1

بمختلف الألوان
رِسالةٌ إلى قَلبِكَ (الرَّحمَةُ) عِندَما تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا، وَعِندَما تَتَسَاءَلُ: أينَ الفَرجُ مَتَى تَنكَشِفُ الغُمَّةُ تَذَكَّرْ هذهِ الآيَةَ العَظيمَةَ: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
حين تختل المعايير: الزواج بين المظهر والمسؤولية
عدد المقالات : 11
حين تختل المعايير: الزواج بين المظهر والمسؤولية
الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي

هذا المقال محاولة لتسليط الضوء على مشكلة معاصرة بدأت تُهدّد البنية النفسية والاجتماعية للأسرة العربية، خصوصًا في العراق، حيث تتقاطع ظواهر مثل الطلاق السريع والعنوسة المتفاقمة مع أنماط تفكير غير ناضجة في اختيار شريك الحياة، في ظل غياب أي تدخل جاد من المؤسسات المعنية.
تشير الدراسات السوسيولوجية إلى أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وأن استقرارها النفسي والاجتماعي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنضج قرار الارتباط، وتوازن معايير الاختيار بين الطرفين.
عندما تطغى المظاهر المادية في مرحلة الاختيار، تتحول العلاقة الزوجية إلى مشروع هشّ، قابل للانهيار عند أول اختبار.
من جهة أخرى، تُعد العنوسة ظاهرة اجتماعية مركبة، تتجاوز بعدها الشخصي إلى آثارها على مستويات التعليم، الإنتاجية، الأمن المجتمعي، والعلاقات البينية بين الأجيال.
وحين لا تتعامل الدولة والمجتمع مع هذه الظواهر كجزء من السياسات التنموية، تُهدر طاقات بشرية ضخمة وتُنتج أزمات خفية تتفاقم ببطء.
من هنا، فإن التعامل مع الزواج بوصفه "مشروع مسؤولية"، لا "فرصة استهلاكية"، يُعد من أساسيات التصحيح المجتمعي المستدام.
عندما يبدأ الإنسان رحلة البحث عن شريكة حياته، عليه أن يُدرك أن هذه الخطوة ليست مجرد ارتباط، بل هي نواة لبناء أسرة، واختيار أم مستقبلية لأطفاله، كما أرادها الله تكريمًا للحياة.
من هنا، ينبغي الحذر من اختزال الزواج في مظاهره السطحية. فعندما تتركز اهتمامات الطرف الآخر على تفاصيل مثل قيمة المهر، نوع القاعة، الماركات، الذهب، ومكان شهر العسل، أكثر مما تنشغل بجوهر العلاقة وبناء الأسرة، فذلك مؤشّر خطير على اختلال الأولويات.
مثل هذا النموذج من العلاقات يُنذر بفشل مُبكر، لأن ما بُني على المظاهر قلّما يصمد في وجه مسؤوليات الزواج وتحدياته.
وفي هذا السياق، تبرز حالات الطلاق المتزايدة في مجتمعاتنا العربية، خصوصًا في العراق، بوصفها نتيجة مباشرة لسوء الاختيار منذ البداية.
بل إن البحث عن "زوجة تُجيد دور الأم" أصبح مهمة صعبة في ظل غلبة القيم الاستهلاكية والمفاهيم المغلوطة عن الزواج، وهو ما يُفسّر ارتفاع نسب العزوف عن الزواج من جهة، وتزايد حالات الانفصال السريع من جهة أخرى.
مطلوب من الأهل أن يربوا أبناءهم ليكونوا مؤهلين أن يصبحوا أمهات أو آباء مستقبلاً،
وعدم تقديم الشكليات على أساسيات بناء الأسرة.
كثير من حالات السعي للزواج قد فشلت بسبب الاختلاف على الشكليات بين العوائل،
بسبب العقليات المتحجرة، وكانت نتيجتها أن الفتاة بقيت بلا زواج، ومضى العمر لتجد نفسها قد جاوزت الأربعين عامًا،
وقتها تندم كثيرًا على الفرص التي كانت في متناول يدها ورفضتها بسبب شكليات تافهة.
واليوم يُعاني المجتمع العربي كثيرًا من حالات العنوسة بين الرجال والنساء،
كما أن الحكومات لا تتخذ أية خطوات لمعالجة هذه الظاهرة السلبية،
أما منظمات المجتمع المدني، وعلى كثرتها، فإن هذه المشكلة المجتمعية تكاد لا تعنيها،
بينما لو دققنا فيها، نجد أن مشكلة العنوسة تكاد تكون من أكثر المشاكل المجتمعية التي لها انعكاساتها السلبية على كل مفاصل التنمية المجتمعية والانفتاح والتقدم.
فمتى تلتفت الدول لمعالجة هذه المشكلة
إن من مسؤوليات الأسرة أن تُربّي أبناءها وبناتها على أساس أن يكونوا مؤهّلين نفسيًا واجتماعيًا لدور الأبوة أو الأمومة في المستقبل، لا أن تُغذّي فيهم التصورات الاستهلاكية أو الانشغال بالمظاهر.
فكثير من محاولات الارتباط فشلت لا بسبب اختلافات جوهرية، بل بسبب الخلاف على أمور شكلية بين العوائل، نتيجة أنماط تفكير جامدة لا تميّز بين الأساس والثانوي.
وقد كانت نتيجة ذلك أن فتيات كثيرات وجدن أنفسهن وقد تجاوزن سنّ الأربعين دون أن يُمنحن فرصة تأسيس أسرة، بعدما ضيّعن فرصًا كانت حقيقية، لكن تم رفضها لأسباب لم تكن تستحق.
وفي ظل هذا الواقع، تُعاني المجتمعات العربية من ارتفاع معدلات العنوسة لدى الجنسين، دون أن تبدي الجهات الرسمية أو منظمات المجتمع المدني اهتمامًا جادًا بهذه المشكلة، رغم ما تحمله من تداعيات سلبية واسعة.
فالعنوسة ليست مجرد ظاهرة فردية، بل تُلقي بظلالها على الاستقرار الاجتماعي، والنمو السكاني المتوازن، وحتى على مؤشرات التنمية والانفتاح المجتمعي.
فمتى تلتفت السياسات العامة، والبرامج الاجتماعية، إلى أن هذه القضية تستحق أن تُدرج في قائمة الأولويات التنموية، لا أن تُترك معلّقة على هامش الاهتمام
ليس الزواج مجرد عقد شرعي بين رجل وامرأة، بل هو مسؤولية إنسانية تبدأ من اختيار ناضج، وتُبنى على مشاعر صادقة وقيم متوازنة.
وما لم نُعد النظر في طريقة تفكيرنا في الزواج، ونُربّي أبناءنا على أن الأهم ليس حفلة الزفاف بل "الحياة التي تليها"، سنبقى نُكرّر ذات الأخطاء، ونُفرغ مؤسسة الأسرة من محتواها الأصيل.
ولن تنهض أمة تُهمل بناء الأسرة، لأن في سقوطها سقوطًا صامتًا لكل ما بعدها.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 9 ساعات
2025/06/12م
لوحة من الألوان الساحرة ومياه براقة في مشهد ساحر أقرب لأفلام الخيال العلمي تقع البحيرة المرقطة على بعد 8.8 كيلومتر من غرب أوسيوس في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية ، وتغطي مساحة 152 كيلو متر مربع ، بشكلها الفريد النادر الذي يشبه جلد النمر حيث تتبخر معظم مياهها في فصل الصيف وتتحول المركبات المعدنية... المزيد
عدد المقالات : 46
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 9 ساعات
2025/06/12م
في شهر حزيران من عام 1996 مررت بأصعب الظروف يمكن ان يمر به إنسان حيث خسرت عملي في المطعم بعد مشاجرة مع زبون مترف ولم اتوفق في الدراسة حيث رسبت في الكلية مرة اخرى بسبب استاذ "بعثي" وتزوجت حبيبتي من رجل أعمال يملك سيارة نوع "سوبر" كنت ساخطا جدا على نفسي وعلى المجتمع ابحث عن المشاكل لأغرق اكثر لم اعد انام اقضي... المزيد
عدد المقالات : 9
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/06/09م
خَنَقَني المَعنَى لِسِنينَ، وَلَم أَكُن أَعرِفُ اسمَهُ سَنَواتٌ مِنَ المُعاناةِ الصّامِتَةِ، كَأَنَّ في حَلقي شيئًا عالِقًا، لا يُهضَمُ ولا يُزاح، يُثْقِلُ النَّفْسَ، وَيَخنُقُ الكَلِمَةَ، وَيُورِثُني شُعورًا دائِمًا بِالاخْتِناقِ المَعْنَوِيّ. لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُدرِكُ ما أُعانِيهِ،... المزيد
عدد المقالات : 119
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/06/09م
لماذا أكتب رغم كل شيء يطرح كل كاتب هذا السؤال بين وقت وآخر: لماذا أكتب ما هو الدافع الحقيقي وراء هذه الكلمات التي أضعها رغم الشك والتعب هل أكتب لأكون مشهورا أو ليعرف اسمي في الصحف والمجلات لو كان هذا كل ما أسعى إليه، فلا أظنني كاتبة بحق فالشهرة شيء زائل لا يروي الروح ولا يشبع العطش الداخلي. فالكتابة... المزيد
عدد المقالات : 23
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/06/09م
ظمأ وعشق ( قصة مبعوث الحسين مسلم بن عقيل ) *( رسائل ومبعوث) لَحِقَ الأمَّةَ عارٌ بعد تسلّم يزيد الخلافة ممَّا دعا أهل الكوفة الى إرسال الرسائل المتكررة لابن بنت رسول الله في المدينة أرسلوا له الدعوة يحملونه المسؤولية أَمام الله والأمَّة إنْ تأخر عن إنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم. تمهل الإمامُ... المزيد
عدد المقالات : 380
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/06/02م
بقلم زيد علي كريم الكفلي جلست وحدي في غرفتي الصغيرة وجلس معي طيرا توقف عن الطيران... شاهدت بصيص شعاع نور أنار ظلامي أخذت أتأمله طويلا... سمعت صوته يحوم في أزقة أفكاري إلى متى وأنت تجلس في هذا الظلام بحثت عنه في كل الظلمات... في وراء النجمات... في أوراق الزمن الماضي... رأيت صورته المعلقة على جدران قلبي... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/05/30م
أرض الأحلام قصيدة للشاعر/حمدي الروبي ................ يتجمدُ .. كلُّ الماءِ العذب تتناثرُ .. كلُّ حروفِ الحب تتدافعُ عبراتُ الأشواق طوفانًا يجتاحُ العشَّاق وأحملُ أوراقكِ ، أوراقي وأُخبئكمُ .. في أحداقي وأسعى .. في معراج الوجد إسراءً .. في أرض الأحلام أتطايرُ .. فوقَ الأوهام حيث .. لا ظلم ولا وهم حيث ..... المزيد
عدد المقالات : 31
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/05/30م
بقلم زيد علي كريم الكفلي هذا الذي تعرف البطحاء وطأته... والبيت يعرفه والحل والحرمُ.....هذا ابن خير عباد الله كلهم.....هذا التقي النقي الطاهر العلمُ........إذا رأته قريش قال قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم. قال عنه السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: كان الفرزدق سيدا جوادا فاضلا ، وجيها عند الخلفاء والأمراء،... المزيد
عدد المقالات : 77
علمية
استلام المتسابق : ( علي محمد عبد الله ) الفائز بالمرتبة الثانية لجائزته في مسابقة كنزالمعرفة لشهر نيسان/ 2025 ألف مبارك للأخوة الفائزين، وحظاً أوفر للمشتركين في الأعداد القادمة.. يمكنكم الاشتراك في المسابقة من خلال الرابط : (http://almerja.com/knoze/) المزيد
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثامن: الاحتمال والحتمية: النظريات المتقابلة في ميكانيكا الكم الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 10/06/2025 في الجزء السابع، وصلنا في سياق الحديث عن مثال النافورة إلى العبارة التالية: بالمراقبة على مدى فترة... المزيد
استلام المتسابق : ( جعفر علاء محسن الموسوي ) الفائز بالمرتبة الأولى لجائزته في مسابقة كنزالمعرفة لشهر نيسان/ 2025 ألف مبارك للأخوة الفائزين، وحظاً أوفر للمشتركين في الأعداد القادمة.. يمكنكم الاشتراك في المسابقة من خلال الرابط : (http://almerja.com/knoze/) المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/05/04
أصدر قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتابًا بعنوان "قلوب بلا مأوى". يضمّ الكتاب مجموعة قصصية إنسانية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
2025/05/04
( صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com