الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
الخوف المذموم و أقسامه
المؤلف:
محمد مهدي النراقي
المصدر:
جامع السعادات
الجزء والصفحة:
ج1 , ص246-250.
22-9-2016
3055
[ للخوف المذموم ] أقسام يقبحها العقل بأسرها و لا يجوزها ، فلا ينبغي للعاقل أن يتطرقها إلى نفسه , بيان ذلك : أن باعث هذا الخوف يتصور على أقسام : (الأول) أن يكون أمرا ضروريا لازم الوقوع ، و لم يكن دفعه في مقدرة البشر, و لاريب في أن الخوف من مثله خطأ محض ، و لا يترتب عليه فائدة سوى تعجيل عقوبة بصده عن تدبير مصالحه الدنيوية والدينية , و العاقل لا يتطرق على نفسه مثل ذلك ، بل يسلي نفسه و يرضيها بما هو كائن إدراكا لراحة العاجل و سعادة الآجل.
(الثاني) أن يكون أمرا ممكنا لم يجزم بشيء من طرفيه ، و لم يكن لهذا الشخص مدخلية في وقوعه و لا وقوعه , و لا ريب في أن الجزم بوقوع مثله و التألم لأجله خلاف مقتضى العقل ، بل اللازم إبقاؤه على إمكانه من دون جزم بحصوله: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق : 1] , و هذا القسم مع مشاركته للأول في استلزامه تعجيل العقوبة بلا سبب لعدم مدخليته لاختياره فيه ، يمتاز عنه بعدم الجزم بوقوعه ، فهو بعدم الخوف أولى منه.
(الثالث) أن يكون أمرا ممكنا فاعله هذا الشخص ، و هو ناشيء عن سوء اختياره ، فعلاجه ألا يرتكبه و لا يقدم على فعل يخاف من سوء عاقبته.
فإنه إما فعل غير قبيح من شأنه التأدي إلى ما يضره ، و لا ريب في أن ارتكاب مثله خلاف حكم العقل ، و لو ظهر التأدي بعد إيقاعه فيكون من الثاني ، أو فعل قبيح لو ظهر أوجب الفضيحة و المؤاخذة ، و إنما فعله ظنا منه أنه لا يظهر ثم يخاف من الظهور و المؤاخذة ، و لا ريب في أن هذا الظن ناشيء عن الجهل ، إذ كل فعل يصدر عن كل فاعل و لو خفية يمكن أن يظهر، و إذا ظهر يمكن إيجابه للفضيحة و المؤاخذة.
والعاقل العالم بطبيعة الممكن لا يرتكب مثله ، فباعث الخوف في الثاني هو الحكم على الممكن بالوجوب ، و في هذا الحكم عليه بالامتناع ، و لو حكم عليه بما يقتضي ذاته أمن من الخوفين.
(الرابع) أن يكون مما توحش منه الطباع ، بلا داع عقلي و لا باعث نفس أمري ، كالميت و الجن و أمثالهما ، لا سيما في الليل مع وحدته ، و لا ريب في أن هذا ناشيء عن قصور العقل و مقهوريته عن الواهمة ، فليحرك القوة الغضبية و يهيجها لتغلب به العاقلة على الوهم , و ربما ينفع إلزام نفسه على الوحدة في الليالي المظلمة و الصبر عليها ، حتى يزول عنه هذا الخوف على التدريج.
ثم لما كان خوف الموت أشد أقسام هذا النوع و أعمها ، فلنشر إلى علاجه بخصوصه ، فنقول : باعث خوف الموت يحتمل أمورا : (الأول) تصور فناء ذاته بالكلية و صيرورته عدما محضا بالموت.
ولا ريب في كونه ناشئا عن محض الجهل إذ الموت ليس إلا قطع علاقة النفس عن بدنه ، و هي باقية أبدا ، كما دلت عليه القواطع العقلية و الشواهد الذوقية و الظواهر السمعية ، و لعل ما تقدم يكفي لإثبات هذا المطلوب.
ومع قطع النظر عن ذلك نقول : كيف يجوز لمن له أدنى بصيرة أن يجتمع عظماء نوع الإنسان بحذافيرهم ، كأهل الوحي والإلهام و أساطين الحكمة و العرفان على محض الكذب و صرف الباطل! فمن تأمل أدنى تأمل يتخلص من هذا الخوف.
(الثاني) تصور إيجابه ألما جسمانيا عظيما لا يتحمل مثله و لم يدرك في الحياة شبهه.
وهذا أيضا من الخيالات الفاسدة ، فإن الألم فرع الحياة ، و الألم الجسماني ما دامت الحياة لا يكون أشد مما رآه كل إنسان في حياته من الأوجاع و قطع الاتصال ، و بعد زوال الحياة لا معنى لوجوده ، إذ كل جسماني إدراكه بواسطة الحياة ، و بعد انقطاعها لا إدراك ، فلا ألم.
(الثالث) تصور عروض نقصان لأجله.
وهو أيضا غفلة عن حقيقة الموت و الإنسان ، إذ من علم حقيقتهما يعلم أن الموت متمم الإنسانية و آثارها و المائت جزء لحد الإنسان.
ولذا قال أوائل الحكماء : (الإنسان حي ناطق مائت) ، و حد الشيء يوجب كماله لا نقصانه ، فبالموت تحصل التماميه دون النقصان فالإنسان الكامل يشتاق إلى الموت ، لاقتضائه تماميته و كماله ، و خروجه عن ظلمة الطبيعة و مجاورة الأشرار إلى عالم الأنوار و مرافقة الأخيار من العقول القادسة و النفوس الطاهرة ، و أي عاقل لا يرجح الحياة العقلية و الابتهاجات الحقيقية على الحياة الموحشة الهيولانية ، المشوبة بأنواع الآلام و المصائب و أصناف الأسقام و النوائب ! فيا حبيبي! تيقظ من نوم الغفلة و سكر الطبيعة ، و استمع النصيحة ممن هو أحوج منك إلى النصيحة : حرك الشوق الكامن في جوهر ذاتك إلى عالمك الحقيقي و مقرك الأصلي ، و انسلخ عن القشورات الهيولانية ، و انقض عن روحك القدسي ما لزقه من الكدورات الجسمانية ، و طهر نفسك الزكية عن أدناس دار الغرور و أرجاس عالم الزور، و اكسر قفصك الترابي الظلماني و طر بجناح همتك إلى وكرك القدسي النوراني ، و ارتفع عن حضيض الجهل و النقصان إلى أوج العزة و العرفان ، و خلص نفسك عن مضيق سجن الناسوت و سيرها في فضاء قدس اللاهوت ، فما بالك نسيت عهود الحمى و رضيت بمصاحبة من لا ثبات له و لا وفاء؟!.
(الرابع) صعوبة قطع علاقته من الأولاد و الأموال و المناصب و الأحباب و معلوم أن هذا ليس خوفا من الموت في نفسه بل هو حزن على مفارقة بعض الزخارف الفانية.
وعلاجه : أن يتذكر أن الأمور الفانية مما لا يليق بالعاقل أن يرتبط بها قلبه ، و كيف يحب العاقل خسائس عالم الطبيعة و يطمئن إليها مع علمه بأنه عن قريب يفارقها ، فاللازم أن يخرج حب الدنيا و أهلها عن قلبه ليتخلص من هذا الألم.
(الخامس) تصور سرور الأعداء و شماتتهم بموته.
وهذا وسوسة شيطانية صادرة عن محض التوهم ، إذ مسرة الأعداء أو شماتتهم لا توجب ضررا في إيمانه و دينه ، و لا ألما في روحه و جسمه ، على أن ذلك لا يختص بالموت ، إذ العدو يشمت و يفرح بما يرد عليه في حال الحياة أيضا من البلايا و المحن فمن كره ذلك فليجتهد في قطع العداوة و إزالتها بالمعالجات المقررة للحقد و الحسد
(السادس) تصور تضييع الأولاد و العيال ، و هلاك الأعوان و الأنصار و هذا أيضا من الوساوس الباطلة الشيطانية و الخواطر الفاسدة النفسانية ، إذ ذلك يوجب ظن منشئيته لاستكمال الغير و عزته ، و مدخليته في قوته و ثروته ، و ذلك ناشيء من جهله باللّه و بقضائه و قدره ، إذ فيضه الأقدس اقتضى إيصال كل ذرة من ذرات العالم إلى ما يليق بها و إبلاغها إلى ما خلقت لأجله ، و ليس لأحد أن يغير ذلك أو يبدله و لذا ترى أكثر الأفاضل يجتهدون في تربية أولادهم و لا ينجح سعيهم أصلا ، و تشاهد غير واحد من الأغنياء يخلفون لأولادهم أموالا كثيرة و تخرج عن أيديهم في مدة قليلة ، و ترى كثيرا من أيتام الأطفال لا تربية لهم و لا مال ، و مع ذلك يبلغون بالتربية الأزلية مدارج الكمال ، أو يحصلون ما لا حصر له من الأموال.
والغالب أن الأيتام الذين ذهب عنهم الآباء في حالة الصبي تكون ترقياتهم في الآخرة و الدنيا أكثر من الأولاد الذين نشأوا في حجر الآباء.
والتجربة شاهدة بأن من اطمأن من أولاده بمال يخلفه لهم أو ذي قوة يفوض إليه أمورهم ، اعتراهم بعده الفقر و الفاقة و الذلة و المهانة ، و ربما صار ذلك سببا لهلاكهم و انقراضهم.
ومن فوض أمورهم إلى رب الأرباب و خالق العباد ازداد لهم بعده عزا و قوة و كثرة و ثروة , فاللائق بالعقلاء أن يفوضوا أمور الأولاد و غيرهم من الأقارب و الأنصار إلى من خلقهم و رباهم ، و يوكلهم إلى موجدهم و مولاهم ، و هو نعم المولى و نعم الوكيل.
وقد ظهر أن الخوف من الموت لأجل البواعث المذكورة لا وجه له , ثم ينبغي للعاقل أن يتفكر في أن كل كائن فاسد البتة كما تقرر في الحكمة.
وهو من الكائنات , و الفساد ضروري له , فمن أراد وجود بدنه أراد فساده اللازم له ، فتمني دوام الحياة من الخيالات الممتنعة ، و العاقل لا يحوم حولها و لا يتمنى مثلها , بل يعلم يقينا أن ما يوجد في النظام الكلي هو الأصلح الأكمل و تغييره ينافي الحكمة و الخيرية ، فيرضى بما هو واقع على نفسه و غيره من غير ألم و كدورة , ثم من يتمنى طول عمره فمقصوده منه إن كان حب اللذات الجسمية و امتداد زمانها ، فليعلم أن الشيب إذا أدركه ضعفت الأعضاء و اختلت القوى وزالت عنه الصحة التي هي عمدة لذاته فضلا عن غيرها ، فلا يلتذ بالأكل والإجماع وسائر اللذات الحسية ، ولا يخلو لحظة عن مرض و ألم ، و تتراجع جميع أحواله ، فتتبدل قوته بالضعف و عزه بالذل ، و كذا سائر أحواله ، كما أشير إليه في الكتاب الإلهي بقوله تعالى : { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس : 68] .
ومع ذلك لا يخلو كل يوم من مفارقة حبيب أو شفيق ، و مهاجرة قريب أو رفيق , و ربما ابتلى بأنواع المصيبات ، و يهجم عليه الفقر و الفاقة و النكبات ، و طالب العمر في الحقيقة طالب هذه الزحمات , و إن كان مقصوده منه اكتساب الفضائل العلمية و العملية ، فلا ريب في أن تحصيل الكمالات بعد أوان الشيخوخة في غاية الصعوبة ، فمن لم يحصل الفضائل الخلقية إلى أن أدركه الشيب ، و استحكمت فيه الملكات المهلكة من الجهل و غيره ، فإني يمكنه بعد ذلك إزالتها و تبديلها بمقابلاتها ، إذ رفع ما رسخ في النفس مع الشيخوخة التي لا يقتدر معها على الرياضات و المجاهدات غير ممكن.
ولذا ورد في الآثار : «إن الرجل إذا بلغ أربعين سنة و لم يرجع إلى الخير، جاء الشيطان و مسح على وجهه و قال : بأبي وجه من لا يفلح أبدا».
على أن الطالب للسعادة ينبغي أن يكون مقصور الهم في كل حال على تحصيلها ، و من جملتها دفع طول الأمل و الرضا بما قدر له من طول العمر و قصره ، و يكون سعيه أبدا في تحصيل الكمالات بقدر الإمكان و التخلص عن مزاحمة الزمان و المكان ، و قطع علاقته من الدنيا و زخارفها الفانية و الميل إلى الحياة و اللذات الباقية ، و الاهتمام في كسب الابتهاجات العقلية و الاتصال التام بالحضرة الإلهية ، حتى يتخلص عن سجن الطبيعة و يرتقى إلى أوج عالم الحقيقة فيتفق له الموت الإرادي الموجب للحياة الطبيعية ، كما قال (معلم الإشراق) : «مت بالإرادة تحيي بالطبيعة» ، فينقل إلى مقعد صدق هو مستقر الصديقين ، و يصل إلى جوار رب العالمين ، و حينئذ يشتاق للموت و لا يبالي بتقديمه و تأخيره و لا يركن إلى ظلمات البرزخ الذي هو منزل الأشقياء و الفجار و مسكن الشياطين و الأشرار، و لا يتمنى الحياة الفانية أصلا و ينطق بلسان الحال : (السابع) تصور العذاب الجسماني و الروحاني المترتب على ذمائم الأعمال و قبائح الأفعال.
ولا ريب في أن الخوف من ذلك ممدوح ، و هو معدود من أقسام النوع الثاني ، إلا أن البقاء عليه و عدم السعي فيما يدفعه من ترك الخطيئات و كسب الطاعات جهل و بطالة ، إذ هذا الخوف ناشيء من سوء الاختيار، و قد بعث اللّه الرسل و أوصياءهم لاستخلاص الناس عنه.
فعلاجه ترك المعاصي و تحصيل معالي الأخلاق , و معلوم أن المنهمك في المعاصي مع خوفه من العذاب كالملقي نفسه في البحر أو النار مع خوفه من الغرق و الحرق ، و لا ريب في أن إزالة هذا الخوف باختياره ، فليترك المعاصي و يجتهد في كسب وظائف الطاعات ليتخلص عنه ، و اهتمام أكابر الدين من الأنبياء و المرسلين و الحكماء و الصديقين في وظائف الطاعات و صبرهم على مشاق العبادات و مجاهدتهم مع جنود الشياطين إنما هو لدفع هذا الخوف عن نفوسهم فهو في الحقيقة ناشيء منك و من سوء اختيارك ، فبادر إلى تقليله بالمواظبة على صوالح الأعمال و فضائل الأفعال.
وقد يأتي أن هذا الخوف هو سوط الله الباعث على العمل ، و معه لو كان مفرطا فليعالج بأسباب الرجاء ، و بدونه فلا بد أن يكون حتى يبعثه عليه ، على أنه مع عظم جرمه و قصور باعه عن تداركه فلا ينبغي أن ييأس من روح اللّه ، فلعل واسع الرحمة السابقة على الغضب يدركه بسابقة من القضاء و القدر.