المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6298 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

لا تقبل توبة العبد مع إقامته على معصية آخرى
6-8-2022
8- عنبسه بن سحيم الكلبي
23-11-2016
معنى كلمة خفى
4-06-2015
نشأة المدن وتطورها - مدن الشرق القديم - المدن اليونانية
23/9/2022
بادئ النقانق Lactacel
27-10-2018
ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الأرض ولا في غربها
22-8-2017


دور الثّقافة الإجتماعيّة في تربية الفضائل والرذائل  
  
354   06:50 مساءً   التاريخ: 2024-11-04
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة : ج1 / ص 160 ـ 166
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / أخلاقيات عامة /

الثّقافة عبارة عن مجموعةٍ من الأمور، التي تبني فكر وروح الإنسان، وتمنحه الدّافع الأصلي للتحرك نحو المسائل المختلفة.

وعلى مستوى المِصداق، تمثّل الثّقافة مجموعةً من العقائد والتاريخ والأدب والفن، والآداب والرّسوم لمجتمعٍ ما.

وقد تكلّمنا في السّابق عن بعض معطيات البيئة والمحيط والمعرفة، ودورها في إيجاد الفضائل والرّذائل، ونتطرّق الآن لباقي أقسام الثّقافة الإجتماعيّة، ودورها في تحكيم وتقوية عناصر الخير، ودعامات الفضائل في واقع النّفس، أو تعميق عناصر الرّذيلة فيها.

وأحد هذه الأمور، العادات والتقاليد والسّنن لقومٍ من الأقوام، فإذا استوحت مقوّماتها من الفضائل، فستكون مؤثّرة في خلق الأجواء المناسبة لتربية وتهذيب النّفوس، وأمّا لو استرفدت قوتها وحياتها من الرّذائل الأخلاقيّة، فستكون البيئة مهيّئة لتقبل أنواع القبائح أيضاً.

وَوَرد في القرآن الكريم إشاراتٌ واضحةٌ في هذا المجال، تبيّن كيفيّة انحراف الأقوام السّابقة، بسبب الثّقافة المنحرفة والتقاليد والأعراف المنحطة لديهم، والّتي أدّت بهم إلى السّقوط في‌ منزلقات الخطيئة، والانحدار في هاوية الرذائل الأخلاقية، ومنها:

1 ـ {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28].

2 ـ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170].

3 ـ {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء: 52 - 54].

 4 ـ {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].

5 ـ {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [الأعراف: 82، 83].

6 ـ {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59].

7 ـ {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29].

 

تفسير واستنتاج:

ما نستوحيه من الآيات الكريمة محلّ البحث، هو أنّ ثقافة الأقوام والأمم السّالفة، لها دورٌ فاعل في تربية ونمو الصفات الأخلاقيّة، أيّاً كانت، فإذا كانت الثّقافة السّائدة بمستوى مرموق، فمن شأنها أن تفرز لنا أفراداً ذوي صفاتٍ حميدةٍ وأخلاقٍ عاليةٍ، والعكس صحيح، والآيات الكريمة السّابقة الذّكر، تُشير إلى المعنيين أعلاه.

ففي‌ الآية الأولى: نقرأ قول الأقوام السّالفة، الّذين يعيشون الانحراف، ويمارسون الخطيئة من موقع الوضوح في الرؤية، فإذا سُئلوا عن الدّافع لمثل هذه التصرفات الشائنة، والسلوكيّات المنحرفة، قالوا بلغة التّبرير: {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا ...} ولم يكتفوا بذلك بل تعدّوا الحدود، وقالوا: {وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}.

بناءً على ذلك، فإنّهم اتّخذوا سُنّة الّذين مَضوا من قبلهم دليلًا على حسن أعمالهم، ولم يخجلوا من أفعالهم القبيحة، على مستوى النّدم والإحساس بالمسؤوليّة، بل كانوا يعطوها الصّبغة الشرعيّة أيضاً.

الآية الثّانية: طرحت نفس المعنى ولكن بشكل آخر، فعندما كان الأنبياء (عليهم السلام) يدعون أقوامهم إلى الشريعة الإلهيّة النّازلة من عند اللَّه تعالى، كانوا يتحرّكون في المقابل من موقع العناد والتكبّر، ويقولون بِغرور: (سنتّبع سنّة آبائنا).

ولم يكن سبب ذلك، إلّا لأنّهم وجدوا آبائهم يؤمنون بها ويتّبعونها، وبذلك لبست ثياب القداسة واعتبروها ديناً في حركة الحياة والواقع، فهي عندهم أفضل من آيات القرآن الكريم، وشرائع الباري تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} وعليه فلماذا فضّلوا العمل بسنّة الجهلاء، على إتّباع آيات الوحي الإلهي؟ ويضيف القرآن الكريم قائلًا: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ}.

وَوَرد في‌ الآية الثّالثة: الكلام عن السّنن وعادات الأقوام أيضاً، ودور الثّقافة الخاطئة في صياغة الأعمال المتقاطعة مع الأخلاق، ففي بيان يشابه الآيات الماضية، نقرأ قصّة إبراهيم‌ (عليه السلام) وعبدة الأصنام في بابل، فعندما كان يلومهم إبراهيم (عليه السلام) لعبادتهم الأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع، كانوا يقولون بصراحة: وجدنا آباءنا لها عاكفين: {إِذْ قَالَ لأبيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ الَّتمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ* قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} فأجابهم إبراهيم (عليه السلام) بأشدّ الكلام وأغلظه، بقوله: {وَقَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.

ولكن وللأسف الشديد، انتقل هذا الضّلال المبين إلى الأجيال، جيلًا بعد جيل، فأصبح جزءاً من ثقافتهم، وأكسبه توالي الزّمن عليه مسوح القداسة، فلم يمح قبحه فحسب، بل أصبح من افتخاراتهم على المستوى الحضاري والدّيني.

الآية الرابعة: توحي لنا نفس المعنى، ولكن بشكلٍ آخر، ففي معرض جوابهم على السّؤال القائل: لماذا تعبدون هذه الأصنام رغم أنّكم تعيشون سلامة العقل؟ تقول الآية على لسانهم: {بَلْ قالُوا إِنّا وَجَدنا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}.

فليس أنّهم لم يعتبروا هذه الحماقة، ضلالةً فحسب، بل اعتبروها هدايةً وفلاحاً، ورثوه عن آبائهم الماضين، وذكرت «الآية التي بعدها» أنَّ هذا هو طريق ومنطق كلّ المترفين على طول التاريخ، وقالت: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ في قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}.

ومن البديهي أنّ ذلك التقليد الأعمى، الذي كان يظهر جميلًا في ظلّ تلك القبائح، له أسبابٌ كثيرةٌ وأهمّها تبدّل ذلك القُبح إلى سُنّةٍ وثقافةٍ بمرور الزّمن.

وورد نفس هذا المعنى في الآية (103 و104) من سورة المائدة، فقد ابتدع عرب الجاهليّة بدَعاً ما أنزل اللَّه بها من سلطان، فكانوا يحلّون الطعام الحرام ويحرّمون الطعام الحلال، وكانوا يتمسّكون بالخرافات والعادات السيّئة، ولا يقلعون عنها أبداً، ويقولون: {حَسْبُنا ما وَجَدنا عَلَيهِ آبائَنا}.

ويتبيّن ممّا تقدم من الآيات الكريمة، تأثير العادات الخاطئة والسّنن البائدة، في قلب‌ الأمور رأساً على عقب، بحيث يضحى الخطأ صواباً في الواقع الأخلاقي والفكري لدى النّاس.

وفي‌ الآية الخامسة: يوجد موضوع جديد بالنّسبة لِدَور العادات والسّنن في تحوّل القيم الأخلاقيّة، وهو: أنّ قوم لوط الذين سوّدوا وجه التّاريخ بأفعالهم الشّنيعة، (ولِلأسف الشّديد، نرى في عصرنا الحاضر، أنّ الحضارة الغربيّة أقرّت تلك الأفعال على مستوى القانون أيضاً)، فعندما دعاهم لوط (عليه السلام) والقلّة من أصحابه، إلى التّحلي بالتّقوى والطّهارة في ممارساتهم وأفعالهم، تقول الآية أنّهم اغتاظوا من ذلك بشدّةٍ: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}.

فالبيئة الملوّثة، والسّنن الخاطئة والثّقافة المنحطّة أثّرت فيهم تأثيراً سلبياً، ممّا حدى‌ بهم إلى اعتبار الطّهارة والتّقوى جنايةً، والرّذيلة والقبائح من عناصر العزّة والافتخار، ومن الطّبيعي، فإنّ الرذائل تنتشر بسرعةٍ في مثل هذه البيئة، التي تعيش أجواء الانحطاط والخطيئة، وتندرس فيها الفضائل كذلك.

الآية السادسة: تقصّ علينا قصّة وأدِ البنات الُمريعة في العصر الجاهلي، ولم يكن سبب ذلك سوى تحكيم الخُرافات والسّنن الخاطئة في واقع الفكر والسلوك لدى الأفراد، فقد كانت ولادة البنت في الجاهليّة عاراً على المرء، و إذا ما بُشّر أحدهم بالأنثى‌ يظلّ وجهه مسودّاً من فرط الألم، و الخجل، على حدّ تعبير القرآن الكريم‌ (1) {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

ولا شكّ أنّ القتل من أقبح الجرائم، وخصوصاً إذا كان القتيل طفلًا وليداً جديداً، ولكن‌ السّنن الخاطئة والتقاليد الزائفة، التي كانوا عليها مَحَقت القُبح من هذه الجريمة النّكراء، وجعلت منها فضيلةً.

وبالنّسبة لوأد البنات الفظيع، جاء في بعض التّفاسير: أنّ البعض من هؤلاء الجاهلين، كانوا يستخدمون أسلوب الدّفن للبنات، وبعض يغرقونهنَّ، والبعض الآخر كانوا يفضّلون رميهنَّ من أعلى‌ الجبل، وقسم آخر كانوا يذبحون بناتهم‌ (2)، وأمّا بالنسبة لظهور هذا الأمر عند العرب، وتأريخه والدافع الأصلي له، فقد وردت أبحاثٌ مفصّلة لا يسع المقام لذكرها الآن‌ (3).

والكلام في كيفيّة تمهيد الطريق للرذائل الأخلاقيّة، من خلال تلك السّنن الخاطئة، والعادات الزّائفة، وكيف تحلّ الرذائل مكان الفضائل، هو دليلٌ وشاهدٌ آخر على أنّ الثّقافة تُعتبر من الدّواعي المهمّة لتفعيل عناصر الفضيلة، أو تقوية قوى الانحراف والرذيلة، في واقع الإنسان، وبالتّالي فإنّ أوّل ما يتوجب على المصلحين، في حركتهم الإصلاحية، هو إصلاح ثقافة المجتمع والسير بها في خط العقل والدّين.

ونرى في عصرنا الحاضر ثقافات زائفة، لا تتحرك بعيداً عمّا كان في عهد الجاهليّة، حيث أضحت مصدراً لأنواع الرذائل الأخلاقيّة في حركة الحياة الإجتماعية، وقد انعقد في السّنوات الأخيرة مؤتمراً عالمياً في بكين عاصمة الصين، وشارك فيه أغلب دول العالم، ونادى فيه المشاركون بالعمل لتثبيت ثلاثة أصول، وأصرّوا عليها من موقع احترام حقّ الإنسان وهي:

1 ـ حريّة العلاقات الجنسيّة للمرأة.

2 ـ الجنسيّة المثليّة.

3 ـ حرّية إسقاط الجنين.

وقد واجهت هذه الأمور معارضةً شديدةً من قبل بعض الدول الإسلاميّة، ومنها الجمهوريّة الإسلاميّة.

ومن الطبيعي عندما يُدافع نواب الدّول المتحضّرة عن مثل هذه الأمور الشنيعة، تحت‌ ذريعة الدفاع عن حقوق المرأة، فأيّة ثقافةٍ سوف تظهر للوجود؟ وأيّة رذائل ستنتشر في المجتمع؟ الرذائل التي لا تضرّ بالمسائل الأخلاقيّة للناس فحسب، بل وستؤثّر أيضاً على حياتهم الإجتماعيّة والاقتصاديّة، من موقع اهتزاز المبادئ الإنسانيّة في منظومة القيم.

الآية السابعة: تستعرض علاقة الفضائل بثقافة المحيط والبيئة، فما وردنا من أحاديث عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، تبيّن مدى الرّقي الأخلاقي الذي حصل في المجتمع المظلم آنذاك، نتيجة النّهضة الفكريّة والأخلاقيّة التي جاء بها الإسلام إلى ذلك المجتمع، فيقول القرآن الكريم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيَماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...}.

وعبارة: «فالذين معه»، لا تحصر هذه المعيّة في زمانِ خاصٍّ، ومكانٍ معيّنٍ، بل تمتد إلى المعيّة في القيم الأخلاقيّة، والأفكار الإنسانية، فكلّ من يقبل تلك الثّقافة الإلهيّة المحمديّة يكون من مصاديق الآية.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال بعض المفسّرين: بناءً على العلاقة الوثيقة بين القلب والوجه، فإذا ما فرح الإنسان، يتحرّك الدّم الشّفاف نحو الوجه ويصبح الوجه مضيئاً ونورانياً، وعندما يهتم ويغتمّ الإنسان فإنّ الدورة الدمويّة تقل سرعتها ويصفّر الوجه ويسود، وتعتبر هذه الظاهرة، علامةً للفرح أو الحُزن: (تفسير روح المعاني ... ذيل الآية الشريفة).

(2) تفسير روح المعاني، ج 14، ص 154، في ذيل الآية المبحوثة.

(3) تفسير الأمثل، ذيل الآية 58 من سورة النحل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.