قوله - سبحانه  : { وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36].

 قيل : إنهم غير مأمورين بالاعتذار ، فكيف يعتذرون(1)؟

يحمل (الإذن) على الأمر. وإنما لم يؤمروا به من حيث كانت تلك الحال ، لا تكليف فيها. والعباد ملجؤون . عند مشاهدة أحوالهـا ـ عنـد(2) الاعتراف ، والإقرار ، ويحمل : (ولا يؤذن لهم ) على معنى : أنه لا يستمع لهم ، ولا يقبل عذرهم.

والعلة في إمتناع قبول العذر ، ما ذكرناه. التقدير : لا ينطقون(3) بنطـق ينفعهم ، ولا يعتدون بعذر ، ينفعهم. فيكون (يعتذرون) داخلا في حيز(4) التفي. ولا يمكن حملة على الإيجاب إلا إذا كان المعنى على أنهم لا ينطقون بنطق ، ينفعهم. لأنه إن حُمل على الظاهر ، كان في الكلام تناقض ، لأن الاعتذار ، نطق وإن شئت ، كـان التقدير  : لا ينطقـون بحـال ، ولا يعتذرون ، لأن هناك مواقف ، يكون هذا(5) في موقف منها .

وفي قراءة الحسن(6) ، والثقفي (7) : { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] (8) معطوف على (يقضى)  ، أي : لا يقضى(9) عليهم فلا يموتون. كذلك : (لا ينطقون ، ولا يؤذن لهم ، فيعتذرون) أي : فلا يعتذرون.

_______

1- العبارة ( قيل ... يعتذرون) ساقطة من (أ).

2- في النسخ جميعها : (عند) ، والوجه : إلى. يقال : لجأ إلى الله

3- إشارة إلى قوله تعالى : (هذا يوم لا ينطقون ) المرسلات : 35.

4- في (ش) حين ، وهو تحريف.

5- في (ح) : يكون هذا موقفاً منها .

6- المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها : 2 : 201.

7- المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها : 2 : 201.

8-  والقراءة المتداولة : (لا يقضى عليهم فيموتوا) .

9- في (ك) و(هـ) : يقصي بياء مثناة من تحت وبصيغة المبني للمعلوم.