المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 5755 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


شرح مقدّمة الصحيفة السجّاديّة.  
  
808   11:00 صباحاً   التاريخ: 2023-10-04
المؤلف : السيّد محمد باقر الداماد.
الكتاب أو المصدر : شرح الصحيفة السجّاديّة الكاملة.
الجزء والصفحة : ص 43 ـ 71.
القسم : الاخلاق و الادعية / أدعية وأذكار /

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

حَدَّثَنَا السَيِّدُ الْأَجَلُّ (1) نَجْمُ الدّينِ، بَهاءُ الشَّرَفِ، اَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ اَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَرِ بْنِ يَحْيَى الَعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: قالَ اَخْبَرَنَا الشَّيْخُ السَّعيدُ، اَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بْنُ اَحْمَدَ بْنِ شَهْرِيارِ (2) اَلْخازِنُ لِخِزانَةِ مَوْلانا اَميرِ الْمُؤمِنينَ عَلِيِّ بْنِ اَبي طالِبٍ عليه السلام في شَهْرِ رَبيعِ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ عَشَرَةَ وَخَمْسَ مِائَةٍ قراءةً عَلَيْهِ، وَاَنَا اَسْمَعُ. قالَ سَمِعْتُها (3) عَلَى الشَّيْخِ الصَّدُوقِ اَبي مَنْصُور، مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزيزِ الْعُكْبَرِيِّ (4) الْمُعَدَّلِ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ اَبِي الْمُفَضَّلِ، (5) مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبانِيِّ، قالَ: حَدَّثَنَا الشَّريفُ اَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَطَّابٍ الزَّيَّاتُ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَعْلَمُ (6) قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ الثَّقَفِيُّ الْبَلْخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ مُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ (7) قَالَ: لَقِيتُ يَحْيَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خُرَاسَانَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ قُلْتُ مِنَ الْحَجِّ. فَسَأَلَنِي عَنْ أَهْلِهِ وَبَنِي عَمِّهِ بِالْمَدِينَةِ، وَأَحْفَى السُّؤَالَ (8) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأخْبَرْتُهُ بِخَبَرِهِ وَخَبَرِهِمْ وَحُزْنِهِمْ عَلَى أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لِي: قَدْ كَانَ عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشَارَ عَلَى أَبِي بِتَرْكِ الْخُرُوجِ وَعَرَّفَهُ إِنْ هُوَ خَرَجَ وَفَارَقَ الْمَدِينَةَ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مَصيرُ أَمْرِهِ فَهَلْ لَقِيتَ ابْنَ عَمِّي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: بِمَ ذَكَرَنِي؟ خَبِّرْنِي. قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ (9) مَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَقْبِلَكَ بِمَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَقَالَ: أَبِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِي؟! هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ. فَقُلْتُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّكَ تُقْتَلُ وَتُصْلَبُ كَمَا قُتِلَ أَبُوكَ وَصُلِبَ. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ: {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ} (10) يَا مُتَوَكِّلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَيَّدَ هَذَا الْأَمْرَ بِنَا (11) وَجَعَلَ لَنَا الْعِلْمَ وَالسَّيْفَ، فَجُمِعَا لَنَا وَخُصَّ بَنُو عَمِّنَا بِالْعِلْمِ وَحْدَهُ. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاءَكَ إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْيَلَ مِنْهُمْ إِلَيْكَ وَإِلَى أَبِيكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ عَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَراً عَلَيْهِمَا السَّلَامُ دَعَوَا النَّاسَ إِلَى الْحَياةِ وَنَحْنُ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى الْمَوْتِ. فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَهُمْ أَعْلَمُ أَمْ أَنْتُمْ؟ فَأَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ مَلِيّاً (12) ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: كُلُّنَا لَهُ عِلْمٌ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ كُلَّمَا نَعْلَمُ، وَلا نَعْلَمُ كُلَّمَا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَكَتَبْتَ مِنِ ابْنِ عَمِّي (13) شَيْئاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: أَرِنِيهِ. فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ وُجُوهاً مِنَ الْعِلْمِ وَأَخْرَجْتُ لَهُ دُعَاءً (14) أَمْلَاهُ عَلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَمْلَاهُ عَلَيْهِ (15) وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مِنْ دُعَاءِ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنْ دُعَاءِ الصَّحِيفَةِ الْكَامِلَةِ، فَنَظَرَ فِيهِ يَحْيَى حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ وَقَالَ لِي أَتَأْذَنُ فِي نَسْخِهِ؟ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَتَسْتَأْذِنُ فِيمَا هُوَ عَنْكُمْ؟ فَقَالَ: أَمَا لَأُخْرِجَنَّ إِلَيْكَ صَحِيفَةً مِنَ الدُّعَاءِ الْكَامِلِ (16) مِمَّا حَفِظَهُ أَبِي عَنْ أَبِيهِ وَإِنَّ أَبِي أَوْصَانِي (17) بِصَوْنِهَا وَمَنْعِهَا غَيْرَ أَهْلِهَا. قَالَ عُمَيْرٌ: قَالَ أَبِي: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي لَأَدِينُ اللَّهَ بِحُبِّكُمْ (18) وَطَاعَتِكُمْ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْعِدَنِي فِي حَيَاتِي وَمَمَاتِي بِوَلَايَتِكُمْ (19) فَرَمَى صَحِيفَتِيَ الَّتِي دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ إِلَى غُلَامٍ كَانَ مَعَهُ وَقَالَ: اكْتُبْ هَذَا الدُّعَاءَ بِخَطٍّ بَيِّنٍ حَسَنٍ وَاعْرِضْهُ عَلَيَّ لَعَلِّي أَحْفَظُهُ، فَإِنِّي كُنْتُ أَطْلُبُهُ مِنْ جَعْفَرٍ حَفِظَهُ اللَّهُ فَيَمْنَعُنِيهِ. قَالَ مُتَوَكِّلٌ: فَنَدِمْتُ عَلَى مَا فَعَلْتُ وَلَمْ أَدْرِ مَا أَصْنَعُ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ أَلَّا أَدْفَعَهُ إِلَى أَحَدٍ ثُمَّ دَعَا بِعَيْبَةٍ (20) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا صَحِيفَةً مُقْفَلَةً مَخْتُومَةً فَنَظَرَ إِلَى الْخَاتَمِ وَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ فَضَّهُ وَفَتَحَ الْقُفْلَ ثُمَّ نَشَرَ الصَّحِيفَةَ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ يَا مُتَوَكِّلُ لَوْلَا مَا ذَكَرْتَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَمِّي إِنَّنِي أُقْتَلُ وَأُصْلَبُ لَمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَلَكُنْتُ بِهَا ضَنِيناً، وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ حَقٌّ أَخَذَهُ عَنْ آبَائِهِ وَأَنَّهُ سَيَصِحُّ، فَخِفْتُ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ هَذَا الْعِلْمِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَيَكْتُمُوهُ وَيَدَّخِرُوهُ (21) فِي خَزَائِنِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ (22) فَاقْبِضْهَا وَاكْفِنِيهَا وَتَرَبَّصْ بِهَا فَإِذَا قَضَى اللَّهُ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَا هُوَ قَاضٍ فَهِيَ أَمَانَةٌ لِي عِنْدَكَ حَتَّى تُوصِلَهَا إِلَى ابْنَيْ عَمِّي: مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَإِنَّهُمَا الْقَائِمَانِ فِي هَذَا الْأَمْرِ بَعْدِي (23).

قَالَ الْمُتَوَكِّلُ: فَقَبَضْتُ الصَّحِيفَةَ فَلَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ صِرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى، فَبَكَى وَاشْتَدَّ وَجْدُهُ بِهِ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَمِّي وَأَلْحَقَهُ بِآبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ وَاللَّهِ يَا مُتَوَكِّلُ مَا مَنَعَنِي مِنْ دَفْعِ الدُّعَاءِ إِلَيْهِ إِلَّا الَّذِي خَافَهُ عَلَى صَحِيفَةِ أَبِيهِ وَأَيْنَ الصَّحِيفَةُ؟ فَقُلْتُ: هَا هِيَ فَفَتَحَهَا وَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ خَطُّ عَمِّي زَيْدٍ، وَدُعَاءُ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ لِابْنِهِ: قُمْ يَا إِسْمَاعِيلُ فَأْتِنِي بِالدُّعَاءِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِحِفْظِهِ وَصَوْنِهِ. فَقَامَ إِسْمَاعِيلُ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً كَأَنَّهَا الصَّحِيفَةُ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيَّ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ، فَقَبَّلَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ وَقَالَ: هَذَا خَطُّ أَبِي وَإِمْلَاءُ جَدِّي عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِمَشْهَدٍ مِنِّي. فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ أَعْرِضَهَا مَعَ صَحِيفَةِ زَيْدٍ وَيَحْيَى؟ فَأَذِنَ لِي فِي ذَلِكَ وَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُكَ لِذَلِكَ أَهْلًا فَنَظَرْتُ وَإِذَا هُمَا أَمْرٌ وَاحِدٌ وَلَمْ أَجِدْ حَرْفاً مِنْها يُخَالِفُ مَا فِي الصَّحِيفَةِ الْأُخْرَى. ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي دَفْعِ الصَّحِيفَةِ إِلَى ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها} نَعَمْ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا نَهَضْتُ لِلِقَائِهِمَا، قَالَ لِي مَكَانَكَ: ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ فَجَاءَا فَقَالَ هَذَا مِيرَاثُ ابْنِ عَمِّكُمَا يَحْيَى مِنْ أَبِيهِ، قَدْ خَصَّكُمْا بِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ وَنَحْنُ مُشْتَرِطُونَ عَلَيْكُمَا فِيهِ شَرْطاً، فَقَالَا: رَحِمَكَ اللَّهُ قُلْ فَقَوْلُكَ الْمَقْبُولُ. فَقَالَ: لا تَخْرُجَا بِهَذِهِ الصَّحِيفَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَا: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ ابْنَ عَمِّكُمَا خَافَ عَلَيْهَا أَمْراً أَخَافُهُ أَنَا عَلَيْكُمَا. قَالَا إِنَّمَا خَافَ عَلَيْهَا حِينَ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنْتُمَا فَلَا تَأْمَنا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمَا سَتَخْرُجَانِ كَمَا خَرَجَ وَسَتُقْتَلَانِ كَمَا قُتِلَ. فَقَامَا وَهُمَا يَقُولَانِ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُتَوَكِّلُ كَيْفَ قَالَ لَكَ يَحْيَى إِنَّ عَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَراً دَعَوَا النَّاسَ إِلَى الْحَيَاةِ وَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى الْمَوْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَدْ قَالَ لِيَ ابْنُ عَمِّكَ يَحْيَى ذَلِكَ. فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ يَحْيَى إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَخَذَتْهُ نَعْسَةٌ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ رِجَالًا يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ يَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَى أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَى (24) فَاسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ جَالِساً وَالْحُزْنُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً} يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ (25) قَالَ: يَا جِبْرِيلُ أَعَلَى عَهْدِي يَكُونُونَ وَفِي زَمَنِي؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ (26) مِنْ مُهَاجَرِكَ (27) فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ عَشْراً، ثُمَّ تَدُورُ رَحَى الْإِسْلامِ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ مُهَاجَرِكَ فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ خَمْساً ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ رَحَى ضَلَالَةٍ هِيَ قَائِمَةٌ عَلَى قُطْبِهَا ثُمَّ مُلْكُ الْفَرَاعِنَةِ قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ..} تَمْلِكُهَا بَنُو أُمَيَّةَ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ: فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ تَمْلِكُ سُلْطَانَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمُلْكَهَا طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَلَوْ طَاوَلَتْهُمُ الْجِبَالُ لَطَالُوا عَلَيْهَا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ تَعَالَى بِزَوَالِ مُلْكِهِمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَسْتَشْعِرُونَ عَدَاوَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَبُغْضَنَا أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِمَا يَلْقَى أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلُ مَوَدَّتِهِمْ وَشِيعَتُهُمْ مِنْهُمْ فِي أَيَّامِهِمْ وَمُلْكِهِمْ قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ} وَنِعْمَةُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، حُبُّهُمْ إِيمَانٌ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ يُدْخِلُ النَّارَ. فَأَسَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا خَرَجَ وَلَا يَخْرُجُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلَى قِيَامِ قَائِمِنَا أَحَدٌ لِيَدْفَعَ ظُلْماً أَوْ يَنْعَشَ حَقّاً إلَّا اصْطَلَمَتْهُ الْبَلِيَّةُ وَكَانَ قِيَامُهُ زِيَادَةً فِي مَكْرُوهِنَا وَشِيعَتِنَا. قَالَ الْمُتَوَكِّلُ بْنُ هَارُونَ ثُمَّ أَمْلَى عَلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَدْعِيَةَ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ بَاباً سَقَطَ عَنِّي مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ بَاباً وَحَفِظْتُ مِنْهَا نَيِّفاً (28) وَسِتِّينَ بَاباً. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ رُوزْبِهَ (29) أَبُو بَكْرٍ الْمَدَائِنِيُّ الْكَاتِبُ نَزِيلُ الرَّحْبَةِ (30) فِي دَارِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمُطَهَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُمَيْرِ بْنِ مُتَوَكِّلٍ الْبَلْخِيِّ عَنْ أَبِيهِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: لَقِيتُ يَحْيَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَى رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَهَّرِيِّ ذِكْرُ الْأَبْوَابِ وَهِيَ:

التَّحْمِيدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ

الصَّلَاةُ عَلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ

الصَّلَاةُ عَلَى مُصَدِّقِي الرُّسُلِ

دُعَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَخَاصَّتِهِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ

دُعَاؤُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاشْتِيَاقِ

دُعَاؤُهُ فِي اللَّجَأ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

دُعَاؤُهُ بِخَوَاتِمِ الْخَيْرِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاعْتِرَافِ

دُعَاؤُهُ فِي طَلَبِ الْحَوَائِجِ

دُعَاؤُهُ فِي الظُّلَامَاتِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ الْمَرَضِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِقَالَةِ

دُعَاؤُهُ عَلَى الشَّيْطَانِ

دُعَاؤُهُ فِي الْمَحْذُورَاتِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

دُعَاؤُهُ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ

دُعَاؤُهُ إِذَا أحَزَنَهُ أَمْرٌ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ الشِّدَّةِ

دُعَاؤُهُ بِالْعَافِيَةِ

دُعَاؤُهُ لِأَبَوَيْهِ

دُعَاؤُهُ لِوُلْدِهِ

دُعَاؤُهُ لِجِيرَانِهِ وَأَوْلِيَائِهِ

دُعَاؤُهُ لِأَهْلِ الثُّغُورِ

دُعَاؤُهُ فِي التَّفَزُّعِ

دُعَاؤُهُ إِذَا قُتِّرَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ

دُعَاؤُهُ فِي الْمَعُونَةِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ

دُعَاؤُهُ بِالتَّوْبَةِ

دُعَاؤُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِخَارَةِ

دُعَاؤُهُ إِذَا ابْتُلِيَ أَوْ رَأَى مُبْتَلًى بِفَضِيحَةٍ بِذَنْبٍ

دُعَاؤُهُ فِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ سَمَاعِ الرَّعْدِ

دُعَاؤُهُ فِي الشُّكْرِ

دُعَاؤُهُ فِي الِاعْتِذَارِ

دُعَاؤُهُ فِي طَلَبِ الْعَفْوِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْتِ

دُعَاؤُهُ فِي طَلَبِ السَّتْرِ وَالْوِقَايَةِ

دُعَاؤُهُ عِنْدَ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ

دُعَاؤُهُ إِذَا نَظَرَ إِلَى الْهِلَالِ

دُعَاؤُهُ لِدُخُوْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

دُعَاؤُهُ لِوَدَاعِ شَهْرِ رَمَضَانَ

دُعَاؤُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ وَالْجُمُعَةِ

دُعَاؤُهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ

دُعَاؤُهُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى وَالْجُمُعَةِ

دُعَاؤُهُ فِي دَفْعِ كَيْدِ الْأَعْدَاءِ

دُعَاؤُهُ فِي الرَّهْبَةِ

دُعَاؤُهُ فِي التَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ

دُعَاؤُهُ فِي الْإِلْحَاحِ

دُعَاؤُهُ فِي التَّذَلُّلِ

دُعَاؤُهُ فِي اسْتِكْشَافِ الْهُمُومِ

وَبَاقِي الْأَبْوَابِ بِلَفْظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَطَّابٍ الزَّيَّاتُ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَعْلَمُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ الثَّقَفِيُّ الْبَلْخِيُّ عَنْ أَبِيهِ مُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ سَيِّدِي الصَّادِقُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَمْلَى جَدِّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى أَبِي، مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ السَّلَامُ بِمَشْهَدٍ مِنِّي.

 

الشرح:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

الحمد لله الذي جعل لوح الأمر والخلق صحيفة لكتبه وكلماته، ورقيماً لسوره وآياته، بمداد قضائه وقدره، وقلم إبداعه وتكوينه. وعلى العترة الصفوة الطاهرة، والحامّة الروقة الناخلة، الاثني عشر الخلّص البررة، المقرّبين المكرّمين، الأوصياء الصدّيقين، والأصفياء السبّيقين، والاُمناء المعصومين، والخلفاء المفطومين، خزنة سرّ الله، وحملة كتاب الله، وأعمدة دين الله، وحفظة حدود الله، ونصيبة خاصّة الله، وبقيّة خيرة الله، وتريكة رسول الله صلّى الله عليه وعليهم وسلّم، أوجس أبد الآبدين، وسجيس دهر الداهرين.

 وبعد: فأفقر الخلق إلى غنيّ الأغنياء، عبده الضئيل (1) الذليل، محمّد بن محمّد، يدعى باقر بن داماد الحسيني، ختم له في نشأتيه بالحسنى، يقول: إنّ في إنجيل أهل البيت، وزبور آل محمّد عليهم السلام، رموزاً سماويّة وألفاظاً إلهيّة، وأساليب وحيانيّة، وأفانين فرقانيّة.

وإنّي بفضل الله العظيم، قد تلوت على أسماع الأسلّاء المعنويّة، وألقيت على أرواع الأخلّاء الروعانيّة، أضعاف القراءة عليّ، والسماع من فيّ، والرواية عنّي والأخذ من لدنّي، تارات تترى، ومرّات شتّى، قسطاً وفيراً، وطسقاً غريزاً، وفوغاً (2) فائحاً، وشطراً صالحاً، ممّا اُوتيته من الخبر بمسالكها ومبانيها، والعلم بحقائقها ومعانيها، فليكن المصيخون (3) بحقائق ما يقرع أسماعهم واعين (4) ولحقوقها راعين (5) قال: من روّينا عنه، وتحمّل لنا رواية الصحيفة المكرّمة (6) في أشهر الطرق وأعرف الأسانيد.

 

(1) حدّثنا السيّد الأجلّ..

الصحيفة الكريمة السجّاديّة، المسمّاة «انجيل أهل البيت» و«زبور آل الرسول عليهم السلام» متواترة، كما سائر الكتب في نسبتها إلى مصنّفيها، وذكر الأسناد لبيان طريق حمل الرواية، وإجازة تحمّل النقل، وذلك سنن المشايخ في الاجازات.

فنقول: أسانيد طرق المشيخة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ في روايتهم للصحيفة الكاملة المكرّمة متواترة، وتحمّلهم لنقلها مختلفة.

ولفظة «حدّثنا» في هذا الطريق، لعميد الدين وعمود المذهب عميد الرؤساء، من أئمّة علماء الأدب، ومن أفاخم أصحابنا ـ رضي الله تعالى عنهم ـ فهو الذي روى الصحيفة الكريمة، عن السيّد الأجلّ بهاء الشرف (7).

وهذه صورة خطّ شيخنا المحقّق الشهيد ـ قدّس الله تعالى لطيفه ـ على نسخته التي عورضت بنسخة ابن السكون، وعليها ـ أي النسخة التي بخطّ ابن السكون ـ خطّ عميد الدين عميد الرؤساء رحمه الله قراءة قرأها على السيّد الأجلّ، النقيب الأوحد، العالم جلال الدين عماد الإسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد بن ال حسن بن معيّة ـ أدام الله تعالى علوّه ـ قراءة صحيحة مهذّبة، ورويتها له عن السيّد بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد، عن رجاله المسمّين في باطن هذه الورقة، وأبحته روايتها عنّي حسبما وقفته عليه وحدّدته له. وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب بن علي بن أيّوب، في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستّمائة، والحمد لله الرحمن الرحيم، وصلاته وتسليمه على رسوله سيّدنا محمّد المصطفى، وتسليمه على آله الغرّ اللهاميم (8)، إلى هنا حكاية خطّ الشهيد رحمة الله تعالى.

فأمّا النسخة التي بخطّ علي بن السكون رحمه الله، فطريق الاسناد فيها على هذه الصورة: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمّد بن إسماعيل بن أشباس البزّاز، قراءة عليه فأقرّ به (9)، قال: أخبرنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، إلى آخر ما في الكتاب. وهناك نسخة اُخرى طريقها على هذه الصورة: حدّثنا الشيخ الأجلّ السيّد الإمام السعيد أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي إلى ساقة الأسناد المكتوب في هذه النسخة على الهامش.

 

 (2) قوله: أخبرنا الشيخ

السعيد أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار.

ذكره الشيخ منتجب الدين موفّق الإسلام أبو الحسن علي بن عبد الله ابن الحسن بن الحسين بن بابويه ـ قدّس الله روحه وأرواح أسلافه ـ في كتابه الفهرست، لذكر من تأخّر عن شيخ الطائفة، ومدحه بالفقه والصلاح (10) ولم يذكر غيره من الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم.

 

(3) قوله: قال: سمعتها

ضمير المفعول المؤنّث للصحيفة، ودعاء الصحيفة المكرّمة السجّاديّة يلقّب بـ«زبور آل محمّد عليهم السلام» ذكر ذلك محمّد بن شهر آشوب ـ رحمه الله تعالى ـ في معالم العلماء (11).

 

(4) قوله: عبد العزيز العكبري

العكبري: بفتح الباء، ممدودة وتقصّر، قرية، والنسبة إليها عكبراوي وعكبري.

 

(5) قوله: عن أبي المفضّل

ذكره العلّامة في الخلاصة في قسم الضعفاء (12).

والشيخ الحسن بن داود في قسمَي الممدوحين والمجروحين من كتابه كليهما، لكنّه ذكر في قسم الموثّقين: محمّد بن عبد الله بن المطلب الشيباني يكنّى أبا المفضّل (13) ولم يردفه بمدح أو جرح، وفي المجروحين: محمّد بن عبد الله بن المطلّب (14) الشيبانيّ يكنّى أبا المفضّل (15) ونقل الأقوال فيه، وليس ذلك لظنّه الاثنينيّة، بل لاختلاف الأصحاب فيه. وذكر الشيخ في الفهرست: أنّه كثير الرواية، حسن الحفظ إلّا أنّه ضعّفه جماعة من أصحابنا (16).

والنجاشي قال في ترجمته: كان سافر في طلب الحديث عمره، أصله كوفيّ، وكان في أوّل أمره ثبتاً ثمّ خلط، ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه (17).

هذا كلام النجاشي، ولكنّه كثيراً ما يذكره في ترجمة غيره ويوقّره، ويقرن ذكره بالرحملة والرضيلة، ويستند إلى إجازاته، ويعتمد على الاسناد عنه، ويعوّل في الجرح والتعديل على أقاويله، وذلك كلّه أمارات التوثيق.

 

(6) قوله: علي بن النعمان الأعلم

الأعلم: المشقوق الشفة العليا، والمرأة علماء، وإذا كان الشقّ في الشفة السفلى فالرجل أفلح، والمرأة فلحاء بالحاء المهملة.

 

(7) قوله: عن أبيه متوكّل

لرئيس الطائفة شيخ شيوخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي ـ نوّر سرّه القدّوسي ـ إليه في روايته أدعية الصحيفة الشريفة، طريقان، ذكرهما في الفهرست:

أوّلهما: جماعة، عن التلعكبري، وهو أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد، من بني شيبان، العظيم المنزلة، العديم النظير الواسع الرواية، راوي جميع الاُصول والمصنّفات عن المعروف بابن أخي طاهر، وهو أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله (18) بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن محمّد بن مطهّر، عن المتوكّل بن عمير بن المتوكّل، عن أبيه عمير بن المتوكّل عن أبيه المتوكّل.

وثانيهما: ابن عبدون، وهو أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزّاز، شيخ شيوخنا، المعروف بـ«ابن عبدون» ويعرف بـ«ابن الحاشر» أيضاً، عن أبي بكر الدوريّ، عن ابن أخي طاهر، عن محمّد بن مطهّر، عن المتوكّل بن عمير بن المتوكّل، عن عمير بن المتوكّل، عن المتوكّل (19).

وفي بعض نسخ الصحيفة الكريمة، طريق الشيخ في روايتها إلى المتوكّل أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري، شيخ الشيوخ، عن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني، عن رجاله المسمّين في كتابه إلى المتوكّل (20).

والنجاشي طريقه إليه بروايته لها، كما ذكره رئيس المحدّثين في جامعه الكافي (21)، وهو وإن طعن (22) فيه ابن الغضائري، لكن المنساق إلى البيان من كلام النجاشي، هو أنّ الأصحاب يضعّفونه لروايته عن المجاهيل والأحاديث (23) المنكرة.

ولذلك استثنى ابن الغضائري أخيراً، فقال: ما تطيب الأنفس من روايته إلّا فيما يرويه من كتب جدّه التي رواها عنه، وعن غيره علي بن أحمد بن علي العقيقي من كتبه المصنّفة المشهورة. وبالجملة لا يعتمد على ما يختصّ بروايته، دون ما تظافرت به الطرق كمقامنا هذا. ثمّ المتوكّل لا نصّ عليه من الأصحاب بالتوثيق إلّا أنّ الشيخ تقي الدين الحسن بن داود، ذكره في قسم الموثّقين من كتابه (24)، ويلوح من ظاهر كلامه أنّ الذي روى دعاء الصحيفة عن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام، هو المتوكّل بن عمير بن المتوكّل، وليس كذلك، بل إنّما يرويه عن أبيه، عن أبيه، عن يحيى بن زيد على ما عرفت. وفي النسخ الواقعة إلينا من الفهرست: المتوكّل بن عمير بن المتوكّل (25) تصغير عمر.

وقد ضبط الشيخ ابن داود «المتوكّل بن عمر بن المتوكّل» مكّبراً، وهو الموجود في كتاب الرجال للنجاشي بخطّ من نثق به، والله سبحانه أعلم.

قال: متوكّل بن عمر بن المتوكّل، روى عن يحيى بن زيد دعاء الصحيفة، أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن ابن أخي طاهر، عن محمّد بن مطهّر، عن أبيه، عن عمر بن المتوكّل، عن أبيه المتوكّل، عن يحيى بن زيد بالدعاء (26).

 

(8) قوله: وأحفى السؤال

الحفيّ المستقصي في السؤال، وأحفى فلان في المسألة إذا أكثر وبالغ وألحّ.

 

(9) قوله: جعلت فداءك

بالمدّ إذا كسرت الفاء، وبالقصر إذا فتحتها، على ما قد ثبت السماع، وبهما قرء في التنزيل الكريم: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (27).

قال في مجمل اللغة: فديت الرجل أفديه وهو فداؤك، إذا كسرت مددت وإذا فتحت تقول: هو فداك.

وقال الجوهري في الصحاح: الفداء إذا كسرت أوّله يمدّ ويقصر، وإذا فتح فهو مقصور، يقال فدى لك أبي، ومن العرب من يكسّر فداءً للتنوين إذا جاور لام الجرّ خاصّة: تقول: فداءً لك؛ لأنّه نكرة، يريدون به معنى الدعاء. انتهى كلام الصحاح (28) والتعويل هناك على قول المجمل، كما هو مسلك الكشّاف والفائق.

 

(10) قوله: يمحو الله ما يشاء

فكتاب المحو والاثبات بعض مراتب القدر، وبه يتعلّق البداء، وفيه يتصحّح تبديل الأحكام التكوينيّة. وأمّا اُمّ الكتاب فهو لوح القضاء، ولا يتطرّق إليه البداء، ولا يتصوّر فيه التبديل.

 

(11) قوله: أيّد هذا الأمر بنا

أي: معرفة الأئمّة عليهم السلام والمذاهب الحقّة.

 

(12) قوله: فأطرق إلى الأرض مليّاً

لفظة «مليّاً» ليست من الأصل، بل هي في رواية «س».

قال في الكشّاف: مليّاً زماناً طويلاً، من الملاوة مثلّثة (29).

وقال في المغرب: المليّ من النهار الساعة الطويلة، عن الغوري، وعن أبي علي الفارسي: المليّ المتّسع، يقال: انتظرته مليّاً من الدهر، أي: متّسعاً منه، قال: وهو صفة استعملت استعمال الأسماء.

وقيل في قوله تعالى: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} (30) أي: دهراً طويلاً، عن الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير، والتركيب دالّ على السعة والطول، منه الملاء المتّسع من الأرض، والجمع أملاء. ويقال: أمليت للبعير في قيده وسّعت له، ومنه {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} أي: أمهلتهم، وعن ابن الأنباري أنّه من الملاءة والملوءة، وهما المدّة من الزمان، وفي اُولاهما الحركات الثلاث، وتملّ حبيبك عش معه ملاوة. انتهى.

قلت: ويقال أيضاً: فلان مليء بكذا، إذا كان مطيقاً له، قادراً عليه، مضطلعاً به، قاله في الكشّاف (31) أيضاً.

 

(13) قوله: من ابن عمّي

معاً، أي: بفتح النون على مذهب من يحرّك الساكن (32) بالفتح مطلقاً، لملاحظة الخفّة، وبكسرها عند من يذهب إلى تحريكه بالكسر، لمراعاة المناسبة.

 

(14) قوله: وأخرجت له دعاء

يعني الصحيفة المكرّمة السجّاديّة، وهي متواترة معلومة بالنقل المتواتر عن سيّد الساجدين عليه السلام.

ولكلّ من أشياخ الطائفة طريق في روايتها ونقلها عن مشيختهم، بأسناد متّصل عنهم من صدر العصور الخالية إلى زمننا هذا، كما في رواية سائر المتواترات.

فذلك هو الغرض من ذكر الأسانيد في المتواترات، لا إثباتها من تلك الطرق، كما في المظنونات الثابتة من طريق أخبار (33) الآحاد.

قال ابن شهر آشوب ـ رحمه الله تعالى ـ في معالم العلماء: قال الغزالي: أوّل كتاب صنّف في الإسلام، كتاب صنّفه أبو جريج في الآثار، وحروف التفاسير عن مجاهد وعطاء بمكّة، ثمّ كتاب معمّر بن راشد الصنعاني باليمن، ثمّ كتاب الموطّأ بالمدينة لمالك بن أنس، ثمّ جامع سفيان الثوري. بل الصحيح أنّ أوّل من صنّف فيه أمير المؤمنين عليه السلام، جمع كتاب الله جلّ جلاله، ثمّ سلمان الفارسي رضي الله عنه، ثمّ أبو ذرّ الغفاري رحمة الله عليه، ثمّ أصبغ بن نباتة، ثمّ عبد الله بن أبي رافع، ثمّ الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليه السلام (34).

(15) قوله: أملاه عليه

الإملاء على الكاتب، وتصاريفه في أملا عليّ (35) وأمليت عليه مثلاً، أصله إملال، وأملّ وأمللت من المضاعف، فقلبت اللام للأخيرة ياءً، كما في التظنّي والتقصّي وتصاريفهما، وهذا القلب في لغة العرب شائع، وعلى الأصل في التنزيل الحكيم، {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} (36) فأمّا الإملاء بمعنى الإمهال في: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} (37) أي: أمهلتهم، و{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (38) أي: أمهلهم.

والإملاء بمعنى التوسعة في أمليت للبعير في قيده، أي: وسّعت له، فليس الأمر فيهما على هذا السبيل، فإنّهما من الناقص لا من المضاعف، فالأوّل من الملاوة والملوءة، وهما المدّة والزمان، والثاني من الملاء وهو المتّسع من الأرض، على ما قد تلونا عليك فخذ ما آتيناك بفضل الله، واستقم وتحفّظ، ولا تكن من الغافلين.

 

(16) قوله: صحيفة من الدعاء الكامل

دعاء الصحيفة المكرّمة السجّاديّة، يلقّب بـ«زبور آل محمّد عليهم السلام» ذكر لك محمّد بن شهر آشوب ـ رحمه الله ـ في معالم العلماء، في ترجمة المتوكّل بن عمر بن المتوكّل، يروي عن يحيى بن زيد بن علي دعاء الصحيفة، ويلقّب بـ«زبور آل محمّد عليهم السلام». وقال في ترجمة يحيى بن علي بن محمّد الحسيني الرقّ: يروي عن الصادق عليه السلام الدعاء المعروف بـ «إنجيل أهل البيت عليهم السلام» (39).

 

(17) قوله رضي الله عنه: وإنّ أبي أوصاني ...

بكسر الهمزة، والواو للاستئناف أو للحال، وبفتحها عطفاً على حفظه، أي: من جملة ما أوصاني أبي بصونها.

 

(18) قوله: إنّي لأدين الله بحبّكم

بفتح الهمزة للمتكلّم وحده وكسر الدال، أي: أجعل حبّكم وطاعتكم ديناً لي أعبد الله عزّ وجلّ به، والدين: الطريقة والسنّة.

وفي الصحاح: الدين الطاعة، ودان له، أي: أطاعه، ومنه الدين، والجمع الأديان، يقال: دان بكذا ديانة وتديّن به، وهو ديّن ومتديّن (40).

 

(19) قوله: بولايتكم

بفتح الواو بمعنى النصرة والمحبّة والوداد والانقياد، والموالاة المحابّة والمتابعة، والإضافة إلى ضمير خطاب الجمع، إذن إضافة إلى المفعول.

وبكسرها بمعنى تولّي الاُمور وتدبيرها، ومالكيّة التّصرّف فيها، ووليّ اليتيم ووالي البلد مالك أمرهما، والإضافة على هذا الفاعل.

وكذلك الولاء ـ بالفتح ـ للمعتق بالفتح، والولاء ـ بالكسر ـ للمعتق بالكسر، وميراث الولاء بالكسر لا بالفتح، إذ ملاك الإرث هناك سلطان المعتق لا تباعة المعتق.

وحسبان بعض شهداء المتأخّرين في شرح اللمعة: أنّه بفتح الواو وأصله القرب والدنوّ (41) لا أصل له يركن إليه.

قال ابن الأثير في النهاية: تختلف مصادر هذه الأسماء، فالولاية ـ بالفتح ـ في النسب والنصرة والمعتق، والولاية ـ بالكسر ـ في الأمر (42)، والولاء في المعتق، والموالاة من والي القوم، ومنه الحديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه» قال الشافعي: يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مولى لَهُمْ}، وقول عمر لعلي عليه السلام: أصبحت مولى كلّ مؤمن، أي: وليّ كلّ مؤمن. وقيل: سبب ذلك أنّ اُسامة قال لعلي عليه السلام: لست مولاي إنّما مولاي رسول الله صلّى الله عليه وآله وبارك وسلّم، فقال عليه السلام: من كنت مولاه فعلي مولاه (43). انتهى كلام النهاية.

 

(20) قوله: ثمّ دعا بعيبة

العيبة ـ بالعين المهملة ـ: وعاء يجعل فيه الثياب، وقيل: يجعل في لامة الحرب، وبالجملة ما يوعي فيه شيء.

 

(21) قوله: فيكتمونه ويدّخرونه

بكسر التاء في رواية «س» من باب صيغة الازدواج والمشاكلة بالإضافة إلى «ويدّخرونه» (44) كما في أخذني ما حدّث وقدّم، بضمّ الدال فيهما للمشاكلة.

 

(22) قوله رضي الله تعالى عنه: في خزائنهم لأنفسهم

بالهمزة بعد الألف، فإنّ الياء أو الواو بعد الألف في أوزان فعائل ومفاعل إذا كانت زائدة، كما في وصائل وصحائف وعجائز وخزائن، فإنّها تقلب همزة على خلاف الأمر فيما يكون أصليّة، فرقاً بين الزائدة والأصليّة، إذ القياس القانونيّ في الأصليّة إبقاؤهما على الأصل، كما في مقاول ومعايش غير مقلوبتين همزة.

وإذا اجتمعت الأصليّة والزائدة، فالزائدة أحرى بالتغيير، والأصليّة أحقّ بالاحتفاظ، إلّا إذا ما كانت حروف العلّة قد اكتنفت الألف من حاشيتها، كما في أوائل وعوائق وتوائع وحرائر (45)، فإنّ هنالك تقلب التي من بعد الألف همزة وإن كانت أصليّة.

والأمر في الحوائج على هذا السبيل على الضابط القياسي، لكنّها تستعمل لا بالهمزة على خلاف الأصل والقياس، وهناك كلام آخر سيتلى عليك.

والأمر في المصائب على العكس من ذلك، وسيأتيك التنبيه عليه إن شاء الله العزيز.

 

(23) قوله رضي الله عنه: فإنّهما قائمان في هذا الأمر

بالهمزة لا غير قياساً واستعمالاً. وضابط مناط إبدال العين همزة في بناء اسم الفاعل من الأجوف الثلاثي المجرّد، صورةً ومعنىً من الأفعال على التحقيق مجموع أمرين

أحدهما: أن يكون أنّها كانت قد أعلت في الفعل الماضي، فإنّه الأصل المتفرّع عليه في الإعلال. والآخر: أن يكون الإعلال ملزوم اجتماع العين، وذلك في نحو قام فهو قائم، وقال فهو قائل، وسار فهو سائر، وباع فهو بائع بالهمزة في الجميع، فأمّا إذا فتحت الواو أو الياء في الفعل الماضي، فإنّها تفتح في اسم الفاعل أيضاً، كما في نحو عور فهو عاور، وصيد فهو صايد، وأيس فهو آيس، جميعاً غير مهموز.

قال أبو يعقوب السكّاكي في القسم الأوّل من كتاب المفتاح في فصل هيئات المجرّد من الأفعال: وهذا ـ أعني التفرّع على الفعل الثابت القدم في الإعلال ـ هو الأصل عندي في دفع ما له مدخل في المنع عنه، كسكون ما قبل المعتلّ من يخاف وأخواته، إلّا إذا كان المانع امتناع ما قبل المعتلّ من التحريك به، كالألف في قاول وبايع وتقاولوا وتبايعوا، فإنّه يحتاج في دفعه إلى تقوية الدافع، كنحو ما وجدت في باب قاول وبايع اسمَي فاعلين من قال وباع، حتّى أعلا فلزم اجتماع ألفين فعدل إلى الهمزة، وهي تحصيل الفرق بينهما وبين عاور وصايد مثلاً اسمي فاعلين من عور وصيد، وهذا المعنى قد يلتبس بمعنى التفرّع، فيعدّان شيئاً واحداً، فليتأمّل.

أو كان المانع تحصّل ما قبل المعتلّ بالإدغام عن التحريك، كنحو ما في جوّز وأيّد وتجوّز وتأيّد وقوّال وبيّاع أيضاً، فلا مدفع له، وكذا إذا كان المانع المحافظة على الصورة الالحاقية، كجدول وفروع.

أو التنبيه على الأصل، كما في بابي ما أقوله وهو أقول منه، ونحو أغيلت المرأة واستحوذ عليه الشيطان، وهذا فصل كلام أصحابنا فيه مبسوط وسيحمد الماهر في هذا الفنّ ما أوردت، وبالله الحول وللمتقدّم الفضل. انتهى قوله بألفاظه (46).

 

(24) قوله عليه السلام: يردّون الناس على أعقابهم القهقري

أي: يجعلونهم مرتدّين في دينهم، على ما ذكره بن الأثير في النهاية، ناقلاً إيّاه عن الأزهري (47).

 

(25) قوله عليه السلام: يعني بني اُميّة

وروى أيضاً رئيس المحدّثين أبو جعفر الكليني ـ رضي الله عنه ـ في كتاب الروضة من جامعه الكافي بسنده عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام، قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً كئيباً حزيناً، فقال له علي عليه السلام: ما لي أراك يا رسول الله كئيباً حزيناً؟ فقال: وكيف لا أكون كذلك؟! وقد رأيت في ليلتي هذه أنّ بني تيم وبني عدي وبني اُميّة يصعدون منبري هذا، يردّون الناس عن الاسلام القهقهرى. فقلت: يا ربّ في حياتي أو بعد موتي؟ فقال: بعد موتك (48).

قلت: وقد تظافرت الروايات البالغة حدّ التواتر من طرق العامّة والخاصّة أنّه صلّى الله عليه وآله، بعد هذه الرؤيا أسرّ إلى أبي بكر وعمر أمر بني اُميّة، واستكتمهما عليه ذلك، فأفشى عمر عليه صلى الله عليه وآله سرّه وحكاه للحكم بن أبي العاص، وأسرّ إلى حفصة أمر أبي بكر وعمر، وقال لها: إنّ أباك وأبا بكر يملكان أمر اُمّتي، فاكتمي عليّ هذا، فأفشت عليه صلى الله عليه وآله، ونبّأت به عائشة، فجاء بذلك الوحي ونزلت فيه سورة التحريم، ولذلك بسط يضيق عنه درع المقام، فليطلب ممّا أخرجناه في مظانّه.

 

(26) قوله: ولكن تدور رحى الإسلام

الذي يستبين لي في تفسيره ويحصل معناه، ولست أظنّ أنّ ذا دربة (49) ما في أساليب الكلام، وأفانين البيان يتعدّاه (50)، وهو أنّ من منتهى العشر إلى مبدأ الخامسة والثلاثين من مهاجره صلى الله عليه وآله، لم يكن رحى الإسلام تدور دورانها، ولا تعمل عملها، بل يكون منقطعة عن الدور معطّلة عن العمل.

ثمّ إنّه إنّما تستأنف دورها وتستعيد عملها على رأس خمسة وثلاثين من الهجرة المقدّسة المباركة، وذلك ابتداء أوان انصراف الأمر إلى منصرفه، وابان (51) رجاع الحقّ إلى أهله. وقد كان حيث إذ تمكّن أمير المؤمنين عليه السلام، من أن يجلس مجلسه من الخلافة والإمامة، ويتصرّف في منصبه من الوصاية والولاية. وأمّا الوسط ـ أعني ما بين ذينك الطرفين ـ فزمان فترة الدور وزمن انقطاع العمل، وذلك الخمسة والعشرون سنة التي كانت هي مدّة حكومة لصوص الخلافة وأمارة مقمّصيها (52).

فأمّا العشر التي كانت هي مدّة اللبث في الدوران أوّلاً، فهي زمانه صلّى الله عليه وآله وسلّم في طيبة المباركة التي هي دار هجرته، ومستقرّ شوكة الإسلام، وقوّته من بعد ضعفه وتأنآته (53)، ومن لم يستطع إلى ما تلوناه عليك سبيلاً، تحامل محملاً وعراً وطريقاً سحيقاً بعيداً (54).

 

(27) قوله عليه السلام: من مهاجرك

بفتح الجيم على هيئة المفعول بمعنى اسم المكان، ومعناه وقت المهاجرة.

 

(28) قوله: نيفاً

النيف فتح النون واسكان الياء المثنّاة من تحت، تخفيف النيّف بتشديد الياء المكسورة، كما في سائر النظائر، ومنها ما في الحديث: «المؤمنون هيّنون ليّنون» والنيّف ما بين العقدين من عقود العشرات في مراتب العدد فوق العقد الأوّل إلى البلوغ على العقد الثاني. وأصله نيوف على فعيل من النوف، كما الخير من الخور، والسيّد من السود، والصيّب من الصوب، والصيّت من الصوت، والنيّر من النور، والديّر من الدور. لا فعل من النيّف، كما الخير من الخيّر، والأيد من الأيّد، والسير من السيّر، والدير من الديّر. قال في المغرب: النيّف بالتشديد كلّ ما كان من عقدين، وقد يخفّف وأصله من الواو، وعن المبرّد النيّف من واحد إلى ثلاثة، وفي الحديث أنّه عليه السلام ساق مائة بدنة، نحر منها نيّفاً وستّين، وأعطى عليّاً عليه السلام الباقي، وفي شرح الآثار: ثلاثاً وستّين، ونحر علي عليه السلام سبعاً وثلاثين. انتهى كلام المغرب.

 

 (29) قوله: وحدّثني محمّد بن الحسن بن روزبه

ليس في نسخة الشهيد هذه، بل على الحاشية «روزبه» وكتب على رأسه «س».

قال في القاموس: في دور الدور ـ بالضمّ ـ قريتان بين سرّ من رأى وتكريت عليا وسفلى، ومنها محمّد بن الفرخان بن روزبه، وناحية من دجيل، ومحلّة ببغداد قرب (55) أبي حنيفة، منها محمّد بن مخلد بن حفص، ومحلّة بنيسابور منها أبو عبد الله الدوري (56). انتهى.

ونسخ القاموس مختلفة في روزبه: بالراء المضمومة قبل الواو الساكنة والزاء بعد الواو، وقبل الموحّدة المكسورة. وبالزاء من حاشيتي الواو قبل وبعد. والصحيح هو الأوّل. وقال الشيخ ـ رحمه الله ـ في كتاب الرجال في باب لم: محمّد بن الحسن البراني، يكنّى، أبا بكر كاتب له رواية (57).

قلت: والذي يقوى به الظنّ من أبواب الطبقات أنّ أبا بكر المدائني الكاتب محمّد بن الحسن بن روزبه، هذا هو الذي ذكره الشيخ، وليس يصادم ذلك ما (58) في القاموس: أنّ البرانيّة قرية ببخارى، والنسبة إليها براني (59).

فلعلّ جدّه روزبه قد انتقل منها إلى المدائن. والله سبحانه أعلم.

 

(30) قوله: نزيل الرحبة

الرحبة: بفتح الراء قبل المهملة الساكنة، وبعدها الموحّدة المفتوحة. والمعنى بها هاهنا المحلّة المعروفة بالكوفة. قال في القاموس: الرحبة ـ بالفتح ـ قرية بدمشق، ومحلّة بالكوفة، وموضع ببغداد، وموضع بالبادية، وقرية باليمامة، وصحراء بها أيضاً مياه وقرى، والنسبة إلى الرحبة رحبيّ محرّكة (60).

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي الضعيف النحيف.

(2) فاغ فوغاً الطيب: فاح، الفوغة من الطيب: فوحته. الفائغة: الرائحة الشديدة المخشمة.

(3) أصاخ له، أي: أصغى إليه "منه".

 (4) وعى يعي وعياً الشيء: جمعه وحواه، والحديث: قبله وتدبّره وحفظه.

(5) من راعى رعاية الأمير رعيته: ساسها وتدبّر شؤونها، وعليه حرمته: حفظها والأمر: حفظه، راعى مراعاة الأمر: حفظه.

(6) المتكرّمة "س".

(7) قد اختلف المتأخّرون في تحقيق القائل بقول «حدّثنا» هنا، فقال الشيخ البهائي: إنّه الشيخ ابن السكون، وأصرّ على ذلك، وأنكر كونه من مقول السيّد عميد الرؤساء غاية الانكار، وزعم السيّد الداماد هنا وجمع من الشرّاح إلى أنّه هو عميد الدين وعمود المذهب عميد الرؤساء. وقال الأفندي في كتابه: الحقّ عندي أنّ القائل به كلاهما؛ لأنّهما في درجة واحدة، ولأنّ كليهما من تلامذة ابن العصّار اللغوي. ثمّ اعلم أنّ عميد الدين الذي قال السيّد الداماد به ليس هو بعميد الرؤساء. قال في الرياض: وجه ذلك أمّا أوّلاً: فلتقدّم درجة عميد الرؤساء؛ لأنّ من تلامذته السيّد فخّار بن معدّ الموسوي المتقدّم على السيّد عميد الدين ابن اُخت العلّامة هذا بدرجات. وأمّا ثانياً: فلاختلاف اللقبين، كما لا يخفى. وأمّا ثالثاً: فلأنّ اسم عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيّوب اللغوي المشهور، وصاحب القول في المسائل ومؤلّف الكتاب في معنى الكعب. ولمزيد التوضيح راجع: رياض العلماء: 3: 259 و4: 243 و5: 309 و375.

(8) لهاميم الناس: أسخياؤهم، أشياخهم.

(9) في هامش «س»: فأقرأنيه ـ خ ل.

(10) فهرست الشيخ منتجب الدين ص 172.

(11) معالم العلماء ص 125.

(12) الخلاصة ص 252.

(13) رجال ابن داود ص 321 طبع جامعة طهران.

(14) في النسخ: عبد المطلّب.

(15) رجال ابن داود ص 506.

(16) الفهرست ص 166 طبع النجف الأشرف.

(17) رجال النجاشي ص 309 طبع طهران.

(18) في «س»: عبد الله.

(19) الفهرست ص 199، والطريقة الاُولى تغاير ما في الفهرست المطبوع، وتوافق ما نقله عن النجاشي عن شيخه، حيث قال: أخبرنا بذلك جماعة، عن التلعكبري، عن أبي محمّد الحسن يعرف بابن أخي طاهر، عن محمّد بن مطهّر، عن أبيه، عن عمر ـ عمير خ ل ـ بن المتوكّل، عن أبيه.

(20) رجال النجاشي ص 333.

(21) هو الحسن بن محمّد بن يحيى أبو محمّد العلوي.

(22) في «س»: طغى.

(23) في «س»: وللأحاديث.

(24) رجال ابن داود ص 283.

(25) وفي المطبوع من الفهرست ص 199 طبع النجف: عمر مكبّراً.

(26) رجال النجاشي ص 333.

(27) سورة محمّد «ص»: 4.

(28) صحاح اللغة 6: 2453.

(29) الكشّاف: 2 / 511.

(30) سورة مريم: 46.

(31) الكشّاف: 2 / 511.

(32) وفي «س» يحرّك به الساكن.

(33) في «ط» من طرق الأخبار.

(34) معالم العلماء: 2.

(35) في «ط» وأملى عليّ.

(36) سورة البقرة: 282.

(37) سورة الحجّ: 44.

(38) سورة الأعراف: 183، وسورة القلم: 45.

(39) معالم العلماء: 125 و131 والصحيح تقديم هذه التعليقة على قبلها ليوافق المتن.

(40) الصحاح: 5 / 2118.

(41) شرح اللمعة: 8 / 181 ط النجف.

(42) وفي المصدر: الإمارة.

(43) نهاية ابن الأثير 5: 228.

(44) في «ط»: ما يدّخرونه.

(45) في «ط»: جبائر.

(46) مفتاح العلوم: 20.

(47)  نهاية ابن الأثير: 4 / 129، قال فيه: قال الأزهري: معناه الارتداد عمّا كانوا عليه.

(48) روضة الكافي: 345. ورواه العامة بطرق مختلفة راجع كتاب الطرائف المطبوع بتصحيحنا وتحقيقنا: 376 ـ 378.

(49) الدربة: الحذاقة بصناعة.

(50) في «س»: الكلام لبيان يتعدّاه.

(51) في «س»: وأمال.

(52) في «ط» مبغضيها.

(53) من الأنين والتأوّه.

(54) إشارة إلى ما ذكره ابن الأثير في جامع الاُصول: 12 / 389 فراجع.

(55) في المصدر: قرب مشهد.

(56) القاموس: 2 / 32.

(57) رجال الشيخ: 497.

(58) في «س»: لما.

(59) القاموس: 1 / 371.

(60) القاموس: 1 / 72 ـ 73.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.






قسم الشؤون الفكرية يباشر باستعداداته لإقامة الدورة القرآنية لطلبة العلوم الدينية الأفارقة
بمشاركة قرّاء من البصرة... المَجمَع العلميّ يُقيم محفلَ عرش التّلاوة في صحن مرقد أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام)
قسم الشؤون الفكريّة يُقيم جلسةً حواريّة لممثلي المواكب في ذي قار
قسم الشؤون الفكرية يعد حزمة من الدورات الدينية والثقافية المتنوعة