المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الالتزامات الارادية (التعاقدية) وتنازع القوانين  
  
5754   10:35 صباحاً   التاريخ: 11-3-2021
المؤلف : حسن الهداوي
الكتاب أو المصدر : تنازع القوانين
الجزء والصفحة : ص145-158
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

لقد انتهينا من التصرفات الإرادية المضافة إلى ما بعد الموت (كالوصية) والتصرفات التي تتعلق بالزواج وبينا قاعدة الإسناد في كل منهما وننتقل الى دراسة التصرفات التي تتم بين الأحياء ويترتب عليها حقوق مالية وخاصة تلك التي تتم بالعقد أو الإرادة المنفردة كالهبة التي اعتبرتها بعض التشريعات عقدة من العقود تحكمها قواعد الاسناد الخاصة بالعقود (1) في حين اتجهت تشريعات أخرى الى اعتبارها من الأحوال الشخصية (2) .

وتتجاذب العقد الدولي (3) قوانين كثيرة، لحكمه شكلا وموضوعة كالقانون الشخصي للدائن والقانون الشخصي للمدين ، وقانون موطن كل منهما ، وقانون البلد الذي تم فيه التصرف وقانون محل التنفيذ وقانون المحكمة التي يرفع النزاع أمامها . فألى أي منها يعطي التفضيل ويصبح مختصة في حكم التصرف ؟

لا بد في هذا التفرقة بين الجانب الشكلي والجانب الموضوعي للعقد إذ أن الأول تحكمه القاعدة الخاصة بشكل التصرف والتي سناتي على دراستها في وقت لاحق . أما الجانب الموضوعي منه فهو الذي نريد أن نبين قاعدة الإسناد فيه .

إن قاعدة الإسناد هذه كانت حصيلة تطور تاريخي طويل جرت فيه تغيرات مهمة .

فبمقتضى قاعدة قديمة أتت بها نظرية الأحوال الإيطالية ، أخضع العقد فيها القانون محل إبرامه ، حيث أعطي قانون المحل اختصاصا آمرا شاملا لم يكن في وسع المتعاقدين الخروج عنه وتقليد الاختصاص لغيره . ولم تكن هناك من تفرقة بين الشكل والموضوع لأن اختصاص قانون محل الإبرام كان يشمل الناحيتين الموضوعية والشكلية للعقد (4)

وبررت هذه القاعدة بفكرتين متعاقبتين : أولاهما : اعتمدت على علم أطراف العلاقة بهذا القانون ، لأن من الصعوبة بمكان

أن يطبق على العقد قانون آخر من المحتمل أن يجهله أطراف العلاقة . ثانيهما: فسرت هذا الاختصاص بقبول أطراف العلاقة ضمنا بإخضاع علاقتهم

القانون محل انعقاد العقد. إذ يفترض انصراف ارادتهم إلى إعطاء الاختصاص لقانون محل العقد ويستنتج هذا من ارتباطهم بالعلاقة في  ذلك المحل مع سبق علمهم بأنها ستخضع لقانون المحل فكأنهم بارتباطهم فيه قد اختاروا ضمن قانونه(5) . وقد تطورت الفكرة الأخيرة في القرن السادس عشر في عهد الفقيه الفرنسي ديملان الذي أخضع العقد لقانون الإرادة أي القانون الذي تنصرف إرادة المتعاقدين الى اختياره صراحة أو ضمنا ، وعليه فمن حق أطراف العلاقة استبعاد اختصاص قانون محل ابرام العقد باتفاق صريح أو ضمني واختيار قانون آخر . وفي سكوتهم يفترض أنهم قد اختاروا قانون محل إبرام العقد. وقصر ديمولان اختصاص قانون الإرادة على الجانب الموضوعي منه ، أما الجانب الشكلي فقد أبقاه خاضعة لقانون بلد إبرامه وفقا للقاعدة التي ظهرت في عهد المدرسة الإيطالية (6) . ثم تطورت هذه الفكرة فبدلا من أن يكون الأصل في الاختصاص لقانون محل ابرام التصرف مع تمكين الأفراد من استبعاده واختبار قانون آخر ، أصبح الأصل في الاختصاص للقانون المختار فالقانون الذي تنعقد الإرادتان على اختياره يصبح واجب التطبيق لحكم علاقتهما القانونية .

