مخاليط المبيدات ( الفلسفة والمستقبل )
المؤلف:
د. زيدان هندى عبد الحميد ود. محمد ابراهيم عبد المجيد
المصدر:
الاتجاهات الحديثة في المبيدات ومكافحة الحشرات (الجزء الثاني)
الجزء والصفحة:
الجزء الثاني ص 281-287
2025-07-25
567
مخاليط المبيدات ( الفلسفة والمستقبل )
نتيجة للاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية ، وظهور كثير من المشاكل ، خاصة انخفاض فعالية وكفاءة المبيد على الآفة المستهدفة في مجال المكافحة ، بدأت الدراسة والأبحاث في محاولات مستميتة نحو زيادة فعالية هذه الكيميائيات بالعديد من الوسائل . ولقد حظيت الدراسات الخاصة باستخدام مخاليط أو أزواج المبيدات Pesticide combinations باهتمام كبير ، وذلك بغرض مكافحة أكثر من آفة في وقت واحد ، وزيادة التأثير السام لمكونات المخلوط ، وكذا الأثر الباقي ، بالإضافة إلى إمكانية منع أو تأخير المقاومة لمكونات المخلوط أو أحدهما ، علاوة على توفير تكاليف ووقت المكافحة ، ففي بعض الأحيان يكون الوقت المتاح لإجراء رشتين متتابعتين محدوداً جدا ( كما في حالة سقوط الأمطار ) ، ومن ثم يمكن الرش مرة واحدة باستخدام مخلوط المادتين ، بدلا من رش كل مادة على حدة .
وتعتمد فكرة استعمال مخاليط المبيدات على استخدام مخلوط مبيدين من مجموعات مختلفة يبطئ من ظهور السلالة المقاومة للمبيد ، حيث أشار Crow عام 1952 إلى أن وصول السلالة لدرجة مقاومة تصل إلى ( 26,7 مثل ) في عشرة أجيال عند الانتخاب بأي من المبيدين . وعند استعمال مخلوط من المبيدين نجد أن درجة المقاومة تصل إلى ( 17,6 مثل ) فقط للمبيدين . ومعنى ذلك أن مخاليط المبيدات تبطيء من سرعة ظهور المقاومة . وقد يرجع ذلك إلى أن أفراد العشيرة التي تحمل جينات المقاومة للمبيدين تكون أقل من تلك التي تحمل أحدهما . ويجب أن يؤخذ في الاعتبار احتمال زيادة سمية المخلوط على الثدييات ، بالمقارنة بمكوناته ، ولا يكتفى بتحقيق هدف زيادة الفاعلية ضد الآفات المستهدفة .
ومن الأمثلة الناجحة لاستخدام مخلوط من مبيدين هي استخدام مخلوط من الجامكسان والـ د.د.ت في مكافحة الذباب المنزلي والأندرين /بدرين ( 20/20 ) بمعدل 1,5 لتر لمكافحة آفات بادرات القطن ، وذلك منذ عدة سنوات ، وقد قام منصور وآخرون عام 1966 بدراسة تأثير بعض مخاليط المبيدات ضد دودة ورق القطن ، ووجد أنه تتم تقوية مبيد الباراثيون الفوسفوري والدأي سلفوتون ، بينما يثبط عند خلطه مع الأزينوفوس ميثيل ، والدأي كلورفوس ، والأزينوفوس إيثيل ، كما أضاف مبيد السيفين الكارباماتي تتم تقويته مع جميع المبيدات الفوسفورية العضوية المختبرة ، كما أشار عواد عام 1974 أن مبيد الميتاسيل له تأثير إضافي مع السيولين ، والميثيل باراثيون ضد دودة ورق القطن ، بينما قوى مبيد التمارون جميع المبيدات الفوسفورية العضوية والكارباماتية المختبرة . وقد لاحظ عبد المجيد وآخرون عام 1981 أن جميع الخلائط المختبرة ضد يرقات العمر الرابع للدودة القارضة كانت ذات فعل مقو . وكانت أفضل نسب الخلط ت ق 15 : ت ق 35 لمخلوط الأندرين/ السترولين . وكان الجميع الخلائط المختبرة تأثير مقو على إناث العنكبوت الأحمر ، ما عدا مخلوط الدايمثويت/ سترولين ، حيث كان ذا تأثير تثبيطي ( أدت عملية الخلط إلى خفض السمية ) . والجداول (1 ، 2) توضح ذلك .
جدول ( 1 ) : الفعل المشترك لبعض مخاليط المبيدات ضد يرقات الدودة القارضة .

جدول ( 2 ) : الفعل المشترك لبعض مخاليط المبيدات ضد إناث العنكبوت الأحمر .

وبداية من عام 1975 بزغ فجر اتجاه جديد تمثل في استخدام مخاليط من المبيدات الفوسفورية مع منظمات النمو الحشرية لمكافحة آفات القطن ، خاصة دودة ورق القطن وديدان اللوز . ومن فلسفة الدور الذي يلعبه هذا المخلوط أن منظم النمو الحشري داخل المخلوط يتميز بفعله السام البطيء ، مما يزيد الأثر الباقي للمخلوط ، بالإضافة إلى الفعل الإبادي الفوري العالي للمبيد الحشري ، وبالتالي نحصل على مخلوط ذي إبادة فورية عالية ، وأثر باق طويل . وقد ظهر في مجال التطبيق الحقلي عديد من المخاليط ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مخلوط الدورسبان مع الديميلين (702 DC) ، ومخلوط الدورسبان مع الداوكو ( الميرلين ) ، ومخلوط التمارون مع أحد عائلة الديميلينات تحت اسم « تمارون کومبی » ، ثم البولستار كومبي ، ثم مخاليط اللانيت مع الديميلين تحت أسماء ديزا أو دينيت .
ويرى المؤلفان أن طريقة التقييم الحيوي لهذه المخاليط تعطيها ميزة نسبية تفوق المبيدات المنفردة ، حيث يتم التقييم في دورات ، كل دورة خمسة أيام ( كما ذكر في فصل التقييم الحيوي ) . ويتم تعريض اليرقات في كل دورة لغذاء معامل لمدة يومين ، ثم غذاء غير معامل لمدة ثلاثة أيام، أي أن الميزة النسبية هنا تنحصر في طول فترة التعريض ( خمسة أيام ) ، وكذا طول فترة التعريض على غذاء معامل داخل كل دورة ( لمدة يومين ) . ونحن نرى إعادة النظر في طريقة التقييم ، حتى يمكن الحكم بدقة على كفاءة هذه المخاليط .
ومن الضروري توافر بيانات تتعلق بالتوافق بين هذه المخاليط واحتمالات التداخل الطبيعي أو الكيميائي بين مكونات المخاليط ، كما يلزم توافر جميع الدراسات المتعلقة بالسمية على الإنسان ، والحيوان ، والطيور ، والأسماك وغيرها من الكائنات النافعة ، وكذا توافر تأثير الدراسات عن تأثيرات هذه المخاليط على مكونات البيئة .
ويرى البعض عدم سمية منظمات النمو الحشرية استناداً إلى قيمة الجرعة النصفية ج ق 50 ، وصعوبة تحديدها في بعض الأحيان ، ولكن للمؤلفين وجهة نظر قاطعة تتمثل في أنه لا تجب التفرقة بين مادة كيميائية وأخرى من حيث البيانات المطلوبة للتجريب والتسجيل ، خاصة ما يتعلق بالسمية البيئية . ومع بداية عام 1987 ظهرت بوادر مشجعة للغاية ، حيث أخذت اللجان المختصة بالتوصيات ومكافحة الآفات بالكيميائيات في وضع الأسس والقواعد المحددة لاستخدام المخاليط ، مع تحديد مجالات استخدامها ، إلا عند الضرورة القصوى .
وفي عام 1961 نشر الباحث K.P.Dubois بجامعة ألينوى شيكاجو بأمريكا مقالة علاقة الخلط عن بتقوية أو تقليل سمية المبيدات الفوسفورية على إناث فئران التجارب . ولقد ثبت حدوث زيادة في السمية عند خلط الملاثيون والـ EPN ، وكذلك مع الدبتركس + الملاثيون ، الدبتركس + الجوثيون والكورال + الملاثيون ، كما اتضح من النسبة بين ج ق 50 المتوقعة إلى ج ق 50 المتحصل عليها ، كما في الجدول (3) .
جدول ( 3 ) : العلاقة بين الجرعات النصفية القاتلة المتوقعة والتجريبية .

يتضح من هذا الجدول أن جميع المخاليط أعطت نسبة ج ق 50 المتوقعة/ ج ق .. التجريبية أكثر من واحد صحيح ، وهذا معناه حدوث زيادة في سمية هذه المخاليط على الفئران ، بغض النظر عن كفاءتها على الآفات المستهدفة .
وليس هذا هو الوضع دائماً ، فقد يؤدى الخلط إلى نقص في سمية المخلوط التجريبية عما هو متوقع ، فقد عوملت إناث الفئران بنصف الجرعة ج ق 50 بالمركبين للمخلوط بالتتابع ، وأعطت المخاليط نسبة موت أقل من 50٪ كما هو متوقع .. كما يتضح من الجدول (4) .
جدول ( 4 ) : التأثير السام لمخاليط أزواج المبيدات ضد إناث الفئران .

وفي السنوات الأخيرة ، وكنتيجة مباشرة لتأخير زراعة القطن حتى شهري أبريل ـ مايو ، ومحاولة تعويض التأخير في النمو الخضري ، لجأ الزراع إلى التوسع العشوائي في استخدام الأسمدة الورقية المحتوية على العناصر الضرورية والنادرة ، ونشأ موقف تداخل ميعاد رش هذه الأسمدة مع ميعاد الرش الدوري بالمبيدات الحشرية لمكافحة دودة ورق القطن ، ووقاية النباتات من الإصابة بديدان اللوز . وتوفيراً للوقت والتكاليف كان استخدام مخاليط المبيدات مع الأسمدة الورقية هو الحل الأمثل لتحقيق الهدفين معاً ( تعويض النمو ومكافحة الآفات ) . ومن المؤسف أن الخلط حدث عشوائيا دون تقنين قابلية الخلط بين هذه المكونات من جهة ، والآثار الجانبية الضارة على النباتات المعاملة من جهة أخرى . وعلاوة على ذلك .. يمكن القول إن كفاءة هذه المخاليط ضد الآفات المستهدفة لم تقيم في ذلك الوقت . وهذا الوضع الغريب أدى إلى حدوث كوارث ، نتيجة لعدم التوافق ، مما أدى إلى نقص معنوي في إنتاجية القطن في بعض محافظات مصر . ولقد اتخذت اللجان المعنية بمكافحة الآفات قراراً تاريخيا بعدم استخدام هذه المخاليط قبل الانتهاء من التقنين العلمي السليم لجدواها من جميع النواحي .
ولقد اختلفت نتائج الدراسات في مجال كفاءة المخاليط مع الأسمدة الورقية على الآفات المختلفة ، فقد ذكر زكريا وآخرون عام 1984 حدوث تنشيط لفعالية المبيدات عند خلطها بالأسمدة الورقية ، بينما وجد زيدان والحماقى عام 1983 حدوث نقص في كفاءة المبيد المتخصص ضد الآفة المستهدفة عند خلطها بالأسمدة الورقية ، وظهر ذلك في الكفاءة الفورية ، وفي الأثر الباقي .. وتأكدت هذه الظاهرة بعد الخلط مباشرة مع الأسمدة المركبة ، ومع العناصر الغذائية المنفردة .. كما يتضح من جدول (5) . ضد حوريات المن .
جدول ( 5 ) : أثر خلط الملاثيون بالعناصر الغذائية ضد حوريات المن

وجدول (6) يوضح التأثير البيولوجي الفوري والباقي لمخاليط السوميسيدين ( أحد البيرثرينات المصنعة ، والدورسبان ( الفوسفوري ) مع الأسمدة الورقية المعقدة ضد دودة ورق القطن ، والتي ثبت منها حدوث تأثير معاكس في مجال مكافحة هذه الآفة ، علاوة على الآثار الجانبية الضارة على نباتات القطن .
جدول ( 6 ) : التأثير الأبادي تخاليط السوميسيدين والأسمدة الورقية ضد دودة ورق القطن.

وعموماً .. يمكن القول إن استخدام مخاليط المبيدات لا يحل مشكلة المقاومة ، وإنما يؤخر من ظهورها قليلاً ، وفي نفس الوقت يزيد المشكلة تعقيداً ، حيث تتكون مقاومة لأكثر من مبيد . ومن المفضل عدم التسرع في استعمال مخاليط المبيدات ، تفاديا لظهور سلالة مقاومة لمبيدات من مجموعتين . وحفاظاً على مجموعة البيرثرويدات المخلقة يوصى بعدم خلطها بأي مبيد آخر أو منظم للنمو . وتجدر الإشارة إلى أن الخلط بين مبيدين من قبيل الاستثناء وليس قاعدة نلجأ إليه بداع وبدون داع . ويجب عند الضرورة خلط المركبات ذات الارتباط السالب ، بحيث نحصل على تأثير تنشيطي ضد الآفات المستهدفة دون أية أضرار جانبية على النباتات والنباتات المعاملة بوجه خاص ، مع الأخذ في الاعتبار ما يحدث من تغير في السمية على الثدييات ، كما يجب أن يكون للخليط قيمة اقتصادية تتمثل في تقليل تركيزات المبيدات المنفردة .
الاكثر قراءة في المبيدات الزراعية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة