علم النانوتكنولوجي
المؤلف:
منير نايفة
المصدر:
النانوتكنولوجي- عالم صغير ومستقبل كبير- صفات سلامة
الجزء والصفحة:
ص17
2025-10-28
40
النانو تكنولوجي Nanotechnology ، هي تكنولوجيا مستحدثة، النانومتر، وكلمة نانو Nano هي في الأصل كلمة يونانية مشتقة من نعني القزم Dwarf ، وتستعمل النانو في الرياضيات للتعبير عن الجزء من المليار من وحدة القياس وهذا يعني أن نانومتراً واحداً يساوي جزءاً من مليار جزء من المتر الواحد، وهو ما يعادل طول خمس ذرات إذا وضعت الواحدة تلو الأخرى، وبمعنى آخر النانومتر يعادل واحد على بليون من المتر أو واحد على مليون من المليمتر أو واحد على المليار من المتر، ويمثل ذلك واحداً على ثمانين ألفاً من قطر شعرة واحدة، ويبلغ سمك صفحة من الورق مئة ألف نانومتر، ويبلغ قطر خلية الدم الحمراء الواحدة نحو 7000 نانومتر ويتراوح قطر جزيئ حامض الـ (DNA) بين 2 نانومتر و 2.5 نانومتر ويبلغ قطر جزيئ الماء 0.3 نانومتر تقريباً. ويستعامل العلماء والمهندسون مع المادة في هذا المقياس على مستوى دقيق جداً، أي مستوى الذرات والجزيئيات، ليس لبناء أجهزة نانوية فحسب، بل لخلق مواد جديدة ذات ترتيبات وتجمعات وخصائص مبتكرة وغير موجودة طبيعياً، تفتح آفاقاً جديدة في العلوم والتكنولوجيا، وتؤدي إلى تطبيقات حياتية مختلفة، بالإضافة إلى إمكانية تحريك الذرات والجزيئيات بدقة لإحداث تفاعلات كيماوية، مما يؤدي إلى تصنيع أو تعديل بعض الجزيئيات الإحيائية المهمة. أي أن علم النانوتكنولوجي هو علم تعديل الذرات والجزيئات لصنع منتجات جديدة، وهو علم حديث يبحث في تصميم وإنتاج أجهزة غاية في الدقة من خلال نماذج صغيرة جداً، ويطلق هذا التعبير على أي تقنية تعمل على مستوى المقاسات المتناهية في الصغر، مثل نانو. وعلى نحو أكثر تحديداً تشير كلمة نانوتكنولوجي إلى تقنية بناء المادة وتركيبها انطلاقا الذرة الواحدة، أي برصف الذرة إلى جانب الذرة للحصول على المادة المطلوبة، حيث يمكن ترتيب حوالي تسع ذرات بجانب بعضها من بعضاً على النانومتر الواحد. ويصف الباحث توماس كيني Thomas Kenny من جامعة ستانفورد الأميركية Stanford University النانو بأمثلة كثيرة مثل كونه بنفس عرض الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (Deoxyribonucleic Acid (DNA أو بحجم عشر ذرات هيدروجين أو بمعدل نمو ظفر الإنسان في ثانية واحدة، أو سماكة قطرة الماء بعد بسطها كلياً على سطح مساحته واحد متر مربع، أو واحد على عشرة من سماكة الطبقة المعدنية على النظارات الشمسية. وتتمثل قاعدة التقنيات النانوية العلمية في مسألتين هما:
الأولى: بناء المواد بدقة من لبنات صغيرة، والحرص على مرحلة الصغر يؤدّي إلى مادة خالية من الشوائب ومستوى عالي جداً من الجودة والتشغيل.
الثانية: أن خصائص المواد قد تتغير بصورة مدهشة عندما تتجزأ إلى قطع أصغر وأصغر، وخصوصاً عند الوصول إلى مقياس النانو أو أقل، عندها قد تبدأ الحبيبات النانوية في إظهار خصائص غير متوقعة ولم تعرف من قبل، أي غير موجودة في خصائص المادة الأم.
