الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
غذاء الشباب
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص506ــ509
2025-05-25
14
إنَّ انتقال الإنسان من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، تترافق مع تغييرات عميقة في جسمه، تجعل العناية بغذائه ضرورة لا غنى عنها إذا أردنا أن ينشأ صحيحاً قوياً.
ومن الملاحظ أنَّ الطعام الشهي يستهوي الشاب أكثر مِمَّا يستهويه الطعام المفيد لصحته ونموه ولذا فمن الضروري أن نقدم له الوجبات الشهية والمفيدة في آن واحد فمن المُسلَّم به أن حاجة الشاب إلى المواد الأساسية تفرضها طبيعة المرحلة الحاسمة التي يمر بها، فإذا احتوى غذاؤه على الحليب واللحم والطيور والسمك والجبن والبيض والزبدة والحبوب الجافة والفواكه والخضار والحمضيات والبطاطا والخبز كان معنى ذلك حصول جسمه على تلك المواد الأساسية. وكثيراً ما يكون نشوء الشاب نحيفاً عليلاً ذلك مرده إلى عدم عناية والديه باختيار الغذاء الذي يلبي حاجات جسمه الزائد النمو، فإنَّ ازدياد الحجم والطول معناه حاجة الجسم إلى مواد بناءة. وهذا النوع يبلغ أعلى درجاته في السنتين اللتين تسبقان البلوغ.
أن الفتيات يختلفن عن الفتيان في السنة التي يكتمل فيها ومع نموهن فإنَّ المعروف أنَّ فترة تكامل النمو لدى الفتيات تتراوح بين الثامنة والرابعة عشرة. ومتوسط هذه الفترة هو ما بين الحادية عشرة والثالثة عشرة. أما الفتيان فإنَّ نموهم يتأخر عن الفتيات ما يقارب السنتين.
ويتباطأ النمو بعد تلك الفترة حَتَّى يتوقف تماماً بعد خمس سنوات من البلوغ وفي هذه الفترة تكون حاجة الشاب إلى التغذية أشد منها في أية فترة أخرى وتزيد هذه الحاجة عن حاجة الفتاة لأنَّ الفتى يبذل مجهوداً أكبر وعلى طريقة تغذيتنا للشاب خلال تلك الفترة نكون قد حددنا - إلى حد كبير ـ حالة جسمه فيما بعد.
ولما كان الجسم يعمد إلى اختزان الأغذية فإننا نجد أنَّ حاجته إلى الغذاء تبقى ملحة حَتَّى بعد البلوغ بسنوات عديدة، لأنَّ العظام في هذه الفترة تبدأ بالتصلب ومعادنها تأخذ بالازدياد وهذا كله يتطلب تغذية جيدة وخاصة بالمواد البروتينية والكلسية والحديد، فإذا نقص أحد هذه المواد أدى إلى وجود ضعف في العظام. وربَّما أدى إلى ضعف في القدرة الجنسية.
إنَّ دلائل نقص المواد الأساسية تبدو لنا في بطء نمو الجسم، وقلّة حيويته، وأن عدم حصول الجسم على حاجته من السعرات الحرارية (الكالوري) يؤدّي إلى سوء تمثل البروتين والكالسيوم في الجسم. فهو حين لا يحصل على حاجته من المواد الكربوهدرائية (السكاكر والنشويات والدهن؛ فإنَّه يستهلك البروتين الداخل إليه بدلاً من أن يخزنه ويستخدمه في البناء.
وكثيراً ما نلاحظ أن البدانة تصيب الشباب والفتيات، فنرى الفتيات يعمدن إلى الإقلال من طعامهن وتطبيق الحمية (الرجيم).
والواقع أن سبب هذه البدانة هو قلة الحركة، أكثر من أن تكون التغذية المفرطة، ومعنى ذلك أنَّ على الشباب أن يوجهوا عنايتهم إلى الرياضة التي تستدعي حركة ونشاطاً كالسباحة وكرة القدم، والتنس، والمشي، والألعاب السويدية.
إنَّ حاجة الشباب إلى مواد غذائية معينة وهو في سن البلوغ تختلف عن حاجته إليها فيما بعد، فهو ـ مثلاً ـ يحتاج إلى مقادير من البروتين أكثر من حاجته إليها في سني حياته المقبلة. وقد أثبتت التجارب والدراسات أنَّ لا خطر على الشاب من تناول البروتين بكثرة.
والمصدر للبروتينات هو اللحوم. وخلافاً لما هو شائع، فتناول اللحوم لا يسبب لآكلها البدانة، بل هو يساعد الجسم في عملية الاحتراقات ويزوده بالفيتامينات والمعادن، كما أن الكالسيوم والفيتامين (د - D) ضروريان لنمو جسم الشاب وهما موجودان في الحليب والبيض والزبدة.
ولقد عرف عصرنا هذا عادة سيئة باتت شائعة لدى الجميع، شباباً وغيرهم، رغم مساوئها وأضرارها، وتعني بها عادة اختصار وجبة الصباح، واقتصارهم فيها على كوب من الحليب أو الشاي، أو إلغاء الوجبة تماماً بحجة السرعة من جهة، وخضوعاً لفكرة شائعة خاطئة تقول إنَّ من الخير للإنسان ألا يتناول طعاماً في الصباح.
والواقع أنَّ من أكثر الأمور تأثيراً على الصحة أن تستقبل أفضل ساعات يومنا بالعمل والحركة والتفكير بمعدات خاوية لأن النتيجة الطبيعية لذلك هي استنفاد ما في الجسم من المواد احتياطية، وبالتالي فقر الدماغ من الدماء، مِمَّا يجعل الذاكرة ضعيفة، والمحاكمة لا تخلو من خطأ، والجسم - عموماً ـ كسولاً خاملاً ما دام خالياً من الطاقات الحرارية اللازمة له لكي يؤدّي عمله على الوجه الأكمل.
إن وجبة الصباح هي أهم وجبات اليوم إطلاقاً، فالمعدة تكون خالية في الصباح فهي مستعدة لتقبل كل ما يلقى فيها من غذاء، ولذا من الضروري أن نلبي هذه الحاجة، وأن نزوّد المعدة بالمقادير الغذائية الكافية لإمداد الجسم بحاجته من مصادر الحرارة... وقد ثبت بالإحصاءات الدقيقة، أنَّ العامل الذي تناول إفطاره صباحاً يكون أقدر على الانتاج من العامل الذي جاء المعمل من غير طعام، وأنَّ الطالب الذي استجاب لحاجة معدته من الغذاء أقدر على استيعاب الدروس من ذاك الذي جاء المدرسة من غير غذاء. وإن كان يتعلل بأنه لا يحس بالشهية للطعام. فهذا القول مردود، لان الجسم يعتاد على ما يعوده الإنسان عليه؛ وأنَّ قليلاً من الألعاب الرياضية في صبيحة اليوم كافية لإثارة الدورة الدموية، وإعداد الجسم لتناول طعام الإفطار بشهية، ومن الضروري أن تكون وجبة الصباح منوعة في موادها غنية بفيتاميناتها وأملاحها المعدنية.
إذن، فحاجة الشباب إلى التغذية الكاملة حاجة أساسية جداً، ولا يمكن التغاضي عنها إطلاقاً، إذا أردنا لأجيالنا الصاعدة أن تنمو قوية الأجسام، كما يجب أن نهتم بوجبة الصباح اهتماماً خاصاً، بحيث يستطيع الشاب أن يتزود بما يساعده على إطلاق طاقاته الذهنية والجسدية إلى أبعد مدى ممكن، مستعيناً على ذلك بما تزود به من غذاء صباحي غني(1).
___________________________
(1) الغذاء لا الدواء: ص 594.