائهم ، لأنّ من أحبّ شخصا أحبّ أحباءه ، وأبغض أعداءه ، وإلّا فليس دعوى المحبّة إلّا لقلقة في اللسان.
الرابع : في المراد من القربى ، وقد عرفت تظافر الروايات وتواترها بأنّ المراد منه في الآية المباركة هم أهل البيت وأهل الكساء ، وبعد ذلك لا وجه لحمل القربى على أنّ المقصود هو قرابة الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ مع مشركي قريش ، وأنّ الخطاب لقريش ، والأجر المسئول هو مودّتهم للنبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ لقرابته منهم ، معللا بأنّ قريش كانوا يكذبونه ويبغضونه لتعرضه لآلهتهم ، على ما في بعض الأخبار فأمر ـ صلى الله عليه وآله ـ أن يسألهم إن لم يؤمنوا به فليودوه لمكان قرابته منهم ، ولا يبغضوه ، ولا يؤذوه ، فالقربى مصدر بمعنى القرابة ، وفي للسببيّة ، وذلك لأنّه اجتهاد في مقابل النصّ ، هذا مضافا إلى ما أشار إليه في دلائل الصدق من أنّه لا معنى لسؤال الأجر على التبليغ ممن لم يعترف له بالرسالة ؛ لأنّ المقصود على هذا التفسير هو السؤال من الكافرين (19).
واوضح ذلك في الميزان حيث قال : إنّ معنى الأجر إنّما يتم إذا قوبل به عمل يمتلكه معطي الأجر ، فيعطى العامل ما يعادل ما امتلكه من مال ونحوه ، فسؤال الأجر من قريش ، وهم كانوا مكذبين له كافرين بدعوته ، إنّما كان يصحّ على تقدير إيمانهم به ـ صلى الله عليه وآله ـ لأنّهم على تقدير تكذيبه والكفر بدعوته لم يأخذوا منه شيئا حتّى يقابلوه بالأجر ، وعلى تقدير الإيمان به ، والنبوّة أحد الاصول الثلاثة في الدين لا يتصور بغض حتّى تجعل المودّة أجرا للرسالة ويسأل.
وبالجملة لا تحقق لمعنى الأجر على تقدير كفر المسئولين ، ولا تحقق لمعنى البغض على تقدير إيمانهم حتّى يسألوا المودّة ، وهذا الإشكال وارد حتّى على تقدير أخذ الاستثناء منقطعا ، فإنّ سؤال الأجر منهم على أيّ حال إنّما يتصور على تقدير إيمانهم ، والاستدراك على الانقطاع إنّما هو عن الجملة بجميع قيودها فأجد التأمل فيه (20).
وإليه يشير قوله في دلائل الصدق في ردّ ذلك المعنى على تقدير انقطاع الاستثناء فإنّ المنقطع عبارة عن إخراج ما لو لا إخراجه ، لتوهم دخوله في حكم المستثنى منه نظير الاستدراك ، وأنت تعلم أنّ المستثنى الّذي ذكره الفضل أجنبي عمّا قبله بكلّ وجه ، فلا يتوهم دخوله في حكمه حتّى يستثنى منه (21).
والأضعف ممّا ذكر هو حمل القربى على التقرّب من الله بطاعة ، فإنّه مضافا إلى كونه اجتهادا في مقابل النصّ ، لا تساعده اللغة ، إذ القربى لم تأت في اللغة بمعنى التقرّب ، قال في القاموس : القربى القرابة وهو قريبي وذو قرابتي ، وممّا ذكر يظهر ما في تفسير القرطبي حيث مال إليه ، واعتمد على الخبر الشاذ في مقابل الأخبار المتواترة.
ثم إنّ القربى مختص بأهل بيته بعد تعينه في الأخبار ، قال في دلائل الصدق : قول الفضل وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ باطل ... لأنّ المعلوم من حال النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ الاعتناء بعليّ وفاطمة والحسنين لا من ناوأه من أقربائه ، ولم يسلموا إلّا بحدود السيوف والغلبة ، وللقرينة العقليّة إذ لا يتصور أن يكون ودّ من لم يواد الله ورسوله أجرا للتبليغ والرسالة ، فلا بدّ أن يكون المراد مودة من يكمل الإيمان بمودّته ، وتحصل السعادة الأبديّة بموالاته ، ولذا قال سبحانه في آية اخرى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) بل بلحاظ شأن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ إنّما يعدّ قرابة له ، من هو منه ، لا من بان عنه معنى ومنزلة ، ولذا قال تعالى لنوح : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) انتهى موضع الحاجة (22).
وقيل : إنّ الآية مكيّة ؛ لأنّها في سورة الشورى مع أنّ الحسنين ولدا في المدينة وأجاب عنه في الإمامة والولاية : بأنّ هذا الإشكال ضعيف ، فإنّه قد أكّد غير واحد من أئمة هذا الفن نزول الآية في المدينة.
على اننا لو سلمنا كونها مكيّة ، فما المانع في ذلك؟ مع أنها نظير غيرها من الآيات الكريمة التي سيقت لبيان قضية حقيقية ، لا خارجية ، فهي تصبح فعلية اذا وجد من تنطبق عليه (23).
وأجاب عنه في الغدير أيضا : بأنّ دعوى كون جميع سورة الشورى مكية ، تكذبها استثناؤهم قوله تعالى : «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ـ إلى قوله ـ : خَبِيرٌ بَصِيرٌ» ، وهي أربع آيات. واستثناء بعضهم قوله تعالى : «وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ ـ إلى قوله ـ : مِنْ سَبِيلٍ» ، وهي عدة آيات فضلا عن آية المودّة.
ونصّ القرطبي في تفسيره : ج 16 ص 1 ، والنيسابوريّ في تفسيره ، والخازن في تفسيره : ج 4 ص 49 ، والشوكانيّ في «فتح القدير» : ج 4 ص 510 ، وغيرهم عن ابن عباس وقتادة على أنّها مكيّة إلّا أربع آيات ، أوّلها : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) (24) ـ إلى أن قال ـ : وأمّا إن تزويج علي بفاطمة ـ عليهما السلام ـ كان من حوادث العهد المدنيّ ، وقد ماشينا الرجل (المستشكل) على نزول الآية في مكّة ، فإنّه لا ملازمة بين إطباق الآية بهما وبأولادهما ، وبين تقدم تزويجهما على نزولها ، كما لا منافاة بينه وبين تأخر وجود أولادهما على فرضه ، فإنّ مما لا شبهة في كون كلّ منهما من قربى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بالعمومة والنبوّة ، وأمّا أولادهما فكان من المقدّر في العلم الأزلي أن يخلقوا منهما ، كما أنّه قد قضي بعلقة التزويج بينهما ، وليس من شرط ثبوت الحكم بملاك عامّ يشمل الحاضر والغابر وجود موضوعه الفعلي ، بل إنّما يتسرب إليه الحكم مهما وجد ، ومتى وجد ، وأنّى وجد.
على أنّ من الممكن أن تكون قد نزلت بمكة في حجّة الوداع ، وعليّ قد تزوّج بفاطمة وولد الحسنان ، ولا ملازمة بين نزولها بمكّة ، وبين كونه قبل الهجرة. ويرى الذين اوتوا العلم الّذي انزل إليك من ربك هو الحق (25).
ثم القربى لا تنحصر في عليّ وفاطمة والحسنين ـ عليهم السلام ـ بل يشمل الأئمة كلّهم دون غيرهم ، كما نصّ عليه في الأحاديث ، ومنها : ما في الكافي عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الأئمة ـ عليهم السلام ـ.
ومنها ما في روضة الكافي عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ما يقول أهل البصرة في هذه الآية : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ قلت : جعلت فداك ، إنّهم يقولون : إنّها لأقارب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال : كذبوا إنما نزلت فينا خاصّة أهل البيت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأصحاب الكساء عليهم السلام (36).
الخامس : في دلالة وجوب المحبّة على قرب القربى إلى الله وطهارتهم من الشرك والمعاصي ، ومن كلّ ما يبعد عن دار كرامته ، وساحة رضاه ، وذلك واضح ، لما في المنّ ، وقريب منه ما في دلائل الصدق حيث قال : وهي (أي الآية) تدلّ على أفضليّتهم وعصمتهم ، وأنّهم صفوة الله سبحانه ، إذ لو لم يكونوا كذلك لم تجب مودّتهم دون غيرهم ، ولم تكن مودتهم بتلك المنزلة الّتي ما مثلها منزلة ، لكونها أجرا للتبليغ والرسالة الذي لا أجر ولا حق يشبهه ، ولذا لم يجعل الله المودّة لأقارب نوح وهود أجرا لتبليغهما (27).
السادس : أنّ ظاهر المصنّف أنّ بغض آل محمّد موجب للخروج عن الإيمان لاستلزامه لإنكار الضرورة الإسلامية ؛ لأنّ وجوب حبّهم من ضروريات الإسلام ، ولكن مقتضى ما ذكر هو عدم كونه كذلك لو لم يلتفت إلى كونه من الضروريات وأنكره ، مع أنّ ظواهر بعض الأخبار هو خروج المنكر المبغض عن الإيمان ، ولو لم يكن عن التفات إلى كونه من الضروريات ، ولعلّه من جهة أنّ البغض المذكور ملازم لعدم المعرفة بالأئمة ـ عليهم السلام ـ وقد عرفت تصريح النصوص بأنّ عدم المعرفة بهم يوجب ميتة جاهلية.
وإليك بعض هذه الروايات الدالّة على خروج المبغض عن الإيمان منها : ما رواه الحافظ الحاكم الحسكانيّ عن أبي إمامة الباهلي قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : إنّ الله خلق الأنبياء من أشجار شتّى ، وخلقت وعليّ (كذا) من شجرة واحدة فأنا أصلها ، وعليّ فرعها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ هوى ، ولو أنّ عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ، حتى يصير كالشنّ البالي ، ثم لم يدرك محبتنا أكبّه على منخريه في النار ، ثم قرأ «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ» الآية (28).
ومنها : ما رواه في تفسير القرطبيّ عن الثعلبيّ أنّه قد قال النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ، ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره الملائكة والرحمة ، ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس اليوم من رحمة الله ، ومن مات على بغض آل محمّد لم يرح رائحة الجنّة ، ومن مات على بغض آل بيتي فلا نصيب له في شفاعتي ، ثم قال القرطبيّ : قلت: وذكر هذا الخبر الزمخشريّ في تفسيره بأطول من هذا ، فقال : وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ، ألا ومن مات في حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد ، جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافرا ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنة (29).
وإلى غير ذلك من الروايات الواردة في المقامات المختلفة مثل ما ورد في تفسير قوله : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (30).
السابع : أنّ المحبّة والوداد بالنسبة إليهم في هذه الآية لعلّها ليست إلّا لتحكيم الاتباع عنهم ، إذ الاتباع إذا قرن بالمحبّة كان أتمّ وأسهل ، ألا ترى أنّ المحبّة العلويّة والحسينيّة جذبت كثيرا من الآحاد والنفوس نحو العبادة والتعبّد والجهد والجهاد والتضحية والفداء ، فالدعوة إلى المحبّة والوداد دعوة في الحقيقة إلى العمل والاتباع.
قال في كتاب الإمامة والولاية : إنّ هذا الأجر المطلوب في هذه الآية الكريمة ، هو في الواقع من أروع ما يعود على الامة بالخير ، ويرتبط بمسيرتها ومستقبلها وقيادتها ، حيث يشدّها الشدّ العاطفي الواعي إلى القيادة مقربا بذلك الشدّ العقائدي بها ، وإذا اقترنت العقيدة بالعاطفة المبنيّة على أساسها أمكن ضمان قيام القائد بمهماته التاريخيّة الكبرى الملقاة على عاتقه في مجال تربية الإنسانية ككل ، وهدايتها إلى شواطئ الكمال ، فهذا الأجر المسئول هو في الواقع تعليم اجتماعي رائح لصالح الامة نفسها وليس أجرا شخصيّا للرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ بعد أن كان أشدّ الناس إخلاصا للحقيقة ، وبعد أن كان القرآن يعلن : (وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) (31) (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) (32) وقد أوضح القرآن هذه الحقيقة في قوله تعالى على لسان نبيه : (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) (33) وكذا يشير إليه قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (34) (35) ولذا أنكر الأئمة ـ عليهم السلام ـ من ترك الطاعة مغرورا بمحبّة أهل البيت ، كما نقل جابر عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : قال لي : «يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبّنا أهل البيت ، فو الله ما شيعتنا إلّا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون يا جابر إلّا بالتواضع والتخشع والأمانة ، وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبرّ بالوالدين ، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام ، وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الالسن عن الناس إلّا من خير ، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء. قال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة ، فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : احبّ عليّا وأتولّاه ثم لا يكون مع ذلك فعّالا ، فلو قال : إنّي احبّ رسول الله فرسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ خير من عليّ ـ عليه السلام ـ ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله ، واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحبّ العباد الى الله عزوجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته ، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلّا بالطاعة ، وما معنا براءة من النار ، ولا على الله لأحد من حجّة ، من كان لله مطيعا فهو لنا وليّ ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدوّ ، وما تنال ولايتنا إلّا بالعمل والورع» (36).
______________
(1) الشورى : 23.
(2) المجادلة : 22.
(3) مريم : 96.
(4) الاصول من الكافي : ج 2 ص 125 ـ 126.
(5) راجع جامع السعادات : ج 3 ص 186 ـ 187.
(6) الاصول من الكافي : ج 2 ص 125.
(7) الاصول من الكافي : ج 2 ص 127.
(8) الشورى : 23.
(9) بحار الأنوار : ج 23 ص 241.
(10) بحار الأنوار : ج 23 ص 239.
(11) بحار الأنوار : ج 23 ص 239.
(12) بحار الأنوار : ج 23 ص 232.
(13) راجع احقاق الحق : ج 3 ص 3 ، بحار الأنوار : ج 23 ص 232.
(14) دلائل الصدق : ج 2 ص 77.
(15) راجع كتاب الغدير : ج 3 ص 172 ـ 173.
(16) راجع الغدير : ج 3 ص 183.
(17) راجع الغدير : ج 3 ص 184.
(18) راجع الغدير : ج 3 ص 184 ـ 186.
(19) دلائل الصدق : ج 2 ص 78.
(20) تفسير الميزان : ج 18 ص 43 ـ 44.
(21) دلائل الصدق : ج 2 ص 78.
(22) دلائل الصدق : ج 2 ص 78 ـ 79.
(23) الامامة والولاية : ص 167.
(24) الغدير : ج 3 ص 172 ـ 173.
(25) الغدير : ج 3 ص 173 ـ 174.
(26) تفسير نور الثقلين : ج 4 ص 571 ـ 573 نقلا عن الكافي وروضته.
(27) دلائل الصدق : ج 2 ص 79.
(28) شواهد التنزيل : ج 2 ص 141.
(29) تفسير القرطبي : الجزء السادس عشر ص 22 ـ 23.
(30) الصافات : 24.
(31) يوسف : 104.
(32) الشعراء : 145.
(33) سبأ : 47.
(34) الفرقان : 57.
(35) الامامة والولاية : ص 164.
(36) الاصول من الكافي : ج 2 ص 74.
الاكثر قراءة في صفات الأئمة وفضائلهم ومودتهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)