فعلى سبيل المثال ألماس ما هو إلا تحول طبيعي للفحم الحجري، حيث يتماثل الفحم والألماس في التركيب الجزيئي والذري، والفارق الوحيد هو في تغير موضع الجزيئات والذرات والذي يحدث في الطبيعة عبر ملايين السنين وتحت ظروف خاصة من درجات الحرارة والضغط، فأصل ألماس هــو الفحم الحجري الذي تعرض لظروف التحول. وفي عالم النانو تكنولوجي، فإن هذا ما يحدث بالضبط أي إعادة هيكلة للذرات والجزيئات داخل المادة أو إضافة أو حذف، بحيث يكون متوافقاً مع قوانين الفيزياء والكيمياء، بمعنى آخر يمكن القول إنه من خلال النانوتكنولوجي يمكن أن نقوم بتحويل الفحم الحجري إلى ألماس في يسر وسهولة، ويمكن أن نحصل على مواد أنظف وأقوى وأكثر دقة في الأداء وأخف في الوزن، فالعلماء يستخدمون النانوتكنولوجي لتغيير خواص البلاستيك والزيوت، والألياف والأنسجة لزيادة القوة والمرونة. ومن خلال استخدام النانو تكنولوجي في محال الطب وفيما يعرف بطب النانو، يمكن التعرف في سهولة ويسر على العمليات الطبيعية التي تتم داخل جسم الإنسان، فمثلاً، في عمليات الهضم التي تتم داخل جسم الإنسان بدون توقف تقوم أنزيمات الهضم بتفكيك الجزيئات المركبة في الأطعمة التي نتناولها إلى جزيئات أصغر وأدق، يتم مرور المفيد منها من خلال جدار الجهاز الهضمي إلى مجرى الدم لتكون تركيبات جديدة غير التي كانت مكونة منها أي أن المعدة تكون مجمعاً جزيئياً متطوراً للغاية، وفهم عملية الهضم والتمثيل الغذائي على هذا النحو يجعل من عالم النانوتكنولوجي عنصراً مهماً في تطوير أنواع جديدة من العلاج تسرع من العمليات الطبيعية التي تتم في الجسم وتدعمها ضد هجمات الفيروسات والميكروبات، أي أن طب النانو يعتمد أساساً على تدعيم دفاعات الجسم الطبيعية وتحويلها إلى عنصر هجومي مما يمكنها من القضاء على الفيروسات والميكروبات بصورة طبيعية دون أي آثار جانبية تنتج عن التغييرات الكيمائية التي تحدثها الأدوية.
ولذلك يمكن القول بأن مفهوم تكنولوجيا النانو جاء ليعبر عن فكرة وجود أجهزة قادرة على التعامل في نطاق الوحدات المتناهية في الصغر، وهذه الوحدات توجد في الطبيعة في مستوى جزيئات أو ذرات المادة وهي المكونات التي تقل فيها الأبعاد والقياسات إلى هذا المستوى المتناهي في الصغر، ويرجع. سبب الاهتمام بتكنولوجيا النانو إلى أن صغر الحجم يعطي خواص فيزيائية وكيميائية تختلف اختلافاً كبيراً عن خواص الحجم الأكبر. أي أن علم النانو تكنولوجي يعني التحكم التام الدقيق في إنتاج المواد وذلك من خلال التحكم في تفاعل الجزيئات الداخلة في التفاعل وتوجيه هذه الجزيئات من خلال إنتاج مادة معينة وهذا النوع من التفاعل يعرف بالتصنيع الجزيئي، ووضع الذرات أثناء التفاعل في مكانها الصحيح أو المناسب، فمثلاً لو تم توجيه وضع ذرات الكربون في الفحم عند إجراء التفاعل فإنه يمكن تنتج الألماس، وكذلك لو تم توجيه وضع ذرات الرمل عند إجراء التفاعل يمكن إنتاج المواد المستخدمة في إنتاج شرائح الكمبيوتر.
ومن المعروف أن الطريقة التقليدية في تصنيع المواد الكيماوية المختلفة تتم بخلط مكونات التفاعل معاً بدون الأخذ في الاعتبار اتجاه الذرات الداخلة في التفاعل، وبالتالي فإن المادة الكيماوية الناتجة تكون خليطاً. من عدة مواد أما باستخدام تقنية النانو فمن الممكن توجيه وضع الذرات الداخلة في التفاعل بتوجيه محدد وبالتالي فإن المواد الناتجة سوف تكون أكثر دقة وأكثر نقاوة من التصنيع بالطرق التقليدية ومن ثم توحيد نوعية المنتج وكذلك تقليل تكلفة الإنتاج وخفض الطاقة المستهلكة، وهناك أجهزة نانوية Nano devices قادرة على توجيه الذرات ووضعها في مكانها الصحيح أثناء عملية التفاعل.
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة