حينما توظف 14 دولة صناعية متقدمة مبلغ 5.5 مليار دولار سنة 2003 للنانو تكنلوجي، وحينما تراهن مؤسسة العلوم القومية الامريكية على ان يتطور سوق المنتجات النانوية ليبلغ تريليون دولار بحلول عام 2015 فيما ينوي الاتحاد الاوربي استثمار مبلغ مليار يورو خلال اربع سنوات، وحينما يتم اقناع الرئيس الامريكي الاسبق كلينتون بتقديم مبلغ 495 مليون دولار لتمويل الابحاث في اطار ما عرف باسم مبادرة النانوتكنلوجي القومية كما قدمت الادارة الجمهورية للرئيس بوش مبالغ مماثلة، وحينما تعتبر الحكومة اليابانية الآلات النانوية حجر الزاوية في تكنلوجيا القرن الواحد والعشرين وتتولى وزارة الصناعة والتجارة الدولية عندهم تمويل تلك البحوث بسخاء وتتعاون مع كثير من الشركات والاعمال الخاصة التي يهمها تطوير تلك التكنلوجيا لعائدها الاقتصادي الضخم، وحينما توجد في الولايات المتحدة الامريكية ما لا يقل عن احدى عشرة ادارة حكومية او هيئة بحثية تتولى تمويل بحوث نانو تكنلوجيا الجزيئات وتشمل مراكز الصحة القومية وهيئة بحوث الفضاء وادارات الطاقة والدفاع مما يشير الى طبيعة هـذه البحوث المتعددة الجوانب والابعاد الحياتية للفرد والمجتمع، وحينما يتحدث علمـاء حازوا عـلـى جـوائز نوبل للفيزياء والكيمياء عن ان هذه التقنيات وهذا العلم سيكون على الأقل المكافئ في تأثيره للإلكترونيات الدقيقة والتصوير الطبي بمساعدة الحاسوب.

واخيرا وليس آخرا حينما تعمل شركات الكمبيوتر العملاقة المهتمة بالبحث العلمي مثل هيوليد باكارد وأي بي أم وثري أم لتخصيص ما يصل الى ثلث المبالغ المخصصة للبحوث العلمية على التقنية النانوية، بل وآخـر مـا يقال هو ان يدفع النانوتكنلوجيا أنها ستقود الى زوال مسار الكمبيوتر الشخصي حيث ترى هذه التكنلوجية انه يجب أن يصغر كل شيء بشكل مستمر الى ان يصبح متناهي الصغر وعندها يمكن ادراج الكمبيوتر في نسيج الاشياء كلها ليذوب فيها حيث يمكن تخيل - كما يقول احد الباحثين -عالم يصبح فيه الكمبيوتر مكونا آخر من مكونات الاشياء إذ يصبح وجوده بديهيا الى الحد الذي لا يعود ملحوظا، يذوب الكمبيوتر حينها في النظارة والسيارة وعلب المأكولات وألواح الخشب وغيرها. عند هذا وحينما يقع كل هذا فلابد ان نفكر ان حضارة العالم المعاصر ستلبس ثوبا جديدا عبر النانوتكنلوجيا سواء في الجانب التقني او الصحي او العسكري...الخ فإذا اضفنا لهذا الامكانات المستقبلية المنظورة لتطورات هذا العلم فإننا ولا شك سنقف امام ثورة جديدة في الحضارة المعاصرة تتجاوز كل ما عرفنا سابقا من معطيات وعلى كافة المستويات.

 هل من المعقول ان تقفز تكنلوجيا النانو على تكنلوجيا الكمبيوتر الشخصي الذي ما زال مسيطرا منذ ربع قرن على حياة الناس ومعلوماتهم وصحتهم واسواقهم وكل ما يتعلق بهم؟ ان غيتس المؤسس الاسطوري لشركة مايكروسوفت يتوقع ان هناك مسارات لزوال الحاسوب حيث يرى في الروبوت افق تطور الكمبيوتر الشخصي ويعتقد غيتس ان الحاسوب الشخصي يسير صوب الخفوت ولم يبق منه سوى مرور الضوء فوق لوحات الاسهم المالية التي تعلن يوميا المأزق الرقمي العميق.

ان الاندماج الذي يحصل اليوم بين الكمبيوتر والاتصال بالأنترنت عبر الهواتف الخلوية بجيلها الثالث 3ج حيث تتجه الامور بسرعة نحو اداة موحدة يحملها كل فرد وتكفيه شؤون اتصالاته مع العالم صوتا وصورة وتنهض بالاحتياجات المكتبية من وثائق وملفات وجداول حساب ومجسمات صور اضافة الى ربط تلك الامور كلها بشبكات رقمية محلية وعالمية وربما عبر الاقمار الصناعية، كل ذلك اضافة الى الصورة التي تتحدث عن ان الحاسب الخارق الموجود اليوم في مراكز الابحاث والتطوير او في الجامعات الكبيرة سيكون مجرد ساعة يد في المستقبل القريب. والمباني والآلات ستستطيع ارسال اشارات لاسلكية عندما تحتاج الى صيانة او قد تصلح نفسها، أما ثيابنا ستأخذ بيانات عن صحتنا وستنظف نفسها من الاوساخ والروائح دون أي مساعدة وستقوم بتدفئة وتبريد الجسم حسب درجة الحرارة الخارجية وسيمكن صناعة غرف عمليات كاملة في كبسولة - عبوة - صغيرة يتم وضعها داخل جسم المريض لتقوم بتنفيذ برنامج العملية الذي برمجه الطبيب فيها حسب حالة المريض.

كل هذا ستحققه النانوتكنلوجيا، حيث انه ستغير حياتنا عشرات الألوف من المرات التي استطاع فيها الانسان تغيير حياته منذ بدء الزمان وحتى يومنا هذا، وسيصبح محتوى أكثر افلام الخيال العلمي خصوبة مجرد تخيلات بسيطة لطفل صغير. حينما يحصل كل هذا بموجب بعض هذه المعطيات لتكون هناك ثورة جديدة لا يقاس عليها شيء. ان مجالات تطبيق التكنلوجيا النانوية في المنظور القريب ستصب في:

• صنع حواسيب خارقة الاداء وصغيرة الحجم
• حفظ المخطوطات من التلف
• في الهندسة الميكانيكية
• مقاومة الصدأ والتآكل والاحتكاك
• تخزين المعلومات في رقائق بحجم الطابع البريدي
• زيادة كفاءة استهلاك الطاقة
• تنظيف البيئة عن طريق الرقيقات
• زيادة الانتاج الصناعي
• التصوير الطبي
• روبوتات تغرس في الجسم للتعرف على الخلايا المريضة وترميمها ومعالجة الأورام
•  النانوبيوتيك كدليل عن المضادات الحيوية
• صناعة بدلة عسكرية حقيقية تقاوم الحرارة والبرودة
• روبوتات نانوية ورقيقات تحقن في الدماء او تبتلع او تغرس في الدماغ او تحت الجلد
• حفظ القماش
• صنع سفن فضائية في حجم الذرة
• القائمة تطول ونطول وكل مجالات الحياة قابلة لأن تطالها النانوتكنلوجي بدءا بالخلايا مرورا بجسم الانسان ومحيطه وصولا الى عالم الفضاء.
• والاكثر من ذلك فإنه سيكون لكل معضلة اجتماعية او اقتصادية او نفسية او صحية حلول نانوتكنلوجية، وستساهم في دعـم الطـب الاستباقي وسيصبح بالإمكان التكهن بأفكار الناس ونواياهم
• وسوف يستغني الانسان عن فكره وعواطفه ويصبح الانسان العصبي، وستتمكن النانوتكنلوجية من توجيه المستهلك واغرائه ببعض البضائع ويسمى ذلك الاشهار العصبي، كما يمكـن خلـق وسائط كشف الكذب ومراقبة تصرفات البشر في ميدان العمل وخارجه والكشف عن ميولهم الشخصية والسياسية.

ان امكانيات النانو تكنلوجية طموحة جدا على المستوى المنظور فكيف هي على المستوى البعيد؟ يعد فاو فينمان أول من تحدث عن الآلات الصغيرة جدا وإمكانياتها. كل هذا كان في ظل النانوتكنلوجي فما هو المدى الذي يمكن أن تصل اليه عملية الاستفادة بين النانوتكنلوجي والكمبيوتر ضمن التصورات القريبة والمتوسطة والبعيدة؟ وكيف ستصاغ عمليات المزاوجة هذه؟