المعيار المعتبر في سن اطراف عقد الزواج
المؤلف:
ولاء سعد حسن
المصدر:
وسائل الاثبات الحديثة ودورها في مسائل الأحوال الشخصية
الجزء والصفحة:
ص 87-94
2025-07-27
504
يمتلك الأفراد نوعين من العمر، يتمثل الأول (العمر الزمني) بعدد السنوات التي يعيشها الانسان من لحظة ولادته حتى لحظة وفاته و يتشارك فيه الافراد المولودين في نفس اليوم بغض النظر عن مدى صحة الفرد او ما يعانيه من امراض اما الثاني (العمر البيولوجي) فيتمثل بعمر الخلايا من حيث وظائفها الفسيولوجية، ويختلف العمر البيولوجي من فرد الى آخر حتى وان امتلكوا عمراً زمنياً واحداً، ويضم العمر البيولوجي، تختلف التشريعات في اعتبارها اي من العمرين كمعيار معتبر في تحديد السن القانونية لإبرام عقد الزواج، ويضم العمر البيولوجي في طياته كل من:
1- البلوغ : هو المرحلة التالية للطفولة، اذ تطرأ بعض التغيرات الفسيولوجية على جسم الانسان يتحول على اثرها من طفل الى بالغ، وذلك من خلال افراز الجسم للمواد الكيميائية (الهرمونات)، يفرز الدماغ هرمون الغدد التناسلية (GnRH) الذي يرسل إشارات للغدة النخامية لإفراز اثنين من هرمونات البلوغ في مجرى الدم الهرمون المنشط للحوصلة FSH والهرمون الملوتن LH ، يعمل FSH و LH معا في الذكور لجعل الخصيتين تبدأن في إنتاج هرمون التستوستيرون Testosterone ، وهو الهرمون المسؤول عن التغيرات الجسدية في سن البلوغ وإنتاج الحيوانات المنوية، اما لدى الاناث فيحفز FSH و LH المبايض على البدء في إنتاج هرمون الاستروجين، الذي يؤدي إلى نضوج جسم الفتاة ويهينها للدورة الشهرية، وما بداية البلوغ ما هي الا اشارة لبداية العمليات التغيرية نحو الاكتمال، وقد حددت بعض الدراسات العلمية الى ان الاكتمال يكون ببلوغ (18) سنة للذكور ، وأكثر من الـ (18) سنة للإناث كعمر بيولوجي وليس زمني.
لذا سنفصل في الآتي موقف كل من التشريعات القانونية ثم موقف الفقه الاسلامي.
اولاً: موقف التشريعات القانونية : تعتمد غالبية التشريعات على العمر الزمني كمعيار اصلي في تحديد السن القانونية للزواج، وتتفق غالبيتها في تحديدها للحد الأدنى والذي قد يتفق او يختلف مع سن الرشد المعتمدة، اذ اعتمد المشرع العراقي على اكمال ال 18 وذلك في نص المادة (7/1) من قانون الاحوال الشخصية يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشرة)، واعتمدت الولايات المتحدة الامريكية بلوغ العاقدين سن ال 18 (باستثناء نبراسكا التي تعتمد سن ال 19 وميسيسبي و بورتوريكو باعتمادهم سن ال 21)(1)، ايضاً فقد اعتمد المشرع الانجليزي (باستثناء اسكتلندا 16) (2) والفرنسي (3) على سن ال 18 دون بيان بلوغ هذه السن او اكمالها.
وفي حالات استثنائية قد يُعتمد العمر البيولوجي كمعيار في تحديد هذه السن استثناء، سيما في حالة زواج القاصرين اي زواج الذين تقل اعمارهم عن السن القانونية المحددة لعقد الزواج شريطة موافقة اوليائهم او الاوصياء عليهم أو بأذن من المحكمة، وفي الحقيقة لم يُعتمد هذا المعيار من قبل المشرع الامريكي والانجليزي والفرنسي (4) الذين اعتمدوا العمر الزمني والذي حددوا ادناه بلوغ السادسة عشرة (5)، اما المشرع العراقي فقد اعتمد المعيار المختلط الذي يجمع ما بين العمرين الزمني والبيولوجي، وذلك في نص المادة (8) من قانون الاحوال الشخصية (1- إذا طلب من أكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج، فللقاضي أن يأذن به، إذا ثبت له أهليته وقابليته البدنية، بعد موافقة وليه الشرعي، فإذا امتنع الولي طلب القاضي منه نشير ايضاً الى ان المشرع الفرنسي يعتمد فكرة (سن الرشد الجنسي بالنسبة للقاصرين الذين يرغبون بممارسة الجنس دون عقد زواج، والتي تستنتج من قانون العقوبات الذي يعتبر العلاقة بين شخص قاصر وبالغ غير قانونية عند حد أدنى لعمر زمني، ومرّ هذا السن بعدة تغييرات اذ بدأ من سن ال 11 عام وصولاً الى ال 15، موافقته خلال مدة يحددها له، فإن لم يعترض أو كان اعتراضه غير جدير بالاعتبار أذن القاضي بالزواج. 2- للقاضي أن يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر إذا وجد ضرورة قصوى تدعو إلى ذلك ويشترط لإعطاء الإذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية) في الفقرة الأولى (طلب القاصر) اشترط اکمال سن ال 15 اي بلوغ سن ال 16 وفي هذه الجزئية لم يختلف عن غالبية التشريعات، مضيفاً تحقق اهلية القاصر وموافقة الوالدين والقابلية البدنية، أي قابلية الجسد وقدرته لاحتمال عملية الدخول، اما في الفقرة الثانية (وجود) الضرورة) (القصوى) فاشترط بلوغ العاقد سن ال 15لا اكماله واشترط على القاضي ان لا يمنح الأذن بالزواج الا بعد التحقق من البلوغ الشرعي والقابلية البدنية، نجد أن المشرع العراقي كان موفقاً في صياغته هذه نوعاً ما والمستمدة من الفقه الاسلامي، اذ لم يعتمد العموم في الاستثناء، كما هو معتمد في التشريعات الأخرى وذلك بتسييد معيار العمر الزمني ، وانما وجه الى النسبية اذ ينظر الى كل متقدم على حدة، من خلال بلوغه وقابليته البدنية للدخول وبذا فقد اعتمد العمر البيولوجي.
ثانياً: موقف الفقه الاسلامي: بصورة عامة فقد اعتبر الفقه الاسلامي والذي يفرق ما بين سن ابرام عقد الزواج وبين السن الذي يسمح بعملية الدخول (الوطء)، بثلاثة معايير متمثلة بالعمر الزمني، اطاقة الوطء، و البلوغ، ويتجه في تحديده لسن إبرام العقد الى اتجاهين رئيسيين تاليين:
الاتجاه الأول وهو اتجاه جمهور الفقهاء الذين يجدون بان عقد الزواج غير مقيد بسن معينة، وبالتالي فأنهم يجيزون عقد زواج الصغيرة والصغير وفق اشتراطات معينة كأن تكمن مصلحة للصغير والصغيرة من هذا الزواج، وان يجري العقد من قبل الولي، وهو قول الجعفرية الذين استدلوا بصحيح الفضل بن عبد الملك قال (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير ؟ قال عليه السلام: لا بأس)(6) وصحيح عبد الله بن الصلت قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها ألها أمر اذا بلغت؟ قال عليه السلام لا ليس لها مع ابيها أمر ) (7) ، الحنفية (8) ، الشافعية (9) ، المالكية (10) والحنابلة (11)، اما الظاهرية فقد اجازوا زواج الصغيرة ولم يجيزوا زواج الصغير الا بعد البلوغ (12) ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) (13)، نصت الآية على عدة التي لم تبلغ الحيض بمعنى آخر الصغيرة وبالتالي صحة طلاقها والطلاق لا يكون الا من عقد زواج صحيح (14)، ايضاً فقد استدلوا برواية عائشة عن زواجها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، انه تزوجها وهي بنت ست سنينَ، وأُدخِلَت عليه وهي بنتُ يُسع، ومكنت عنده تسعًا (15)
الاتجاه الثاني: وهو اتجاه ابن شبرمة، وعثمان البتي، وأبو بكر الأصم (16) ، ومن المتأخرين ابن عيثمين(17)، الذين يقيدون انعقاد الزواج بالبلوغ لقوله تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ) (18) ، وهناك دعوات من قبل الفقهاء المتأخرين مثل يوسف القرضاوي (19) و حسين الخشن من الجعفرية لتحديد سن الزواج وترك التحديد للحاكم الشرعي (20)
اما الدخول فلم يختلف الفقهاء على تحديده بسن معينة ولكن جرى الاختلاف حول المعيار المتبع لتحديد تلك السن وهم في ذلك على اتجاهين :
الاتجاه الأول العمر البيولوجي: يعتمد اصحاب هذا الاتجاه على العمر البيولوجي للشخص كمعيار لتحديد السن المناسبة لعملية الدخول كونها عملية بيولوجية تتطلب جسداً ذو بنية ومقومات تجعل منه قادراً على اجراءها دون اية اضرار الا انهم اختلفوا في اعتبار المؤشر البيولوجي الموائم لذلك، وهم في ذلك على قولين، القول الأول: الذين اعتبروا البلوغ لصلاحية الدخول وهو قول ابن شبرمة، وعثمان البتي، وأبو بكر الأصم ، واستدل اصحاب هذا القول بالكتاب في قوله تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ) كما سبق بيانه في تحديد سن العقد، ويشترط المالكية (21) وابن حزم من الظاهرية (22) بلوغ الزوج ، ايضاً فانه احد الأقوال التي ذهب اليها الحنفية تقديراً لإطاقة الوطء (23) ، ومن الجعفرية قول محمد تقي المدرسي الذي يرى من الأحوط انتظار البلوغ سواء للزوج او الزوجة (24) ، ويستدل الفقه الاسلامي على هذه المرحلة اما بناءً على علامات بيولوجية كالاحتلام (خروج المني من رجل أو امرأة في يقظة او منام بجماع او غيره لوقت امكانه)(25) بدلالة قوله تعالى (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (26) اذ جعل الله الاستئذان على البالغين، ايضاً لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (رفع القلم عن ثلاثة عن المبتلى (أو قال المجنون) حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يبلغ أو يعقل، وعن النائم حتى يستيقظ ) (27) ، والحيض (هو الدم الخارج في حال الصحة من أقصى رحم المرأة من غير ولادة ولا مرض في أمد معين ولونه عادة السواد وهو محتدم لذاع محرق كريه الرائحة ) (28) لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (29) ، والانبات (ظهور شعر العانة وهو الذي يحتاج في ازالته الى نحو حلق دون الزغب الضعيف الذي ينبت للصغير) وأختلف الفقهاء في مدى اعتبار الانبات علامة للبلوغ يذهب الجعفرية والمالكية والحنابلة وابي يوسف من الحنفية الى اعتباره علامة مطلقة واستدلوا على ذلك بحادثة عرض النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) بني قريظة على كشف عاناتهم فمن انبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذرية (30) ، وينكر أبو حنيفة على الانبات ذلك واستدلوا بقياس شعر العانة على شعر اللحية الذي لا يعتبر علامة للبلوغ فاعتبار شعر العانة يؤدي الى ارتكاب المحظور فمعرفة وجوده تتطلب الكشف عن العانة التي اما ينظر اليها أو تمس (31) ، ويذهب الشافعية وبعض المالكية ( انه علامة معتبرة في بعض الصور دون بعضها وخصه الشافعية بصغار الكفار دون المسلمين بدلالة ان ما حدث مع بني قريظة هو حكم عام مع صغار الكفار ولم يحدث مع صغار المسلمين الا في حالة جهل سنه (32) ، لأن سن الكافر لا يُعلم الا بخبره وخبره لا يُقبل (33) ، قد يصل الانسان مرحلة عمرية معينة دون ان تظهر عليه اي علامة بيولوجية تدل على بلوغه لذا اتفق الفقهاء على اعتبار بلوغ الانسان في سن معينة دون اية علامات داله على بلوغه ولكنهم اختلفوا حول اي عمر زمني معتبر في ذلك، ويذهب الجعفرية الى أن سن البلوغ للفتى 15 سنة اما الفتاة فسن بلوغها ال 9 سنوات (34)، ويعتبر ابي يوسف ومحمد من الحنفية والشافعية والحنابلة تمام ال 15 سنة قمرية، واستدلوا برواية ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لم يجز لابن عمر القتال وهو في سن 14 عام وانما اجازه وهو في سن ال 15 عام، ويذهب ابو حنيفة الى بلوغ ال 18للفتى وال 17 للفتاة واستدل بقوله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (35) واختلفت التفاسير حول معنى (أشُدَّهُ) ولكن اعتمد ما قاله ابن عباس أقلها كان 18 ، اما المالكية فيعتبرون تمام ال 18 (36)، ويعتبر الظاهرية اكمال ال 19 سنأ للبلوغ واستدلوا على ذلك بالزام النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) حين ورد المدينة الاحكام لكل من خرج عن مرحلة الصبا الى الرجولة (37).
اما القول الثاني فاعتبر اصحاب هذا القول (اطاقة الوطء) معياراً لصلاحية الدخول، ورد اصطلاح (اطاقة الوطء في المؤلفات الفقهية والذي اقترن بمشروعية الدخول، ولكن لم يتم تبيانه بصورة جلية متضحة في كثير من مؤلفاتهم الا انه ورد في بعض المؤلفات بان الاطاقة قيام) مانع من التمكين المؤدي الى المقصود) (38) وهذا المفهوم يشمل في معناه الاطاقة والسلامة من العيب من الممكن استنباط مفهوم الاطاقة مما أورده الفقهاء كـ حالات يطاق عندها الوطء، فنجد بأن الحنفية والحنابلة يذهبون الى ان الاطاقة ذات مفهوم نسبي ليست محددة بفترة عمرية بدلالة قد تكون الصغيرة البدينة مطيقه للوطء والكبيرة الهزيلة غير مطيقه، وهذا على عكس ما وجدناه لدى الشافعية والمالكية الذين عقدوا الاطاقة بالسن واعتبروا صغيرة السن غير مطيقه (39)، ونعتقد بأن معنى الاطاقة الذي اراده الفقه الاسلامي هو ما يرادف معناه اللغوي اي الاحتمال والقدرة (40) على الوطء، ومدى الاحتمال مرهون بالتركيب الفسيولوجي للإنسان ( اكتمال النضج الجنسي) لا مجرد الهيئة الجسمانية، والتقبل النفسي لهذه العملية ربط الحنابلة الاطاقة بـ (صالح للوطء)(41) وهما مفهومان متباينان فيدل الصالح على سلامة الشخص وخلوه من العيوب التي تمنع الوطء رغم احتماله ذلك كالرتق وهو في هذا المعنى يدخل في عيوب الزوجية، فقد يكون الشخص صالح للوطء يخلو من عيب يمنع ذلك الا ان احتماله لعملية الدخول غير متحققة نظراً لطبيعة جسده غير المتهيئة فقد يتسبب له ذلك بضرر جسدي بدلالة ان الفقه الاسلامي نفسه يوجب دية قتل المرأة عمداً لمن دخل بالصغيرة وسبب لها ضرر الإفضاء (42)، ان عدم الاطاقة وغير الصالح من ضمن المفاهيم التي تدخل في معنى موانع الوطء، وعليه فان ما ورد في التعريف الذي أوردناه انفاً ( قيام مانع من التمكين المؤدي الى المقصود) يصب بشمولية غير مختصة بمعنى الاطاقة، وقد اخذ بهذا القول من الجعفرية المرجع الديني علي السيستاني بالنسبة للزوجة وحدد بلوغها بالنضج الجسمي والاستعداد النفسي للممارسة الجنسية (43)، وحسين الخشن الذي يجد ان الاطاقة لا تتحقق بمجرد البلوغ وانما بالنضج الجسدي والنفسي (44) ، وهو قول الحنفية الذين اختلفوا بتقدير الاطاقة (45) ، الشافعية (46) والمالكية (47) الذين يعتبرون الاطاقة في زوال مانع الصغر، والظاهرية بالنسبة للزوجة (48).
الاتجاه الثاني: العمر الزمني تبنى اصحاب هذا الاتجاه تحديد الحد الأدنى من العمر لعملية الدخول، وقد حدده معظم الفقهاء بالتسع وهذا ما ذهب اليه أكثر الجعفرية واستدلوا بقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام «اذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين» (49)، وفي احد الاقوال التي ذهب اليها الحنفية بمناسبة تقدير اطاقة الوطء (50) ، وما ذهب اليه احمد ابن حنبل (51)، واستندوا على رواية عائشة بزواجها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد أنتقد من قال بعمر الـ9 سنوات مستدلاً في ذلك على رواية زواج عائشة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم )، واتجهوا في ذلك الى: 1- عدم التشكيك بصحة الرواية على اساس ان السند التاريخي الذي اعتبروه في تحديدهم لسن الدخول هو خاص بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم )(52) ولا يجوز باعتباره حكم عام يؤسس عليه 2- التشكيك بصحة الرواية اما على اعتبار التشكيك بإقدام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو في العقد السادس على الزواج من فتاة لم تنهي العقد الأول من عمرها (53)، أو التشكيك بصحة العمر نظراً لوجود عدة روايات تأريخيه احتوت في طيها تضارباً مع ذلك العمر، ومن بين تلك الروايات ( اسلام عائشة في بداية الدعوة الاسلامية) وكان ذلك بما يقارب السنة الثالثة من البعثة، ويُشترط في اسلام الشخص تجاوزه سن التمييز ، فاذا ما تم تقدير ان عمرها وقت اسلامها كان 6 سنوات مما يدل على ولادتها قبل البعثة بأربع سنوات مضافاً اليها 13 سنة وهي مدة اقامتها في مكة حتى حين تزويجها من النبي (صل الله عليه وآله وسلم ) يصبح العمر 17 سنة، وتُضاف سنة لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل بها بعد الهجرة بسنة فيصبح عمرها 18) سنة (54) ، ونرى ان الاستدلال على احكام مفهوم متغير كالزواج نظراً لتغير الفلسفة الحياتية التي يعيش في خِصَمها الانسان وتغير الطبيعة الفسيولوجية لجسمه من قبل الفقهاء المعاصرين بشواهد تأريخيه تحمل في طياتها الكثير من المتناقضات التي تؤدي الى معرفة احتمالية ليس له ما يبرره، فالبعد الزمني الذي يفصل بين الوقت الآني والفترة التاريخية التي تنسب اليها الروايات يؤدي الى تفضيل رأي على آخر بناءً على ظن لا أكثر لعدم امتلاك المعرفة اليقينية بطبيعة الحياة آنذاك وكيفية تكوين الشأن الاسري، ونوجه ان يكون بناء الاحكام الفقهية الحديثة والخاصة بشؤون الاسرة موائما لشواكل العصر مستمداً من اساسات راسخة، والعلم اساس راسخ في هذا الشأن ويعد العلماء ذو خبرة مختصة في جسد الانسان ونفسه أكثر من غيرهم لذا نوجه الى اعتبار رأيهم في ذلك.
______________
1-FindLaw's team, State Laws on Marriage, Last updated :410 2018, Date of visit :196/2020, Article published on the website:
https://family.findlaw.com/marriage/state-laws-on-marriage.html
2- Allison Moore and Paul Reynolds, Childhood and Sexuality: Contemporary Issues and Debates, Palgrave Macmillan, London, 2018, p.87 .
3- Article (144), Code civil, (Le mariage ne peut être contracté avant dix-huit ans révolus).
4- كان المشرع الفرنسي يشترط وجود شهادة طبية للتأكد من القابلية الجسدية للعاقدين من أجل ابرام العقد، ولكن تم الغاء هذا الشرط منذ القانون 2007-1787 الصادر في 20 ديسمبر 2007 للمزيد يراجع الموقع الالكتروني:
Mariage, pacs concubinage http://campus.cerimes.fr/maieutique/UE-sante-societe- umanite/mariage/site/html/1.html Article 227-25, Code penal.
5- State-by-State Marriage Age of Consent Laws,
"https://www.findlaw.com/family/marriage/state-by-state-marriage-age-of-consent-laws.html .
6- محمد بن يعقوب الكليني، فروع الكافي، ج 5، منشورات الفجر، بيروت، 2007، ص 241 .
7- المصدر نفسه، ص 237
8- ابي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، المبسوط في الفقه الحنفي، ج 3، دار الكتب العلمية، بيروت، 2016، ص 237.
9- محي الدين النووي، منهاج الطالبين وعمدة المفتين دار المنهاج، بيروت، 2005 ، ص 375 .
10- أحمد بن غنيم النفراوي المالكي، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، ج 2، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997، ص5
11- عبد الله بن أحمد بن حنبل، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله، المكتب الاسلامي، بيروت، 1981، ص321.
12- ابن حزم الأندلسي، المحلى بالآثار، تحقيق عبد الغفار سليمان البنداري، ج 9، بیروت، دار الكتب العلمية، 2010، ، ص 44.
13- الآية 4 ، سورة الطلاق
14- ابي بكر احمد بن علي الرازي الجصاص ، أحكام القرآن ، ج 2، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1992 ، ص 346
15- ابي عبد الله محمد بن أسماعيل البخاري، صحيح البخاري، دار ابن كثير ، دمشق ، ط1 ، 2002 ، ص1309 .
16- ابراهيم فوزى ، تدوين السنة ، رياض الريس ، لندن ، 2 ، 1995 ، ص327
17- مشعل بن مطلق مقذل ، التعسف في إستعمال حق الولاية على المرأة: دراسة تأصيلية مقارنة ، مكتبة القانون والاقتصاد ، الرياض ، 2011 ، ص 116
18- الآية 6 ، سورة النساء
19- القرضاوي، تحديد سن الزواج البنات ضروري لضمان حقوقهن ، تاريخ الزيارة 2020/8/20 ، مقالة منشورة على الموقع الالكتروني : 1057/https://www.al-qaradawi.net/node
20- الشيخ حسين الخشن ، زواج القاصرات ، تاريخ الزيارة 2020/8/20 ، مقالة منشورة على الموقع الالكتروني :
http://www.al-khechin.com/article/53
21- محمد بن محمد المغربي ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ، ج 5، دار الكتب العلمية، بيروت ، 2007 ، ص119
22- وهبة الزحيلي ، الفقه وأدلته الاسلامية ، ج7 ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1985 ، ص179 .
23- زين الدين بن إبراهيم بن محمد ابن نجيم ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (في الفروع الحنفية) ، ج 3 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2013 ، ص 267
24- محمد تقي المدرسي ، الوجيز في الفقه الاسلامي احكام الزواج وفقه الأسرة ، ط 1 ، دار البصائر ، طهران ، 1994 ، ص 100
25- محمود شمس الدين أمير الخزاعي ، ضوابط البلوغ عند الفقهاء ، دار الكتب العلمية، بيروت ، 2002 ، ص17
26- الآية (59 ) ، سورة النور
27- أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني ، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ، ج 1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2014 ، ص 468
28- وهبه الزحيلي ، الفقه الاسلامي وأدلته ، ج 1 ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1985 ، ص 455
29- الضياء المقدسي أبي عبد الله محمد ، صحاح الاحاديث فيما اتفق عليه اهل الحديث ، ج 7، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2009 ، ص 80
30- الموسوعة الفقهية ، ج 8 ، مصدر سابق، ص188 : 189 ؛ زين الدين العاملي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج 1، مجمع الفكر الاسلامي ، قم ، ط 12 ، 2015 ، ص 426
31- بلاب عدنان ضيف الله الخصاونه ، عوارض الاهلية عند الاصوليين واثرها على العبادات ، دار الكتاب الثقافي ، الأردن ، 2019 ، ص 48
32- المصدر نفسه، ص 54 : 55 .
33- وليد البلتاجي السيد البلتاجي ، القرائن الطبية المعاصرة ودورها في الاثبات ، ط1 ، مكتبة الوفاء ، الاسكندرية ، 2019 ، ص 644
34- أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المبسوط في فقه الأمامية ، ج 2، المكتبة المرتضوية لاحياء التراث الجعفري ، قم، 1968 ، ص 284
35- الآية (152) ، سورة الانعام
36- الموسوعة الفقهية الكويتية ، ج 8 ، ط 2 ، ذات السلاسل، الكويت، 1986، ص 192.
37- بي محمد علي بن أحمد ابن حزم الظاهري، المحلى بالآثار، ج 1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010، ص103.
38- علاء الدين أبي بكر بن مسعود / الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ج 5 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2019 ، ص130
39- على حسب ما ذكره عبد الرحمن الجزيري في مؤلفه الفقه على المذاهب الأربعة ، ج 4 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2 ، 2003 ، ص 495:498. اذ نسب الى الشافعية والمالكية قولهم صغيرة غير مطيقه للوطء.
40- لويس معلوف ، المنجد في اللغة ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت ، ط 19 ، بدون سنة نشر ، ص476
41- لويس معلوف ، المنجد في اللغة ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت ، ط 19 ، بدون سنة نشر ، ص498
42- حسن موسى الصفار ، فقه الأسرة ، دار الهادي ، 2004 ، ص 54 : 55 .
43- أسئلة BBC لمكتب السيد علي السيستاني وإجاباته عنها ، تاريخ الزيارة : 2020/8/18 ، مقابلة منشورة على الموقع الالكتروني : 50053215-https://www.bbc.com/arabic/middleeast
44- حسين أحمد الخشن ، تنزيهاً لرسول الله ، المركز اللبناني الثقافي ، لبنان ، ط1 ، 2012 ، ص 74
45- زين الدين بن إبراهيم بن محمد ابن نجيم ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (في الفروع الحنفية) ، ج 3 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2013 ، 267
46- بدر الدين العيني عمدة القارئ شرح صحيح البخاري ، ج 14 ، دار الفكر ، بيروت ، 2016 ، ص88
47- محمد بن محمد المغربي ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ، ج 5، دار الكتب العلمية، بيروت ، 2007، ص119
48- وهبة الزحيلي ، موسوعة الفقه الاسلامي والقضايا المعاصرة ، ج 6 ، دار الفكر ، دمشق ، 2010 ، ص179
49- محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، حيدري، طهران ، ط3 ، ج 5، ص 398؛ ابي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي الحلي ، ارشاد الأذهان الى أحكام الايمان ، ج 2، مؤسسة النشر الاسلامي ، ط 1 ، 1989 ، ص5 ؛ محسن الطبطبائي الحكيم ، مستمسك العروة الوثقى ، ج 14 ، مؤسسة دار التفسير ، قم ، ص 78 ، حسن موسى الصفار ، فقه الأسرة ، دار الهادي ، 2004 ، ص 53
50- زين الدين بن إبراهيم بن محمد ، المصدر السابق ، 267
51- بدر الدين العيني، مصدر سابق ، ص88 .
52- مشعل بن مطلق مقذل ، التعسف في إستعمال حق الولاية على المرأة: دراسة تأصيلية مقارنة ، مكتبة القانون والاقتصاد ، الرياض ، 2011 ، ص119 .
53- حسين أحمد الخشن ، تنزيهاً لرسول الله ، المركز اللبناني الثقافي ، لبنان ، ط1 ، 2012 ، ص73
54- حسين أحمد الخشن ، مصدر سابق، ص 82:84 ؛ سهيلة زين العابدين حماد ، نحو تصحيح الخطاب الاسلامي للمرأة عضل الراشدات وزواج القاصرات ، بحث منشور في تاريخ : 2016/4/3 ، تاريخ الزيارة 2020/8/20 ، على الموقع الالكتروني : http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/04/blog-post.html#!/tcmbck
الاكثر قراءة في قانون الاحوال الشخصية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة