أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-18
1243
التاريخ: 2023-02-08
1224
التاريخ: 12-1-2023
1166
التاريخ: 11/12/2022
1358
|
تختلف تعاريف العلماء لهذه النزعة، بحيث ينظر إليها كل منهم من وجهة نظره الفلسفية. ففي حين يراها (أدلر)، بأنها التعبير عن إرادة القوة فإن (فرويد)، يراها سلوكاً واعياً ناتجاً عن غريزة الموت، وقد افترض فرويد وجود هذه الغريزية، وجعلها مسؤولة عن الحرب والتدمير بالإضافة إلى السلوك العدواني(*)، (أما ـ فيليب هاريمان ـ فيشير إلى أن السلوك العدواني هو سلوك تعويضي عن الاحباط المستمر، وهو السلوك الذي يقصد به إيذاء شخص آخر أو جرحه بما يتناسب مع كثافة الإحباط ،إذ كلما زاد إحباط الفرد كلما زاد عدوانه، أما ـ هلجارد ـ فيرى أن العدوان نشاط هدام، ويقوم به الفرد لإلحاق الأذى بالآخرين، سواء بطريق الاستهزاء والسخرية والهجاء أو بإحداث الأذى والألم الجسدي، أما ـ أنطوني ستور ـ فيرى بأن الإنسان هو أكثر الأجناس تدميراً لبني جنسه وأكثرها حباً واستمتاعاً بممارسة القوة مع بني جنسه)(1)، وما مظاهر العنف والوحشية التي نسمع ونقرأ عنها سوى الدليل الثابت على ذلك.
والعدوانية على عدة أنواع: فهناك العدوان المباشرة الذي يوجه إلى الشخص الذي سبب لنا الإحباط، وهناك العدوان المزاح أو المستبدل، وفيه يوجه العدوان إلى شخص آخر، هو غير الشخص الذي سبب لنا الأذى أو الفشل، وخاصة إذا كان الشخص الأساسي زكياً. فالموظف الذي لا يستطيع التعبير عن غيظه في وجه رئيسه لأسباب وظيفية وقانونية، فإنه يكبت هذا الغيظ حتى إذا ما أساءه ابنه أو زوجته، أفرغ ذلك الغضب على طريقه (فش الخلق) أو (كبش الفداء).
وقد يكون العداء صريحاً أو خفياً أو مقنعاً، فقد يستخدم منهجاً لتصريف الانفعال لإيجاد منفذ أو مخرج للعداوة المكبوتة ولإزالة السلبية.
وغالباً ما تطرح التساؤلات عند إثارة هذا الموضوع وهي: هل الإنسان خير أم شرير؟، وهذا مبحث قديم، للدين رأي جوهري فيه، وللعلماء آراؤهم والأقرب إلى الحقيقة هو أن الإنسان يولد ولديه النزعات الخيرة والشريرة، كما في منطوق الآية الكريمة: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[الشمس: 7 - 10]، ولكن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والأسرية تلعب دوراً في تشكيل الواحدة منها على حساب الأخرى. والإنسان ليس خيراً صرفاً، ولا شريراً صرفاً، ومن أجل ذلك يعود (ستور) ليرى أن تعريف العدوان هو عملية صعبة.
وكلمة عدوان تتخذ معان كثيرة، ومن أجل ذلك فإن تعريفها يعتبر أمراً صعباً. ولا يوجد حد فاصل في استعمال (لفظة) العدوان في مواقع مختلفة. فالعدوان عمل بطولي إذا تمثل بقتال لمصلحة الوطن وصد الأعداء، وهو مذموم ومستنكر، إذ توجه نحو قتل الأبرياء، والعدوان على السلطة تخريب وإجرام في نظر المسؤولين المعتدى عليهم على رأس هذه السلطة، وهو عمل رائع وتحريري في نظر الشعب الذي يتوق إلى إزالة السلطة الحاكمة والخلاص منها.
وهكذا ترتدي اللفظة رداء المفاهيم السياسية والأيديولوجية التي تكتنفها والتي تسود المناطق التي تحدث فيها.
ويلاحظ (ستور)، أننا حتى في كتاباتنا نشير بطريقة لا شعورية إلى بعض معاني العدوانية، ونستخدم كثيراً من الفاظها، فنحن نقول مثلاً: (نحن نهاجم المشكلة، أو نعمل أنيابنا فيها، أو نناضل للتغلب على الصعوبات، ونذلل الصعوبات، وتقهرها)، وهذه ألفاظ تدل جميعها على خلفية عدوانية.
والعدوانية تكتسب حسب رأي ستور هنا بعداً فلسفياً جديداً، اذ لم تعد للحماية من الهجوم الخارجي، بل لكل الإنجازات العقلية والحصول على الاستقلال وقصص التاريخ حافلة بهذه المعاني، وهذا مصدر عزة وافتخار لا يمكن تجاهله أو إهماله.
والحقيقة فإن نفس النزعة التي مكنت الانسان من قهر مصاعب الحياة، والتغلب على عوامل الطبيعة، والوصول بالمجتمعات إلى هذه الحالة الحضارية الراقية، ستكون هي نفسها، وبعد اكتشاف الأسلحة النووية مصدر خراب الكون وفنائه.
ومن هنا فإن مسألة العدوانية كمفهوم خرجت من حيز المعامل النفسية، حيث يقوم علماء النفس بتحديدها وتشريحها، متقصين جذورها النفسية والتربوية والاجتماعية، فقد خرجت هذه اللفظة إلى الميدان الواسع والشامل، حيث باتت تنطوي على مضامين اجتماعية وسياسية متنوعة ومتفرعة ومتغيرة بشكل دائم، ولم يعد بالإمكان فصل انفعال العدوان عن الحياة الواقعية اليومية.
وبعض العلماء أصبح ينظر إلى العدوانية كضرورة نفسية لا بد منها حتى، (الطفل السوي فهو في حاجة إلى أن يظهر بعض مظاهر العدوان تجاه الكبار والصغار، والطفل الذي لم يتشاجر في حياته مع أحد، فلابد وأنه عاجز عن إقامة علاقات واتصالات مع غيره)(2)، وبعض ما نفسره بالعدوانية في سلوك الأطفال، قد لا يكون كذلك. فما نطلق عليه عملية التخريب المتمثلة بتحطيم الطفل للعبته، فهذا ليس تخريباً، إنه يحطمها حتى يعلم ما بداخلها أو ماذا يحركها، أو مما صنعت؟، ويريد أن يقوم بتجربة بدائية على طريقته - بدافع الفضول العلمي الفطري لمعرفة حقيقتها، وعلينا أن نؤمن نحن المربين للطفل المجالات للاكتشاف وإشباع الفضول العلمي هذا بطريقة تربوية منظمة، وخلق أجواء النشاطات الكافية لامتصاص طاقته الحركية، واحتواء المظاهر العدوانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) انظر (فرويد)، تأليف ادغار بيتش، ترجمة تيسير شيخ الأرض.
1ـ د. عبد الرحمن العيسوي، الإرشاد النفسي، ص359.
2ـ المصدر السابق، ص51.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
أكاديميون: نظام مسار بولونيا يسهم في تحسين جودة التعليم بالجامعات العراقية
|
|
|