مانعات التغذية (المواد التي تمنع تغذية الآفات على النبات) Antifeedants
أولاً : مقدمة
تعتبر مانعات التغذية أحد الاتجاهات الحديثة في المكافحة ، والتي ظهرت في أوائل الستينيات بغرض حماية المحصول من مهاجمة الآفة . وهي تختلف في ذلك عن المبيدات الحشرية في كونها لا تؤدى إلى القتل المباشر للآفة ، أو طردها ، بينما يرجع تأثيرها إلى قدرتها على منع تغذية الآفة ، وبالتالي تموت الحشرة نتيجة الجوع إذا لم تجد عائلاً آخر ؛ وبذا يمكن حماية المحصول أو منتجاته . ويتمتع استخدام مانعات التغذية ، في برامج التحكم المتكامل للآفات ، بسمات معينة تضاعفت من ضرورة الاهتمام به ؛ حيث إنه يقدم الحماية للمحاصيل المتخصصة ، ويجنب كذلك الضرر للكائنات غير المستهدفة ، وهذه ميزات هامة لا يمكن تجاهلها . ومع ذلك فقد تكون هذه الوسيلة شركا أو خداعًا لا يمكن إدراكه . ولا تعطى التجارب المعملية عادة الصورة الحقيقية بالمقارنة بتجارب الحقل ؛ حيث إن التوصل إلى نتائج طيبة داخل ظروف المعمل يحكمه غياب العائل الآخر ، بينما في الحقل تكون الحشرة حرة الحركة والتجول من مكان لآخر ، وبالتالي قد تتمكن من العثور على بعض العوائل الأخرى كالحشائش مثلاً فتتمكن من تفادى أثر المانع . وقد تموت الآفة نتيجة فشلها في العثور على عائل آخر تتغذى عليه .
تعريف مانعات التغذية Definition of antifeedants
تشير الدراسات القديمة لهذه المركبات على أنها مواد طاردة Repellents . ولكن اصطلاح Antifeedant لا يعنى الطرد بدليل أن الحشرة لا تبتعد عن السطح المعامل . ويلي ذلك استخدام اصطلاح آخر هو فاقد للشهية Appetite anorexient ، وهو اصطلاح غير دقيق حيث إن شهية الحشرة لا تتأثر في وجود الغذاء الملائم. كما أطلق أيضا اصطلاح طارد للتذوق Gustatory repellent ، وهذا الاصطلاح لا يدل على طريقة تأثير هذه المركبات ؛ حيث إن الطرد هنا يعني اتجاه الحشرة بعيداً عن المصدر الغذائي المعامل . وقد اقترح العالم Dethier وآخرون عام 1960 استخدام اصطلاح مانع ، أو عائق التغذية Feeding deterrent ، وهو أكثر المصطلحات قبولا . وفي عام 1965 ذكر Frazer تعبير Rejectant ، وهو يعنى الرفض أو النبذ . وتعتبر اصطلاحات Antifeedant, Rejectant ، من أكثر المصطلحات المستخدمة قبولاً في الوقت الحاضر . وعموما .. يمكن تعريف مانعات التغذية بأنها عبارة عن المواد الكيميائية التي تمنع بدء ، أو استمرار تغذية الحشرة على العائل المناسب ، ولا يهم أن تكون هذه المواد ذات تأثير طارد أو سام .
نبذة تاريخية عن مانعات التغذية
يعتبر مركب .Z.I.P ( ملح خارصيني مشتق من حمض Dimethyl dithio carbamic acid ) من أول المركبات التي استعملت كمانعات للتغذية ، حيث استخدم لمنع الفئران والغزلان من التغذية على قلف وبراعم الأشجار في فصل الشتاء . وهذه المادة سامة جدا للنبات ، خاصة عند استعمالها على المجموع الخضري ، وهي لا تؤثر على الحشرات . وفى عام 1928 ( قبل استخدام Z.I.P ) ، ظهر مركب Mitin FF كمانع لتغذية يرقات فراشة الملابس . وفى عام 1932 اختبر Metzger & Grant حوالي 500 مادة كيميائية ضد حشرة الخنفساء اليابانية Popillia japonica ، ولم تكن النتائج مشجعة . كما كان ظهور مركب 24055 عام 1959 بداية لانطلاق استخدام مانعات التغذية في مجال مكافحة الآفات الزراعية . وفي عام 1962 لفت Pradhan وآخرون الأنظار إلى قيمة مستخلصات شجرة الزنزلخت (Amadirachta indica (Neem في منع تغذية الجراد الصحراوي ، ويعتبر هذا الاكتشاف أفضل ما تم تحقيقه في مجال مانعات التغذية ذات الأصول الطبيعية . وقد لاحظ Chapman عام 1974 أن اختبار كفاية المادة المانعة للتغذية ضد عدد كبير من الآفات يعتبر عملية غير مجدية ، وذلك بسبب الاختلافات في درجة استجابة الأنواع للمواد النباتية الثانوية ؛ مما يدعو إلى البحث عن مانعات تغذية متخصصة ضد آفات معينة .
ويمكن القول من خلال الدراسات المتاحة إن للآفة المتخصصة ( ذات التغذية الخاصة ) عدداً محدودا من العوائل . وقد يكون السير في هذا الاتجاه أكثر تحقيقا للهدف المنشود من استخدام مانعات التغذية لمكافحة الآفة . وأظهرت الدراسات أن عدد مركبات مانعات التغذية الفعالة للجراد قليل العوائل ، ( الجراد الأفريقي ) L. migratoria ، يبلغ أربعة أضعاف الجراد عديد العوائل ( الجراد الصحراوي ) .S. gregaris وعموما .. تكون هذه الكيميائيات المانعة للتغذية فعالة عند حدود التركيزات المنخفضة . ومن الجدير بالذكر أن المركبات المانعة للتغذية للجراد الأفريقي ، تكون في نفس الوقت منبهة للتغذية Phagostimulant الجراد الصحراوي ، وذلك حتى إذا أظهر مركب Azadirachtin فعلاً استثنائيا كمانع للتغذية ضد حشرة الجراد الصحراوي . ولعل ذلك يوضح ضرورة عدم إهمال الأنواع عديدة العوائل الغذائية في اختبارات مانعات التغذية .
يجب أن يتم التركيز في البحث عن المركبات الفعالة ذات المجاميع الكيميائية الخاصة ، مثل : مجاميع Terpenoid ومن أمثلتها مركب Azadirachtin وهو مركب ثلاثي التربينويد Triterpenoid ، وقد وجد حديثا أن أشجار الزنزلخت تحتوي على أكثر من 12 مركبا مشابها له ، منها مركبان ذوا تأثير مانع للتغذية . وقد أظهرت الدراسات أن بعض مانعات التغذية ثنائية التربينويد لها تأثير فعال ضد حشرة دودة ورق القطن . ولعل وجود اللاكتونات في العائلة المركبة Compositae يدعو إلى التركيز على هذه المجموعة من الكيميائيات في الدراسة . ومن الضروري الاهتمام بمجموعة البيرثرويدات المخلقة من حيث أثرها المانع لتغذية الحشرات .
ثانيًا : تقسيم مانعات التغذية وفقا للتركيب الكيميائي
تتميز مانعات التغذية عن غيرها من الاتجاهات الحديثة بتاريخها التطبيقي ، وذلك منذ استخدامها لحماية الملابس من الآفات ( Wright عام 1963 ) . ومن الواضح أن هذه المجموعة من المركبات ، التي تتميز بالقدرة على منع تغذية الآفات ، ذات مدى واسع جدا من حيث تركيبها الكيميائي . ومن أهم المجموعات التي تندرج تحتها هذه المركبات ما يلى :
1 - مجموعة مركبات ثلاثية الآزين Triazenes
يندرج مركب 4-(3,3-dimethyl-1-triazeno) Acetanilide - (Ac-24055) تحت هذه المجموعة . وقد خرج هذا المركب من النطاق التجريبي إلى التطبيق الحقلي . وهو مركب صلب عديم الطعم والرائحة ، يتحلل بسرعة في الوسط الحامضي ، ويتحول لونه إلى اللون الداكن ، تعتبر سميته للثدييات متوسطة حيث إن 50 LD الفئران عن طريق الفم = 510 مجم / كجم ، بينما تصل في الأرانب إلى 1400 مجم/ كجم . وليس له تأثير مهيج للجلد أو العين ، أو تأثير ضار على النبات في حدود الجرعات المستخدمة ، ويمكن إنتاجه بسهولة وبتكاليف اقتصادية بسيطة . وهي مادة غير متخصصة ؛ حيث تؤثر كمانع للتغذية على الخنافس ، والسوس ، والصراصير ، ويرقات حرشفية الأجنحة . وليس لهذه المادة تأثير ضار على الأعداء الحيوية ، أو النحل . ومخلفاتها غير سامة . وقد أظهرت تجارب المعمل أن هذا المركب فعال جدا كمانع التغذية ضد العديد من الحشرات التي تتغذى على الأسطح ، ولكنه أقل فاعلية ضد الحشرات التي تتغذى على الأنسجة العميقة . ولم يدخل هذا المركب مجال التطبيق الواسع لضعف قدرته على حماية النموات الجديدة ، وعدم قدرته على تخلل السطح المعامل .

2 - مجموعات مركبات القصدير العضوية Organotins
استخدمت هذه المجموعة من المركبات كمبيدات فطرية في البداية . وقد أشار Ascher إلى أنه لمركب البرستان Brestan ( أحد أعضاء هذه المجموعة ) القدرة على منع تغذية الحشرات على النباتات المعاملة وذلك عند استخدامه كمبيد فطري . وقد أظهرت الدراسات تفاعل هالوجينات مركبات القصدير العضوية ببطء مع الماء على النحو التالي :
R3 Sn OH + HCL → R3 Sn CL + HOH
وترجع خاصية منع التغذية إلى الكاتيون +Sn 3C6H5)) ، أما تأثير الأنيون فهو ضعيف . وقد أعطت هذه المجموعة من المركبات نتائج طيبة في المعمل والحقل ضد خنفساء الكلورادو ، ويرقات درنات البطاطس ، دودة ورق القطن ، الدودة القارضة . ومن أهم مركبات هذه المجموعة : الديوتير Du-Ter البرستان Brestan ، البرستانول ، الديوتيرتيترا ، والبلكتران. وتتميز هذه المجموعة عموما بقدرتها الإبادية للفطر ، والنيماتودا ، والقواقع ، والحشرات ذات الفم القارض بجانب أثرها التعقيمي ضد بعض الحشرات .

3 - مجموعة الكاربامات Carbamates
استخدمت مجموعة الكاربامات أساسًا كمبيدات حشرية . وقد أجريت العديد من التجارب التي أظهرت قدرة مركبات الشيوكاربامات على منع تغذية خنفساء البقول المكسيكية ، وخنفساء الكلورادو ، والخنفساء اليابانية . كما أظهرت مجموعة من مركبات الفنيل كاربامات كفاءة واضحة في منع تغذية يرقات السبخة المالحة Salt marsh ، وذلك بعد المعاملة ب 1 / 10 الجرعة المميتة . ومن
أبرز مركبات هذه المجموعة مركب البيجون (Propoxur) ، الذي أظهر قدرات عالية كمانع للتغذية ضد العديد من الحشرات ذات الفم القارض . ومركب البايجون ، رمزه C11H15NO3 ، الاسم الكيميائي O-isopropxy phenyl) - N - methyl carbamate)، وزنه الجزيئي 209,2 ، مسحوق بلوري عديم اللون ، يذوب في الماء بنسبة قليلة جدا ، ويذوب في معظم المذيبات العضوية . يتحلل في الوسط العالي القلوية - وتوجد المادة التجارية في صورة مسحوق قابل للبلل بتركيز 50٪ ، أو في صورة مركزات قابلة للاستحلاب ( 20٪ ) أو محببات (6,5٪ ) . الجرعة الفمية للفئران LD50= 90 -128 ملليجرام/ كجم .

وقد أظهر مركب البايجون صفات جهازية كمانع للتغذية ضد سوس اللوز عند معاملتها بجرعة من 40 - 100 جزء في المليون . أما عند خفض الجرعة إلى 5 – 20 جزء في المليون ، أعطى المركب حماية جزئية فقط . ويعتبر هذا المركب من المركبات النادرة التي لها صفات جهازية كمانعات تغذية .
4 - المستخلصات النباتية Botanical extracts
من المعروف ان اختيار الحشرة عديدة العوائل لعائلها النباتي يعتمد إلى حد كبير على توزيع الكيميائيات الطاردة والمانعة للتغذية في المملكة النباتية . وعلى سبيل المثال .. فقد وجد Jermy عام ( 1966 ) عند اختبار أنواع مختلفة من الحشرات على 100 نوع نباتي إن النباتات التي لم تتغذ عليها الحشرة أو تغذت عليها بكميات قليلة ، تحتوى على مركبات مانعة للتغذية . كما اختبر ما يقرب من 200 مادة كيميائية نباتية ثانوية من حيث تأثيرها المانع للتغذية على النطاطات والجراد ، وقد أحدثت غالبية هذه المركبات نقصا في القدرة الغذائية للأنواع التي تتغذى على النجيليات ، مثل الجراد الأفريقي ، بينما أثر عدد قليل منها على الجراد الصحراوي ( عديد العوائل ) النباتية .
وكحقيقة عامة .. فإن الحشرات العديدة العوائل النباتية تعتبر أقل حساسية تجاه مانعات التغذية عند مقارنتها بالحشرات القليلة العوائل النباتية .
لكثير من المستخلصات النباتية تأثير طارد للحشرات ، ولبعضها قدرة على منع تغذيتها ، وقد أظهر مركب البيرثرم صفاته الجيدة كطارد للتذوق ضد حشرة الجلوسينا . كما أمكن عزل وتعريف مركب (6-methoxy benzoxazolinone (MBOA ، وهو مستخلص من نباتات الذرة المقاومة لدودة الذرة الأوروبية . ويوجد هذا المركب على حالة جلوكوسيد يطلق عليه (DIMBOA) . وينطلق هذا المركب بالفعل الإنزيمي إلى مكان الضرر الناشئ من التغذية ، ثم يتحول ببطء إلى مركب (MBOA) . وقد أشار Klum وآخرون عام 1967 إلى أن معظم التأثير المانع للتغذية في النبات إنما يرجع إلى مركب (DIMBOA) بدرجة أكبر من مركب (MBOA) .
وقد لوحظ حديثاً أن لمركب (Juglone) تأثيراً مانعاً للتغذية ضد خنافس اللحاء والصرصور الأمريكي . وتحتوي بعض النباتات على مركبات غير سامة تتميز بأثرها المانع لتغذية الحشرات ، وبعض الحيوانات وذلك لطعمها غير المرغوب . وقد أمكن تعريف مركبين ذوي تأثير مانع للتغذية ، هما (Plumbagin) وتم عزله من جذور النبات الطبي Plumbago capensis ، والثاني (Polygodial) وتم عزله من براعم نبات Polygonum hydropiper .

5 - المركبات المتنوعة Miscellaneous
وهي مجموعة من المركبات غير متشابهة ، ولا تنتمي إلى أي من المجموعات السابقة ، كما تتميز بقدرتها على منع تغذية بعض الحشرات . وقد وجد Dethier عام 1947 أن مركب ستيارات النحاس ، وكلوريد الزئبقيك يعتبران مركبين طاردين للتذوق ضد يرقات Tent caterpillar . كما أشار Tahori وآخرون عام 1965 إلى وجود كثير من المواد المنظمة لنمو النبات ، والتي تمنع تغذية يرقات دودة ورق القطن عند استخدامها بمعدلات عالية نسبيا على المجموع الخضري للقطن ، أو عند غمس أوراق القطن في محلول المركب . ومن أهم هذه المركبات : الكارفدان Carvadan ، الفوسفون - Phosfon ، السيكوسيل Cycocel ، البي نين B-nine . ولقد أظهرت الدراسات أن مركب الفوسفون هو أكثرها فاعلية حيث أعطى تأثيراً مانعاً لتغذية يرقات دودة ورق القطن بلغ 89 ٪ عند غمر أوراق القطن في محلول تركيزه 4000 جزء في المليون ، بينما أعطى تركيز 400 جزء في المليون نسبة منع للتغذية بلغت حوالى 35 %. وعند المعاملة الحقلية لأوراق نبات الفلفل والفول السوداني بمحاليل من الفوسفون تركيزها 1200 ، 400 جزء في المليون على الترتيب ، أمكن منع تغذية يرقات دودة ورق القطن على هذه النباتات .
وهناك مركب يخضع لهذه المجموعة من المركبات المتنوعة ، وهو ينتمي أصلاً إلى المبيدات الحشرية والأكاروسية وهو مركب Chlordimeform Galectron ) أو Fundal ) وقد أظهر قدرات عالية كمانع لتغذية يرقات دودة ورق القطن .

ثالثاً : طريقة فعل مانعات التغذية Mode of action of antifeedants
تشرع الحشرات ذات الفم القارض في التغذية بالقرض على السطح ، فإذا كانت منطقة القرض مقبولة لديها ، كررت العملية . أما إذا كانت المنطقة غير مستساغة لدى الحشرة ، حاولت القرض في مناطق أخرى ، أو توقفت عن التغذية ، وقد تترك النبات لتحاول مرة ثانية على نبات آخر . وقد تؤدى هذه الاستجابة للتغذية في النهاية إلى موت الحشرة نتيجة الجوع . وعموما .. تتم تغذية الحشرة طبيعيا على ثلاث مراحل متتابعة .
1 - المرحلة الأولى : الاتجاه والانجذاب نحو الغذاء Orientation or attraction
عندما تتاح للحشرات فرصة المفاضلة والاختيار بين نوعين من الغذاء ؛ أحدهما معامل بمانع التغذية ، والآخر غير معامل ، يلاحظ عدم وجود أية اختلافات في الاتجاه والانجذاب نحو كل من الغذائين ، أي أن فرصة اتجاه الحشرات نحو أحدهما تكون متساوية ( افتراض نظري ) ، حيث تتوزع الحشرات المختبرة نظريا بالتساوي على كل من الغذاء المعامل وغير المعامل .
2 - المرحلة الثانية : الشروع في القرض Biting
وفيها تشرع الحشرات التي اتجهت إلى كل من الغذاء المعامل وغير المعامل في القرض . ويظهر الاختلاف بينهما في مدى استمرار عملية القرض ؛ حيث تتوقف الحشرات التي اتجهت نحو الغذاء المعامل عن القرض ، بينما تستمر الحشرات التي اتجهت نحو الغذاء غير المعامل في القرض بشكل طبيعي .
3 - المرحلة الثالثة : الابتلاع أو الاستمرار في التغذية
Swallowing or sustained feeding
يكمن الفرق بين الحشرات التي تعرضت لغذاء معامل ، أو غير معامل أساسا في هذه المرحلة حيث تتوقف الحشرات التي شرعت في القرض عن التغذية تماما على غذاء معامل ، بينما تستمر الحشرات الأخرى في التغذية على الأسطح غير المعاملة . ويلاحظ وجود قضمات صغيرة جدا على أسطح الأغذية المعاملة ، وذلك لتجول الحشرة ومحاولاتها العديدة في القرض من مناطق مختلفة .
عموما .. تحتاج الحشرة إلى ثلاثة عناصر رئيسية حتى تتم عملية التغذية بشكل طبيعي ، وهي :
( أ ) وجود أعضاء الحس ، أو منبهات التذوق .
( ب ) غياب مثبط التنبيه ، أو المؤثر المانع للتغذية .
( ج ) يلزم أن تكون الحشرة في حالة الجوع .
وتشير الدلائل إلى أن مانعات التغذية تعمل على تثبيط فعل المستقبلات الحسية الكيميائية الخاصة بالتذوق (Gustatory sense organs (Chemoreceptors ، والموجودة في منطقة الفم ، فتفقد الحشرة تنبيه التذوق ، ويؤدى ذلك إلى فشلها في التعرف على السطح المعامل أو غير المعامل ؛ مما يؤدى إلى توقفها عن التغذية ، ثم تستمر في التجول بحثًا عن مصدر غذائي آخر . وقد أظهرت بعض الدراسات صدق هذه النظرية ، لأنه إذا لم يلامس مانع التغذية هذه المستقبلات الحسية ، فسوف تستمر الحشرة في التغذية بشكل طبيعي . وقد أجريت بعض التجارب المعملية على مركب (24055) بوضعه في تجويف الفم مع تجنب ملامسته لأعضاء الحس الخاصة بالتذوق ، ولم يظهر أي فعل مانع للتغذية ، كما أن حقن هذا المركب في فراغ جسم الحشرة ، أو غمر الحشرة في محلول المركب باستثناء منطقة الرأس لم يعط أي تأثير مانع للتغذية .
كما وجد Frankel & Waldbaur عام 1961 في دراستهما على يرقات حشرة الدخان أن المستقبلات الحسية الموجودة في الفك السفلى هي التي تنظم عملية التغذية ، وذلك بالإدراك الحسي للمواد المانعة للتغذية ، أو بواسطة التنبيه التلقائي للجهاز العصبي حتى يثبط ، أو يمنع التغذية إلى أن يتم حدوث تنبيه كامل ببداية التغذية عند توفر الظروف المناسبة .
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن مركب البرستان لا يعمل مباشرة على المستقبلات الحسية الخاصة بالتذوق ، والموجودة في منطقة الفم ليرقات دودة ورق القطن ، ولكنه يصبح فعالاً كمانع. للتغذية عند حقنه مباشرة في الدم . وقد لوحظ انخفاض نشاط إنزيمات الأميليز والبروتيز في القناة الهضمية ، في دراسات أخرى ، كنتيجة لمعاملة السطح الغذائي بمركبات القصدير العضوية رغم أن هذه المركبات لا تعتبر مثبطات ذات فعل مباشر على هذه الإنزيمات . وعلى العكس من ذلك.. فقد وجد أن مركب (24055) يحدث تأثيره المباشر على الحشرة عند ملامسته لأجزاء الفم ، ولا يحدث أي فعل مانع للتغذية بعد حقنه في دم الحشرة ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك . وقد أظهرت الأبحاث أيضاً أن المركبات Azadirachtin تأثيراً مباشراً على مستقبلات الحس الخاصة بالتذوق في الجراد الصحراوي ، وتوجد هذه المجاميع الحسية التي تتأثر بهذا المركب على السطح الداخلي للملمس الشفوي .
وفي دراسة لنشاط مانعات التغذية Chlordimeform ، Clerodin لوحظ عند معاملتها قميا ضد يرقات الدخان ( تمت المعاملة للشعيرات الحسية الكيميائية الخاصة بالتذوق والرائحة ) أن مكان التأثير يختلف باختلاف المركب ، فبينما كان تأثير مركب Clerodin على الملامس الفكية ، كان تأثير Chlordimeform في منطقة اللسان ؛ أي أن أعضاء الحس الكيميائية توجد في هذه المناطق بدرجات مختلفة من الحساسية للمواد الكيميائية المستخدمة . ويُترجم ذلك في صورة حركات متباينة لأجزاء الفم ، وقرون الاستشعار المتأثرة بمانعات التغذية . وتصدر هذه الحركات عن أعضاء الحس الكيميائية المتأثرة بمانع التغذية ، وتقوم بنقلها إلى الجهاز العصبي المركزي الذي ينقلها بدوره إلى الأعصاب الطرفية ، ثم إلى مناطق الحركة . ومن الجدير بالذكر أن هذه المركبات عديمة التأثير على معدل نشاط إنزيم الكولين إستريز ، وذلك عند استخلاصه من رؤوس يرقات العمر الخامس لحشرة الدخان .
رابعا : مراحل تقييم مانعات التغذية
1 - التقييم الحيوي الأولى The initial bioassay
رغم إمكانية التحكم في التقييم الحيوي المعملي ، إلا أنه من المفضل اختبار المادة الكيميائية على العائل النباتي ، وذلك للتعرف على أهمية المواد المنبهة للتغذية على العائل النباتي ، وغيره من العوائل المتداخلة التي قد تؤدى إلى إظهار الفعل التنشيطي للتغذية ، وذلك مقارنة باستخدام الغذاء الصناعي تحت الظروف المعملية . وعلى سبيل المثال .. تم اختبار ثلاثة مركبات ضد الجراد الرحال الأفريقي وأظهرت تأثيرا ضعيفا على العائل النباتي مقارنة برقائق دقيق القمح الذي يتميز بقيمته الغذائية العالية .
جدول يبين التأثير التنشيطي للتغذية (%) للجراد الرحال لثلاثة مركبات نباتية اختبرت على رقائق دقيق القمح، واوراق القمح.

ولا تصلح اختبارات Choice tests إلا للحشرات المتحركة ، رغم اعتبار ذلك طريقة عامة في التقييم الحيوي . وحينما تستطيع حشرة ما التفضيل بين الأوراق المعاملة وغير المعاملة ، فلن تدخل في مرحلة الجوع ، أو الصيام ؛ حيث إن المركبات الكيميائية تحت الاختبار تعطى تأثيرًا أقوى مما لو كانت هناك حالة المفاضلة . وقد ظهرت نفس المشكلة في التجارب الحقلية الصغيرة ؛ حيث أدى عدم وجود الأفضلية إلى تحرك الحشرة وحرية تجوالها . ويجب أن يؤخذ في الاعتبار عند إجراء اختبارات التقييم الحيوي على مانعات التغذية ، أن تتم المعاملة على نباتات حية نامية ؛ حيث إن قطع أوراق النبات قد يغير من قدرة الحشرة على الاستساغة Palatability ، وقد يؤدى ذلك إلى ظهور حالات الحرمان الغذائي Food deprivation ، والنقص الغذائي ، خاصة الماء فتبطل التأثيرات المانعة للتغذية في بعض الحالات.
وتؤدى ظاهرة التعود Habituation على المركب الكيميائي المانع للتغذية إلى تخفيف حدة تأثيره التثبيطي . فقد أظهرت الدراسات التي قام بها Gill عام ( 1972 ) أن تعريض الجراء الصحراوي لمادة Azadirachtin ، لمدة تسعة أيام على غذاء صناعي ، أظهر تأثيرًا أقل كمانع للتغذية ، مقارنا بالتغذية على نفس المادة يوميا لمدة أربعة ساعات .
2 - العوامل النباتية Plant factors
يعتبر تأثير مانعات التغذية الضار على النبات من أهم المشاكل الحيوية . وتوفر الاختبارات الأولية كثيرا من الجهد إذا كان لمانع التغذية أثر ضار ، وسام على النبات المعامل . وهناك بعض النباتات الحساسة جدا لمركبات القصدير العضوية ، بينما لم يعرف على وجه التحديد تأثير المستخلصات الطبيعية الضار للنبات . ومن الصعب التغلب على هذه المشكلة أو تجنبها ؛ حيث إن المركبات الثانوية المستخلصة من نبات ما قد تؤثر عكسياً على نمو نوع آخر من النبات ومن هذه المواد Phenotics ، من Momoterpenoids ، وهناك مواد ضارة أخرى . لذا .. يقوم منتجو النبات بالتخلص منها . وقد توجد هذه المواد في الحويصلات ، والعصارة اللبنية ، والشعيرات ، وغيرها من الغدد الخاصة ، أو على الأسطح الشمعية . وإذا لم يتم التخلص من هذه المواد احتاج النبات إلى طرق ميكانيكية خاصة للتحمل .
ويرتبط مدى الحاجة لرش مانعات التغذية القادرة على النفاذ داخل أنسجة النبات بما سبق ، حيث تتيح الصفة الجهازية الحماية للنموات الجديدة ، وإذا لم تكن لها هذه الصفة الجهازية ، فإن النموات الجديدة تصبح أكثر عرضة للإصابة حيث تمد الحشرة بغذاء مستساغ . لذا .. فإن استخدام مانعات التغذية غير الجهازية يكون محدودًا بالفترات التي ينخفض فيها معدلات النمو النباتي . وعلى الجانب الآخر ، نجد أنه إذا كانت المادة المانعة للتغذية ، ذات الأصل الطبيعي ، والتي تتميز بالنشاط البيولوجي تتمتع بصفة الجهازية ، فإن هناك فرصة كبيرة لإحداث آثار جانبية ضارة للنبات ، أو قد تتعرض لأي تغير كيميائي من قبل النبات . ومن الجدير بالذكر أن المركبات المستخلصة من أشجار النيم ، والتي تتميز بالانتقال الجهازي لم تحدث أية أضرار على النباتات المعاملة . وهذه نقطة تحتاج لجهد علماء الكيمياء الحيوية لمعرفة أنواع المركبات التي تتمكن من النفاذ ، والسريان داخل النبات دون إحداث أية تغيرات كيميائية .
3- التقييم الحقلي الواقعي Realistic field trials
بينما يهتم معظم علماء الكيمياء بفصل وتعريف ودراسة المركبات ذات الأصل الطبيعي ، يعمل علماء الحشرات على إجراء اختبارات التقييم ضد كثير من أنواع الحشرات ، على الرغم من أن هذه الدراسات تحتاج إلى الرؤية الصائبة ، ومعرفة الأسس العلمية التي تتعلق بالنبات تحقيقا لنتائج طيبة في الاختبارات الحقلية . وحتى تكتمل عناصر التقييم الحيوي لابد من إجراء الاختبارات الحقلية وهي صعبة التنفيذ ، وذات تكاليف عالية وتحتاج إلى تخطيط بحثي على درجة عالية من الدقة . وقد أظهرت مستخلصات أشجار النيم ، في التجارب المعملية قدرة على منع تغذية حوالي 50 نوعًا من الحشرات عديدة العوائل النباتية ، بينما كانت التجارب الحقلية غير مقنعة . وقد ذكر Ketkar عام ( 1976 ) أن هناك حالات سبع لم تظهر تأثيرًا إيجابيا تحت الظروف الحقلية ، بينما أظهرت بعض الحالات تأثيرًا إيجابيا محدودًا وذلك تحت ظروف نصف حقلية ( نباتات فردية في أصص مغطاة تحت ظروف الحقل ) .
أجرىJacobson & Buvill, Ladd عام ( 1978 ) بعض الاختبارات على مستخلصات بذور النيم ضد الخنفساء اليابانية ، وذلك باستخدام بلوطات تتكون من 4 – 5 نباتات . وكانت النتائج جيدة ، مع حدوث ضرر محدود للنباتات المعاملة ( الضرر ميعاد للإصابة الحشرية ) ، بينما كان مستوى الضرر عالي جدا في النباتات المقارنة . وتتمتع الخنافس اليابانية بالحركة النشيطة ، والقدرة على الانتقال من النباتات المعاملة إلى النباتات المقارنة . ولكن ما هي النتيجة المتوقعة إذا عوملت مساحات كبيرة من النباتات المزروعة ؟ من المتوقع أن يحدث بعض التغذية على النباتات المعاملة ومن البديهي أن يقل معدل منع التغذية إلى حد ما نتيجة التجويع ، وتلك نقطة في غاية الأهمية ، ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تصميم التجربة . ومن الضروري كذلك اختيار مساحات واسعة حتى نحصل على نتائج واقعية . وبالرغم من التكلفة العالية إلا أن تأثيرها على المدى الطويل سيحقق ميزات أفضل . وكلما كانت الحشرة أكثر حركة ، تطلب الأمر زيادة مساحة القطعة المختبرة .
ويعتبر توافر تعداد كاف من الآفة وقت إجراء التجربة من أهم العناصر المطلوبة في التجارب الحقلية ، حيث إن انخفاض تعداد الحشرة وقت التجربة قد يعزى لأسباب كثيرة ، وقد يعطى نتائج . ومن بين المحاولات الحقلية الناجحة ، والتي تمت على مساحة واسعة ، هي اختبار تأثير مركبات القصدير العضوية ضد خنفساء الكلوراد وفى أوربا ، وضد دودة ورق القطن في مصر . ولسوء الحظ .. فإن لهذه المركبات عيوباً كثيرة رغم أنها أدت إلى حماية المحصول .
4- الثبات الحقلي لمانعات التغذية
Field persistence of sprayed antifeedants
أشار Pradhan وآخرون عام ( 1962 ) إلى حماية المحاصيل من هجوم الجراد الصحراوي برش مستخلص النيم ، والذى استمر اسبوعين في حالة غياب المطر . ولا يعزى فشل النتائج الحقلية إلى غسل المركب ، ولكن هناك كثيراً من الأسباب التي تؤدى إلى ذلك ، حتى مع وجود الظروف المناخية الملائمة . وقد حققت تجارب التغذية المعملية نجاحًا هائلا ضد الخنافس اليابانية وذلك على مدى أسبوع من الرش ، بالمقارنة بالتجارب المعملية الحقلية التي يلزم فيها رش النبات كل ثلاثة أيام . وفي التجارب التي أجريت بنيجيريا على حشرة Zoneceres variegates ، كان الرش الحقلي فعالاً حتى 12 يوما من المعاملة ، وذلك عند نقل الأوراق للاختبار المعملي شكل (1) ، بينما أعطى التقييم الحقلي حماية ضعيفة ، بالمقارنة بالتقييم المعملي . وقد كان الاختلاف واضحًا بين المعاملات المرشوشة والمقارنة في بداية الغزو ، بينما عانت المعاملات المرشوشة من الأضرار بعد أسبوعين من الرش شكل (2).
مما سبق .. يتضح أن المشكلة لا تنحصر في عدم الثبات الكيميائي ؛ حيث إن الأوراق المرشوشة والمعرضة في الحقل تعطى حماية كافية عند نقلها إلى المعمل . ولكن يبدو أن هناك بعض السمات التي تتمتع بها الحشرة في البيئة الحقلية ، والتي تجعلها أكثر تحملا لعدم الاستساغة Unpalatable ، وربما تكون الاحتياجات المائية للحشرة عالية تحت الظروف الحقلية . وقد يوجد مكون سلوكي هام تحت الظروف الحقلية ، مثل التسهيل الاجتماعي للتغذية Social facilitation of feeding ، أو قدرة الحشرة على التعود Habituation على مانع التغذية الكيميائي . ولا يعرف حتى الآن هذا التناقض ، كما تحتاج هذه النقطة إلى مزيد من الدراسة والتركيز .

شكل (1) : مقارنة بين تغذية أوراق Cassava بفعل حشرة Zonocereus varietatus في المعمل بعد المعاملة بكميات مختلفة من مستخلص النيم . أ = 2٪ مادة نباتية جافة في المادة ( غمر الأوراق واختبارها على حشرات جائعة ) ، ب - مثل أ ولكن باستخدام 2 ٪ مادة جافة ، ج= 2% وفي حقل قبل 6 أيام من الاختبار ، د 2٪ حقل ، والرش قبل 12 يوما من الاختبار.

شكل (2) : تساقط أوراق نبات Cassava بفعل حشرةZ.variegates ، في بلوطات غير معاملة أو مرشوشة بواسطة 2٪ مستخلص النيم بنيجيريا . تمثل الأسهم تاريخ الرش . يتم هجوم الحشرات في أواخر يناير .
5- ترجمة التجارب إلى التطبيق Logistics
إذا أظهر منتج طبيعي تأثيرا وفعالية في التجارب الحقلية الواسعة فهل يمكن القول بأن لهذا المركب إمكانية النجاح في التطبيق والاستخدام ؟ وهل يحتاج الإنسان إلى مساحات واسعة من النباتات المنتجة لهذا المركب ؟ وما هي إمكانية تخليق هذه المادة بسهولة ؟ . ترتبط معظم المشاكل بالتكلفة الاقتصادية التي تحكمنا في الوقت الحالي ، والتي قد تكون غير مكلفة في المستقبل عند إضافة عامل الأمان لها وذلك عند مقارنتها بالبدائل الأخرى لحماية النبات . وعموما .. فإن التكلفة تدخل مجال الدراسة في حالة نجاح التجارب الحقلية المقنعة . وتبرز الآن على السطح ضرورة إيجاد الطرق العملية لوضع استراتيجيات المكافحة في هذا الاتجاه ، وحل جميع المشاكل المحتمل ظهورها . ومن الصعب الإشارة إلى أن مستقبل هذه الوسيلة من المكافحة غير مشجع ، فالأمر يتطلب مزيدا من الوقت ، والجهد ، والدراسة المتأنية في مجال تربية النباتات المقاومة للآفات ، وزيادة مستوى مانعات التغذية الموجودة داخل النبات فعلاً ، والتي تتميز بالجهازية مما يحمى النبات نفسه ذاتيا .
خامسا : التأثيرات المختلفة لمانعات التغذية
أظهرت مانعات التغذية تأثيرات مختلفة بجانب قدرتها على منع الحشرة من التغذية . ومن أهم هذه التأثيرات التي تم دراستها ما يلى :
1 - التأثير التعقيمي Sterilization effect
تركزت معظم الدراسات الحديثة على الأثر التعقيمي لمركبات القصدير العضوية على كثير من الحشرات ، ومن أهم هذه الدراسات ما يلى :
( أ ) وجد Fye وآخرون عام 1966 ، وكذا Sidney عام 1968 ، أن لبعض مركبات القصدير العضوية القدرة على إحداث الأثر التعقيمي عند إضافتها بتركيزات منخفضة مع الذباب .
( ب ) أشار أبو الغار وآخرون عام ( 1971 ) إلى أن لمركب الديوتير أثراً تعقيمياً لدودة ورق القطن عند معاملة المركب على الأوراق بجرعات تحت مميتة . كما انخفضت الكفاية التناسلية ، وحيوية البيض بشكل ملحوظ عند معاملة الديوتير قميا وفميا للحشرات الكاملة لدودة ورق القطن ، وكان التأثير على الذكور أكبر من الإناث .
( ج ) أظهرت التجارب التي قام بها سالم وآخرون عام 1976 ، أن معاملة الحشرة الكاملة لدودة اللوز الشوكية بمركب الديوتير عن طريق الفم أدت إلى انخفاض كفاءة وحيوية البيض ، كما لوحظ أن الفعل التعقيمي لم يستمر خلال فترة حياة الأنثى ( مؤقتا ) ، بدليل انخفاض مستوى التأثير على حيوية البيض بمرور الوقت بعد المعاملة . لذا .. يلزم تكرار مرات المعاملة للحصول على عقم دائم . كما أظهرت الدراسة نقص طول الأنابيب المبيضية في الإناث نتيجة المعاملة ، بينما لم يتأثر حجم الخصيات في الذكور . كما أدت المعاملة بمركب الديوتير إلى انخفاض معدل نضج البيض ، وارتفاع مستوى تحلل البويضات في الأنابيب المبيضية ، كما أظهرت نتائج التجارب التي أجراها عبد المجيد وآخرون عام ( 1980 ) كفاءة مركب الديوتير في خفض الكفاءة التناسلية ، وخصوبة بيض ذبابة الفاكهة عند معاملة المركب مع غذاء اليرقة الصناعي .
2 - التأثير على معدل استهلاك الأكسجين Effect on oxygen consumption
من المعروف أن معدل استهلاك الأكسجين في الحشرات يأخذ شكل الدورات ، حيث يرتبط بمعدل نموها . ففي معظم الحشرات .. يزداد معدل استهلاك الأكسجين في بداية العمر ، ثم يأخذ في الانخفاض كلما اتجهت اليرقة إلى نهاية العمر . وفي نهاية الطور اليرقي عندما تبدأ عملية التحول ، ينخفض معدل استهلاك الأكسجين بوضوح ، ويتبع في ذلك شكل حرف (u) . وهناك العديد من العوامل التي تحكم هذا المعدل ، منها : الحرارة ، حجم الجسم ، الطور الجنسي . ولاشك أن الأكسجين ضروري وحيوي لعمليات التمثيل الطبيعية ، إلا أن زيادته عن الحد اللازم قد تكون لها آثارا جانبية سيئة تؤدى إلى الموت في النهاية . وقد أظهرت التجارب التي أجريت باستخدام الديوتير ضد العمر الرابع ، والخامس ، والسادس ، وطور ما قبل العذراء لدودة ورق القطن انخفاض معدل التنفس بالنسبة إلى اليرقات المغذاة طبيعيا .
3 - التأثير على المحتوى البروتيني Effect on protein contents
أظهرت التجارب التي أجريت على الحشرات الكاملة ، لدودة ورق القطن باستخدام مركب الديوتير ، انخفاضا واضحا في المحتوى البروتينى لكل من الإناث والذكور بلغ حوالي 67% في الإناث ، 55% في الذكور ؛ أي أن التأثير على الإناث كان أكثر وضوحًا من الذكور ، وقد ينعكس ذلك على الأثر التعقيمي لهذه المركبات لكلا الجنسين. كما أظهرت الدراسات التي أجراها عبد المجيد وآخرون عام ( 1980 ) ، قدرة الديوتير على خفض محتوى يرقات وعذارى ذبابة الفاكهة من الأحماض الأمينية الحرة والمرتبطة .
4 - التأثير على تمثيل الكربوهيدرات Effect on carbohydrate metabolism
لاحظ بعض الباحثين أن معاملة القواقع المائية بمركب الديوتير ينبه عمليات تحلل الجلوكوز Glycolysis إلى حمض اللكتيك ، كما يقلل من محتوى الجليكوجين. بالإضافة إلى ذلك .. فإن مركب الديوتير يثبط عمليات الأكسدة الهوائية في دورة كريس . وقد وجد أن هناك ارتباطا إيجابيا بين درجة إنتاج حمض اللكتيك من الجلوكوز ، وسمية الديوتير على القواقع . كما أظهرت الدراسات التي أجراها عبد المجيد وآخرون عام ( 1980 ) ، أن مانع التغذية ديوتير يعمل على خفض كمية السكريات المختزلة في يرقات وعذارى ذبابة الفاكهة .
5 - التأثير على مصادر إنتاج الطاقة Effect on energy production
أثبتت التجارب أن الفعل البيوكيميائي لمانعات التغذية راجع إلى قدرة هذه المواد على وقف فسفرة ADP ، أو ما يطلق عليه اسم الفسفرة التأكسدية Oxidative phosphorylation ، حيث توقف تدخل الفوسفور غير العضوي في تكوين ATP .
خلائط المبيدات الحشرية ومانعات التغذية Insecticide - antifeedant Combinations
قد يكون من المفيد خلط مانعات التغذية مع المبيدات الحشرية أحيانًا ، وذلك لتخفيف مستوى مقاومة الحشرة لفعل هذه المبيدات . وقد أظهرت الدراسات أن خلط الديوتير مع النوفاكرون ، والسيولين ، واللانيت ، والجاردونا ، والتمارون ، والفوسفيل . والسترولين ، والدورسبان ، والاندرين ، والـ د. د. ت يزيد من سمية هذه المبيدات بمعدل 1,5 - 4. أضعاف قوة المبيد ضد يرقات العمر الرابع لدودة ورق القطن ( مصطفى - 1974 ) . وقد يعزى ذلك إلى أن مانع التغذية ، الديوتير ، يعمل على منع الحشرة من التغذية ، أوجوعها فتكون أكثر حساسية لأي تأثير سمى ؛ أي أنه يمكن القول بأن للديوتير تأثيرا مقويا للمبيدات المختبرة ، وقد ظهر هذا الفعل المقوى بشكل أكبر في السلالات المقاومة ، بالمقارنة بالسلالة الحساسة ؛ مما يعطى إمكانية كسر مقاومة الحشرات لفعل بعض المبيدات الكيميائية بالخلط مع مانعات التغذية . كما أظهرت الدراسات التي أجراها عبد المجيد وآخرون عام ( 1985 ) ، أن إضافة الديوتير ، أو البرستان إلى مبيد الدورسبان تزيد من إبادته الفورية ، كما تطيل من أثره الباقي ضد دودة ورق القطن .
عناصر نجاح مانعات التغذية في برامج المكافحة المتكاملة
1 - ليس لها تأثير ضار على الأعداء الحيوية ، أو النحل ، وذلك لأن تأثيرها اختياري مما يرجح استخدامها في إطار برامج التحكم المتكامل للآفات .
2- انخفاض مستوى سميتها على الإنسان وحيوانات المزرعة ، بالمقارنة بالمبيدات الحشرية ؛ مما يزيد من إمكانية تطبيقها على نطاق واسع .
3- تتميز عن المبيدات الحشرية بأنها تمنع تغذية الآفة على السطح المعامل فوراً ؛ وبالتالي تقلل من مستوى الضرر الذي يلحق بالنبات المعامل ، بالمقارنة بالسموم الكيميائية .
4- إمكانية خلطها مع بعض المبيدات الحشرية ؛ حيث تزيد من الفعل السام للمبيد الكيميائي بالإضافة إلى فعلها التعقيمي على المدى الطويل .
5- أظهرت تجارب قياس مستوى مقاومة الحشرات لفعل هذه المركبات أن الحشرات تبدى مقاومة لفعلها على فترات أطول بالمقارنة بالمبيدات .
الصعوبات التي تواجه استخدامها في برامج المكافحة المتكاملة
1- تصلح فقط ضد الحشرات التي تتغذى بالقرض على السطح المعامل ( الحشرات ذات الفم القارض ) ، ونظرًا لعدم قدرتها على النفاذ والسريان في العصارة النباتية ، فهي لا تؤثر على الحشرات ذات الفم الثاقب الماص. ولعل التوصل إلى مانعات المتغذية ، لها صفات جهازية ، يعطى هذه المركبات إمكانية أكبر في التطبيق .
2 - لابد من توزيع هذه المواد توزيعا متماثلا ، وجيدًا على السطح المعامل ، بحيث تكون التغطية كاملة تماماً حتى يمكن الحصول على مكافحة مجدية وفعالة ، وذلك لأن عدم التغطية الكاملة يتيح للحشرات فرصة التغذية على الأسطح غير المعاملة ويقلل ذلك من كفاءتها .
3 - ضرورة إزالة الحشائش تماما من الحقل المعامل، فوجودها يتيح فرصة الانتقال إليها ، والتغذية عليها إذا كانت عوائل غذائية مناسبة .
4 - لا تجد النموات الحديثة الحماية الكافية ، وقد تمثل هذه النموات بؤرًا لانتشار الحشرات إلى أماكن أخرى . ولعل التوصل إلى مانعات التغذية الجهازية يساعد كثيراً في حل هذه المشكلة .
ومن الضروري أن تتجه الدراسات في المستقبل القريب لإلقاء الضوء على :
1- العلاقة بين التركيب الكيميائي لمانع التغذية ، ومستوى نشاطه البيولوجي.
2- طريقة فعل هذه المركبات مع إجراء مزيد من الدراسات الفسيولوجية الدقيقة لعمليات ، ومراكز الحسن المتحكمة في التغذية .
3- عزل وتعريف واختبار بعض مانعات التغذية المشتقة من أصل نباتي .
4- محاولة التوصل إلى مركبات مانعة للتغذية لها صفات جهازية .
5- دراسة الأثر الجانبي لمانعات التغذية على نمو النبات والمحصول .
6- دراسة مستوى مقاومة الحشرات لفعل هذه المركبات .
7- أثر هذه المركبات على النشاط الإنزيمي ، والعمليات الحيوية داخل جسم الحشرة ، بالإضافة إلى تأثير مانعات التغذية على المحتوى البيوكيميائي للحشرة .
من العرض السابق .. يمكن القول بأن مانعات التغذية تعتبر مركبات كيميائية تتميز بالتخصص على أنواع معينة من الحشرات ، وتصلح بشكل محدد لحماية الملابس من الآفات ، والحماية ضد النمل ، وحماية منتجات الحبوب المخزونة ، وتحتاج إلى مزيد من الجهد والدراسة حتى يتسع مجال تطبيقها ضمن عناصر برامج التحكم المتكامل للآفات . وللأسف الشديد أوقف استخدام هذه المركبات في برامج مكافحة الآفات في مصر للعيوب التي سبقت الإشارة إليها .
الاكثر قراءة في المبيدات الزراعية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة