أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2022
1384
التاريخ: 2023-07-04
1455
التاريخ: 2024-08-24
273
التاريخ: 11-9-2016
2255
|
في القرن الثاني والثالث الهجري نشط دعاة الغلو في الدين في داخل البيت الشيعي - بعد أن حمل لواءه الخوارج فيما سبق ـ وكانوا يريدون أن يعطوا صورة كاملة أنهم هم الذين يمثلون مذهب أهل البيت (عليهم السلام) والمحامون عنه بالرغم من وجود الأئمة (عليهم السلام).
في هذين القرنين مثل مجموعة من المفكرين والمتكلمين والفقهاء من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) مذهب أهل البيت خصوصاً في البلدات التي لا يتواجد فيها الأئمة، وكان هؤلاء من خلص الشيعة الذين يمثلون الوجه الحقيقي والصورة الناصعة للتشيع ودافعوا عن الحق وعن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ومن أبرز هؤلاء هشام بن الحكم من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام) ويونس بن عبد الرحمن من أصحاب الأئمة الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) والفضل بن شاذان النيسابوري (1) وقد أجمع علماء الرجال على وثاقتهم وجلالة قدرهم وكان هؤلاء يمثلون جبهة الصمود والتحدي أمام الأعداء والمنحرفين من الداخل والخارج ينبئ عن ذلك مؤلفاتهم في مختلف المجالات، فقد ألفوا في الرد على الزنادقة والجهمية والمشبهة والمجبرة والمفوضة ومن أنكر الإمامة من خارج البيت الشيعي، كذلك وقفوا بكل قوة أمام الحشوية والغلاة والخرافيين في داخل البيت الشيعي وألفوا في الرد عليهم بعنوان الرد على الحشوية والغلاة (2)، وبالرغم من محاربتهم من خارج الطائفة فقد نسبوا لهم مالا يقولونه بل ألفوا ضدهم وفي الرد عليهم ونسبوا لهم الأقوال الباطلة كالقول بالتشبيه والجسمية والجهمية، إلا أن الجبهة المضادة لهم والتي كانت تثقل كاهلهم هي الجبهة داخل البيت الشيعي المتمثلة بالفئات المتخلفة فكرياً وعقائدياً بل كانت منحرفة عن خط الأئمة الهداة وعلى رأس هؤلاء الحشوية والغلاة فقد شهرت بهؤلاء الأبطال وألصقت بهم التهم والعقائد الباطلة ووصمتهم بكل شائنة ووضعت فيهم الروايات والتوقيعات المزورة والمكذوبة على لسان الأئمة في سبيل إسقاطهم. ينقل لنا أبو عمرو الكشي في رجاله صورة من هذا النزاع والحراك الفكري والعقائدي وتبادل الاتهامات وتفسيق وتكفير الطرف للطرف الآخر.
فبعد أن يعرض جملة من الروايات المادحة والقادحة في ترجمة كل شخص من هؤلاء الثلاثة ينقل في ترجمة الفضل بن شاذان عن شخص يقال له (بورق) وصف بالصلاح قد دخل على الإمام العسكري (عليه السلام):
قال بورق فخرجت إلى سر من رأى ومعي كتاب يوم وليل (3)، فدخلت على أبي محمد (4) (عليه السلام) وأريته ذلك الكتاب، فقلت له جعلت فداك إن رأيت أن تنظر فيه فلما نظر فيه وتصفحه ورقة ورقة وقال هذا صحيح ينبغي أن يعمل به فقلت له الفضل بن شاذان شديد العلة، ويقولون إنها من دعوتك بموجدتك عليه، لما ذكروا عنه أنه قال إن وصي إبراهيم خير من وصي محمد (صلى الله عليه وآله)، ولم يقل، جعلت فداك هكذا كذبوا عليه، فقال نعم رحم الله الفضل، قال بورق فرجعت فوجدت الفضل قد توفي في الأيام التي قال أبو محمد (عليه السلام) رحم الله الفضل (5).
فهذه الحادثة تبين أن الجبهة المضادة للفضل بن شاذان كانت تختلق عليه الأكاذيب والتهم والإشاعات على لسان الإمام العسكري (عليه السلام).
وفي نص آخر لعله أوضح حول هذا الصراع والحراك الفكري والعقائدي والنزاع وتبادل الاتهامات وبعد أن انتشرت على الفضل بن شاذان بعض الاتهامات والأكاذيب والرقع التي نسبت إلى الإمام العسكري وأن الإمام قد دعا عليه وأصابته دعوته وأخذوا ذلك مستمسكاً على انحراف الفضل بن شاذان عن الأئمة كل هذه الأكاذيب وتفنيدها ينقلها لنا الكشي في رجاله بقوله:
وقف بعض من يخالف ليونس والفضل، وهشاماً قبلهم، في أشياء واستشعر في نفسه بغضهم وعداوتهم وشنأتهم، على هذه الرقعة، فطابت نفسه وفتح عينيه، وقال ينكر طعننا على الفضل وهذا إمامه قد أوعده وهدده؟ وكذب بعض وصف ما وصف!، وقد نور الصبح لذي عينين!.
فقلت له أما الرقعة فقد عاتب الجميع وعاتب الفضل خاصة وأدبه، ليرجع عما عسى قد أتاه من لا يكون معصوماً.
وأوعده ولم يفعل شيئاً من ذلك، بل ترحم عليه في حكاية بورق وقد علمت أن أبا الحسن الثاني وأبا جعفر (عليه السلام) ابنه بعده قد أقر أحدهما وكلاهما صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان وغيرهما لم يرض بعد عنهما ومدحهما.
وأبو محمد الفضل من قوم لم يعرض له بمكروه بعد العتاب على أنه قد ذكر أن هذه الرقعة وجميع ما كتب إلى إبراهيم بن عبدة كان مخرجهما من العمري وناحيته، والله المستعان) (6).
لكن السيد الخوئي ينكر أصل صدور مثل هذا التوقيع عن الإمام ويقول حول هذا التوقيع المدعى أنه خرج من الإمام العسكري في لعنه للفضل بسبب قوله بالجسم.
قال السيد الخوئي:
التوقيع المتقدم كان مخرجه المعروف بالدهقان: وهو عروة بن يحيى المتقدم الكذاب الغالي .... الخ.
فالكذابون والغلاة والحشوية في كل عصر هم الذين يحملون لواء المعارضة للمصلحين والمفكرين من أمثال الفضل بن شاذان الذين ينفون عن هذا الدين ما ألصق به من خرافات وخزعبلات وغلوا حتى صار ديناً آخر.
وهؤلاء المخلصون قد حققوا مقولة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) التي قال فيها: (يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين كما ينفي الكير خبث الحديد) (7).
وقد ألف الفضل بن شاذان أكثر من كتاب ضد هذه الفئات منها:
كتاب الرد على الحشوية، وكتاب الرد على الغلاة.
وألف يونس كتاب الرد على الغلاة.
كما ألف هشام أكثر من كتاب على الجبهة الداخلية بالاسم.
الوضع الراهن
إن هذه الصورة التي ينقلها لنا الرواة قبل أكثر من 1000 سنة لا تزال اليوم موجودة بكل أبعادها وسلبياتها ولعلها توسعت حتى اتسع الخرق على الراقع، فإذا كان من يحارب الغلو في داخل البيت الشيعي من أصحاب الأئمة الثقاة وعلى مقربة من الإمام المعصوم (عليه السلام) ويجابه بمثل هذه المجابهة والأكاذيب على لسان الأئمة (عليهم السلام)، فكيف بالحالة بعد زمن قد اختلط فيه الحابل بالنابل وتعددت وسائل الأراجيف وخفيت طرق الكذب والتزوير ومضى أكثر من 1000 عام على تلك الخرافات التي ألصقت بالدين والمذهب وشاعت مفاهيم الغلو التي أصبحت من ضروريات المذهب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ قال النجاشي في رجاله:- الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمد الأزدي النيشابوري (النيسابوري) كان أبوه من اصحاب يونس، وروى عن أبي جعفر الثاني، وقيل (عن) الرضا (عليه السلام) أيضاً وكان ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلمين وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه. وذكر الكنجي أنه صنف مائة وثمانين كتاباً.
وقال الشيخ الطوسي في الفهرست: الفضل بن شاذان النيشابوري فقيه متكلم جليل القدر، له كتب ومصنفات ثم عدد كتبه. وذكره في كتاب الرجال في أصحاب الهادي والعسكري (عليه السلام).
2ـ الكتب المؤلفة في الرد على الغلاة من أصحاب الأئمة كثيرة يجد المراجع لرجال النجاشي والفهرست للطوسي وكتاب اختيار معرفة الرجال للكشي وغيرها عدداً كثيراً منها.
3ـ لیونس بن عبد الرحمن.
4ـ يعني الامام الحسن العسكري (عليه السلام).
5ـ رجال الكشي، ص 538، رقم 1023.
6ـ المصدر السابق، ص 544.
7ـ المصدر السابق، ص 64، حديث 5.
|
|
استبدال مفصل الركبة.. "خطوة ضرورية" قبل إجراء الجراحة
|
|
|
|
|
روسيا.. ابتكار محطة طاقة شمسية على شكل موشور
|
|
|
|
|
خلال استقباله وفدًا من مدغشقر.. السيد الصافي يؤكد استعداد العتبة العباسية لمساعدة المؤمنين بمختلف الدول في حدود الإمكانات المتوفرة
|
|
|