المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



إلى أرض الشهادة  
  
2991   01:14 مساءً   التاريخ: 12-8-2017
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : العباس بن علي
الجزء والصفحة : ص153-155.
القسم : أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب / دوره الكبير في النهضة الحسينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2017 3738
التاريخ: 12-8-2017 3003
التاريخ: 19-8-2017 2706
التاريخ: 19-8-2017 3295

غادر الإمام الحسين (عليه السلام) مكّة ولم يمكث فيها فقد علم أن الطاغية يزيد قد دسّ عصابة من الإرهابيين لاغتياله وان كان متعلّقاً بأستار الكعبة فخاف أن يراق دمه في البيت الحرام وفي الشهر الحرام وبالإضافة إلى ذلك فان سفيره مسلم بن عقيل قد كتب إليه يحثّه على القدوم إلى الكوفة وان أهلها يترقّبون قدومه ويفدونه بأرواحهم ودمائهم ويقدمون له الدعم الكامل لتشكيل حكومة علوية في بلادهم.
وسار الإمام مع عائلته تحفّ بها الكوكبة المشرقة من شباب أهل البيت : الذين يمثّلون القوة والعزم والإباء وعلى رأسهم سيّدنا أبو الفضل (عليه السلام) فكانت رايته ترفرف على رأس أخيه أبي الأحرار من مكّة المكرّمة إلى أرض الشهادة والفداء كربلاء وكان يراقب بدقّة حركة القافلة وسيرها خوفاً على عيال أخيه وأطفاله من أن يصيبهم عناء أو أذى من وعورة الطريق وقد تكفّل جميع شؤونهم وما يحتاجون إليه وقد وجدوا في رعايته وحنانه من البرّ ما يفوق حدّ الوصف.
وواصل الإمام سيرته الخالدة وقد طافت به هواجس مريرة فقد أيقن أنّه سيلاقي مصرعه ومصارع أهل بيته على أيدي هؤلاء الذين كاتبوه بالقدوم إلى مصرهم وقد تشرّف بمقابلته في الطريق الشاعر الكبير الفرزدق همام بن غالب فسلّم عليه وحيّاه وقال له : بأبي أنت وأمّي يا بن رسول الله (صلى الله عليه واله) ما أعجلك عن الحجّ ؟ .
فأحاطه الإمام علماً بما عزمت عليه السلطة من اغتياله قائلاً :  لو لم أعجل لأخذت .. .
وسارع الإمام قائلاً :  من أين أقبلت ؟ .. 
 من الكوفة .. .
 بيّن لي خبر الناس .. 
كشف الفرزدق للإمام بوعي وصدق الحالة الراهنة في الكوفة وانّها لا تبشّر بخير ولا تدعو إلى التفاؤل قائلاً : على الخبير سقطت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أميّة والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء ... وربّنا كل يوم هو في شأن .. .
واستصوب الإمام حديث الفرزدق وأخبره عن عزمه الجبّار وإرادته الصلبة وانه ماضٍ قدماً في جهاده وذبّه عن حرمة الإسلام فان نال ما يرومه فذاك وإلاّ فالشهادة في سبيل الله قائلاً له :  صدقت لله الأمر من قبل ومن بعد يفعل الله ما يشاء وكل يوم ربّنا في شأن ان نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يتعدّ من كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته  وأنشأ الإمام هذه الأبيات :
لئن كانت الدنيا تعدّ نفيسة ... فـدار ثواب الله أعلى وأنبل
وان كانت الأبدان للموت أنشئت ... فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل
وان كانت الأرزاق شيئاً مقدراً ... فقلة سعي المرء في الرزق أجمل
وان كانت الأموال للترك جمعها ... فما بال متروك به المرء يبخل
ودلّ هذا الشعر على زهده في الدنيا ورغبته الملحّة في لقاء الله تعالى وانّه مصمّم كأشدّ ما يكون التصميم على الجهاد والشهادة في سبيل الله.
إنّ التقاء الإمام مع الفرزدق كشف عن خنوع الناس وعدم اندفاعهم لنصرة الحق فالفرزدق الذي كان يملك وعياً اجتماعياً ووعياً ثقافياً متميزاً رأى ريحانه رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو ماضٍ في طريقه إلى الشهادة قد تضافرت قوى الباطل على حربه فلم يندفع إلى نصرته والالتحاق بموكبه واختار الحياة على الشهادة فاذا كان هذا حال الفرزدق فكيف بغيره من جهّال الناس وسوادهم.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.