أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2017
3738
التاريخ: 12-8-2017
3003
التاريخ: 19-8-2017
2706
التاريخ: 19-8-2017
3295
|
غادر الإمام الحسين (عليه السلام) مكّة ولم يمكث فيها فقد علم أن الطاغية يزيد قد دسّ عصابة من الإرهابيين لاغتياله وان كان متعلّقاً بأستار الكعبة فخاف أن يراق دمه في البيت الحرام وفي الشهر الحرام وبالإضافة إلى ذلك فان سفيره مسلم بن عقيل قد كتب إليه يحثّه على القدوم إلى الكوفة وان أهلها يترقّبون قدومه ويفدونه بأرواحهم ودمائهم ويقدمون له الدعم الكامل لتشكيل حكومة علوية في بلادهم.
وسار الإمام مع عائلته تحفّ بها الكوكبة المشرقة من شباب أهل البيت : الذين يمثّلون القوة والعزم والإباء وعلى رأسهم سيّدنا أبو الفضل (عليه السلام) فكانت رايته ترفرف على رأس أخيه أبي الأحرار من مكّة المكرّمة إلى أرض الشهادة والفداء كربلاء وكان يراقب بدقّة حركة القافلة وسيرها خوفاً على عيال أخيه وأطفاله من أن يصيبهم عناء أو أذى من وعورة الطريق وقد تكفّل جميع شؤونهم وما يحتاجون إليه وقد وجدوا في رعايته وحنانه من البرّ ما يفوق حدّ الوصف.
وواصل الإمام سيرته الخالدة وقد طافت به هواجس مريرة فقد أيقن أنّه سيلاقي مصرعه ومصارع أهل بيته على أيدي هؤلاء الذين كاتبوه بالقدوم إلى مصرهم وقد تشرّف بمقابلته في الطريق الشاعر الكبير الفرزدق همام بن غالب فسلّم عليه وحيّاه وقال له : بأبي أنت وأمّي يا بن رسول الله (صلى الله عليه واله) ما أعجلك عن الحجّ ؟ .
فأحاطه الإمام علماً بما عزمت عليه السلطة من اغتياله قائلاً : لو لم أعجل لأخذت .. .
وسارع الإمام قائلاً : من أين أقبلت ؟ ..
من الكوفة .. .
بيّن لي خبر الناس ..
كشف الفرزدق للإمام بوعي وصدق الحالة الراهنة في الكوفة وانّها لا تبشّر بخير ولا تدعو إلى التفاؤل قائلاً : على الخبير سقطت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أميّة والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء ... وربّنا كل يوم هو في شأن .. .
واستصوب الإمام حديث الفرزدق وأخبره عن عزمه الجبّار وإرادته الصلبة وانه ماضٍ قدماً في جهاده وذبّه عن حرمة الإسلام فان نال ما يرومه فذاك وإلاّ فالشهادة في سبيل الله قائلاً له : صدقت لله الأمر من قبل ومن بعد يفعل الله ما يشاء وكل يوم ربّنا في شأن ان نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يتعدّ من كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته وأنشأ الإمام هذه الأبيات :
لئن كانت الدنيا تعدّ نفيسة ... فـدار ثواب الله أعلى وأنبل
وان كانت الأبدان للموت أنشئت ... فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل
وان كانت الأرزاق شيئاً مقدراً ... فقلة سعي المرء في الرزق أجمل
وان كانت الأموال للترك جمعها ... فما بال متروك به المرء يبخل
ودلّ هذا الشعر على زهده في الدنيا ورغبته الملحّة في لقاء الله تعالى وانّه مصمّم كأشدّ ما يكون التصميم على الجهاد والشهادة في سبيل الله.
إنّ التقاء الإمام مع الفرزدق كشف عن خنوع الناس وعدم اندفاعهم لنصرة الحق فالفرزدق الذي كان يملك وعياً اجتماعياً ووعياً ثقافياً متميزاً رأى ريحانه رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو ماضٍ في طريقه إلى الشهادة قد تضافرت قوى الباطل على حربه فلم يندفع إلى نصرته والالتحاق بموكبه واختار الحياة على الشهادة فاذا كان هذا حال الفرزدق فكيف بغيره من جهّال الناس وسوادهم.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|