عزيزي القارئ ..
قراءتي اليوم في كُـتَـيّب يحتوي على 250 صفحة من القطع الصغير ضمّت بين جنباتها ما اختاره الكاتب هادي العلوي من شعر اللزوميات للشاعر الفيلسوف ابي العلاء المعري يقول فيه انها دراسة عن شاعرنا المعري يتضمن نقد الدوله والدين والناس ، والكُـتـيّـب صادر عن مركز الابحاث والدراسات الاشتراكيه في العالم العربي ، الطبعة الاولى لسنة 1990.
يبدأ الكُـتـيّب بفاتحه ثم ينهيها الكاتب بتنبيه يقول فيه [ جَرَيْتُ في هذا الكتاب على طريقتي في النحو الساكن الهادف الى تيسير اللغة وتقريبها من لغة الكلام دون الاخلال ببنيتها الاساسية ]
أقول لو تأملنا حقيقة ما كتبه الكاتب لوجدنا فيه تغريباً لاتقريباً وتعسيراً لاتيسيراً فـتيـسـير اللغة لايعني انتهاك أسـس لغوية سليمه وابدالها بلغة ركيكة وهزيلة ، وما كانتْ اللغه بناءً عـشـوائـيًّـا في يوم من الايام حتّى يأتي هادي العلوي بنحوه الساكن وطريقته الهادفة بزعمه .
انّ هذا الكلام الارتجالي الذي يطنطن به كثير من دعاة التجديد من بينهم الدكتورعلي الوردي ما هو الا عملية مدروسة للتخريب يقف وراءها معسكر كبير للفكر الغربي للنيل من هذا التراث اللغوي العريق .
وأقول لهادي العلوي كان عليك ان تتنبه الى مُـسـتواكَ ووضعِك الحقيقي مِنْ أنّـكْ لم تكن إماماً في النحو ولاحُجّـةً في اللغة لتخترع لنا الطريقة الساكنه ، وكان الاليق بك أن تعترف بمحدودية معلوماتك في قواعد النحو وبهذا تكون اكثر صدقاً واحتراماً في نظر القارئ .
ومن قول الكاتب في نحوه الساكن [ اللزوميات او لزوم ما لايلزم هي ديوان لأبو العلاء المعري ] فهو يقول
ابو العلاء والصحيح هو ابي العلاء لكونها مجروره باللام ، وعلى هذه الطريقة الساكنه نجد الكثير من الاغلاط النحوية في كُـتـيّـبه الذي يقول عـنه أنّـه جمع فلـسـفة المعري كلّـها فيه وعلى طريقة الكاتب في النحو الساكن .
ففي الصفحة 15 من الكُـتـيّـب يقول الكاتب هادي العلوي [ لا انكار ان المعري شاعر ، هذا ما اتفق عليه الاقدمين وهو كذالك بمعيار الحداثه الادونسي والمعري عند أدونيس شاعر حقيقي ] .
أقول كان على الكاتب ان يقول الاقدمون وليس الاقدمين ثم اني اسأل من يكون ادونيس حتّـى يضع المعايير ؟؟
انّ المعايير لايضعها شخص مهما بلغتْ منزلته الادبية او العلمية او السياسية وانما هي انطباعات أجيال وأجيال عن ذلك الشاعر او الاديب من خلالها يتم التقويم أما ما يقوله ادونيس فما هو الا انطباع شخصي لا يُـرْكَـنُ اليه كما ان المعري في غِـنى عن تقويم شاعريته لانه من الشاعرية بمكان مع قدرة لغوية متميزة .
وفي الصفحة 19 يتناول العلوي السلوك الديني في شعر المعري فيقول [ نقد الدين كأديولوجية ، يطال به الالوهية ، النبوة ، مفردات اصول الدين والعقائد والعبادات والشعائر ] .
أقول اذا كـنّـا قد اغمضنا أعـيـننا عن النحو فلا يمكننا أن نغمضَ على تركيبة الجملة الركيكة وكان عليه ان يقول : نَقَـدَ المعري الدين كأديولوجية تناول فيها الالوهية الى اخـره بدلاً من يطال لأن الفعل طال يطول .
والحقيقه ان المعري والعلوي ومن على شاكلتهما لم ولن يطولوا من الالوهية او الدين ولوبمقدار جنح بعوضة او اصغر وفي نفس الصفحة يقول [ يميل انكار الاله تارة والطعن بعدالته وحكمته تارة اُخرى ] ويسـتـشهد بثلاثة ابيات من لزوميات المعري :
قلتم لنا خالق حكيم ...قلنا صدقتم كذا نقول
زعمتموه بلا مكان... ولازمان ألا فقولوا
هذا كلام فيه خبئ ... معناه ليست لنا عقول
ثم يعقب العلوي شارحاً الابيات فيقول [ تنفي هذه اللزوميه وجود شيئ خارج الزمان والمكان اي خارج العالم ، فلو تصورنا وجود اله فلابدّ ان يكون داخل العالم وهو محال فلـسـفـيّا لأن يقتضي اثبات الجهة كما أنّـه يقتضي اشتمال الاله على مادة حتى يصح له وجود داخل عالم مادي مشتمل على الزمان والمكان ] انتهى شرح هادي العلوي .
وأقول اذا كان المعري معذورا لكونه أعمى فأنتَ يا علوي غير معذور وأنت ترى وتقرأ عن هذا الكون الفسيح العجيب وعن الاكتشافات العجيبة المذهلة لهذا الكون ، وكان عليك وعلى المعري ان يسأل نفسه من اين اتى هذا الكون المادي الذي لايمكن تحديد حدوده الى الان ؟؟ وكيف تكونت كينونته الدقيقه المنسجمة الحركة والدائمة ؟؟ وحسب المنطق الفلسفي الذي يقول لابدّ لكل مخلوق من خالق ولكل موجود من واجد كان من المنطق ان يقول من أين اتى هذا الكون ومن أللف بينه بهذا النظام البديع الرائع ؟؟ اترك الاجابه للعلوي ولشاعرنا المعري ولمن على شاكلتهما وإنّا لله وإنّـا اليه راجعون .
ويتناول الكاتب ابياتًا من شعر المعري التي ينقد فيها الدين وينكر الخالق وهي ......
ومولد هذي الشمس اعياك حـدّه ...وخبّـر لبٌ أنه متقادم
وقوله ايضا :
ولو طار جبريل بقـيّـة عمره ... عن الدهر ما اسطاع الخروج عن الدهر
وعلى هذا يعلق الكاتب فيقول [ تبعاً للمشائية الافلاك خالده والعالم الازلي هو هذا العالم الذي تتوسطه الشمس الازليه مثله وحدوده هي حدود مجموعتنا الشمسيه بعد ادخال النجوم الثوابت فيها ، وفي الفلسفة الحديثه الخالد هو المادّه فقط دون الاجزاء المركبة منها ، امّـا مجموعتنا الشمسيه فهي مركبات غير خالده من المادة الخالده وقد تناولت اللزوميه ازلية العالم من خلال ازلية الشمس فأصابت في الكُلّي وأخطأت في الجزئي ] انتهى .
أقول كان الاجدر بالكاتب ان يقول ان الشاعر المعري قد اخطأ في الجزئي وفي الكلّـي وقد شـطّ عن الصواب حين ربط شاهديه بالدين ولو تأملهما لوجدهما يدوران حول رأي فلسفي ، وان الدين لا يمتّ الى الفلسفة في شيئ وإنّما الفلسفة قد تطـفّـلت عليه حيث راحت تدور حول الدين باسـتـنـتاجات لعقول محدوده ووسائل قاصره تقارن وتقيس من خلال المحسوسات الماديه بمثيلاتها عن قدم العالم والزمان المقرون بهما ، ولو علموا ما نعلمه اليوم عن الكون لخرّوا ومنهم المعري الى الاذقان ساجدين و مسبحين خالقَه المبدعَ المصورَ ، أمّـا من يتعامى عن هذه الحقيقه ويكابر فما من حسابه علينا من شيئ والى الله مرجعنا جميعا واليه المصير .
ويقول الكاتب هادي العلوي







وائل الوائلي
منذ 4 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN