علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
تحمّل الحديث وصوره / الوجادة
المؤلف:
الشيخ الدكتور صبحي الصالح
المصدر:
علوم الحديث ومصطلحه
الجزء والصفحة:
ص 101 ــ 104
2025-09-10
89
ثَامِنًا: الوِجَادَةُ:
الوِجَادَةُ - بكسر الواو - مصدر مولّد غير مسموع من العرب اصطلح المُحَدِّثُونَ على إطلاقه على أخذ العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة (1)، وذلك إذا وجد الشخص حديثًا بخط شيخ كان قد لقيه فألّف خطّه وعرفه ووثق به، أو لم يلقه ولكنّه استيقن من أنّ هذا المخطوط صحيح النسبة إليه، وكذلك إذا وجد بعض الأحاديث في كتب مشهورة لمؤلفين مشهورين.
فللشخص الذي تقع يده على شيء من هذا أن يرويه عن الشيخ على سبيل الحكاية، فيورد إسناد الحديث كما وجده ويقول: وجدت بخط فلان، أو بخط يغلب على ظنّي أنّه خط فلان، أو في الصحيح المشهور، ويسوق الحديث مثلما كان يصنع عبد الله بن أحمد بن حنبل، فإنّه كان كثيرًا ما يقول: «وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ...» السند والمتن(2).
ولا يجوز أن يقول الراوي عند أدائه: عن فلان، أو حدثنا أو أخبرنا فلان أو سمعت منه، أو وجدت بخطه و«شَاكٌّ فِي ذَلِكَ» فهذا كلّه تدليس قبيح إذا كان بحيث يوهم سماعه (3)، وله أن يقول: «قَالَ فُلاَنٌ، أَوْ بَلَغَنِي أَنَّ فُلاَنًا قَالَ، أَوْ كَتَبَ الشَّيْخُ بِخَطِّهِ، أَوْ أَمَرَ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ»، ومن هنا نُقَدِّرُ مدى الخطأ الذي يقع فيه كثير من كُتَّابِنَا وَمُؤَرِّخِينَا المعاصرين حين يقولون في كتبهم أو في أحاديثهم العادية: حَدَّثَنَا الطبري أو ابن حجر أو الحافظ العراقي مثلاً (4).
وَالوِجَادَةُ - حين تُفْهَمُ على وجهها الصحيح - لا يجوز الشك بقيمتها صورة من صور التحمّل، فجميع ما ننقله اليوم من كتب الحديث الصحيحة ضرب من «الوِجَادَةِ»؛ لأنّ حُفَّاظَ الحديث عن طريق التلقين والسماع أصبحوا نادرين جِدًّا في حياتنا الإسلاميّة بعد أن انتشرت الطباعة وأضحى الرجوع إلى أمّهات كتب الحديث سهلاً ميسورًا. وقد سبق أن جزم ابن الصلاح بأنّ مذهب وجوب العمل بالوجادة «هُوَ الَّذِي لاَ يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فِي الأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ الْعَمَلُ فِيهَا عَلَى الرِّوَايَةِ لانْسَدَّ بَابُ الْعَمَلِ بِالمَنْقُولِ، لِتَعَذُّرِ شَرْطِ الرِّوَايَةِ فِيهَا» (5).
وقد استدلّ العماد بن كثير (6) للعمل بالوجادة بقوله - صَلى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح: «أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إِلَيْكُمْ إِيمَانًا؟ قَالُوا: الْمَلاَئِكَةُ قَالَ: «وَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»؟ وَذَكَرُوا الأَنْبِيَاءَ فَقَالَ: «وَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ؟ قَالُوا: فَنَحْنُ؟ قَالَ: «وَكَيْفَ لاَ تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟». قَالُوا: فَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَأْتُونَ بَعْدَكُمْ يَجِدُونَ صُحُفًا يُؤْمِنُونَ بِهَا» (7).
فيؤخذ منه مدح من عمل بالكتب المتقدّمة بمجرّد الوجادة. وقد استحسن البُلْقِينِي هذا الاستنباط (8).
ولم يكن الأمر محوجًا إلى هذا كلّه، فوجوب العمل بالوجادة لا يتوقّف عليه؛ لأنّ مناط وجوبه إنّما هو البلاغ، وثقة المكلّف بأنّ ما وصل إليه علمه صحّت نسبته إلى رسول اللهِ - صَلى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - (9).
والحقّ أنّ تشدّد السلف في بعض صور تحمّل الحديث وأدائه، كالوجادة والوصيّة والإعلام، كان له ما يُسَوِّغُهُ في حياتهم وظروفهم، فقد كان الحديث شغلهم الشاغل، وكانوا أشدّ منّا حاجة إلى حفظه وروايته، لضعف وسائل التدوين والكتابة لديهم، ونحن نجد لزامًا علينا أن ننشط في حفظ الحديث والتدقيق في طرق تحمّله وروايته، ولكن تيسّر الطباعة يقوم عنا بعبء كبير من أعباء حفظ الحديث وصيانته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص 167.
(2) قارن بـ " التدريب ": ص 148، 149.
(3) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص 168.
(4) " الباعث الحثيث ": ص 144.
(5) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص 169.
(6) هو الإمام المحدّث المفسّر، عماد الدين أبو الفداء، إسماعيل بن الشيخ أبي حفص شهاب الدين عمر، صاحب التصانيف الكثيرة. تُوُفِّيَ سَنَةَ 774 هـ.
(7) " توضيح الأفكار ": 2/ 349 وقارن بـ" تفسير ابن كثير ": 1/ 74، 75، طبعة المنار.
(8) " التدريب ": ص 149. وَالبُلْقِينِي هو عبد الرحمن بن عمر بن رسلان، أبو الفضل جلال الدين. برع في الفقه والأصول والعربية والتفسير. من كتبه " الإفهام لما في صحيح البخاري من الإيهام ". تُوُفِّيَ سَنَةَ 824 هـ (" شذرات الذهب ": 7/ 166).
(9) " الباعث الحثيث ": ص 144.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