وأساس تطبيق قانون إرادة المتعاقدين في الالتزامات التعاقدية هو احترام إرادتهما أخذا بمبدأ سلطان الإرادة .

وأصبحت قاعدة خضوع العقد لقانون الإرادة قاعدة شائعة الاستعمال عمل بها قضاء دول كثيرة ونصت عليها تشريعات متعددة . ومع ذلك فقد لقي مبدأ سلطان الإرادة هذا نقدا شديدة من بعض الفقهاء خلاصته أنه من غير المعقول ترك حل تنازع القوانين للأفراد بتخويلهم سلطة تحديد القانون الذي يحكم علاقتهم التعاقدية ، لأن العقد مستمدة قوة إلزامه من القانون ، في حين أن الأخذ بقانون الإرادة يجعل تطبيق القانون وسلطته مستمدة من العقد . فالعقد يصبح في مركز أقوى من القانون . ولهذا ولتحاشي نتيجة كهذه يرى النقاد وجوب تقييد نطاق سلطان الإرادة في نطاق القواعد المكملة دون الآمرة منها. وقالوا بأن القواعد الآمرة لا يجوز للأفراد الاتفاق على استبعادها بقانون آخر وأن حرية الأفراد في اختيار القانون الواجب التطبيق على علاقتهم التعاقدية تقتصر على القواعد المكملة المفسرة) إذ يجوز لهم الخروج عنها وإخضاعها للقانون المختار(7).

 

وبناء على ذلك فإن إرادة الأفراد عاجزة عن كل تغيير في الاختصاص القانوني في كل ما يتعلق بالقواعد الآمرة كتلك التي تنظم شروط انعقاد العقد ، القبول والإيجاب والسبب والمحل وشروط الصحة والأهلية وعيوب الرضا . ولا تستطيع الإرادة كذلك تغيير القانون المختص بالنسبة لأسباب انتهاء العقد التي مصدرها القانون ، وحرية الأفراد تظهر فيما يتعلق بالقواعد القانونية المتعلقة بجوهر العقد كالسعر والتاريخ وشروط العقد والأجل والتضامن وفي آثار العقد وفي اسباب انتهائه إذا كان انتهائه يرجع إلى إرادة الأفراد .

وقد رد أنصار قانون الإرادة بالقول أن حرية أطراف العلاقة في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد لا تقوم على مبدأ سلطان الإرادة مباشرة وإنما أساسها قاعدة الإسناد فهي التي تخول الأفراد حق اختيار القانون الذي يحكم عقدهم ، وهذا معناه أن مصدر إعطاء الاختصاص للقانون المختار هو القانون (قاعدة الإسناد) أما الإرادة فينحصر دورها في تركيز العقد أي اختيار مقره ومتى تعين مقر العقد وجب الخضوع لأحكام قانون المكان الذي اختاره المتعاقدان (8) أعمالا القاعدة الإسناد . وهكذا تمكن أنصار الإرادة من تفادي النقد الموجه الى قاعدة خضوع العقد للقانون المختار (الإرادة) وذهبوا الى عدم تجزئة العقد ونادوا بإخضاعه بصورة كاملة إلى القانون المختار لا فرق في ذلك بين القواعد الآمرة والمفسرة فيه وقد نالت حجج المؤيدين لقاعدة خضوع العقد لقانون الإرادة القبول لذا نصت على هذه القاعدة أكثر قوانين الدول .

نطاق تطبيق قانون العقد :

أن دور الإرادة يقتصر على اختيار القانون الواجب التطبيق في مجال العقود المرتبة لحقوق مالية ، ويخرج من مجال قانون الإرادة (قانون العقد) العقود المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والتبني ، حيث يكون الاختصاص فيها للقانون الشخصي لا القانون المختار . ولا يدخل في نطاق هذه القاعدة العقود التي تبرم بشأن العقار سواء أكانت متعلقة بحقوق عينية أو بحقوق شخصية ، إذ يحكمها قانون موقع العقار .

ويخرج كذلك من نطاق قانون الإرادة العقود المكسبة للحق العيني في المنقول فيما يتعلق بأثر العقد في إنشاء الحق العيني أو نقله أو زواله إذ يحكمها قانون موقع المال وقت تحقق السبب المكسب أو المفقد للحق العيني . فالعقود العينية التي لا بد لانعقادها ، في بعض القوانين كالقانون الاردني ، من القبض والتسليم (9) إذا اختير قانون آخر ليحكم العقد العيني المترتب على مال في الاردن فلا يترتب على ذلك العقد أي أثر ما دام الأجراء الذي يتطلبه القانون الأردني لم يستوف بعد ، ويخرج أيضا من دائرة قانون الإرادة العقود التي نظمها المشرع تنظيما خاصة لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية كعقود العمل .

وبهذا التمييز تحدد أنواع العقود التي يحكمها قانون الإرادة . أما ما يتعلق بالعقد ذاته فيجب أن نستبعد من مجال تطبيق قانون الإرادة كلا من الأهلية اللازمة للتعاقد وشكل التصرف. إذ أن أهلية كل متعاقد تخضع لقانون جنسيته . م12 ف 1) وشكل العقد يخضع لقانون محل إبرامه كما هو منصوص عليه في المادة (21 مدني) وفيما عدا الأهلية والشكل فالرأي السائد هو أن قانون الإرادة يحكم العقد من جميع نواحيه من حيث تكوينه وأركانه وشروط صحته وانتهائه وآثاره ومع ذلك هناك من يدعو الى تجزئة العقد مفرقا بين انعقاده وآثاره والأخذ بهذا الرأي أو ذاك يتوقف على ما ينتهجه مشرع كل دولة .

حرية الأفراد في اختيار القانون الذي يحكم عقدهم :

يشترط لممارسة الأفراد حريتهم في اختيار القانون الذي يحكم عقدهم أن يكون العقد من العقود الدولية أي من العقود المشتملة على عنصر أجنبي . أما العقود الداخلية في حكمها القانون الوطني وليس في مقدور الأفراد نقل الاختصاص فيها القانون آخر .

وفي نطاق العقود الدولية ذاتها تكون حرية الأفراد في اختيار القانون الذي يحكم علاقاتهم التعاقدية مقيدة بوجود صلة بين العقد والقانون المختار ، ويتصل العقد بالقانون المختار إما بجنسية أحد المتعاقدين أو بموطنه أو بمحل إبرام العقد أو محل التنفيذ. وقد تأتي الصلة بين العقد والقانون المختار من حاجة التجارة والمعاملات الدولية. فقد شاع في التجارة الدولية إخضاع عقد ما لقانون معين بحيث يصبح عقدة نموذجية لتجارة معينة كالحبوب والقطن والصوف .

ففي مثل هذه الحالة إذا ما أبرم المتعاقدان عقدهما وفقا للعقد النموذجي واختارا القانون الذي يخضع له هذا النموذج يصبح القانون المختار ذا صلة بالعقد ولو لم تتوفر بين العقد وبين هذا القانون صلة من حيث الجنسية والوطن ...الخ(10).

 

موقف القانون الأردني من قاعدة خضوع العقد لقانون الإرادة :

 

لقد أخذت التشريعات العربية بقاعدة إخضاع العقد لقانون الإرادة كالتشريع المصري (م19/ 1مدني) لسنة 1949 والتشريع السوري (م/20) مدني سنة 1949 والليبي (م19 مدني) لسنة 1963 والكويتي (م 59/1) قانون تنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي لسنة 1961 والعراقي (فقرة 1م 25) القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 وبهذا الاتجاه يعمل في لبنان .  وقد نصت الفقرة الأولى من المادة العشرين من القانون الأردني على ذلك بقولها يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا فإن اختلفا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك» .

يتضح من هذا النص أن ضابط الاسناد متعدد تعددا متدرجة فهناك ضابط اسناد اول يحل مكانه عند عدم توافره ضابط آخر . ومع أن صياغة النص قد قدمت قانون الموطن المشترك للمتعاقدين وتلاه قانون محل ابرام العقد ثم القانون المختار . فعملية التدرج لهذه الضوابط المتعددة لا تعني أن يتم التقديم والتأخير حسب التعداد المار ذكره . بل ان التدرج حسبما يوليه معنى النص هو اعطاء الاختصاص بالالتزامات التعاقدية أولا إلى القانون المختار فأذا لم يتفق اطراف العلاقة على اختيار قانون ما ليحكم علاقتهم التعاقدية يصار عندئذ إلى قانون الموطن المشترك للمتعاقدين وهذا يعني ان ضابط الاسناد الأول هو الارادة

القانون المختار) وفي حالة عدم الاتفاق على اختيار قانون ما يليه الضابط الثاني وهو الموطن المشترك فأن لم يتفق الأطراف على قانون يحكم علاقتهم ولم يكن للمتعاقدين موطن مشترك يصار عندئذ إلى العمل بالضابط الثالث وهو محل ابرام العقد اي يعطي الاختصاص الى القانون البلد الذي ابرم فيه العقد .

وسواء كان ام لم يكن للمتعاقدين موطن مشترك ففي مقدورهما اختيار قانون بحكم علاقتهم التعاقدية (11) .

واختيار القانون الذي يحكم العقد اما ان يكون صريحا او ضمنية والصريح يعبر عنه بالنص عليه في العقد او في اتفاق لاحق . فاذا نص على اخضاع العقد القانون معين وجب تطبيق هذا القانون . فاذا لم يوجد تعبير صريح فيصار الى

الإرادة الضمنية وهذا ما قضت به قوانين بعض الدول بقولها مثلا «او يتبين من الظروف ان قانونا آخر هو الذي يراد تطبيقه (12).

ويلجأ القاضي عند استخلاص الإرادة لربط العقد بقانون معين إلى عدة دلائل او ظروف كاختيارهما محكمة دولة من الدول للنظر في النزاع المحتمل أن يثار بشأن عقدهما او كتابة العقد بلغة دولة من الدول . ومن الدلائل التي يمكن أن يستعان بها لاستخلاص الإرادة الضمنية لاختيار القانون الذي يحكم العلاقة التعاقدية هي مكان تنفيذ الالتزام ، موقع المال ، موضوع العمل ، العملة او محل الدفع .. الخ ..

واعمال الفقرة الأولى من المادة العشرين من القانون المدني يقضي - كما سبق قوله - بأنه في حالة وجود ارادة صريحة لاختيار قانون يحكم علاقة المتعاقدين يتعين العمل به وبهذا قضت محكمة التميز بقولها «ان اتفاق المتعاقدين على تطبيق نصوص اتفاقية بروكسل بعد نافذة بحقهما وملزمة لهما على اعتبار انه يشكل جزءأ من شروط العقد (13).

واختيار الأطراف القانون يحكم علاقتهما اذا لم يكن صريحة يعتمد القاضي على مؤشرات من داخل العقد للكشف عن ارادتهما الضمنية في اعطاء الاختصاص القانون يحكم علاقتهما فإذا خلا العقد من ارادة صريحة أو ضمنية على اختيار القانون الذي يحكم علاقتهما فقد تولى المشرع مباشرة تحديد ذلك القانون في الفقرة الأولى من المادة العشرين من القانون المدني بأن اولى الاختصاص الى قانون الموطن المشترك للمتعاقدين اي الى قانون البلد الذي وجد فيه موطن طرفي العقد ، وموطن الشخص الاعتباري هو المكان الذي فيه المركز الرئيسي للشركة ، وقد رفضت محكمة التمييز اعتبار القانون الأردني مختصة لأن احد المتعاقدين لم يكن متوطنة في المملكة (14) وفي حالة اختلاف موطن المتعاقدين فيكون القانون المختص هو قانون محل ابرام العقد (15) وبهذا قضت محكمة التميز وفي ذات القرار الذي رفضت اخضاع النزاع للقانون الاردني لاختلاف موطن الطرفين اذ جاء في قرارها الآتي :

حيث أن العقد الذي يستند اليه المدعي قد تم بينه وبين المركز الرئيسي للشركة المدعي عليها في واشنطن وان الموطن الذي يقيم فيه المدعي هو عمان وموطن الشركة الأجنبية هو الولايات المتحدة الأمريكية فأن القانون الواجب التطبيق عملا بالفقرة الأولى من المادة (20) من القانون المدني هو قانون محل انعقاد العقد وهو واشنطن . وبمجرد تسجيل فرع الشركة الأجنبية في المملكة الأردنية الهاشمية لا يترتب عليه أن هذه المملكة موطنا للمركز الرئيسي للشركة لأن العقد موضوع الدعوى مبرم بين المدعي والمركز الرئيسي وليس بينه وبين فرع الشركة في عمان» .

وفي تطبيق آخر لمحكمة استئناف عمان اولت الاختصاص فيه إلى القانون الأردني باعتباره قانون محل انعقاد العقد . وموضوع النزاع مطالبة بقيمة شيكين حصل عليهما المدعي بالتظهير ردهما بنك نيويورك المسحوب عليه دون صرف . ولما كان المظهر والمظهر له في الأردن فقد قضت المحكمة المذكورة بما يلي ان القانون الاردني هو الذي يطبق على العقود الجارية في الأردن مادة 20 مدني(16)

وقد يثير تحديد محل إبرام العقد صعوبة في حالة ما ذا كان العقد قد تم بين غائبين بسبب اختلاف الاتجاهات التشريعية بالنسبة لتحديد مكان وزمان انعقاد العقد ، فلو ارسل تاجر فرنسي الى ياباني برقية أو تلكسا يعرض عليه بضاعه وأجابه الياباني بالموافقة على الشراء عن طريق التلكس فكيف يتم في هذه الحالة معرفة قانون العقد ؟ أن ذلك يتطلب تعيين البلد الذي انعقد فيه العقد . ما هو البلد الذي انعقد فيه ؟.

تختلف الإجابة في ذلك باختلاف القوانين . فمنها ما يعتد بمحل تسليم القبول ومنها ما يعينه بمحل اصدار القبول ، وقوانين أخرى تربطه بمحل علم الموجب بالقبول (17) . فالقانون العراقي قد أخذ في المادة 87 مدني بنظرية العلم بالقبول التحديد مكان انعقاده وزمانه ، واعتبر استلام القبول دليلا على العلم به .

أما القانون الأردني فقد أخذ بنظرية صدور القبول في المادة 101 من القانون المدني «إذا كان المتعاقدان لا بضمهما حين العقد مجلس واحد يعتبر التعاقد قد تم في المكان والزمان الذي صدر فيهما القبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك» .

مجال تطبيق ( قانون العقد) قانون الإرادة أو ما يحل محلها :

بعد أن عرفنا أن قانون العقد هو القانون المختار ان تم تعينه وإلا فهو قانون الموطن المشترك للمتعاقدين وعند اختلاف موطنهما فيعتد بقانون محل انعقاد العقد، يلزمنا بحث مجال تطبيق هذا القانون ، فيما يثيره العقد من مسائل ومن حيث العقود التي يحكمها هذا القانون .

1- المسائل التي تدخل في مجال قانون العقد :

من المتفق عليه أنه يخرج من مجال قانون العقد كل من الأهلية والشكل إذ قرر القانون الأردني لكل منهما قاعدة إسناد خاصة فيه فالأهلية حسبما تقرره الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون المدني يحكمها قانون الجنسية أما الشكل فقد أسندت المادة (21) من هذا القانون الاختصاص فيه الى قانون الدولة التي تم فيها العقد. وبعد استبعاد الأهلية والشكل ننتقل إلى تكوين العقد وآثاره لمعرفة ما إذا كان القانون الأردني قد اعتمد مبدأ وحدة القانون الذي يحكم تكوين العقد وأثاره أم أنه يميل إلى تجزئته .

نلاحظ من قراءة الفقرة الأولى من المادة (20) أن النص قد استهل بالعبارة التالية (يسري على الالتزامات التعاقدية قانون ...) وتعبير كهذا يدل على أن أثار العقد يسري عليها القانون الذي تعينه هذه المادة . لأن التزام المتعاقدين ما هو إلا أثر للعقد. وينبني على ذلك وجوب الرجوع الى قانون الإرادة في أثار العقد من حيث الاشخاص لنتبين بمقتضاه الملتزمين بالعقد والمستفيدين منه سواء كانوا من المتعاقدين أو من الغير ، ونرجع اليه لتحديد مضمون الالتزام وكذلك فإن هذا القانون يختص بموضوع انتهاء (18) الالتزام وانتقاله .

أما فيما يتعلق بتكوين العقد فمن الممكن أن تختلف الآراء بشأنه كالخلاف الذي ثار بصدد شرح المادة 19/1 مدني مصري والتي تقابل المادة 20 الفقرة الأولى مدني أردني وتماثلها . إذ ذهب بعضهم إلى أن المشرع واجه الالتزامات دون أن يتعرض لتكوين العقد مما يلزم اتباع مبادئ القانون الدولي الخاص في شانه (19) . وذهب آخرون إلى أن فكرة الالتزامات التعاقدية الواردة في النص لا تقتصر على أثار العقد فحسب بل تضم اليها كل ما يتعلق بتكوين العقد وأوصافه و آثاره وانتقاله وانقضائه ، وهم يقولون أن المشرع باستعماله هذا الاصطلاح (الالتزامات التعاقدية) أراد أن يعطي فرصة للاجتهاد في المسائل التفصيلية أن يطبق فيها قانون آخر وفقا لما يجري عليه العمل دوليا (20) .

ونحن نميل إلى تبني الرأي الأخير في اعمال الفقرة الأولى للمادة العشرين ونرى آن اصطلاح الالتزامات الوارد فيها يشمل آثار العقد وتكوينه . وكما نعلم بأنه يجب التكوين العقد الرضا والسبب والمحل (21) . وفي ضوء هذا نعرض بإيجاز لهذه الاركان لنبين مجال تطبيق قانون العقد .

1- وجود التراضي : وهو توافق الارادات المتعاقدة (الايجاب والقبول) ويعبر عن

الارادات باللفظ أو الكتابة أو الاشارة او التعاطي وان يكون الرضا صحيحة لا ينتابه عيب كالغلط والتدليس والاكراه والغبن . فكل هذه المسائل يرى اكثر الشراح اخضاعها لقانون العقد (القانون المختار) . اما مسألة وجود، الارادة وعيوبها (عدم التميز الجنون والعته .. الخ) فأنهما من الأهلية والأهلية هي حالة عامة للشخص والاختصاص بها لقانون

الجنسية لا لقانون العقد .

 2 - المحل : يشترط لتكوين العقد ان يكون محله معينة ممكنة مشروعة ، والمحل كركن في العقد يخضع بالضرورة لقانون العقد ومع ذلك اذا كان محل العقد

مالا فيرى البعض اخضاعه إلى قانون موقع المال ، واذا كان عملا يرجع في ذلك إلى قانون محل التنفيذ .

٣- السبب : من حيث وجوده ومشروعيته يرجع في ذلك إلى قانون العقد ومع ذلك فالقضاء يأخذ بعين الاعتبار ما تمليه قواعد النظام العام في قانون القاضي

2 - العقود التي يحكمها (قانون العقد)

أن العقود التي تدخل الأحوال الشخصية ، كالزواج والتبني لا تدخل في مجال تطبيق قانون العقد وكذلك العقود التي تبرم في شأن العقار ، إذ استثنتها الفقرة الثانية من المادة 20 مدني من قانون الإرادة وأخضعتها لقانون موقع العقار حين قالت : «قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي ابرمت بشأنه» . وينبني على هذا النص أن العقود التي ترتب حقوقا عينية أو شخصية (كالإيجار) على العقار تخضع لقانون موقع العقار لا قانون العقد . ويخرج ايضا من دائرة اختصاص قانون العقد ، العقود التي ينظمها المشرع تنظيما خاصا لأسباب سياسية او اجتماعية او اقتصادية ، كقانون العمل ، إذ أن قواعده من النظام العام ولا يحق للأفراد الاتفاق على ما يخالفها (22) وتبعا لذلك فإن عقد العمل يتنافى بطبيعته مع قاعدة الاسناد التي تخضع العقود القانون الإرادة لأن المشرع تدخل في أكثر الدول في تنظيم هذ العقود تنظيما دقيقا ، وإن قواعد قوانين العمل وما يترتب عنها من تأمينات اجتماعية اعتبرت من القانون العام في دول كثيرة وقواعد القانون العام - كما هو واضح - قواعد محلية تطبق في الدول التي تنتمي اليها تلك القواعد ولا مجال لإحلال قواعد أجنبية محلها وليس أمام المحكمة المرفوع أمامها النزاع المتعلق بتنفيذ عقد العمل الداخلي إلا إعمال قواعدها الوطنية ولا فرق في هذا إن كان العامل وطنية او اجنبية . ولكن الأمر ليس كذلك إذا كان تنفيذ العمل يتم في الخارج إذ لا وجه للرجوع الى قانون التأمينات للقاضي . اذ يفترض تطبيق قانون بلد تنفيذ العمل مع ما يواجه ذلك من صعوبات ، فمن حيث الأساس إذا كانت قواعد قانون العمل هي من القانون العام فالقاضي الوطني لا يطبق إلا أحكام القانون العام الوطني ولا يقبل أن تنازعها أحكام قانون آخر . وحتى لو افترضنا جدلا قبول مبدأ التنازع بين القوانين العامة وقبول القاضي الأخذ بنظام التأمينات الاجتماعية الأجنبية، فإن حكمه بهذا الشأن لا ينال التنفيذ من المؤسسة العامة الأجنبية المشرفة على تطبيق التأمينات الاجتماعية . وفي ما عدا هذه الحدود فإن العقود كافة تدخل في نطاق قاعدة العقود ولا فرق في ذلك إن كان أطراف العلاقة أفرادا أو دولا . فالعقود التي تبرمها الدولة مع دولة أخرى او مع شخص من أشخاص القانون الخاص والتي تتعلق بمسائل تصلح لأن تكون موضوعا للعقود المبرمة بين أشخاص القانون الخاص فإنها تخضع للقانون الذي تحدده قواعد الاسناد . ويتحدد القانون الذي يحكمها في ضوء ما تقرره الفقرة الأولى من المادة العشرين .

___________

١- نظم القانون الاردني الهبة في المواد 557 إلى 581 من القانون المدني واعتبرها من عقود التمليك ، ونظم القانون المدني العراقي الهبة في المواد 601 الى 626 بوصفها عقدة من العقود وهذا ما هو مقرر في القانون المدني المصري . راجع فؤاد عبد المنعم رياض - القانون الدولي الخاص - 1974 ، دار النهضة العربية ، ص32، دكتور حسن الهداوي ، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي سنة 1972 ، ص 202.

2- وهذا ما اخذ به المشرع الكويتي اذ اعتبرها من الاحوال الشخصية ونظمها 49 من قانون رقم 5 لسنة 1961 ، راجع للمؤلف دكتور حسن  الهداوي – تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص الكويتي سنة 1974 ،ص 174 .

3- وهو الذي يتضمن عنصرة اجنبية وبشأنه بثور التنازع . أما العقود الوطنية (وهي التي تكون وطنية بجميع عناصرها محلا وسيبة وأطرافه فلا تنازع بشأنها وهي تخضع لقانون الدولة التي ينتمي اليه عناصر العقد) .

4- أنظر في هذا .Batiffol 1959 Page 615 .

 

5-Tyan 1966; page 238

6 - دكتور منصور مصطفى منصور - تنازع القوانين - دار المعارف بمصر ، 1956 - 1957 ، ص38 و 305. دكتور فؤاد عبد المنعم رياض الدكتورة سامية راشد - الوسيط في القانون الدولي الخاص - القاهرة : 1974، ص369.

 7- الجزء الخامس فقرة 1384 ص10 . القانون الدولي الخاص ،    Niboyet . .

8 - راجع في هذا Batiffol 1959 ص 621 .

Lobjet Proppe De La volonte Des Parties Est I.A Localisation de contrat Non Le Choix De La Loi

9- العقود التي لا تتم الا بالقبض وفقا للقانون الاردني هي القرض مادة 137 مدني ، الهبة مادة 558 مدني الإعارة مادة 761 مدني الوديعة مادة 870 مدني والعقود العينية التي لا تتم الا بالقبض في القانون العراقي هي هبة المنقول والوديعة والعارية ورهن الحيازة ، راجع في هذا دكتور حسن دنون - اصول الالتزام - مطبعة المعارف ، بغداد : 1970، ص26. دكتور عبد المجيد الحكيم - نظرية العقد شركة الطبع والنشر الاهلية ، 1967، ص90.

10- دكتور منصور مصطفى منصور - مذكرات القانون الدولي الخاص 1956 - 1957، ص309.

11- كانت المخالفة في قرار محكمة التمييز رقم 67 لسنة 1988 على صواب باعترافها لأطراف العلاقة القانونية باختيار القانون الذي يحكم علاقتهم التعاقدية مخالفة في ذلك رأي الأكثرية التي ذهبت إلى أنه لا يجوز للأطراف اختيار قانون الا في حالة اختلاف موطن المتعاقدين - نقابة المحامين العددين الخامس والسادس سنة 1990 ص 1080.

12- المادة (20) قانون مدني عراقي المادة (19) مدني مصري المادة (20) مدني سوري المادة (59) قانون تنظيم العلاقات الأجنبية الكويتي .

13- قرار تمييز حقوق 697/ 1982 حيث أن الفريقين قد اتفقا في عقد الشحن على تطبيق

نصوص اتفاقية بروكسل لعام 1924 التي حددت المبلغ الواجب ضمانه عن كل طرد او وحدة من البضائع فان هذا الاتفاق يعد نافذة بحق المتعاقدين وملزمة لهما على اعتبار انه يشكل جزءا من شروط العقد، مجلة نقابة المحامين سنة 31 ص 237 .

14- 15 - تمیز حقوق رقم 539 /1983  مجلة نقابة المحامين السنة 31 عدد العاشر والحادي عشر والثاني عشر صفحة 1505 .

16-  محكمة استئناف عمان رقم 359 تاريخ 21/4/1986 . وابدت محكمة التميز في قرارها رقم 470 لسنة 986 اتجاه محكمة الاستئناف هذا ولكنها اسندت ذلك لعدم وجود عرف دولي بتطبيق قانون اجنبي في هذه الحالة ، نقابة المحامين السنة 37 عدد 10 ص2019. وفي اعتقادنا لا داعي للبحث عن العرف بوجود النص . ونص المادة 20 مدني صريح بهذا الشأن .

17- للتفضيل راجع دكتور عبد المجيد الحكيم - نظرية العقد - ص 161 ، بغداد : 1967 ، دكتور حسن ذنون - اصول الالتزام - مطبعة المعارف، 1970، ص68 ، دكتور غني حسون طه - الوجيز في النظرية العامة للالتزام - بغداد 1971، ص 122.  

18- ينتهي العقد بسبب طبيعي هو تنفيذ العقد وقد ينتهي بسبب قانوني كالفسخ والابراء .

19 - دكتور محمد كمال فهمي - اصول القانون الدولي الخاص - 1955 ، ص 460.

20- دكتور عز الدين عبد الله - القانون الدولي الخاص - الجزء الثاني ، 1972 ، ص 465 ، دكتور منصور مصطفى منصور ، ص 315.  

21- راجع الدكتور عبد المجيد الحكيم - الكافي في شرح القانون المدني والأردني .

22- راجع تفصيل ذلك الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض والدكتورة سامية راشد ، القانون الدولي الخاص ، من الجزء الثاني ص 377 و الدكتور هشام منير صادق - تنازع القوانين – سنة 1974 ، ص 668.

 

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .